طموحات الدوحة تتبخر مع مئات مليارات الدولارات

قطر تودع حلم التحول إلى مركز مالي إقليمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبخرت أحلام الدوحة في التحول إلى مركز مالي إقليمي عملياً، وذلك عقب الأزمة الأخيرة التي كشفت عن مدى هشاشة الاقتصاد القطري في ظل قرار المقاطعة وما ترتب عليه من فقدان قطر لظهيرها التجاري والاستثماري الممثل في دول الجوار الخليجية وفي خطٍ متوازٍ مع قيام عدد من الشركات العالمية العاملة في قطر بمراجعة خططها وقراراتها بخصوص عملها في الدوحة.

وأكد محللون أن قطر ودعت عملياً حلم التحول إلى مركز مالي إقليمي، وقد صارت أقصى طموحاتها الآن هي الصمود والبقاء وتأمين الحاجات الأساسية، خاصة أن المقاطعة أظهرت مدى هشاشة الاقتصاد القطري وعدم قدرته على مجابهة التحديات المفروضة عليه في ظل تراجع المؤشرات الاقتصادية القطرية بصورة واضحة، ولجوء مؤسسات دولية لتخفيض التصنيف الائتماني للدوحة وللعديد من الشركات القطرية.

وقال رئيس المنتدى الاقتصادي المصري الدكتور رشاد عبده إن مرحلة طموح قطر بأن تتحول إلى مركز مالي إقليمي انتهت تماماً؛ فالدوحة الآن تحاول ألا تسقط وتسعى للحفاظ على بقائها وليس أن تكون في مكانة ريادية، لاسيما في ظل المخاطر التي يواجهها الاقتصاد القطري والتي أفضت إلى خفض التصنيف الائتماني لقطر، بما يترتب على ذلك من ارتفاع تكلفة ديونها بمعدلات كبيرة خلال الفترة المقبلة وكذا ارتفاع تكلفة التأمين، وأيضاً مع ارتفاع نسبة التضخم.

وأشار إلى أن قطر دخلت في دوامة صعبة جداً، لا يمكن معها التفكير في التحول لمركز مالي إقليمي أو غير ذلك، حتى لو لجأت إلى محاولة التعويض من خلال استيراد المواد الغذائية من دول أخرى فإن تكلفة النقل والشحن ستكون مرتفعة أيضاً، وما يتزامن مع ذلك أيضاً من تبخر استثماراتها، وكل ذلك يعني أن الدوحة لن تقف على قدميها بسهولة بعد تلك الأزمة وبعد فقدانها الظهير الاستثماري والاقتصادي الذي كانت تمثله لها دول الجوار الخليجية.

ولفت إلى الوضع الصعب الذي تعاني منه شركة الطيران القطرية التي كانت من بين أفضل الشركات، والآن صارت تترنح وتخرج من دائرة المنافسة بصورة واضحة.

وأوضح الخبير الاقتصادي المصري الدكتور هاني الشامي، أن الحلم القطري بالتحول إلى مركز مالي إقليمي لم يعد له مكان الآن، لاسيما أن الدوحة صارت دولة مفروض عليها مقاطعة أو حصار واسع من قبل جيرانها، ولديها مشكلات عدة في الاستيراد والاستثمار الخارجي، ويعاني اقتصادها الكثير من المخاطر والصعوبات، ما يجعل الحديث عن تحولها لمركز مالي إقليمي ليس له أي معنى الآن، فقطر تصبو حالياً إلى مجرد الحفاظ على اقتصادها وعدم تفاقم الأزمة إلى أبعد مما هي عليه الآن.

وتقول الكاتبة سكينة فؤاد (مستشار الرئيس المصري السابق عدلي منصور) إن كل ما كانت تتمناه الدوحة وتحلم به يتبخر في ضوء انفصالها عن الجسد العربي، مردفة «إن الخروج عن الجسد هو ترتيب لموت قادم.. تحولت الدوحة لخنجر في قلب الأمة، وهي بذلك ترتكب خطيئة بالنسبة لوجودها ولكل ما كانت تتطلع إليه وما كانت تستطيع أن تحققه».

وتشدد على أن الدوحة يجب أن تؤمن بأنه لا يمكن أن تكون مصادر قوتها قوى إقليمية تستقوي بها وتستدعيها، وأن كل ما كانت تطمح إليه كان يمكن أن تحققه بالانتماء إلى الأمة العربية التي من المفترض أنها تنتمي إليها. مشددة على أن قطر «تضع بدايات النهاية لنفسها لأنها تستدعي وتستعير مصادر الاستقواء الخارجي».

مأزق استثماري

ومن جهة أخرى فإن التصنيفات التي أصدرتها عدد من الوكالات العالمية بشأن خفض التصنيف الائتماني لقطر وما تبعها من خفض كذلك لتصنيف شركات قطرية كبرى مثل راس غاز وقطر للبترول وغيرهما، تضع الدوحة في مآزق استثمارية كبرى، وتفرز سيناريوهات صعبة أمام الحكومة القطرية، لاسيما في ظل أن خفض التصنيف من المرجح أن يتوالى لدرجات أخرى خلال المرحلة المقبلة، في ضوء «نظرة مستقبلية سلبية» للاقتصاد القطري بشكل عام، في خط متواز مع المقاطعة المفروضة على الدوحة.

وقامت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» قبل أيام بخفض التصنيف الائتماني لدولة قطر من AA إلى AA- ووضعته على قائمة المراقبة الائتمانية ذات التداعيات السلبية، الأمر الذي يجعل احتماليات الإعلان عن خفض جديد واردة بقوة.

تكلفة الإقراض

وهنالك تأثير مباشر لذلك الخفض يتعلق بارتفاع تكلفة الإقراض والتأمين وهو ما أكده الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الخالق فاروق موضحاً أن التأثير المباشر لخفض التصنيف الائتماني لقطر يتضمن ارتفاع تكلفة الإقراض لأعلى درجة وأنه على المقرضين سواء مؤسسات مالية أو غيرها أن تتخذ قدرا من الحيطة في عمليات الإقراض. وقال إن أكثر القطاعات الاقتصادية في قطر التي تتأثر بالأزمة الراهنة وتشهد خسائر هو القطاعات المالية وكذا الطيران والسياحة.

واستعرض الخبير الاقتصادي إيهاب سمرة، عن الآثار المترتبة على خفض عدد من وكالات الاستثمارات العالمية لتصنيف قطر الائتماني، لافتًا إلى أن خفض التصنيف جاء مصحوباً بنظرة مستقبلية سلبية في إطار (عدم التأكد)، ومصطلح (عدم التأكد) يعني عدم التأكد من مدى قدرة قطر على مجابهة التزاماتها، وكذا عدم التأكد من صحة الموقف القانوني للأموال القطرية نفسها في ظل دعم الدوحة للإرهاب.

وشدد على أنه من الممكن أن يؤدي ذلك الاتهام إلى الحجز على أرصدة قطر بالخارج، ورفض المدينين سداد المستحقات الواجبة عليهم لعدم اتضاح الرؤية بخصوص الموقف القانوني للحكومة حال تدهور الأوضاع داخليًا، ما قد يؤدي مجازًا لما يشبه «قسمة الغرماء».

زيادة المخاطر

وأوضح الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة الدكتور هشام إبراهيم، أن خفض التصنيف الائتماني لقطر يترتب عليه العديد من العوامل أولها زيادة تكلفة الحصول على تمويل من الخارج وكذا زيادة تكلفة تأمين البضائع والنقل والشحن، كما يعني أن النظرة للاقتصاد القطري ومن ثم الاستثمار في دولة قطر سلبية، بما يؤدي لتراجع عدد المستثمرين مع زيادة المخاطر.

وأفاد –في تصريحات خاصة لـ«البيان»- بأن خفض التصنيف الائتماني يعني زيادة المخاطر، موضحا أن الاستثمار يحتاج بيئة ومناخ جيدين، بالتالي يدفع ذلك لهروب الاستثمارات.

 

 

Email