والدة الأسير «بارود» رحلت قبل رؤيته حراً واحتضانه

Ⅶ والدة الأسير الراحلة | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

عمت الصدمة والألم والحزن منزل الحاجة ريا بارود «85 عاماً» بعد لفظ أنفاسها الأخيرة قبل أيام، بدون احتضان نجلها الأسير فارس، ودون تحقيق حلمها بأن تراه خارج سجون الاحتلال الإسرائيلي.

فلم تتمالك النساء أنفسهن بينما كن يكفن الحاجة ريا، قبل تجهيزها للصلاة عليها قبل مواراتها الثرى، بينما كلماتها ما زالت تئن في أذن الحضور، وخروا بالبكاء على صدرها.

الحاجة أم ضياء ظلت طوال 26 عاما تتحسر على ابنها الأسير فارس، بعد أن منعتها سلطات الاحتلال من زيارته، وفي أخر أيامها وبينما كانت على فراش الموت كان لسانها لا ينطق سوى باسمه، ودموعها تملأ خديها المجعدين حسرة على فراقه.

غياب نجلها الأسير فارس فاقم من وضعها الصحي وتدهور تدريجياً، رغم كل محاولات أبنائها الدائمة لانتشالها من الحزن ومحاولة تصبيرها، وان كانوا يعلمون بأن عناقاً صغيراً لشقيقهم كفيل بإخراجها من ألم فراقه.

لكن الاحتلال الإسرائيلي أصر على أن تموت بحسرتها على ابنها الذي قهر السجان بصموده، ليكون فراقاً قاسياً، حتى وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة كان لسانها يردد:«يما يا فارس.. حرام عليكم أموت بدون ما أشوفه».

4 مؤبدات

الأسير فارس بارود، عشق الحرية فدفع لها أجمل سنوات حياته، كباقي فرسان الصبر والإرادة، وبات هو الفارس الذي غيبته سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1991، وحكم عليه بالسجن 4 مؤبدات و22 عاماً، بعد قتله أربعة جنود إسرائيليين طعناً، فغابت معه أفراح أم حرمت من رؤية فلذة كبدها.

أم الأسير فارس وزعت الحلوى بعدما عرفت بأنه تم إدراج اسم ابنها فارس ضمن الدفعة الرابعة والأخيرة من صفقة «حسن النوايا» التي قدمتها إسرائيل للإفراج عن الأسرى ما قبل اوسلو، ولكن تنصلت منها إسرائيل دون مبرر، لتضرب والدته خنجراً في قلبها.

وتقول سمر بارود زوجة نجلها لـ«البيان»:«أم فارس كانت تعيش على أمل الإفراج عن ابنها والإفراج عنه بصفقة تبادل اسرى، ولكن بعد إلغاء الصفقة حزنت كثيراً وتدهورت صحتها، وفقدت بصرها من شدة البكاء عليه، وبقيت تتجرع المر طيلة هذه السنوات أملاً في أن ينال حريته وان تحتضنه وتحتفل بزفافه».

ولم تفارق أم فارس خيمة الاعتصام أمام الصليب الأحمر أسبوعياً بثوبها الفلسطيني المطرز، رغم سوء وضعها الصحي في كثير من الأحيان، وكانت ترسل رسائلها عبر إذاعة الأسرى في كل مشاركة لها بالاعتصام.

حسرة

وبحسرة وألم تقول سمر:«رسالتها دائما كانت عبر الإذاعة لابنها.. أنا قوية يما يا فارس، وأنت جبل ما يهزك ريح لازم تصبر لحتى ترجعلي بالسلامة، ولكنها فارقت الحياة دون أن تراه، إنها لحظة صعبة، تركت الحسرة في قلوبنا».

الحاجة ريا التي تسكن في مخيم الشاطئ منعت طوال السنوات الماضية من زيارة ابنها داخل السجون الإسرائيلية بحجة«الرفض الأمني»، كانت تقول دائماً «يا رب صبرني على فراق ابني»، وفقدت عينيها من كثرة البكاء عليه، وها هي ترحل دون احتضانه لتنقل الحسرة والألم لقلب ابنها الأسير. ويعد الأسير فارس واحداً من 30 آخرين اعتقلوا قبل «اتفاق أوسلو» الموقع قبل 24 عاماً، والذين رفضت إسرائيل الإفراج عنهم قبل 4 سنوات في تعهد قطعته على نفسها للإدارة الأميركية.

ويأتي رحيل والدة الأسيرة بارود بعد أكثر من شهر من معركة الحرية والكرامة التي يواجه فيها الأسرى إجراءات قمعية منها حرمانهم من رؤية ذويهم، والذي انتهى فيها الإضراب باتفاق بين الأسرى وسلطات الاحتلال بالاستجابة لمطالبهم.

Email