استطلاع «البيان» وخبراء اقتصاديون: نزيف خسائر متواصل وخفض التصنيف يهدد المشاريع الكبرى

انهيار محتم لاقتصاد قطر حـــــال استمرار مواقفها العدائية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد استطلاع رأي لـ«البيان» على المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي وخبراء اقتصاديون أن الاقتصاد القطري أصبح عرضة لانهيار شامل حال استمرار الدوحة في عنادها مع جيرانها الخليجيين.

وأكد الخبراء أن الاقتصاد القطري يتكبد خسائر كبيرة ستزداد على المدى المتوسط والبعيد خاصة مع تآكل الصندوق السيادي القطري وارتفاع تكلفة إقراض الحكومة القطرية والشركات القطرية من الأسواق الدولية خاصة بعد تخفيض تصنيفها الائتماني وانهيار عملتها الوطنية.

وتفصيلاً اتفق 60% من المشاركين في استطلاع لـ«البيان» حول توقعات أداء الاقتصاد القطري في حالة استمرار الدوحة في مواقفها المعادية للإجماع الخليجي، على أن الاقتصاد القطري معرض لتكبد خسائر فادحة وللانهيار وتبخر أصوله السيادية.

ورأى 25% من المستطلعة آراؤهم أن أكبر تأثير سلبي للأزمة القطرية تمثل في تعرض الاقتصاد القطري لخسائر فادحة يليها تعرض الاقتصاد القطري للانهيار بنسبة 11% بينما أكد 4% أن النتائج ستكون أكثر وضوحاً في تبخر الأصول السيادية لقطر.

وتشابهت إلى حد كبير نتائج الاستطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي مع استطلاع موقع «البيان» حيث أكد 43% من المشاركين أن أكبر المخاطر التي سيتعرض لها الاقتصاد القطري تتمثل في الخسائر الفادحة للقطاعات الاقتصادية في قطر تليها نسبة 7% أكدت تعرض الاقتصاد القطري للانهيار بينما أكد 4% أن التداعيات ستظهر بشكل أكبر في تبخر الأصول السيادية لقطر.

واتفق خبراء اقتصاديون ومحللون ماليون مع نتائج الاستطلاعات مؤكدين الخسائر الكبيرة والخطيرة التي يعاني منها حالياً وسيعاني منها الاقتصاد القطري مستقبلاً، مؤكدين أن استمرار الأزمة القطرية على المدى المتوسط والبعيد سيؤدي إلى توقف غالبية المشاريع التنموية في قطر، خاصة مع استمرار تخفيض التصنيف الائتماني لدولة قطر وبنوكها، وشددوا على أن صندوق قطر السيادي لن يخفف من تداعيات الأزمة على اقتصادها الذي يشهد تباطؤاً غير مسبوق سيتسمر خلال الفترة المقبلة كما أن هذا الصندوق سيعاني من ضغوط كبيرة تعرضه لخسائر كبيرة.

ولفت الخبراء والمحللون الماليون إلى أن استمرار قطر في عنادها سيؤدي لا محالة إلى تزايد تخفيض تصنيفها الائتماني وزيادة تكلفة الإقراض من الأسواق الدولية، فضلاً عن أن شركاتها الكبرى ستواجه صعوبات كبيرة في الاقتراض.

ضغوط غير مسبوقة

وأوضح محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي الوطني للأوراق المالية أن الاقتصاد القطري يتعرض حالياً لضغوط قوية غير مسبوقة تدفعه إلى الدخول في مرحلة التباطؤ ثم الانكماش الحاد مشيراً إلى أنه في حالة استمرار الأزمة القطرية لعدة أشهر فإن آثارها ستكون وخيمة على الاقتصاد بصفة عامة وعملة الريال القطري بصورة خاصة.

وأشار إلى أن استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي في قطر سيكون بفعل عدد من العوامل الرئيسة أهمها انخفاض الاستثمارات الدولية المباشرة في قطر إضافة إلى صعوبة اقتراض الشركات القطرية من الخارج وكذلك تراجع مستويات التجارة البينية بين قطر والعديد من الدول الخليجية والعربية، وبلا شك فإن الشركات القطرية ستعاني بشدة وستتعرض لتراجع حاد في أرباحها وبصفة عامة ستتراجع الثقة في الاستثمار الوطني والأجنبي داخل قطر.

وذكر محمد علي ياسين أن الأيام الماضية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أضرار قطع العلاقات مع قطر حيث كان له تأثير مباشر في البورصة القطرية ونزيف الخسائر الذي مني به المؤشر العام لسوق الدوحة، نتيجة هلع المستثمرين والمؤسسات والمحافظ المالية والاستثمارية، ولجوئهم إلى البيع العشوائي، وتصفية المراكز المالية، كما أن التبادل التجاري بين قطر ودول الخليج الثلاثة ودول عربية أخرى تراجع بشكل كبير وظهرت تأثيراته السلبية للغاية على الاقتصاد الكلي لقطر نظراً لاعتماد السوق القطري بصورة أساسية على الاستيراد من الخارج.

وأشار ياسين إلى أن من مصلحة قطر الإسراع في حل أزمتها مع الإمارات والسعودية والبحرين ومصر موضحاً أن قطر ومؤسساتها المالية تواجه صعوبات حقيقية على الرغم من إنكار وزير المالية القطري أمس لهذه الصعوبات، وبكل تأكيد فإن قطر تعتمد على الاقتراض من الخارج لتمويل مشاريعها الكبرى واليوم تراجع التصنيف الائتماني لقطر وبنوكها وارتفعت تكلفة الإقراض مما يخيف أي مؤسسة تمويل دولية من تقديم القروض لقطر وشركاتها وبنوكها خاصة مع استمرار الأزمة على المستوى الطويل وبكل تأكيد فإن قطر ليست بمأمن من الناحية الاقتصادية مطلقاً.

صمود خادع

وأوضح أمجد نصر الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد القطري لن يتعرض بسرعة للانهيار، لافتاً إلى أن صندوق قطر السيادي قد يساعد قطر مؤقتاً على الصمود ولكن على المستوى البعيد سيتآكل الصندوق كما سيتعرض الاقتصاد القطري لخسائر كبيرة للغاية، خاصة وأن استمرار الأزمة القطرية تشكل مشكلة اقتصادية حقيقية وخطيرة وكبيرة لدولة قطر.

وأن التبعات الاقتصادية للأزمة تحمل عواقب سلبية على الدوحة سواء على مستوى الاستثمارات الأجنبية والوطنية أو استمرار وتيرة تنفيذ المشاريع التنموية في قطر أو المخاطر الكبيرة التي تتعرض لها شركة الطيران القطرية أو عمليات استيراد الغذاء والأدوية والمعدات.

ونوه أمجد نصر إلى أن استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي في قطر سيظهر بشكل كبير خلال الأيام والشهور المقبلة وسيكون للأزمة انعكاسات خطيرة وسريعة على قطاع الطيران، خاصة وأن شركة الطيران القطرية وضعت نفسها كشركة طيران رئيسة عن طريق ربط آسيا وأوروبا عبر الدوحة، وبلا شك فإن الشركة القطرية تواجه صعوبات كبيرة حالياً نتيجة غلق المجالات الجوية للدول المقاطعة أمامها، وبلا شك فقد خسرت الشركة أسواقاً مهمة للغاية كما أن تغيير مسارات الطيران أضاف وقتاً أكبر للرحلات الجوية، كما رفع من تكلفة فواتير الوقود للشركة القطرية.

وذكر أن زيادة زمن الرحلات المتوجهة إلى أوروبا مثلاً سوف يزيد لنحو أربع ساعات أو أكثر وكذلك مناطق أخرى في أفريقيا مما يجعل الطيران القطري أقل جاذبية وسيخسر المكانة المتميزة التي بناها خلال السنوات الماضية كما أن استمرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر في وقف رحلات شركاتها إلى داخل وخارج قطر سيكبد الاقتصاد القطري خسائر كبيرة خاصة أن قطاع الطيران في قطر يعد من أهم قطاعات التنويع الاقتصادي المهمة.

ولفت إلى أن قيام مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتماني وخدمات المستثمرين بتخفيض التصنيف الائتماني لدولة قطر إلى مستوى Aa3، رابع أعلى درجة استثمارية، أثار التشكك في مستقبل نمو الاقتصاد القطري.

كما أن تخفيض وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيفات الائتمانية تصنيفها لديون قطر مع انخفاض الريال القطري إلى أدنى مستوياته في 11 عاماً شاهد كبير جدا على توقع نزوح أموال صناديق استثمارات المحافظ بسبب الأزمة خلال الفترة المقبلة، كما أن تخفيض وكالة ستاندرد أند بورز تصنيفها الائتماني للديون القطرية طويلة الأجل درجة واحدة إلى –AA من AA ووضعتها على قائمة المراقبة الائتمانية ذات التداعيات السلبية أمر يجب أن يقلق القطريين ويدفعهم إلى الإسراع في تلبية مطالب الإمارات والسعودية والبحرين ومصر.

تخفيض خطير

وأكد خبير مالي كبير فضل عدم ذكر اسمه على أن الأوساط المالية الخليجية لم تكن تتوقع تخفيض التصنيف الائتماني لقطر بهذه السرعة مشيراً إلى أن هذا التخفيض سيكون له تأثير خطير وكبير خلال الأيام والشهور المقبلة.

وذكر أن قرار قطع العلاقات مع دولة قطر كان له تأثير مباشر على عدد من المحاور الاقتصادية القطرية، يتقدمها خسارة المؤشر، نتيجة هلع المستثمرين والمؤسسات والمحافظ المالية والاستثمارية، ولجوئهم إلى البيع العشوائي، وتصفية المراكز المالية، وتكبدهم خسائر فادحة نتيجة قرار الخروج من السوق.

ونوه إلى أن البورصة القطرية شهدت خسائر حادة على أثر الأزمة، حيث هبط مؤشر البورصة القطرية 12 % تقريباً خلال تداولات الأسبوع قبل الماضي، فيما تراجع مؤشرها الرئيس من مستوى 10123 إلى مستوى 8912 قبل أن يرتد صعوداً بشكل طفيف في نهاية تداولات الأسبوع الجاري على سبيل التصحيح، وغالباً سوف يعاود التراجع من جديد خلال تداولات الأسابيع القليلة القادمة استهدافاً لمستويات دعم جديدة قد يصل مداها حاجز الدعم النفسي عند 8000 نقطة، كما شهدت السندات الدولارية السيادية القطرية تراجعاً في الوقت الذي ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية القطرية إلى أعلى مستوياتها.

ولفت إلى أن عقود مبادلة مخاطر الائتمان القطرية لخمس سنوات ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ مطلع أبريل، وصرحت «موديز» أن الأزمة قد تؤثر سلباً على التصنيف الائتماني لقطر إذا أدت إلى تعطل حركة التجارة وتدفقات رؤوس الأموال.

وأضاف: كمحلل مالي عربي أؤكد أن التداعيات على الاقتصاد القطري ومشاريعه التنموية العملاقة ستكون خطيرة جدا في حالة استمرار الأزمة عدة أشهر ولن تجد قطر من يمول مشاريعها بسهولة في الأسواق الدولية.

توقف المشاريع

وأكد رضا مسلم مدير عام شركة تروث للاستشارات الاقتصادية في أبوظبي أن كافة القطاعات الاقتصادية القطرية تضرر حالياً بشكل خطير من قرار قطع العلاقات بينها وبين الإمارات والسعودية والبحرين ومصر.

مشيراً إلى أن التداعيات بدأت تظهر حالياً على القطاع العقاري حيث إن غالبية مشاريعه تمول عن طريق قروض من بنوك أجنبية ومحلية وبلا شك فإن تكلفة الإقراض ستتزايد كما أن المعدات العملاقة ومواد البناء التي يحتاجها القطاع العقاري في قطر لن تدخل بسهولة كما كان يحدث سابقاً.

وبالتالي سوف يتعثر قطاع الإنشاءات القطري وقد تتوقف مشاريعه الكبرى على المدى البعيد تدريجياً، جراء القطيعة الخليجية لدولة قطر مع وجود العديد من مشاريع البناء الرئيسة الجارية في قطر الآن بسبب الاستعداد لكأس العالم لكرة القدم عام 2022.

حيث يشكل نقص مواد البناء تهديداً بالإشارة إلى أن المواد الرئيسة، بما في ذلك الخرسانة والصلب تأتي عن طريق الحدود البرية مع السعودية وتمر يومياً مئات الشاحنات عبر الحدود القطرية –السعودية، كما أن مؤسسات التمويل الدولية لن تتحمس لإقراض الشركات العقارية الكبرى.

وأكد أن محور التبادل التجاري سيكون له تأثيرات سلبية على حركة التجارة المتبادلة مع دولة قطر، خصوصاً أن 12% من إجمالي التجارة القطرية، تتم من خلال دول مجلس التعاون الخليجي، وأن 89% من واردات قطر تأتي من دول الخليج، فيما تمثل الصادرات السعودية والإماراتية أكثر من 82% من واردات دولة قطر من العالم الخارجي.

وأوضح أن الاقتصاد القطري لن يتعرض للانهيار بين يوم وليلة ولكن بكل تأكيد فإن استمرار الأزمة سيؤدي إلى فقدان الاقتصاد القطري لأبرز مزاياه وهي جذب الاستثمارات الأجنبية وسهولة ومرونة بيئة الأعمال.

وأضاف: الاقتصاد القطري سيتعرض لحالة اختناق شديدة خلال الفترة المقبلة بسبب قرار مقاطعتها من جانب السعودية والإمارات والبحرين، علما بأن إمداد تركيا وإيران لقطر بالمواد الغذائية قد يستمر خلال الفترة المقبلة ولكنه لن يعوضها عن الكميات الضخمة التي كانت تستوردها عبر الإمارات والسعودية.

ويلفت إلى أن الأسواق الغذائية في قطر ستشهد نقصاً كبيراً في عدد كبير من السلع الأساسية والكمالية خاصة في حالة استمرار الأزمة لمدة أطول، وفي حالة استمرار مد قطر بالغذاء من إيران وتركيا فإن تكلفة السلع سترتفع وسنرى موجات مقلقة من التضخم ستؤدي إلى خنق الاقتصاد القطري.

وأشار رضا مسلم إلى أنه كان من المتوقع أن تنهض إيران وتركيا لمد قطر بالمواد الغذائية وهذا أمر لم يكن غريباً أو غير مألوف، إلا أن اعتماد قطر على إيران وتركيا بشكل كبير على توفير كافة احتياجاتها الغذائية مشكوك فيه، لأن تكلفة الاستيراد ستكون مرتفعة للغاية كما أن السلع المستوردة لن تكون بكميات السلع المستوردة من مختلف دول العالم قبل المقاطعة ولا بجودتها أو بمواصفاتها المتميزة وهذا أمر سيشكل ضيقاً وتبرماً كبيراً للمواطن القطري المرفه الذي عاش على مدار سنوات طويلة يأكل أفخر الأطعمة ويرتدي أغلى الملابس.

وأعرب الخبير الاقتصادي رضا مسلم عن أمله في حل الأزمة القطرية مشيراً إلى أنه في حالة عدم حل الأزمة مع قطر خلال الأيام المقبلة فإن الاقتصاد القطري سيواجه عواقب وخيمة وستزداد حالة الاختناق التي يعانيها حالياً.

Email