»فيفا« يعتبر الأمن الشرط الرئيسي للموافقة على منح شرف تنظيم أية بطولة

ذكرى ألمانيا النازية تخيّم على مونديال 2022

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت مصادر مقربة من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» عن مقترح بتشكيل لجنة خاصة لدراسة وضع مونديال 2022 في ظل المقاطعة على قطر التي بات من الواضح احتمال حرمانها من تنظيم المونديال لو استمرت المقاطعة، مع فتح الباب أمام دول أخرى من أجل تنظيم الحدث الرياضي الأكبر على مستوى كرة القدم.

ويعتبر الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» أن الأمن هو الشرط الأول لموافقته على منح شرف تنظيم أية بطولة، ومهما كانت الطريقة التي حصلت بها قطر على تنظيم مونديال 2022، فيه ملزمة بعد ذلك بتحقيق الشرط الأول، وكان «فيفا» قد أيقن بقدرة الملف القطري على تلبية الشروط الرئيسية استناداً على وقع الدول في إطار دول الخليج العربي.

مما يعني توفر مساندة غير محدودة من دول الخليج لقطر من أجل إنجاح التظاهرة الرياضية العالمية، لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» وصل إلى قناعة بأن من المستحيل أن تلتزم قطر بالشرط الأول لتنظيم البطولات العالمية، من واقع العداء السافر الذي تعامل به جيرانها في الفترة الأخيرة مما دفع إلى اتخاذ قرار المقاطعة.

ويترقب «فيفا» الآن ما تسفر عنه الأحداث، ولكن في الوقت نفسه فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم، بدا في وضع الاحتياطات الكاملة، لما يمكن أن يسفر عنه استمرار المقاطعة.

ولن يقبل «فيفا» بالمغامرة ببطولته الكبرى، وهو يعتمد على سابقة تاريخية تتيح له أن ينزع تنظيم البطولة من الدولة التي وقع عليها الاختيار، طالما بات أمن البطولة مهدداً.

ألمانيا النازية

ويخيم شبح ألمانيا النازية على مونديال 2022، وهي السابقة التاريخية الأهم التي يعتمد عليها «فيفا» فبعد أن نظمت ألمانيا النازية أولمبياد 1936 الصيفي، كان هدف القائد النازي أدولف هتلر أن يأتي بالحدث الرياضي الأكبر على مستوى كرة القدم، فتقدمت ألمانيا النازية بطلب تنظيم مونديال 1942، وحصل الوفد الألماني النازي على موافقة صريحة من «فيفا» بتنظيم البطولة، على الرغم من أن البطولتين السابقتين لها كانتا في القارة العجوز، وعلى الرغم من أن الدور كان لقارة أميركا اللاتينية.

إلا أن «فيفا» خضع لضغط ألمانيا النازية ووافق على منحها شرف استضافة المونديال، على حساب البرازيل التي تمت ترضيتها بحصولها على تنظيم مونديال 1946، إلا أن اندلاع الحرب العالمية الثانية، عام 1939، فرض على «فيفا» التحرك سريعا من أجل إنقاذ بطولته الأكبر.

واخطر ألمانيا النازية باستحالة استضافتها للمونديال، حتى لو انتهت الحرب قبل الموعد المحدد لانطلاقة البطولة في عام 1942، وأخطر البرازيل بأن تكون مستعدة لتنظيم المونديال الخامس في تاريخ كرة القدم، إلا أن الحرب العالمية الثانية امتدت إلى ما بعد موعد المونديال الخامس الذي تم ترحيل موعده بعد ذلك إلى عام 1950، ولم تحصل ألمانيا على شرف تنظيم المونديال إلا عام 1974، عندما تأكد «فيفا» تماماً من قدرة ألمانيا الغريبة على تنظيم مونديال آمن، بعد أن سيطرت تماماً على حدودها مع جارتها الشرقية.

إرهاب

وأكد المصدر أن «فيفا» يبحث عن الطريقة التي سيتم بها اختيار المنظم الجديد لمونديال 2022 في ظل قناعته بعدم قدرة قطر على تحقيق شرط الآمان إضافة إلى شروط أخرى كان الملف القطري قد تعهد بتحقيقها استناداً على الدعم الخليجي للملف القطري.

تزايدت الصعوبات التي تواجه قطر، بعد المقاطعة بعد أدلة واضحة تؤكد تورط النظام القطري في دعم الإرهاب بمختلف السبل، بشكل يهدد الأمن القومي العربي ويبدد ثروات شعوب المنطقة ويهدد مستقبل الوطن العربي. وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» قد وافق على منح قطر شرف تنظيم كأس العالم بعد الجهود الخليجية التي وقفت مع قطر حينها.

وكذلك الاقتناع بأن دولة خليجية تملك ثرية مثل قطر، وتحظى بدعم ومساندة جيرانها الخليجيين قادرة على تنظيم كأس العالم من خلال توفير الإمكانيات المادية والبشرية وتحقيق الشروط التي تحتاجها تظاهرة كروية بهذا الحجم.

لكن ومع المستجدات الأخيرة، بدأت قطر تفقد عوامل كثيرة تم أخذها بعين الاعتبار عند دراسة الملف القطري من جانب مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» على غرار استخدام مطارات الدول المجاورة وفنادقه.

ووضع الاتحاد الدولي لكرة القدم في حساباته الآن توتر العلاقات بين الدوحة وجيرانها الخليجيين، ونظراً لحرصه الشديد على أمن المشجعين، فمن غير المعقول أن يقبل بالمجازفة ويجعل من مئات آلاف الرياضيين والمشجعين يأتون إلى دولة ترعى الإرهاب، بالإضافة إلى الملفات القديمة التي أرقت قطر والتحقيقات في قضايا الفساد والرشاوى وحقوق الإنسان التي أثارتها منظمات حقوق الإنسان في أكثر من مكان.

وهو يستند في مساعيه لسحب التنظيم من قطر إلى ما حدث في مونديال 1942 عندما قرر حرمان ألمانيا النازية من التنظيم بعد أن تعدت على العالم بأجمعه متسببة في الحرب العالمية الثانية، وهو موقف مشابه لما تقوم به قطر الآن وهي ترعى الإرهاب وتمهد للإخلال بالأمن في كامل المنطقة العربية.

وقت

ويملك «فيفا» وقتاً كافياً لإيجاد بديل آمن قادر على تنظيم مونديال 2022، متى ما اتخذ قراراً بسحب تنظيم البطولة من الدولة التي ترعى الإرهاب، وقد يقع الاختيار على دولة من الدول التي تقدمت بشكل رسمي لاستضافة البطولة مثل الولايات المتحدة الأميركية أو أستراليا، أو اليابان أو كوريا الجنوبية.

وتبدو أن الصعوبة التي سيعاني منها «فيفا» هي الناحية المالية، فقانونا هو يملك القدرة على اتخاذ قرار سحب التنظيم، لكنه سيواجه بصلف وغرور قطري سيعمد إلى مقاضاة «فيفا» والمطالبة بتعويض مادي قياسي، حيث لا تؤمن الدولة التي ترعى الإرهاب إلا بالأموال، وتظن أن تهديد الاتحاد الدولي لكرة القدم بطلب التعويض يمكن أن يجعل «فيفا» يغض الطرف عن الشرط الأول والأهم هو تنظيم بطولة آمنة، وينتظر «فيفا» موقعة قانونية طويلة الأمد، في ظل تمسك رعاة الإرهاب العالمي بتنظيم المونديال.

حيث إن سحب البطولة منهم سيكون بمثابة الضربة القاضية، لكل المخططات التي ظل يحيكها رعاة الإرهاب، بالسيطرة على كل شيء عبر الأموال، مستخدمين الرشوة من أجل الحصول على شرف تنظيم أكبر بطولات كرة القدم في العالم.

وطبيعي أن يعتقد رعاة الإرهاب أن استخدام سلاح المال هو الطريق الأمثل لجعل «فيفا» يتراجع عن حماية بطولته، ومن المتوقع بالتأكيد أن يلجأ رعاة الإرهاب إلى محاولة رشوة صناع القرار في «فيفا» واذا فشلت المحاولات فحتماً ستلجأ الدولة التي تبذل أموالها من أجل زعزعة الاستقرار في العالم إلى الادعاء بالظلم والتقدم بطلب بإبقاء المونديال في مكانه، مع طلب بإلزام «فيفا» بتقديم تعويضات مالية قياسية إذا رفض الرشاوى والتهديدات، واستمر في قضيته العادلة بحرمان رعاة الإرهاب من تنظيم البطولة الرياضية الأكبر على مستوى كرة القدم.

سهولة

ويصب الوقت في صالح «فيفا» لاتخاذ قرار سحب التنظيم من الدولة التي ترعى الإرهاب، حيث يمكن وبسهولة شديدة أن يجد دولة بديلة لتنظيم المونديال متى ما اتخذ القرار الصحيح بحرمان رعاة الإرهاب من تنظيم المونديال.

ويرى الكثير من النقاد الرياضيين في العالم أن المقاطعة منحت فيفا فرصة تاريخية لتصحيح الأوضاع الشائنة التي صاحبت منح الدولة التي ترعى الإرهاب شرف تنظيم مونديال 2022، حيث كثرت المقالات المؤدية لفيفا من أجل القيام بهذه الخطوة التي تعتبر تصحيحاً لما جرى في الثاني من ديسمبر عام 2010، عندما نجح ملف الفساد في الحاق أكبر وصمة عار بتاريخ كرة القدم، وهو يشتري معظم أعضاء اللجنة التنفيذية لفيفا، الذين تناسوا كل شيء واندفعوا وتسابقوا للحصول على الأموال التي قدمتها الدولة التي ترعى الإرهاب، من أجل بيع ذممهم، وتلاعبهم بالأمانة التي حملها لهم عالم كرة القدم.

ومن الممكن جداً إيجاد دولة بديلة لاستضافة بطولة كأس العالم، وقد يقع الاختيار على دولة من الدول التي تقدمت بشكل رسمي لاستضافة البطولة مثل الولايات المتحدة الأميركية أو أستراليا.

انتهاك

تواصل الانتقادات المشككة في نزاهة طريقة حصول قطر على تنظيم مونديال 2022، بالإضافة إلى الرافضين أصلاً منحها المونديال على خلفية قضايا تتعلّق بانتهاك حقوق الإنسان وأعمال السخرة. وفي تقرير قالت وكالة بلومبرغ، قطر على وشك أن تخلق سبقاً تاريخياً باعتبارها أول دولة تحرم من تنظيم المونديال حديثاً.

حملة رشاوى وتهديدات متوقعة ضد صنّاع القرار

ليس من المستبعد أن يلجأ رعاة الإرهاب إلى ممارسة التهديد الشخصي لقادة «فيفا» عبر مجموعة الإرهابيين الذين تولوا الصرف عليها واحتضانهم، فهي خطوة غير مستبعدة من دولة تبذل جل ثروتها على رعاية الإرهاب، والسعي إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة، والمنطقة العربية، بل والعالم بكل.

ولعل عناد قطر ودفاعها المستميت من أجل استضافة المونديال،جعلها تدافع عن ذاتها في مسألة حقوق الإنسان والرشاوى، ولم تكتف بالوقوف في دور المتفرج، بل أظهرت الكثير من التصميم وناضلت حتى الرمق الأخير من أجل الاحتفاظ بتنظيم البطولة، مستخدمة في ذلك كافة الوسائل القانونية.

وليس من السهل على قطر التسليم بفقدان البطولة خاصة التي سعت إلى الحصول عليها بكل الوسائل غير الشريفة، وستدعي إنفاقها المليارات من أجل التحضيرات للمونديال، وأن «فيفا» مطالب بتعويضها عن هذا الإنفاق إذا أراد أن يسحب منها البطولة، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يملك نقطة قانونية قوية جداً، وهي عدم قدرة الدولة التي ترعى الإرهاب على تنظيم بطولة آمنة، وفي هذه الحالة يحق لفيفا قانوناً أن يسحب تنظيم البطولة، وربما حتى من غير أن يجبر على تقديم تعويض للدولة التي ترعى الإرهاب، لأنها المتسبب الرئيسي بأفعالها في سحب تنظيم البطولة منها.

وبعيداً عن الأمور المالية، فإن استضافة نهائيات كأس العالم لها بريق خاص وتعد وسيلة لأي دولة للإعلان عن نفسها على الساحة العالمية.

ومنذ سنوات لجأت دولة قطر التي ترعى الإرهاب إلى استخدام الرياضة بشكل منهجي للإعلان عن نفسها كعلامة تجارية عالمية، فهي تمتلك نادي باريس سان جرمان الفرنسي وكانت ترعى نادي برشلونة الإسباني، ومن دون شكّ ستكون استضافة مونديال 2022 الحلقة الخطوة الأكبر في عالم للدولة التي ترعى الإرهاب، والتي بدأت تدرك الآن أن الأموال لا تعني كل شيء، وأن راعي الإرهاب سيدفع الثمن غالياً.

Email