«الجمعيات الخيرية» وسيلة سرية لتمويل التطرف

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يقف الدعم القطري للإرهاب عن وسيلة أو طريقة، بل تعددت الأساليب والوسائل وتوحّدت الغاية، وهي دعم الإرهاب، لتحقيق غايات مشبوهة وأجندات خارجية، ومن هذه الوسائل الجمعيات قطر الخيرية التي تلعب دوراً سرياً في تمويل الإرهاب.

وتؤكد التقارير أن الجمعيات الخيرية القطرية أن تجمع مليار دولار سنوياً لصالح الجماعات المسلّحة ومن بينها جبهة النصرة وداعش.

وكان الأمر اللافت جداً هو تساهل السلطات القطرية في مراقبة عمل الجمعيات الخيرية والمنظمات والأشخاص الذين يعملون على جمع التبرعات وإرسالها لجهات خارجية، علماً بأن هذه الجمعيات لا تهتم بالداخل القطري واحتياجات المجتمع كما تهتم بإرسال النقود للخارج.

ووفقاً للمعلومات تنفق الجمعيات القطرية ما يقرب من 90% سنوياً من أموال التبرعات في استثمارات ومشروعات خيرية في الخارج. وقدر البعض إجمالي التبرعات التي خرجت من قطر عام 2012 بنحو 1.5 مليار دولار، حيث ذهبت لأعمال الإغاثة في 108 دول كان من أبرزها اليمن وسوريا وليبيا ومالي.

ضوء أخضر

نائب وزير الخزانة الأميركية ديفيد كوهين كان ذكر أن قطر، على وجه الخصوص تعطي «ضوءاً أخضر» لتمويل الإرهاب. ولاحظ كوهين أن الرقابة القطرية متساهلة لدرجة أن عدداً من المموّلين الذين يتخذون من قطر مقراً لهم يعملون كممثلين محليين لشبكات أكبر لتمويل الإرهاب.

وبعد أن انكشف دور هذه الجمعيات الخيرية في تمويل الإرهاب وأصبح هذا الأمر مادة للهجوم على الدوحة من قبل الصحف العالمية اضطر الأمير تميم بن حمد إلى إصدار قانون برقم 15 لعام 2014 يتعلق بتنظيم العمل الخيري لاسيما التابع للحكومة.

ويرى البعض أن إصدار هذا القانون مجرد إجراء شكلي لطمأنة دول بعينها بأن قطر تتخذ إجراءات جدية في منع وقوع أي شبهة تمويل للإرهاب، ولكن الحل لا يكمن في إقرار قطر ذلك القانون، بل يكمن في تطبيقه ومتابعته.

حيث إن السلطات القطرية أقرت قوانين مماثلة في الماضي دون أن تتخذ الإجراءات الجدية لتنفيذها، ففي عام 2004، أصدرت قطر قانوناً لمكافحة تمويل الإرهاب وأسست وحدة استخبارات مالية وأنشأت الهيئة القطرية للأعمال الخيرية، وأقرت قانوناً آخر عام 2006 وسع الرقابة على الجمعيات الخيرية.

ولكن كانت جميعها قوانين يمكن أن توصف بالشكلية، وهو ما كشفه تقرير لصندوق النقد الدولي عام 2006 في أثناء تقييمه لعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب في قطر، حيث خلص التقرير إلى أن النظام الذي ينص على الإعلان عن أي أموال تنقل عبر الحدود غير مطبق وغير فعال، وأن الحكومة القطرية تخاذلت في عملية ضبط الأموال المرتبطة بعمليات غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.

وفى آخر تقرير سنوي للخارجية الأميركية عن الاتجاهات الإرهابية، وصفت أميركا عملية إشراف قطر على التبرعات المحلية للمنظمات الخارجية بأنها غير متناسقة، وأن القوانين القطرية المعنية بقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب يوجد بها عديد من الثغرات ولا تطبق بشكل فعال

ولم يتوقف الأمر عن تشكيك صندوق النقد الدولي وأميركا في قدرة قطر على تطبيق قانون تنظيم العمل الخيري، فبعد أيام من إصدار هذا القانون طالب مالكوم ريكفيند رئيس لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، بتشديد الرقابة على قطر وفرض عقوبات عليها وعلى الدول التي تسمح بمرور الأموال للتنظيمات الإرهابية من خلالها.

ورأى مراقبون أن استجابة قطر لإصدار القوانين جاءت بعدما بدأت أجهزة الأمن ومكافحة الإرهاب ومراقبة نقل الأموال الدولية في عدد من الدول الأوروبية عملية تتبع للأموال التي نقلتها شبكات محسوبة على قطر في أوروبا وعبر تركيا إلى جماعات إرهابية في العراق وسوريا وقامت بوضع قائمة طويلة بأسماء على علاقة بقطر وبالمدعو عبد الرحمن بن عمير النعيمي المواطن القطري الذي قامت هذه الشبكات بجهود لمصلحته.

وبناء على هذه المراقبة، قامت واشنطن، في ديسمبر الماضي، بإقرار قانون يقضي بفرض عقوبات على عنصرين من أنصار تنظيم القاعدة أحدهما يقيم في قطر، وبموجب القرار أدرج كل من عبد الرحمن بن عمير النعيمي وعبد الوهاب محمد عبد الرحمن الحميقاني ضمن القائمة السوداء لداعمي الإرهاب.

وصنف النعيمي ضمن الداعمين للإرهاب بسبب توفيره الدعم المالي لجماعات إرهابية.وكشفت التحقيقات أن النعيمي أمر في سنة 2013 بتحويل نحو 600 ألف دولار لحساب تنظيم القاعدة عبر ممثل هذا التنظيم في سوريا، أبو خالد السوري.

كما كان ينوي تحويل ما يقرب من 50 ألف دولار أخرى.كما عمل على تسهيل حصول تنظيم القاعدة في العراق على دعم مالي كبير، وكان بمثابة الوسيط بين تنظيم القاعدة في العراق وقادة الجهات المانحة ومقرها قطر. وأوردت تقارير أن النعيمي أشرف على تحويل أكثر من مليوني دولار شهرياً لتنظيم القاعدة في العراق من قطر لفترة من الزمن وعمل أيضاً كوسيط بين هؤلاء القطريين وقادة القاعدة في العراق.

Email