بعد 60 عاماً على قانون الأحوال الشخصية

تونس تواجه العنف ضد المرأة بقانون مثير للجدل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحيت تونس خلال الأسبوع الماضي الذكرى الستين لإصدار قانون الأحوال الشخصية في ظل جدل واسع حول حقوق المرأة والانتهاكات التي تتعرض لها ومشروع قانون جديد لمناهضة العنف ضد المرأة الذي أقرّه مجلس الوزراء في انتظار عرضه على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه.

وبينما ارتفعت الأصوات المطالبة بحماية المكاسب الاجتماعية، دعت سميرة المرعي وزيرة المرأة والأسرة والطفولة في حكومة تصريف الأعمال التونسية إلى القيام بتعبئة شاملة لتفعيل قانون القضاء على العنف ضد المرأة، وقالت إنّ «التشريعات القانونية التي تقدمت بها الوزارة إلى البرلمان بقصد مناقشتها والمصادقة عليها تمثّل ثورة حقيقية ضد كل أشكال العنف الاجتماعي والاقتصادي الموجهة ضد المرأة»، وفق تعبيرها.

وقالت مرعي إنّ النضال لضمان حقوق المرأة متواصل رغم التشريعات والمكاسب «والتوجه اليوم الحفاظ على هذه المكاسب وتحسينها» حسب تعبيرها، وأردفت أنّ هناك فارقاً بين التشاريع وبين تطبيقها لأن الدولة لا تساهم في تسهيل عمل المرأة «لهذا الهدف هو دعم وتعزيز وجود المرأة في مراكز القرار لما في ذلك من تأثير على مزيد ضمان حقوقها وتطبيقها في الواقع»، مشددة على وجود إرادة سياسية لضمان وجود المرأة في مراكز القرار وتكريس التناصف لهذا تم إحداث مركز المساواة للنظراء وهي آلية ستكرّس في كل الميادين تحت إشراف رئاسة الحكومة، كما أشارت إلى برنامج الدعم الاقتصادي للمرأة الذي وضع طريقة كاملة للإحاطة ولتركيز ثقافة المبادرة الخاصة للوصول إلى نسبة ناشطات تقدّر بـ 38 في المئة.

مقاربة شاملة

ويهدف مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة إلى وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية، وذلك بانتهاج مقاربة شاملة تقوم على التصدي لمختلف أشكاله، بالوقاية وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا ومساعدتهم.

كما تم إقرار أحدث مرصد وطني لمناهضة العنف ضد المرأة يتولى رصد حالات العنف ضد المرأة و متابعة تنفيذ التشريعات والسياسات وتقييم نجاعتها وفاعليتها في القضاء على العنف ضدها إلى جانب القيام بالبحوث العلمية والميدانية اللازمة حول نفس المسألة لتقييم التدخلات المستوجبة ومعالجة أشكال العنف

وكان الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، أنجز مسحاً ميدانياً أظهر أنّ 47.6 في المئة من النساء في تونس تعرضن لأحد أنواع العنف على الأقل مرّة واحدة طيلة حياتهن. وسجل المسح ارتفاع نسبة العنف الجسدي إلى 31.7 في المئة، يليها العنف النفسي بنسبة 28.9 في المئة، والعنف الجنسي بنسبة 17.5 في المئة، ثم العنف الاقتصادي بــ 7.1 في المئة.

جدل واسع

وجاءت احتفالات تونس بعــيد المرأة في ظل جدل واسع حول بعض الاجراءات القانونية المقترحة ضمن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضــدّ المرأة، ومنها العقاب بالسجن مدة عام لكل من يعمد إلى مضايقة امرأة في مكان عمومي، بكل فعل أو قول أو إشارة من شأنها أن تنال من كرامتها أو تخــدش حياءها. كما يقترح المشروع العقاب لكل من يتعمد التمييز في الأجر عن عمل متساوي القيــمة على أساس الجنس، وتضاعف العقوبة في صورة العــود والمــحاولة مــوجبة للــعقاب.

جرائم جديدة

ونص المشروع الذي صادق عليه مجلس الوزراء في يوليو الماضي على إجراء تنقيح لعدد من فصول المجلة الجزائية وتعويضها بفصول جديدة تتماشى مع المشروع المعروض.

كما تم تجريم أفعال لم تكن مجرّمة في المجلة الجزائية على غرار جريمة مضايقة امرأة في مكان عمومي وجريمة تشغيل الأطفال كخدم منازل وجريمة التمييز في الأجر على أساس الجنس، علاوة على إلغاء الأحكام القانونية التي كانت تمكن المتورط في اغتصاب فتاة بلغت سن الرشد من الإفلات من الملاحقة الجزائية أو المحاكمة أو تنفيذ العقوبة عند الزواج بالضحية أو عند الإسقاط.

عريضة دولية

يشار إلى أنّ منظمة العفو الدولية قدمت إلى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر عريضة تُطالب فيها السلطات التونسية باحترام حقوق المرأة وإدخال إصلاحات تشريعية من أجل ان يضمن القانون التونسي احترام المرأة.

وقال المدير التنفيذي للمنظمة في تونس لطفي عزوز إن العريضة التي وقّع عليها أكثر من 71 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم تطلب سن تشريعات تضمن التصدي للإفلات من العقاب على الانتهاكات التي تستهدف المرأة.

مراجعة

بدورها، دعت رئيسة جمعية اليقظة وتكافؤ الفرص المحامية لدى محكمة التعقيب خديجة المداني إلى ضرورة مراجعة قانون الأحوال الشخصية قصد ملاءمته مع الدستور الجديد والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة والتي صادقت تونس عليها. وحذرت المداني من ارتفاع نسبة الزواج العرفي في تونس مطالبة بتطبيق القانون.

%31.7

العنف الجسدي

%28.9

العنف النفسي

%17.5

العنف الجنسي

%7.1

العنف الاقتصادي

 

مائدة مستديرة

قال المدير العام للديوان التونسي للأسرة والعمران البشري رضا قطعة إن النهوض بوضع المرأة وحماية حقوقها يتطلبان دفع أصحاب القرار نحو تجسيم المبادئ الأساسية للقوانين وتطبيقها فعلياً على أرض الواقع.

ولفت قطعة، خلال مائدة مستديرة ضمن حلقات السكان والصحة الإنجابية المنعقدة بالعاصمة تونس تحت عنوان: «حقوق المرأة التونسية: التشريع والواقع»، إلى أن النقائص في مجال حقوق المرأة تتجلى بالخصوص في عدم تطابق التشريع مع الواقع.

Email