تقارير« البيان »

إتمام الاستحقاق الرئاسي في لبنان رهان على سراب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسلّل ملف الفراغ الرئاسي أول من أمس إلى الجلسة الـ 43 للانتخاب المنتظر من خلف النصاب السياسي المفقود، وحجز مكاناً في صفّ الجلسات الفاشلة في إتمام الاستحقاق، ما يعزّز ما ذهب إليه مراقبون بأنّ كل الرهانات وما صاحبها من رياح تفاؤل ظلّلت الأجواء أخيراً لم تكن أكثر من رهان على سراب، لا سيّما وأنّ القوى السياسية محبوسة في اختلافاتها وتناقضاتها، بل وعجزها عن بلوغ مدار التوافق على رئيس وإنهاء الفراغ التي يمسك بخناق المشهد منذ أكثر من عامين. هي الجلسة 43 لانتخاب رئيس للجمهورية..

والتي سجّلت أدنى حضور للنواب الذين لم يتجاوزوا 31 نائباً من أصل 128، فيما تعد أيضاً الجلسة التي سجّلت أطول فترة زمنية بين جلسة وأخرى، إذ إنّ الجلسة الــ44 لن تنعقد إلا بعد نحو شهر، أي 7 سبتمبر المقبل. ووفق مصادر نيابية فإنّ التأجيل غير المسبوق أسقط كل المقولات التي كانت أشارت الى إمكان انتخاب رئيس قبل نهاية أغسطس الجاري، وأعاد ربط الاستحقاق الرئاسي بالوضع المتفجّر في المنطقة.

تقارب زمني

وبين استحقاق الجلسة المقبلة لهيئة الحوار في الخامس من سبتمبر المقبل، وترحيل استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية إلى السابع منه، في جلسة تأخذ الرقم التسلسلي 44، بفارق يومين بين الاستحقاقين، لا يعني في نظر المصادر النيابية سوى تقارب زمني لا أكثر أو أقل، وإن كان هذا الترحيل لما يقارب الشهر يعكس عمق المأزق الذي تواجهه البلاد منذ الوقوع في الفراغ الرئاسي.

تقطيع وقت

وفيما لا تزال الملفات الخلافيّة في لبنان محور الاهتمام في كل الأوساط السياسية، يبدو الاستحقاق الرئاسي أسوأ حالاً لما يلفّه من تعقيدات لم يتيسّر حتى الآن إمكان تفكيكها.

واستبعد مصدر نيابي حدوث أيّ اختراق في جدر أزمة الاستحقاق الرئاسي على القريب والبعيد. وأضاف في تصريحات لـ«البيان» إلى أنّ مختلف القوى السياسية تمارس سياسة تقطيع الوقت ليس كخيار، وإنّما لأنّ التطورات الجارية محلياً وإقليمياً ودولياً تفرض عليها ذلك، في ظلّ معطيات توحي بأنّ انتخاب رئيس جمهورية جديد قد لا يتيسّر قبل النصف الأوّل من العام المقبل، أي بعد انتخاب الرئيس الأميركي الجديد.

وفي خضمّ رتابة المشهد السياسي، الضائع في قلّة الإنجازات والغارق في متاهات المنطقة والحسابات الإقليمية، أكّدت أوساط رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ«البيان» استمراره في التعويل إيجاباً على الحوار الوطني، والذي يفرض نفسه وسط رهانات على تحريك عجلة عمل المؤسّسات..

فيما حذّرت مصادر من أن لبنان السياسي ينزلق سريعاً نحو التعطيل الكامل للمؤسّسات في ظلّ عدم المبادرة وتعطيل المبادرين، مشيرة إلى أنّ الخطر كبير على الحكومة الغارقة في خلافاتها حول كل الملفات، والخطر أكبر إن لم يحصل توافق هادئ على ملء الشواغر في الجيش، وقد اقتربت مواعيدها، وقبل كل شيء الامتناع عن انتخاب رئيس للجمهورية.

مجلس وزراء

على صعيد متصل، أشارت مصادر وزارية لـ«البيان» إلى أنّ الجلسة العادية لمجلس الوزراء غداً ستكون منتجة، انطلاقاً من قرار بوضع كل القضايا الخلافية خارجها، لافتة إلى أنّ عودة مجلس الوزراء إلى العمل ضمن التوافق مسألة أساسية..

مؤكدة أيضاً أنّ السير بما كان اقترحه رئيس الوزراء تمام سلام بشأن تخصيص جلسة للملفات الكبرى وأخرى لبنود جدول الأعمال يجعل الحكومة تُنتج بشكل أفضل، ومن دون أن تخفي تخوّفها من عراقيل جديدة تحت عناوين: الموازنة والاتصالات والتعيينات الأمنية، ما يجعل مبدأ العمل وفق كل جلسة بجلستها أفضل ما يمكن حدوثه دون إطلاق تكهنات أو توقّعات مسبقة يمكنها تكبيل الحكومة.

ووفقاً للمصادر الوزارية ذاتها، فإنّ الاستحقاقات الداخلية ستبقى في حالة من الجمود، رغم كل الحراك الداخلي الذي يجري لإحداث خرق في جدار الأزمة المستحكمة بهذه الاستحقاقات، فضلاً عن أنّ الحرب الدائرة في حلب ستطول وربما تتحوّل إلى خطوط تماس إقليمية - دولية. ما يجعل من ربط الملفات الداخلية بحسم هذه المعركة رهاناً في غير محله، وأمد الفراغ الرئاسي ربما يبقى إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

طاولة

ينتظر أن تخيّم مناقشات ثلاثيّة الحوار ونتائجها على أجواء الجولة 32 للحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله، المقرّر عقدها في الأسبوع المقبل، ذلك أن المتحاورين وفق مصادر مطلعة سيسعون للبحث عن سبل مساعدة لحل المسائل المطروحة على طاولة الحوار الشامل، في إشارة إلى تفعيل البحث في سبل للتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية. 

Email