وصلت إلى درجة التهديد المباشر لكيان الدولة

معضلة الفساد تتجاوز خطر الإرهاب في تونس

■ تونسيون يرفعون الأعلام الوطنية خلال تظاهرة في تونس العاصمة | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي اتفق المشاركون في مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التونسية على أن تكون الحرب على الفساد من أبرز أولوياتها، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال التونسية الحبيب الصيد أن ظاهرة الفساد ازدادت تفشياً خاصة بعد الثورة، واعتبر أن محاربته باتت أصعب من محاربة الإرهاب، مما يعني أن مخاطر الفساد تجاوزت مخاطر التطرف.

واتفقت الأطراف السياسية والاجتماعية المجتمعة في إطار المشاورات حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على أن من أولويات الحكومة المرتقبة مقاومة الفساد وإرساء مقوّمات الحوكمة الرّشيدة، وذلك من خلال وضع خطّة وطنيّة لمقاومة الفساد، والإسراع في سنّ القوانين والإجراءات الدّاعمة للشّفافيّة ومقاومة الفساد وفقاً للمعايير الدّوليّة، والتّصدّي للإثراء غير المشروع.

كما دعت «وثيقة قرطاج» الموقعة من قبل الأحزاب والمنظمات المشاركة في المشاورات إلى فرض احترام القانون من قبل الجميع وضمان المساواة بينهم أمامه، والتّرويج لثقافة المواطنة واحترام القانون، واحترام حقّ النّفاذ للمعلومة وتمكين الرأي العام من الاطّلاع على كافّة المعلومات والمعطيات، واعتماد التّكنولوجيا الحديثة الّتي تمكّن من تيسير الإجراءات وتضمن إسداء الخدمات وإيصال الحقوق إلى أصحابها في إطار الشّفافية والنّجاعة، وتفعيل القانون المتعلّق بالتّصريح بالمكاسب لكبار مسؤولي الدّولة، إضافة إلى دعم دور المجتمع المدني في مقاومة الفساد.

حالة وبائية

وأبرز رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بتونس شوقي الطبيب أن بلاده تعيش حالة وبائية لتفشي ظاهرة الفساد، وقال إنه في حال تواصل الوضع على ما هو عليه فإن البلاد ستصل لوضع دولة مافيا، لافتاً إلى أن «كل التقارير الدولية والوطنية تؤكد أن الفساد في تونس ارتفع بصفة مريعة بعد الثورة حيث تراجع ترتيب تونس في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2015 الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية إلى المركز 76 ضمن 168 دولة مسجلة بذلك تراجعا بثلاث مراتب مقارنة بعام 2014».

وأشار الطبيب الى أن كل المؤشرات الاقتصادية تشير إلى تنامي هذه الظاهرة «حيث تبلغ نسبة الاقتصاد الموازي غير القانوني حدود 52 بالمائة وهو ما يعكس بلا شك تنامي هذه الآفة التي أصبحت تتغذى بعد الثورة من التهريب»، كما حذّر من استمرار الفساد بهذا القدر، وعلى الشكل الحالي، سيقضي على أركان الدولة التونسية.

استطلاع

وكشفت نتائج استطلاع آراء، أن 78 في المائة من التونسيين يؤكدون ارتفاع حجم الفساد في بلادهم بعد الثورة، بينما أكد 27 بالمائة تعرضهم خلال الـ 12 شهرا الماضية إلى ثلاث محاولات فساد مباشر، كما اتفق 92 في المائة على أن الفساد يسيء إلى صورة تونس ويكشف عن عدم وجود عدالة اجتماعية بين الأفراد.

الغياب والتأخر

وتتسع نسبة الفساد بشكل لافت في مجال الخدمة المدنية، حيث أكد وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد كمال العيادي بان المعدل العام لنسبة التأخر عن الالتحاق بمواقع العمل المسجلة من خلال الحملة الوطنية لإعلاء قيمة العمل والقطع مع الظواهر السلبية بالإدارة العمومية قد بلغ 13.7 بالمائة ليصل في بعض الهياكل العمومية إلى نسبة 47 بالمائة، وقال انه تم رصد أعلى مستويات التأخير في الساعة الأولى من التوقيت الإداري المحدد لتتصدر المؤسسات العمومية أعلى نسبة تأخير تراوحت ما بين 36 و18 بالمائة تليها الإدارات الجهوية بنسبة 15 بالمائة، فيما سجلت ألمنشآت العمومية نسبة تأخير قدرت بتسعة في المائة، مضيفا في السياق ذاته أن نسبة الغياب الشرعية قد بلغت إجمالا حوالي 20 بالمائة من العدد الإجمالي للأعوان المعنيين بالمتابعة، مشيرا إلى أنه تم تسجيل أعلى نسبة غياب شرعية في احدى الجماعات المحلية لتصل إلى 40 بالمائة تليها المنشأة العمومية بـ35،7 بالمائة.

أما على مستوى الغياب غير المبرر فقد لفت كمال العيادي إلى أنه تم تسجيل غياب بنسبة 18،2 بالمائة في بعض الهياكل.

تهرب جبائي

ويعتبر التهرب الضريبي من أبرز مظاهر الفساد في تونس، وفي هذا السياق كشف الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي أن ميزانية الدولة تخسر سنويا ما بين خمسة وسبعة مليارات دينار تونسي بسبب التهرب الضريبي، لافتا إلى أنّ إنجاز إصلاح حقيقي للمنظومة الضريبية سيمكن من توفير ما لا يقل عن خمسة مليارات دينار تونسي لهذه الميزانية وهو مبلغ يعادل ما تقترضه الدولة سنويا من الخارج.

Email