الأزمة الاقتصادية تخنق تونس سياسياً بعد 5 سنوات على الإطاحة بنظام بن علي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يعد أمام التونسيين إلا الاعتراف بحجم الصعوبات التي تواجهها بلادهم، والتي بدأت تتفاقم أكثر فأكثر بعد أكثر من خمسة أعوام مضت على الإطاحة بالنظام السابق..

فبالبلاد التي كانت تسمي نفسها بـ«درة المتوسط» و«تنين شمال أفريفيا» تواجه اليوم مخاطر جدية أبرزها الإفلاس طبق السيناريو اليوناني، كما أشار الى ذلك الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان، عندما أشار إلى خطورة الوضع الذي وصلت إليه البلاد خاصة على المستويين الاقتصادي والمالي.

وما يزيد من صعوبة الموقف ان الديون لا تنفق في الاستثمار وإنما في الاستهلاك وفي خلاص اجور الموظفين النفقات العمومية، إضافة الى ان تونس مطالبة خلال العام الجاري بإرجاع 5.2 مليارات دينار (2.5 مليار دولار) كخدمات دين تتضمن أقساط الدين ونسب التضخّم وهو ما يعادل ميزانية خمس وزارات كبيرة، وهذا الرقم سيصل الى ثمانية مليارات دينار (حوالي أربع مليارات دولار) في سنة 2017.

وتواجه تونس تراجعاً في الانتاج والتصدير والسياحة وفي جلب الاستثمارات، ما اثّر سلبا على عملتها المحلية التي تراجعت بقوة، حيث بلغ 2.15 أمام الدولار، فيما بلغ سعر صرف اليورو الواحد 2.47 دينار في ظل توقعات بمزيد من التراجع للدينار بفعل صعوبات جديدة على رأسها تفاقم عجز الميزان التجاري والارتفاع المرتقب لأسعار المواد الأولية المستوردة.

وبحسب بيانات رسمية للمعهد التونسي للإحصاء، شهد التبادل التجاري مع الخارج خلال الربع الأول من العام الجاري، انخفاضاً في إجمالي الصادرات بنحو 3.3 في المئة، بينما ارتفعت الواردات بنحو 7.5 في المئة.

وفي هذا السياق، دعا القيادي في حركة مشروع تونس منذر بلحاج علي السياسيين إلى تحمّل مسؤوليتهم وإبلاغ التونسيين بحقيقة الوضع الاقتصادي الكارثي، وفق قوله، لافتا الى مخاطر الفشل الاقتصادي وتراجع الموازنات المالية بسبب ارتفاع حجم الأجور، وعجز الدولة عن تحقيق أهدافها التنموية ووعودها للمناطق الداخلية.

وبحسب المراقبين المحليين فإن الأوضاع في تونس تسير نحو الأسوأ، خصوصا مع تواصل مرحلة التذبذب السياسي، وحال التجاذب السياسي، وفشل السلطات الحاكمة في ربط علاقات متوازنة مع الأطراف الدولية، وكذلك بسبب غياب الثقة في المستقبل مع اتساع دائرة نفوذ الإسلام السياسي.

وتدفع الأزمة الاقتصادية الى توتر اجتماعي واضح يرى المهتمون بالشأن المحلي أنه سيشهد تصعيدا خلال الشهور المقبلة من خلال اتساع دائرة الاحتجاجات العمالية والفئوية، في حين يبدو الشارع السياسي مختنقاً نتيجة فشل النخب الحاكمة والمؤثرة على صياغة مشروع وطني يتجاوزون به مرحلة الشعارات، وكذلك في بلورة الحلول الاقتصادية التي يمكن ان توفر الاستقرار للبلاد والمجتمع.

وفي حين يواصل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي العمل على الدفع نحو تشكيل حكومة وطنية بديلة عن حكومة الحبيب الصيد، يرى المراقبون أن ذلك لن يحل المشكلة الأساسية في ظل اتساع ظاهرة الفساد المالي والاداري وتراجع الإنتاج وانهيار الثقة بين الفاعلين السياسيين والشارع واستمرار حالة الانقسام المجتمعي..

إضافة الى تواصل التهديدات الإرهابية وحالة الفلتان في مجالات عدة ما ينبئ بعجز الدولة عن استعادة هيبتها ومنح الثقة للمستثمر الداخلي والخارجي.

 

Email