ملعب متصدع يجسد تغوُّل الاستيطان في القدس

ملعب كرة القدم في سلوان | رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنها أرض جافة وموحشة المنظر وغير مستوية، لكن بالنسبة للصبية في ضاحية سلوان الفلسطينية الواقعة على تل خلف مدينة القدس القديمة فقد كان ملعب كرة القدم الصغير هذا بأرضه المتشققة وقوائم المرمى البسيطة ملاذاً ثميناً.

وقبل نحو شهرين قرر مدرب كرة القدم والسكان إغلاق الملعب، وهو الأخير في منطقة وادي حاوة في حي سلوان، وذلك خشية إمكانية انهيار الأرض. وجرى تعليق دورة لكرة القدم تضم 50 شاباً.

وبجوار ملعب كرة القدم البالغ طوله 30 مترا وعرضه 20 مترا يوجد موقع أثري محاط بسور تديره منظمة إيلاد، وهي منظمة إسرائيلية محافظة مؤيدة للمستوطنين تقوم بالحفر بحثاً عن أدلة تؤكد أن ما تعتقد أنها مدينة الملك داود، وتزعم أنها كانت مقامة في الموقع الذي توجد به سلوان حاليا.

وقال نور كرامة (23 عاما) مدرب كرة القدم «ما يحدث في أعمال الحفر مروع. خشينا أن تنهار (الأرض) لذا قررنا نقل الأولاد».

وعلى الجانب الآخر من الطريق يقضي شبان المنطقة أيام الصيف المبكر في حالة من الملل في ناد هو في حقيقته ليس أكثر من مجرد كوخ به كيس ملاكمة على الأرض وصورة معلقة على الدار لشاب شهيد.

وعندما أغلق ملعب كرة القدم نقل الصبيان ألعابهم إلى الشوارع في البداية. لكنهم قالوا إن المستوطنين اليهود احتجوا، ولذا فهم يتسكعون حاليا حول النادي يشاهدون الفيديوهات الموسيقية في وقت يتصاعد فيه غضبهم.

وبدأ المستوطنون في الانتقال إلى سلوان في التسعينات، حيث يشغلون منازل استولت عليها إيلاد، كثير منها في حالات بيع مجحفة تستفيد من قوة الإغراء المادي في ظروف معيشية صعبة للغاية أسس لها الاحتلال على نحو منهجي.

وقال محمد قاق (17 عاما) متحدثا عن المستوطنين «أخذوا البيوت ويأخذون الشوارع».

توتر

كانت التوترات متأججة دائماً في سلوان، حيث يعيش ما بين 200 و300 مستوطن يخضع معظمهم لحماية حراس أمن إسرائيليين مسلحين ويعيشون بين ما يقدر بنحو 30 ألف فلسطيني.

وسلوان هو الحي الفلسطيني الأقرب للبلدة القديمة، وينقسم إلى ثلاثة أو أربعة شوارع متعرجة على تل شديد الانحدار. ومن شبه المستحيل أن يحصل الفلسطينيون على تراخيص بناء هناك. في الوقت نفسه فإن منظمة إيلاد لها عدة مواقع حفر بالمنطقة وأقامت مركزا سياحيا ضخما أطلقت عليه مدينة داود على قمة التل.

ويقول سكان إن فريق عمل من البلدية الإسرائيلية للقدس وصل بصحبة حراس مسلحين مدنيين قبل أسبوعين وحفر منتصف الملعب بينما هدد موظف في إيلاد السكان الذين احتجوا.

ويُعتقد أن أعمال الحفر زادت من تلف الملعب ويدرسون إلغاء معسكر صيفي يقام هناك اجتذب أكثر من 100 طفل العام الماضي.

وفي العام الحالي اضطرت عائلة لترك منزلها بعد أن بدأت أجزاء من المطبخ والمرحاض تنهار. واشتكت عشرات الأسر من التلفيات التي لحقت بمنازلها والضوضاء الناتجة عن الحفر المستمر.

ويخشى سكان سلوان من المستقبل، وربما يجد المزيد منهم أنفسهم مضطرين لبيع منازلهم للمستوطنين والرحيل لأن 80 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر.

لكن في الوقت الحالي فإن الصبية المحبطين لا يريدون إلا مكاناً ليلعبوا فيه كرة القدم.

Email