بيانات أحد الصندوقين الأسودين تستبعد الخلل الفني

تهاوي الطائرة الروسية عنيفٌ ومفاجئ

ت + ت - الحجم الطبيعي

في تطوّرات تكشف بعض الغموض عن تحطّم الطائرة الروسية في سماء سيناء قبل نحو أسبوع، أظهرت بيانات أحد الصندوقين الأسودين الطابع العنيف والمفاجئ للحادث، مع استبعاد فرضية الانفجار الناتج عن خلل فني أو حريق وفقاً لمصدر مقرّب من التحقيقات، وفيما قرّرت موسكو تعليق الرحلات إلى مصر لحين انجلاء الحقيقة، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن تعزيزات أمنية جوية جديدة للرحلات القادمة من مطارات الشرق الأوسط.

وأكّدت بيانات أحد الصندوقين الأسودين لطائرة الايرباص «ايه321» الروسية التي تحطمت في سيناء، الطابع العنيف والمفاجئ للحادث، وفق ما قال مصدر قريب من الملف في باريس لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المصدر نقلاً عن بيانات الصندوق الذي يسجل إحداثيات الرحلة، إنّ «كل شيء كان طبيعياً، طبيعياً تماما خلال الرحلة، ثم وفي شكل مفاجئ لم يعد هناك شيء»، مضيفا: «هذا يؤكد الطابع الفوري والمفاجئ للحادث».

ولفت المصدر إلى أنّ «آثار أضرار من داخل الطائرة إلى خارجها ظهرت على بعض صور الحطام ما يرجح فرضية المتفجرات النارية».

شيفرة تسجيلات

وأضاف المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه، أنّ «تفكيك شيفرة التسجيلات المتعلقة بمعطيات الرحلة، وتسجيل الأصوات الصادرة من قمرة قيادة الطائرة تفيد بأنّ كل شيء كان طبيعياً أكان على مستوى الآلات أو الأحاديث حتى الدقيقة 24 للرحلة عندما توقّف الصندوقان عن العمل بشكل مفاجئ، ما يدل على انخفاض مفاجئ جداً لضغط ناتج من انفجار».

وتابع المصدر أنّ «المحققين استنادا إلى المعلومات المستقاة من الصندوقين الأسودين، وأيضاً من ملاحظاتهم التي جمعت من مكان سقوط الطائرة إضافة الى خبرتهم، يرجّحون بقوة فرضية الاعتداء».

وأبان المصدر نفسه أنّ «فرضية الانفجار الناتج من خلل فني أو حريق مستبعدة بشكل كبير لأنّ التسجيلات في حالة مماثلة كانت سترصد شيئا قبل انقطاع الاتصال وكان الطياران سيقولان شيئا».

لكن المصدر تدارك أنّ «فرضية الانفجار العرضي العنيف تبقى ممكنة أيضا نظرياً، إلّا أنّها هنا وانطلاقا من الوقائع تعتبر ضئيلة الاحتمال بشكل كبير، أي طائرة لا يمكن أن تتوقف بهذا الشكل المفاجئ عن بث معلومات وهي تحلّق على ارتفاع كبير ما لم يكن هناك انفجار».

فرضية قائمة

وعزّزت هذه التطوّرات، رأي الرئيس الأميركي باراك أوباما باحتمال حدوث اعتداء إرهابي على الطائرة المنكوبة بقوله: «من المحتمل أن يكون سقوط الطائرة الروسية ناجم عن قنبلة وضعها إرهابيون». وأضاف أوباما خلال مقابلة إذاعية نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية مقتطفات منها: «أعتقد أن هناك احتمالية لوجود قنبلة على متن الطائرة»..

مضيفا أن المعلومات الاستخباراتية المتاحة حاليا ليست قاطعة لنقول بالضبط ما الذي تسبب في سقوط الطائرة، مشيرا إلى أن الإجراءات الأمنية المعمول بها في المنطقة تختلف مع تلك الموجودة في الولايات المتحدة».

وقال أوباما: «سنقضي كثيرا من الوقت لنتأكد بناء على ما يتوصل إليه محققونا ومجتمعنا الاستخباراتي قبل أن ندلي بأي تصريحات نهائية.. لكن بالتأكيد هناك احتمال لوجود قنبلة على متن الطائرة».

تعليق رحلات

وفي موسكو وفي خطوة مفاجئة، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعليق رحلات شركات الطيران الروسية إلى مصر بتوصية من الاستخبارات الروسية.

وأعلن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف ان بوتين قبل بتوصيات رئيس جهاز الاستخبارات الروسي الكسندر بورتنيكوف وأمر الحكومة بوضع آليات تسمح بتنفيذ هذه التوصيات، غير أن الكرملين أكد أن هذا الإجراء لا يعني أن تحطم الطائرة الروسية ناجم عن عمل إرهابي.

تعزيز أمن

في السياق، أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية عن تعزيزات أمنية جوية جديدة للرحلات المتجهة إلى المطارات الأميركية من بعض المطارات الأجنبية لاسيّما في منطقة الشرق الأوسط.

وقال وزير الأمن الداخلي الأميركي جي جونسون، إنّ «واشنطن طلبت من بعض مطارات الشرق الأوسط تعزيز الإجراءات الأمنية بالنسبة للرحلات المتجهة إلى الولايات المتحدة كإجراء احتياطي. وأشار في بيان إلى أنّه «ومع تقدم التحقيق سنجري تقييماً بشكل دائم لهذه الإجراءات ونقرر ما إذا كانت تغييرات إضافية لازمة».

هجرة سياح

في الأثناء، بدأت رحلة الهجرة من مطار شرم الشيخ إلى بريطانيا، إذ غادر عدد من الرحلات تقل السياح، وسط حالة من القلق تنتاب السياح. وأعلن وزير الطيران المصري حسام كمال أن ثماني رحلات نقلت السياح البريطانيين من شرم الشيخ..

مشيراً إلى أنه تقرر تشغيل ثماني رحلات فقط من شرم الشيخ مع توفير طائرة بضائع لنقل حقائب الرحلات المقلعة في اليوم ذاته حتى لا يحدث تكدس للحقائب بالمطار ما يؤثر على تشغيل باقي الرحلات الدولية والداخلية. وكانت وزارة الطيران المدني المصرية أعلنت أن 29 رحلة تديرها شركات بريطانية ستغادر مطار شرم الشيخ أمس ضمن خطة لإعادة الآلاف من الرعايا البريطانيين.

حرب شرسة

وبشأن التصريحات الأميركية البريطانية بشأن أسباب الكارثة قال كمال: «للأسف رغم أن الدولتين لا تشاركان في التحقيقات ولكن تصدر من وقت لآخر بعض التصريحات حول تعرّض الطائرة لتفجير من خلال دس قنبلة أو متفجرات في مخزن حقائب الطائرة ومن دون أية أدلة على ذلك»، مشيراً إلى أنّ مصر تواجه حرباً شرسة للنيل منها، مشدّداً على ضرورة أن يتنظر الجميع انتهاء التحقيقات.

وحول ما تردد عن وجود بقايا مواد متفجرة في حقائب الضحايا قال كمال إن هذا غير صحيح ولا يعتمد على أية أدلة ومازالت لجنة التحقيق تواصل عملها من أجل التوصل للأسباب الحقيقية للحادثة حتى لا تتكرّر مستقبلاً.

حذرت سفارة كوريا الجنوبية بالقاهرة رعاياها من زيارة سيناء، ودعت السفارة رعاياها إلى الامتناع عن السفر عبر مطار شرم الشيخ مؤكدة أنه على رعاياها المتواجدين في شبه جزيرة سيناء الانسحاب فورا من تلك المناطق.

واشنطن ترى في حادثة الطائرة الروسية غرقاً لموسكو

تلقت ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بحماس شديد التقارير الاستخبارية البريطانية والاميركية التي ترجح فرضية وقوف تنظيم داعش وراء اسقاط الطائرة الروسية في سيناء ردا على التدخل العسكري الروسي في سوريا.

وإنْ صحت فرضية ان عملاً ارهابياً يقف وراء الحادث فإن ذلك يعني تحولا استراتيجيا في المواجهة بين الروس والتنظيمات المتشددة إذ يذهب البعض في واشنطن الى ان تفجير «داعش» للطائرة الروسية بعد اقلاعها من مطار شرم الشيخ يوازي بخطورته هجمات تنظيم القاعدة على الولايات المتحدة في سبتمبر 2001 وتفجير برجي المركز التجاري في نيويورك واستهداف مقر وزارة الدفاع الاميركية في واشنطن.

حينها ردت الولايات المتحدة بإرسال قواتها الى افغانستان للقضاء على «القاعدة» و«طالبان» ودخلت العراق للإطاحة بنظام صدام حسين.

اليوم يجمع الاميركيون ان الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش ارتكب خطأ فادحا بقرار الحرب والغرق بالمستنقع العراقي وان كانوا لا يتفقون كثيرا على استراتيجية الانسحاب التي يعتمدها أوباما.

من وجهة نظر المؤيدين لاستراتيجية اوباما في المنطقة فإن تفجير الطائرة الروسية هو تأكيد لتحذيرات الرئيس الاميركي لنظيره الروسي فلاديمير بوتين من مغبة الغرق في المستنقع السوري وضرورة تركيز الضربات الجوية الروسية على مواقع «داعش» وليس على مواقع المعارضين لنظام بشار الاسد.

أما فيما يعني الرأي العام الاميركي فإن اسقاط «داعش» لطائرة روسيا يعني تحولاً رمزيا استراتيجياً بالمواجهة مع الارهاب الدولي، حيث لم يعد الاميركي العدو رقم واحد بالنسبة لـ«داعش» والمنظمات الارهابية المرتبطة بها، حيث أخذ الروسي دور الأميركي.

وصار الوجود العسكري الروسي في سوريا والمصالح الروسية في العالم في صدارة أهداف المنظمات الإرهابية وبالتالي لم تنفع محاولات بوتين الاستعراضية لإظهار قوة الدب الروسي الضاربة في الشرق الاوسط.

Email