تقارير «البيان»

لبنان يحتفل بعيد الجيش والشغور الرئاسي يحجب السيوف

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خضمّ الفراغ المتمادي على صعيد المؤسّسات الدستورية، والاختبارات اليومية التي خضعت وتخضع لها المؤسّسة الجامعة لكلّ لبنان، على طول الحدود من الشمال إلى الجنوب مروراً بالدواخل اللبنانية، احتفل الجيش أمس بعيده، ودماء أحد ضبّاطه ربيع كحيل لا تزال حارّة أيضاً، بعدما سقط شهيداً بسبب غابة السلاح وفوضى غياب العدالة والنقص الفادح في هيبة الدولة ومؤسّساتها.

وللعام الثاني على التوالي، حلّ الأول من أغسطس هذا العام بمجموعة مفارقات ومحطات أكسبت العيد الـ70 لتأسيس الجيش اللبناني دلالات ومعطيات بالغة الأهمية، وخصوصاً وسط تعمّق الأزمة السياسيّة التي يشهدها لبنان، التي لم توفّر الجيش في الكثير من تداعياتها وانقساماتها وصراعاتها.

وهكذا، مرّ عيد الجيش من دون احتفال رسمي وتقليد السيوف، فاقتصر هذا العام أيضاً على مراسم رمزية في ثكنة شكري غانم في الفياضيّة (قضاء بعبدا- جبل لبنان)، حيث سلّم قائد الجيش العماد جان قهوجي التلاميذ الضباط شهادات تخرّجهم من دون تقليدهم السيوف.

وذلك، بسبب استمرار الشغور الرئاسي، إذ لا يزال لبنان من دون رئيس للجمهورية لليوم الـ435 على التوالي، ولا تزال دائرة الفراغ تتّسع تشريعاً وسلطةً تنفيذيّة.

ولعلّ الكثير من المواقف التي صدرت، خلال الساعات القليلة الماضية، عكست هذه المعاني، وكان أبرزها لرئيس الحكومة تمام سلام الذي وجّه التحية الى قيادة الجيش والى العسكريين، جنوداً ورتباء وضبّاطاً، وذلك «تقديراً لدورهم في خدمة الوطن وحمايته، وتفانيهم في صون وحدته واستقراره»، مجدّداً الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت من أجل «إعادة التوازن الى مؤسّساتنا الدستورية وبثّ الروح في حياتنا السياسية ودورتنا الاقتصادية».

من جهته، أعرب الرئيس سعد الحريري عن أسفه لحلول عيد الجيش ولبنان بلا رئيس للجمهورية، ونوّه بإظهار الجيش «قدرة لافتة في تماسكه، وترفّعه عن الانقسامات والتجاذبات السياسيّة الحادة، وبقاءه أميناً على رسالته في الحفاظ على الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب أينما وجد».

أما قائد الجيش العماد جان قهوجي، فشدّد مجدّداً في «أمر اليوم» على الثوابت التي تحكم مسار المؤسّسة العسكرية، مخاطباً العسكريّين بقوله: «إنكم تصنعون في كل يوم عيد الشرف والكرامة والعنفوان. ضعوا نصب العيون أن قوّة مؤسّستكم تكمن في وحدتها وتماسكها وفي بقائها على مسافة واحدة من الجميع، كما في التفاف الشعب حولها، والتزامها مبادئ وثيقة الوفاق الوطني».

وفي ذكرى معركة عرسال الأولى، والتي تزامنت مع المناسبة، دعا قهوجي العسكريّين الى «أتمّ الاستعداد لمواجهة الإرهابيين، كما الأطماع الإسرائيلية»، مشيراً الى أن الجيش «بلغ في مواجهته التنظيمات الإرهابية، وبشهادات العالم، مستوى من الاحتراف يرقى الى مستوى الجيوش الكبرى».

»التبريد«: عنوان المرحلة

وفي حين لا يزال المشهد المتوقع لجلسة مجلس الوزراء، المقرّر انعقادها الأسبوع المقبل، ضبابياً بالكامل، لكون الأزمة تراوح مكانها والمشاورات لم تتوصل إلى حلحلة عقدة آلية مجلس الوزراء، ارتفع منسوب استبعاد أن يطرح الرئيس تمام سلام استقالته، على اعتبار أن هذا الخيار هو آخر خياراته، في ظلّ شغور لا يسمح للحكومة باستقالة تحمّلها مسؤوليّة إدخال البلاد في فراغ مطلق.

وأشارت مصادر معنيّة لـ«البيان» الى أن التبريد السياسي هو عنوان المرحلة، وهذا يعني أن أيّ طرف من الأطراف لن يكون بإمكانه تجاوز الخطوط الحمر المرسومة حول بقاء حكومة الرئيس تمام سلام، وذلك بانتظار تطوّرات تتعلّق بالأزمة السورية، وتمرير قطوع مناقشة وتصويت الكونغرس الأميركي على الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة 5+1، إضافة إلى مسار رفع العقوبات عن إيران.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الحديث عن استقالة الرئيس سلام غير وارد، فلا الأفرقاء من 8 و14 آذار والتيار الوطني الحر في وارد فرط الحكومة، ولا الرئيس سلام في وارد التخلّي عن مسؤولياته الوطنية في هذه المرحلة الدقيقة والحسّاسة.

وما يحكى في هذا الإطار لا يتعدّى رفع السقوف وتحسين شروط التفاوض، خصوصاً وأن استقالة الحكومة في الظرف الراهن، في ظل الشغور الرئاسي وغياب المجلس النيابي، ستقود الى أزمة نظام تقود الى المؤتمر التأسيسي وبداية رحلة البحث عن بديل لاتفاق الطائف، وهو الأمر الذي يتحاشى الجميع حتى الساعة، علناً أو ضمناً، الإقرار به.

وعليه، وبحسب المصادر نفسها، فإن رئيس الحكومة ليس بوارد التسليم بالتعطيل والابتزاز، وقد وجد نفسه أخيراً أمام ثلاثة خيارات: الأول، وقف العمل بالآلية لمصلحة العودة إلى منطوق المادة 65 من الدستور التي تقول بالتصويت في حال تعذّر التوافق.

الثاني، الاعتكاف في سياق الرسالة الواضحة المضمون التي تقول برفض استمرار الصيغة الحالية، وربط عودته عن الاعتكاف بالاتفاق على آليّة جديدة تحول دون التعطيل. أما الخيار الثالث، فيتمثل بالاستقالة كخطوة ترمي إلى قلب الطاولة على الجميع، في تعبير عن اليأس من إمكان التوصّل إلى مساحة مشتركة مع هذا الفريق.

تطبيق

بمناسبة العيد السبعين لإنشاء الجيش اللبناني أطلقت المؤسّسة العسكرية لعبةً، يمكن تحميلها على الهواتف المحمولة العاملة وفق نظام أندرويد وتقوم هذه اللعبة على مراحل عدّة، ينطلق فيها اللاعب من كونه جندياً يحارب ويواجه المعارك، ويمكن أن يترقّى مع التقدّم في اللعبة لأن يصبح عميداً.

 ولأن سبعين الجيش هي حكاية بلد لطالما كانت تتوالد الأحداث فيه، فإن التطبيق يتضمّن أقساماً أخرى، إلى جانب اللعب، إذ يقدّم معلومات تاريخية عن المؤسّسة العسكرية، بالإضافة إلى أحدث أخبار الجيش اللبناني. كما يوفّر فرصة المشاركة مع الأصدقاء، ولعبة لاختبار المعلومات التي يملكها كل فرد عن الجيش.

Email