مراوغة الانقلابيين تضعف آمال اليمنيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتعلق آمال ملايين اليمنيين بنجاح الهدنة الإنسانية القصيرة والتحول إلى هدنة طويلة الأمد تخفف عنهم المآسي التي خلفتها حروب الحوثيين في مختلف مناطق البلاد، لكن مراوغة الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح والتجربة المريرة معهم في نقض الاتفاقات تضعف الآمال بصمود هذه الهدنة.

اليمنيون الذين أعادتهم الحروب التي فتحها الحوثيون والرئيس السابق في طول البلاد وعرضها يقاسون من أوضاع معيشية مدمرة جعلت أكثر من 14 مليون شخص يبحثون عن الغذاء فيما الآلاف يواجهون الموت بعد توقف عمل المستشفيات، كما أن ثلاثة ملايين طفل يواجهون خطر الموت بسبب توقف حملات التحصين ضد الأمراض القاتلة، ونتيجة سوء التغذية الحاد.ولأن اليمنيين اعتادوا على مراوغة الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح فإنهم لا يثقون كثيرا بما يصدر عن هؤلاء من تصريحات ناعمة، والتزامات بالخيار السلمي، ويرون في كثرة هذه التصريحات مؤشرا على أن هناك مخططات لإغراق البلاد في المزيد من الفوضى والدمار.

وخلال أكثر من عام على بدء حروب الحوثيين كان لهؤلاء تجارب متعددة بعدم الالتزام بالاتفاقات بدءاً من اتفاق التعايش مع السلفيين إلى اتفاق وقف المواجهات في عمران ووصولا إلى اتفاق الشراكة والسلم الذي تبعه سيطرتهم على صنعاء، ولهذا فإن مخاوف اليمنيين من عودة الحرب واتساعها يطغى على الآمال التي صنعتها الهدنة الإنسانية التي دخلت مرحلة التطبيق منتصف الليلة قبل الماضية.

شلل تام

طوال الأسابيع الماضية توقفت مظاهر الحياة الحديثة عند اليمنيين، لا كهرباء ولا وقود للسيارات، ولا دوائر حكومية تعمل والمستشفيات تحولت إلى مخازن للقتلى والمصابين في المواجهات الدائرة في أكثر من محافظة، وتحولت شوارع وشواطئ عدن إلى ساحات للموت وأوصدت كل الدول العربية والإفريقية أبوابها أمامهم، ومن تمكن منهم من الوصول إلى ساحل جيبوتي وضع في مخيم بائس وتحت جحيم الشمس الحارقة.

ومع إعلان سريان الهدنة الإنسانية التي اقترحتها المملكة العربية السعودية علقت آمال عريضة على هذه الهدنة وزاد من قوة التفاؤل وصول المبعوث الدولي الجديد إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ لكن أصوات القذائف المدفعية التي استمرت في التساقط على الأحياء والقرى في الضالع وتعز والمواجهات في مأرب وإعلان طهران أنها ستتحدى الحظر البحري وتدخل سفينة مساعدات بالقوة إلى اليمن، كلها عناوين تهدد بنسف هذه الآمال.

انعدام الوقود

وفي المدن اليمنية توقفت الحياة بسبب انعدام الوقود بشكل كامل، وأصبحت سيارات النقل التي تعمل بالغاز على محدوديتها وسيلة للتنقل داخل العاصمة وبسعر ثلاثة أضعاف الأجرة التي كانت تدفع للحافلات الصغيرة، وأعيد استخدام الدواب في التنقل، وعجز الناس عن نقل المصابين إلى المستشفيات لعدم وجود السيارات.وقال عبد الله منصور، وهو صاحب بقالة صغيرة لبيع المواد الغذائية بصنعاء، المخزون لم يعد كافيا لأكثر من أسبوع، فنحن أمام مشكلة كبيرة فإذا وجدت المواد الغذائية في مخازن كبار التجار فإننا لا نستطيع نقلها إلى هنا، السيارات متوقفة وإذا وجدت سيارة تعمل بالغاز فإن صاحبها يريد منك أجرة مضاعفة ثلاث مرات، وهذا يزيد من الأسعار حيث ارتفع سعر كيس الدقيق بشكل جنوني.

اليمنيون وتاريخهم المليء بالصراعات هربوا بعشرات الآلاف إلى الأرياف وهجروا المدن بعد أن فقد مئات الآلاف منهم أعمالهم ووظائفهم وباتت القرى مخيمات نزوح متعددة تنتظر وصول المساعدات الإنسانية، هكذا يقول محمد عبد الجبار أستاذ التاريخ في إحدى مدارس العاصمة.

طوابير

على أبواب المخابز في صنعاء تتشكل طوابير طويلة من الناس التي تبحث عن كمية من الخبز باتت الوجبة الرئيسية لملايين اليمنيين لكن أمثالهم في عدن وتعز لا يجدون مخبزا وعادوا لصناعة الخبز في المنازل، وهناك آخرين عادوا لاستعمال الحطب في الطبخ بسبب انعدام الغاز المنزلي أو ارتفاع سعر الأسطوانة بشكل جنوني وندرتها. ويقول سام الجحدري، وهو صاحب مخبز في الحي الجنوبي من صنعاء، إن وزارة التجارة والمؤسسة الاقتصادية تكفلتا بتزويد المخبز بكميات لا بأس بها من الدقيق، وشركة النفط تعطينا كميات محدودة من الديزل. لكن الخوف من استمرار هذا الوضع لأن كمية القمح المتوفر ستنتهي خلال أشهر قليلة، كما أن الوقود معدوم وأسعاره في السوق السوداء خيالية فعبوة الـ20 لترا من الديزل أو البترول وصلت إلى ما يعادل 100 دولار.

مصير

طلاب المدارس اليمنية أمضوا الشهر الثاني بدون تعليم ولا يعرفون مصيرهم بعد أن أقرت وزارة التربية إيقاف الدراسة إلى أجل غير مسمى، ويأمل هؤلاء أن تشمل الهدنة بداية فعلية لوقف الحروب وعودة السياسيين للحوار حتى يتمكنوا من إتمام عامهم الدراسي الذي يفترض أن ينتهي هذا الشهر.

Email