«القلمون» تنزلق إلى مواجهات استنزافية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان متوقعاً أن تنفجر جبهة الجرو القلمون في ريف دمشق الشمالي عقب انتكاسات لقوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه في شمال البلاد وجنوبها، خصوصاً بعد التصعيد الإعلامي الذي رافق خطاب زعيم حزب الله حسن نصر الله بالتدخل علناً لمطاردة الفصائل المعارضة المسلحة التي تجتمع تحت لواء «جيش الفتح في القلمون». فالمعركة التي بدأت منذ أيام انتهت جولتها الأولى بسيطرة عناصر حزب الله المدعومة بالترسانة العسكرية الضخمة على منطقة جرود عسال الورد الحدودية مع لبنان، إثر عملية عسكرية مباغتة ما اضطرت الفصائل المعارضة أن تنسحب إلى خطوط المواجهات الخلفية، متوعداً مواصلة القتال عبر تكتيكات جديدة.

يعد العنصر الأبرز الذي تجلى في سياق معارك القلمون الجارية تجسد في عزل فعالية القوات النظامية لصالح دخول عناصر حزب الله التي تنطلق من المناطق الحدودية الموازية في لبنان لضرب معاقل المعارضة السورية في الجانب السوري، وكان التفسير الأكثر منطقياً لفهم تبادل الأدوار هذه حسب وجهة نظر المحليين ناجماً من تدهور بنية القوات النظامية على الصعيد الخزان البشري والقدرات العسكرية المسلحة على طول المواجهات الساخنة مع التشكيلات المعارضة في الشهر المنصرم، ما دفع حزب الله أن يزج بمقاتليه في منطقة استراتيجية ترتقي أهميتها الحيوية بتغير ميزان القوى العسكرية لصالح الطرف الذي سيخرج منتصراً في نهاية المطاف.

أهداف استراتيجية

ودخل حزب الله والنظام السوري في هذه المعركة، وفي جعبتهما جملة من الأهداف الاستراتيجية المراد تحقيقها بأي ثمن كان، فبعد تحرير معبر نصيب الحدودي مع الأردن جنوباً وانقطاع شريان دمشق - عمّان أصبحت ضرورة قصوى تأمين طريق دمشق - الساحل مرورا بحمص بعد أن تمت خلال الفترة الأخيرة تعزيز وتأمين طريق دمشق - بيروت لأنها ما تبقى من شرايين حياة للنظام، فالنظام السوري أولى أهمية لهذه المنطقة على اعتبارها آخر المنافذ الحدودية له بعد خسارة الحدود مع تركيا والأردن والعراق إذ يعتبر أن هذه المنطقة خزان الإمداد الرئيسي البشري والعتاد المقبل من الخارج عبر لبنان إضافة إلى كون المنطقة تتصل مباشرة بالغوطة الغربية التي لا تزال هادئة نوعا ما في مرتفعات الفرقة الرابعة حتى جديدة يابوس المنفذ الحدودي بين العاصمة وبيروت إضافة إلى تمركز كبرى قطعه العسكرية بين الجبال.

حرب العصابات

وأمام الترسانة العسكرية التي جلبها حزب الله والقوات النظامية، أشارت المصادر القريبة من جيش الفتح لـ«البيان» أن الاستراتيجية المقبلة ستكون مرهونة بخوض حرب العصابات، لتنعرج مسار المواجهات المحتدمة في طور حرب استنزافية طويلة المدى، لطالما أن الأسلحة العسكرية والخزان البشري غير متكافئ، لكن الخشية الأبرز تكمن حسب المعلومات الواردة من جبهة القلمون، في وجود بوادر اندلاع مواجهات جانبية بين تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» التي تعتبر من أهم الفصائل المقاتلة في وجه حزب الله، ما سيعزز من سيناريو تقدم عسكري لصالح القوات النظامية وحزب الله نظراً إلى تشتت الطاقات قد تصيب جسم جيش الفتح على خلفية دخول «داعش» إلى الساحة الخلفية، بدواعي فرض نفوذها في أهم المناطق الحيوية في البلاد.

منطقة حيوية

تعد القلمون السورية منطقة استراتيجية بسبب موقعها الجغرافي، فهي تقع على الحدود مع القرى اللبنانية ويمر بها الطريق الدولي الذي يربط دمشق بحمص وتمتد من ريف حمص شمالاً حتى أطراف غوطة دمشق الغربية.

Email