** تقارير «البيان»

الحوثيون يتاجرون بقوت اليمنيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

حاول عصام حميد إرسال أسطوانة غاز من عدن إلى محافظة أبين لزوجته الحامل، التي نزحت مع أمها قبل شهر تقريباً، لكن إحدى شركات النقل رفضت توصيل الأسطوانة.

ومع ذلك يتبادل الأقارب أسطوانات الغاز من محافظة إلى أخرى كونها هدايا لا تقدر بثمن. وينتقل البعض من محافظة إلى أخرى ليحصل على أسطوانة الغاز بناء على اتصال تلقاه من قريب، يفيد توفر المادة في المحطات، كما انتعشت أسواق الفحم والحطب في معظم المحافظات اليمنية، إثر الأزمة الحادة، التي طالت مادة الغاز المنزلي، حيث فرضت الضرورة على أغلب الأسر اليمنية في الريف، وبعضها في المدن العودة إلى الطريقة التقليدية في الطهي وإعداد الأكل.

فرحلة البحث عن أسطوانة الغاز أصبحت أمراً مضنياً وغير مضمون النتائج، وقد تستغرق العملية أكثر من أسبوعين، فتحول الكثير من وسائل المواصلات للعمل بالغاز شكل عبئاً إضافياً قضى على الفرص الضئيلة للأسر في الحصول على الغاز، كما أسهم في رفع سعر الأسطوانة من ما يوازي 13 دولاراً إلى 35 دولاراً تقريباً أي ثلاثة أضعاف في السوق السوداء.

ويتذكر اليمنيون الذريعة التي ساقتها الميليشيات الحوثية حينما حاصرت أمانة العاصمة بأن هدفها تخفيض أسعار المشتقات النفطية، وتخفيف العبء على ذوي الدخل المحدود والحد من الفساد، وهو ما لم يحدث على الإطلاق، فبعد اجتياح تلك الميلشيات للعاصمة عمدت إلى إسقاط الحكومة وتعطيل مؤسسات الدولة اليمنية..

والاستيلاء على المعسكرات وواصلت اجتياحها للمحافظات الواحدة تلو الأخرى، مخلفة وراءها دماراً هائلاً في الأرواح والممتلكات وأزمات خانقة ومستفحلة على كل المستويات إلى القدر الذي جعل الحصول على أسطوانة الغاز حلماً بعيد المنال.

وحين تمكن زعيم الميليشيات الحوثية من عنق الدولة اليمنية نكل بكل من عارضه، أو رفع صوته في وجهه، حيث عملت آلة البطش والفتك فيهم، فدمر المنازل واحتل بعضها واجتاح البوادي والمدن، وأصبح شعبه «مجرد دواعش وتكفيريين لا يستحقون الحياة».

انتقائية واحتلال

وأصبح مألوفاً، بسبب التغول الحوثي، بعد الانقلاب على الشرعية، مشاهدة النساء وهن يتجولن في شوارع المدن يحملن على رؤوسهن حزم الأخشاب الجافة لاستخدامها بديلاً لمادة الغاز المنزلي للحصول على وجبة مكونة من الخبز الجاف والشاي، فلا تتمكن أغلب الأسر من شراء وجباتها من المطاعم، بسبب ارتفاع سعر مادة الدقيق من 30 إلى 100 دولار..

كما أن عدداً من المخابز أغلقت أبوابها وما تبقى مهدداً بالإغلاق. وتناست الميليشيات أنها احتلت مقر الرئيس وكراسي الوزراء، وبدلاً من الاهتمام بتوفير متطلبات واحتياجات اليمنيين.

وفي هذا الوضع المأساوي عينت الميليشيات مندوبين في الأحياء والحارات في أمانة العاصمة يسجلون أسماء البعض ويتولون توزيع أسطوانات الغاز، وحولت ما هو حق مكفول إلى منحة توزع على المنتمين والموالين للجماعة بانتقائية وتشتري بها مواقف آخرين، بينما تحرم منها من يعارضها، بل تحولت لدى البعض إلى مصدر للكسب الحرام.

سخرية

يدفع سلوك الحوثيين غالبية الشعب اليمني إلى الترحم على الحكومات السابقة، فالشوارع ووسائل النقل والمقايل تحولت إلى ما يشبه الأندية تتداول النكات، وتسخر من الوعود الحوثية، التي تحولت إلى رماد تنثره الرياح في عيون المخدوعين.

Email