تحفظات المعارضة السورية تحيط بمشاورات «جنيف 3»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعل المشاورات التي بدأها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في جنيف مع قوى المعارضة السورية، لمعرفة أي منها على استعداد للتفاوض مع النظام السوري، ستأخذ أسابيع عدة، مع تقهقر قوات النظام السوري في مناطق مختلفة من البلاد، وسط معطيات دولية وإقليمية تجري بخلاف مصلحة النظام السوري. العثرات التقنية التي قد ترافق المشاورات المقبلة من جهة المعارضة، ربما تكمن في استدعاء أكثر من 300 شخص، إلا أن «المبالغة العددية» على قاعدة أهمية حضور غالبية الأطراف السورية المعارضة، لم تكن مرحباً بها لدى أصوات من داخل الائتلاف الوطني السوري، إذ أشار برهان غليون، بنبرة تنطوي على التهكم، وذلك على صفحته في الفيسبوك: «على دي ميستورا أن يختار ويحدد في ما إذا كان يريد القيام بمسح اجتماعي واستفتاء للرأي العام السوري لمصلحة مجلس الأمن، أو أي مركز دراسات آخر، أم يعمل على تنظيم طاولة مفاوضات فعلية بين الأطراف المتنازعة».

مستطرداً: «في هذه الحالة الأخيرة من واجبه أن يقصر مشاوراته على قادة المعارضة وربما إذا أراد التوسع على بعض قادة الرأي المعروفين فقط».

تشكيك

ومن هذه الإشكالية التقنية الصرفة، خرجت أصوات تطعن في شرعية مشاورات جنيف، معتبراً إياها ليست مشاورات من أجل مفاوضات جدية، بل إنها تعميم للتشويش والانقسام والفوضى داخل صفوف المعارضة ونزع الصدقية والشرعية عنها، لن يستفيد منها أحد، سوى خصوم المعارضة، لتتدرج هذا التشاؤم في صفوف الرأي العام إلى سجالات محتدمة حول أجندة المؤتمر والغايات المقصودة. وكما هو المتداول عادة، انقسمت الأطراف السورية الشعبية بين رافض لفكرة الحل السياسي مرجح الحل العسكري، وبين مناصر لمشاورات جنيف كخيار لا بديل عنه، برغم ضآلة خروج بنتائج إيجابية على صعيد إنهاء الصراع السوري.

رياح معاكسة

غير أن رياح التطورات الأخيرة جرت لمصلحة المعارضة السورية المنتشية بالانتصارات العسكرية على الأرض، وبدت في الآونة الأخيرة ترفع من سقف شروط المفاوضات مع النظام، لا سيما في مسألة وجوب مغادرة بشار الأسد سدة الحكم، إلا أن القوى الدولية لا تبدو جاهزة حالياً لاتخاذ قرار بإنهاء النظام بشكل كامل، حيث ترجح مصادر دبلوماسية وجود رغبة دولية في إزالة أسرة اﻷسد فقط من الطريق، مقرونة بتشجيع ظهور قيادات علوية بديلة. وتذهب التصريحات الدبلوماسية ذاتها إلى أن القوى الدولية غير راغبة في هزيمة عسكرية ساحقة لجيش النظام السوري، لحاجتها في ضبط إيقاع الأحداث في المراحل اللاحقة، ولتسهيل التسوية التوافقية التي تتطلب احتفاظ الأطراف المختلفة بقدر معيّن من القوة العسكرية.

Email