تقرير إخباري

شبح صدام يسكن أزقّة العراق

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعكس الضجة التي أثيرت بشأن مقتل من يشتبه بأنّه عزة إبراهيم الدوري، أبرز الأركان المتوارين لنظام صدام حسين، الأثر الذي لا يزال الرئيس العراقي الأسبق يحتفظ به بعد 12 عاما من سقوط حكمه.

ويؤشّر تحلّق عشرات العراقيين قبل أسبوعين حول نعش الرجل الأصهب الذي لم يتم التأكّد رسمياً بعد من أنّه الدوري، إلى محاولتهم طي حقبة نظام حزب البعث الذي حكم البلاد لعقود بقبضة من حديد، وأسقطه الاجتياح الأميركي في العام 2003.

في 20 أبريل، تسلمت الحكومة جثة الشخص الذي قتل قرب مدينة تكريت، وخلال نقل النعش تدافع عشرات الشبان والصحافيين لرؤية الجثة وتصوير النعش. و

بدا ابتعاد الشاحنة ببطء على وقع صيحات «الموت للبعثيين»، أشبه بانفصال رمزي عن مرحلة أليمة لكثير من الحاضرين الذين حاول بعضهم ضرب النعش بحذائه، إلّا أنّ رحيل من يعتقد أنّه الدوري، الذي كان بمثابة الرجل الثاني إبّان حكم صدام، لا يعني حكماً نهاية أثر الحزب الذي حكم لأكثر من ثلاثة عقود.

نشاط حزب

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري: «البعث ما زال نشطاً، وكل من يقول إنّ البعثيين انتهوا وإنّ حزب البعث انتهى، يجافي الحقيقة». ويضيف: «قد يختفي الرمز صدام أو عزة الدوري، لكن الكثير من القيادات لا تزال فاعلة وتحاول معاداة النظام السياسي الديموقراطي في العراق».

ويتحدث الشمري عن الأثر المستمر للحقبة النازية في ألمانيا بعد سبعة عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية، ليقارن بينها والعراق. ويقول: «الوقت مبكر من أجل الانفلات من شبح صدام، نحن بحاجة إلى عقود من أجل التخلّص من آثار صدام وما تركه في الداخل العراقي».

«البعث» و«داعش»

ويتهم البعثيون بأداء دور في أعمال العنف التي تضرب العراق بلا رحمة منذ 2003. كما يتهمون بالتعاون مع تنظيم «داعش» الذي سيطر على مناطق واسعة من البلاد إثر هجوم شنّه في يونيو، لاسيّما وأنّ أبرز هذه المناطق كالموصل وتكريت تعد نقاط ثقل بعثية تقليدياً.

 وما عزّز هذا الاتهام كشف مجلة «در شبيغل» الألمانية في 19 ابريل، وثائق تظهر أنّ ضابط الاستخبارات السابق سمير عبد محمد الخليفاوي وضع استراتيجية تمدّد «داعش». ويرى الشمري أنّ «الوثائق اقنعت العراقيين بأنّ التنظيم واجهة، وأنّ الواقع قد يكون محاولة لقلب نظام الحكم وعودة البعث بصورة جديدة.

قوانين تطهير

وحاولت السلطات منذ 2003 الحد من تأثير الحزب عبر قرارات عدة أبرزها حل الجيش وقانون المساءلة والعدالة الذي تلا اجتثاث البعث. وشملت هذه القوانين نحو 130 الف حالة، بينها أكثر من 17 ألف شخص تمّ اجتثاثهم نهائياً بحرمانهم الوظائف الرسمية والحقوق التقاعدية، وفق رئيس هيئة المساءلة والعدالة باسم البديري.

ويضيف البديري أنّ «هدف هذه القوانين هو تطهير المؤسّسات ممن أوغلوا في جرائمهم بحق العراقيين، لأنّ الظهير المساند للارهاب هم البعثيون». ورغم عودة عدد من الضباط السابقين للخدمة في الجيش بعد 2003، الا ان العديد من رفاقهم المبعدين يعبرون عن نقمتهم من الطريقة التي عوملوا بها.

تناقض مشاعر

إلى ذلك، لا يزال حضور الحقبة السابقة ينعكس من خلال المشاعر المتناقضة لعراقيين ما زالوا يعانون من دموية الحكم السابق، وآخرين يفاخرون بعاطفتهم تجاه صدام. ويقول الكردي أراس عابد «47 عاما»: «ما زلت ارتجف عندما أسمع اسم صدام في التلفزيون أو الراديو، ليس خوفا وإنّما كرهاً وحقداً أتألم كثيرا لشعوري بالوحدة من دون أهلي، بعدما فقد 12 من أفراد عائلته في قصف القوات العراقية لمنطقة حلبجة بالسلاح الكيميائي عام 1988.

أما محبو الرئيس الاسبق، فتسابق الدموع كلماتهم أثناء الحديث عنه، ومنهم ابو محمد، الرجل السبعيني الذي انتسب الى البعث قبل نحو خمسين عاما. ويقول في منزله بشمال بغداد: «الحزب موجود، أين يذهب؟ موجود في قلوبنا، عندما تحمل أي فكر مستحيل أن تتخلّى عنه».

Email