مناطق سورية آمنة تصطدم بتحفّظات أميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

على ضوء التطوّرات العسكرية في الميدان، وضع رئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خوجة في مستهل زيارته إلى واشنطن مطالب قديمة على أجندة واشنطن، إذ شدد على ضرورة دعم واشنطن إقامة «مناطق آمنة» داخل سوريا، تماشياً مع التطوّرات في شمال البلاد وجنوبها، وهو ذات المقترح الذي تقدّمت به بعض الدول العربية وتركيا إلى إدارة أوباما والتي أشارت وفق تسريبات دبلوماسية أنّه لا مانع لديها من دعم تصعيد عسكري في سوريا، لكنها تشترط خطة عسكرية سياسية واضحة عن المرحلة المقبلة بعد خروج الرئيس بشّار الأسد من الحكم.

تصوّر جديد

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي ألغى مؤتمر المعارضة السورية المزمع عقده في الرياض والقاهرة بغية الخروج بورقة سياسية واضحة تتضمن آليات هيئة حكم انتقالي، وبرّرت المصادر المعارضة موقف الرياض تحديداً، إلى تجاوز مستوى المعطيات العسكرية في الآونة الأخيرة تلك المساعي السياسية التي كانت موضع الجدل بين الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية، وتالياً يتوجّب وضع تصوّر جديد بما يتناسب وتغيرات ميزان القوى على الأرض.

وتبقى استدارة البوصلة في إحداث التغيرات المحتملة لصالح المعارضة رهن إشارة إدارة أوباما التي لا تزال تستند إلى عاملين حيويين حيال المقاربة السورية، الأول ضرورة حماية الأقليات في البلاد، وهو ما بدا واضحاً بخروج دعوات تناشد الفصائل العسكرية الإسلامية بضرورة حقن الدماء في المناطق المتداخلة في ريف حماه والساحل السوري، ثانياً وجوب الحفاظ على مؤسسات الدولة تجنباً لإغراق البلاد في فوضى القوى العسكرية المتنازعة مستقبلاً.

مقاربة سياسية

وتشير المصادر إلى أنّ المقاربة السياسية الأميركية منذ ثلاث سنوات تجاه سوريا ربما لم يطرأ عليها تغيرات ملحوظة، إذ إنّها وما زالت كانت القائمة على مبدأ تأمين تسوية تفاوضية للحرب عن طريق وضع ما يكفي من الضغط على الأسد كي يشعر بأنه مضطر لتقديم تنازلات، وعدم إعطاء ما يكفي من الدعم للمعارضة بحيث لا تسجل نصراً صريحًا قد يؤدي إلى الفوضى ويتسبّب في المزيد من انهيار سوريا، ومن أجل ذلك تعّول واشنطن على جهود دي مستورا في «جنيف 3».

معارك

ويستشهد هذا الفريق بالكثير من معارك الكر والفر التي دارت بين المعارضة والقوات النظامية خلال الفترات السابقة، علاوة على أنّ واشنطن التي رفعت لافتة «المعارضة المعتدلة» تجد نفسها اليوم بمعزل عن الحلفاء المحليين الحقيقيين، بعدما قوّض أمرهم على يد الفصائل المتشددة. وعليه تبدو التطورات الأخيرة التي كان لحلفاء واشنطن الإقليميين دور استراتيجي في قلب الموازين على الأرض ما هي إلّا محاولة لتعزيز الضغط على واشنطن للقبول بالوقائع والمستجدات المتبلورة.

إضعاف النظام

ومن الواضح أنّ واشنطن تكرّس جهودها إلى اللحظة لتطويق «داعش»، مع إيلاء أهمية لإضعاف النظام السوري بالتوازي مع خطة تدريب المعارضة السورية المعتدلة، والتي قد تبدأ في فترة قريبة على الأراضي التركية والأردنية، وهذا بدوره يتطلّب تشكيل جسم سياسي يوازي هذه التغييرات العسكرية، غير أنّ انتقادات عدة وجهت في الآونة الأخيرة إلى الائتلاف الوطني على اعتبار أنّ الائتلاف ما زال يوجّه معظم جهوده نحو التواصل مع الدول الإقليمية والقوى الدولية، دون إعطاء قدر كافٍ من الاهتمام والجهد لإصلاح وتطوير بنيته واستراتيجيته لإعادة بناء الثقة في قدرته على التأثير في المشهد السوري.

تفاعل

تفاعلت الكثير من المراكز الاستشارية في واشنطن مع التحوّلات في أدلب وحماه ودرعا بعدما حشر النظام في دمشق واللاذقية من منطلق أنّ هذا هو الوقت المناسب لفرض أقصى قدر من الضغط على النظام، وإرغامه على التفاوض بصراحة من أجل بدء عملية انتقالية أو التسبّب بخسارته العسكرية فيما لو رفض التفاوض، ويتجلى خيار إرغام النظام وجرّه إلى مفاوضات جديّة مع جهود المبعوث الأممي دي مستورا في جنيف بغرض رسم مخرجات تفضي إلى مرحلة الحكم الانتقالي، وهي مساعٍ تلقى الدعم الدبلوماسي الأميركي بالدرجة الأولى.

Email