«عاصفة الحزم» ملهمة تنزيل الحلم إلى واقع

خبراء سعوديون: رقم صعب في المعادلة الدولية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أجمع خبراء استراتيجيون ومحللون سياسيون سعوديون، على أن تشكيل قوات عربية مشتركة، حلم قديم ومتجدد، ولكن أصبح ضرورة قصوى في هذه الظروف التي يتعرض فيها الأمن القومي العربي للتصدع والانهيار، بعد الأحداث التي تعرضت لها أربع دول كبيرة مساحة وسكاناً، وهي سوريا والعراق واليمن وليبيا، وانتشار قوى الإرهاب التي صنعتها أجهزة المخابرات الدولية للعبث بأمن واستقرار المنطقة، وتفتيت الدول العربية، في إطار ما يعرف بسياسة الفوضى الخلاقة، تمهيداً لنهب ثرواتها ومواردها النفطية والاقتصادية عموماً.

وأكدوا أن عملية «عاصفة الحزم»، والتحالف العربي المشارك فيها، بقيادة المملكة العربية السعودية، هي التي أسست لبناء قوة عربية مشتركة، على اعتبار أن اجتماع القمة العربية السادسة والعشرين بشرم الشيخ، والتي عقدت ثاني يوم إطلاق «العاصفة»، وهدفت إلى مناقشتها، هي التي أسفرت عن قرار إنشاء قوات عربية مشتركة، ما ينبئ عن مرحلة جديدة، بدأت المنطقة العربية تنخرط فيها، ويمكن أن يشكل العالم العربي فيها رقماً صعباً في المعادلات السياسية العالمية.

مرحلة تاريخية

وقال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء د. أنور عشقي، إن هذه القوة إذا تشكلت، فإنها ستضع العالم العربي على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة، تصبح الدول العربية فيها رقماً صعباً في المعادلات السياسية الدولية، حيث ستكون لها كلمتها المسموعة وهيبتها الدولية، وستكون خط الدفاع الجمعي الأول والأقوى ضد كل سيناريوهات التفتيت والفوضى التي يسمونها خلاقة، والفتن الطائفية والقبلية، ولكنه شدد على أن نجاح هذه الخطوة مرهون بقدرة الدول العربية على تجاوز خلافاتها السياسية، وخصوصاً تجاه القضايا الجوهرية.

واعتبر عشقي أن قرار تشكيل قوة عربية موحدة، يعد تاريخياً بكل المقاييس، ومفاجئاً للعالم أجمع،مشيراً إلى أنه ليس بالضرورة أن تشارك كل الدول العربية في هذه القوة، بل يكفي أن تؤيدها سياسياً فقط.

صفعة قوية

ومن جهته، أكد الباحث الاستراتيجي د. إبراهيم بن نايف الرشيدي، أن قرار تشكيل القوة المشتركة، يمثل صفعة قوية في وجه الاختراقات الإقليمية، خصوصاً من طرف إيران التي بالغت في تمددها واختراقاتها خلال العقد الأخير، داخل الدول العربية، لأنها كانت تعتقد أن النظام العربي دخل مرحلة الغيبوبة، لكنها فوجئت بأن النظام العربي قد انتفض في وجهها.

وأوضح الرشيدي أن أهداف هذه القوة ستكون دفاعية في المقام الأول، ولا يوجد أي أهداف هجومية لها، مشيراً إلى من المبكر جداً، وضع سيناريو لما ستكون عليه القوة العربية المشتركة، من حيث العدد أو القيادة العسكرية لها أو قرار التحرك، وهل سيكون بالإجماع أم بالأغلبية، ولكنه شدد على ضرورة أن تتكون من قوات برية وجوية وبحرية. ومن جانبه، قال أستاذ العلوم العسكرية، د. منيف بن عبد الرحمن الشمري، إن نجاح تشكيل القوة العربية المشتركة وتحديد مهامها واستراتيجيتها، سيضع العالم العربي أمام حقبة تاريخية جديدة كلياً، أهم ما فيها اعتمادها على نفسها في حل مشكلاتها من خلال قواها الذاتية.

دبلوماسية أمنية

وقال الشمري إن الدبلوماسية السعودية، تتحرك حالياً في كل الاتجاهات للمحافظة على الأمن القومي العربية، وتشكيل القوات العربية المشتركة، كونها الدول العربية الأكبر سياسياً والأقوى عسكرياً، والأولى اقتصادياً، فضلاً عن مكانتها الإسلامية.

أما الباحث والمحلل السياسي إبراهيم بن سعد آل مرعي، فقد أكد أن نجاح هذه القوة، مرهون بقدرة الدول العربية على تجاوز خلافاتها السياسية، وخصوصاً تجاه القضايا الجوهرية، إضافة إلى ضرورة البدء بصناعات حربية عربية، تحسباً لتحفظ الدول العظمى على هذه القوة، كونها ستكون تهديداً للكيان الصهيوني، وإذا أصر العالم العربي ونجح في إنشاء هذه القوة، رغماً عن القوى العظمى، فستستخدم الدول المصدرة للسلاح، قيوداً قد تصل إلى حظر الأسلحة ذات التقنية العالية.

قوة درع الجزيرة

يعود تاريخ إنشاء قوة «درع الجزيرة» إلى مرحلة تأسيس مجلس التعاون، حيث وافقت دول المجلس في دورة الانعقاد الثالثة بالعاصمة البحرينية المنامة عام 1982، على إقرار هذه القوة، وتشكيلها وتحديد مهامها، لتتكامل بعد ذلك هذه القوة المشتركة من جميع دول المجلس، وتلتئم في مقرها بمدينة حفر الباطن شمالي السعودية سنة 1985.

وتشكلت القوة في البداية من 5 آلاف شخص، معظمهم من المملكة العربية السعودية، وتزايد عدد أفرادها بعد ذلك حتى تعدت حاجز الـ40 ألف فرد من جميع دول المجلس، وكانت أول مهمة تحققت على أرض الواقع لـ«درع الجزيرة» سنة 1986، بعد اجتياح القوات الإيرانية لمنطقة الفاو العراقية في أثناء الحرب العراقية- الإيرانية، علاوة على تصاعد التهديدات على الحدود اليمنية- السعودية، ومع التسلسل الزمني بعد هذه الأحداث وما تبعها من اضطرابات أخرى تجلت في حرب الخليج الثانية سنة 1990 و1991، كان لـ«درع الجزيرة» مواقف مشهودة، فقد حقق العمل الخليجي المشترك في المجال العسكري نقلة نوعية.

Email