تقارير «البيان»

«داعش» يمعن في تدمير مجتمع الرقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

على أنقاض تعدد السلطات المحلية المتناحرة في سوريا، تعيش الجماعات المحلية الرازحة تحت حكم «داعش» صدمة ثقافية وسياسية واقتصادية في ظل مساعي التنظيم الإرهابي تدمير معالم المجتمع، بيد أن المفارقة تكمن في أن المواطن الذي يعيش في كنف «داعش» مفصول الهوية بين قوانين الدولة السورية، وتلك القوانين المتطرفة، وذلك بسبب عدم شرعية قوانين التنظيم في المحافل الدولية، ما يضطر المواطن أن يوازن احتياجاته الضرورية بين دوائر النظام السوري و«داعش».

وعمل التنظيم في وقت سابق على محو كل ما يشير للدولة السورية، بل وعمد إلى تغيير أسماء المناطق والمنشآت، ووصل به الأمر إلى إتلاف الوثائق والمستندات وإحراق كل الشهادات والوثائق والمستندات في المدارس وغيرها الصادرة من الدولة السورية. وعليه، فالمدني في مناطق التنظيم مُلزم بالتأقلم مع قوانين الأخير بحكم الأمر الواقع..

ومُلزم بالتعامل والرجوع للدولة السورية المعترف بها دولياً من حيث الأوراق الثبوتية (جواز السفر، رخص القيادة، البطاقة الشخصية)، والوثائق الرسمية (الشهادات الدراسية، عقود الزواج، إثبات الملكية) ما جعله عرضة للاستغلال والتهديد من الطرفين.

انهيار المجتمع

وتشكل مدينة الرقة السورية التي تحررت من سطوة النظام السوري منذ عامين، ووقعت تحت براثن «داعش» عينة نموذجية تميط اللثام عن مدى انهيار الحياة الاجتماعية والمعيشية تحت حكم «داعش» وسط تهجير أبنائها التي كانت تصل تعدادهم قبل صعود نفوذ «داعش» إلى حوالي مليون ونصف لتتراجع إلى ما دون 500 ألف نسمة.

وما زاد من الأمر سوءًا، صدور جملة من القرارات الأخيرة بعدم سفر الأهالي من المدينة إلا بعد الموافقة المشروطة من الدوائر الشرعية، وهو الأمر الذي فسر من قبل النشطاء على أنها تتعلق بأغراض سياسية من أجل إذابة القدرات البشرية قدر المستطاع في بوتقة مشروع التنظيم.

الحياة اليومية

ويشير محمد ياسين وهو سوري نزح مع عائلته من مدينة الرقة إلى تركيا، أن «دوريات الحسبة» والتي تشكل بمثابة جهاز الأمن لا تنفك ترصد جميع السلوكيات الاجتماعية التي تتعلق بخرق القوانين التي وضعها «داعش» من قبيل عدم دفن الأموات في قبور مرتفعة عن سطح الأرض وغيرها من الممارسات التي تمس الحياة اليومية من اللباس وحتى التدخين، ويلخص ياسين صورة ما يجري في المدينة بقوله :

« حتى لو كنت جالساً في منزلك يجب أن تأخذ الحيطة والحذر الشديدين، وتخضع تصرفاتك العفوية إلى رقابة ذاتية صارمة، لأن أي خطأ قد يكلف حياتك، حتى لو قصدت أن تسعف زوجتك إلى المشفى، فيلزم أن لا تتغاضى عن الأوراق الثبوتية، لأن خلاف ذلك، ستجد أنك مع زوجتك قيد الاعتقال».

تجنيد الأطفال

وقال مصدر فضل عدم ذكر اسمه، إن «داعش» يدفع مبالغ مالية لأهالي محافظة الرقة، وذلك مقابل سماحهم بتجنيد أطفالهم مع تنظيم داعش، واعتبروا بعض ممن يجندون اليوم أطفالهم في صفوف داعش يلهثون خلف المال والسلطة، والبقية يستغلون باسم الدين.

ومن أجل إمعان في خلق الضغوط النفسية، تنادي «داعش» لإقامة حدّ على سارق أو زانٍ أو مرتد علناً، حيث يوضع الرجل في ساحة المدينة على خشبة مرتفعة عن الأرض، ويقام عليه الحد أمام الملأ حتى يكون عبرة لغيره، ليتطور هذا الطقس العنفي في الآونة الأخيرة، بإلقاء «المتهمين» من الطوابق الشاهقة لزرع المزيد من الصدمة والهول في قلوب الحاضنة الاجتماعية.

Email