الإعلامي المكلّف إطلاق القناة يرسم الملامح في حوار مع «البيان» :

قناة الأزهر مقصلة التطرّف ونافذة الاعتدال

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف مستشار رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون في مصر والمكلّف إطلاق قناة الأزهر الشريف علي عبدالرحمن، عن أنّ «القناة ستكون نافذة جديدة لمحاربة التطرّف بفكر الاعتدال والوسطية المستنير، والعمل على تصحيح الفكر وتبرئة الإسلام من مزاعم الإرهابيين التي تسيء إلى سماحته».

وأضاف عبدالرحمن في حوار مع «البيان»، أنّ «القناة والمقرّر انطلاقها في شهر رمضان المعظّم ستحرص على أن تكون واحة للاعتدال وتأمينا للنشء وحفاظا على القيم وتصحيحا للمفاهيم»، منوها بأنّ «برامجها لن تقتصر على اللغة العربية فقط».

وفيما يلي نص الحوار بين عبدالرحمن و«البيان»:

تخبّط إعلامي وتضارب فتاوى وخطابات دينية متنافرة، هل هذه أسباب قرار الأزهر إنشاء قناة خاصة؟

قناة الأزهر جاءت لتعبر عن رسالته المستنيرة وفق مجموعة من الثوابت أولها الاعتدال في ظل انتشار أصوات فتاوى غير سليمة، لذلك ستكون القناة المصدر الأمين للدين الإسلامي بروافده، وسط قنوات متشدّدة يمينا ويسارا، كما أنها ستكون المرجعية لأيّ خلاف يتعلّق بالدين الإسلامي سواء في العقيدة أو المعاملات، فضلا عن أنّها ستكون وسيلة ناجعة ونافذة جديدة لمواجهة التطرّف والإرهاب.

والتصدي للغة التحريض والتكفير والفتوى بغير علم، فإطلاق القناة كان واجبا فكان لزاما على الأزهر إطلاق القناة لتكون بوابة للاعتدال وتأمينا للنشء وحفاظا على القيم الإسلامية، وتصحيحا للمفاهيم، وتجديدا للخطاب الديني السليم، فكل ما يشاع الآن ليس تجديدا، لأنّ المعتدل منه موجود في السنة المشرّفة ورسالة الأزهر إنما ما طرأ عليه هو أنماط من الخطاب غير السوي، ولابد أن تعود إلى جحورها مع عودة الخطاب الديني السليم وفق صحيح الإسلام.

هل يعني ذلك أنّ القناة ستخصّص جزءاً خاصاً لتسليط الضوء على الإرهاب؟

الإرهاب سيناقش باستمرار في البرامج اليومية، مع طرح صحيح الدين فجزء مهم من دور القناة هو تنقية كتب التراث والسلف الصالح، فهناك كُتب كثيرة ربما يكون هالها التراب أو لُونت باللون الأصفر ودُست على كتب التراث والسلف الصالح، على الرغم من أنَّ الدين منها براء، وستكون للقناة حملة للعودة إلى صحيح الكُتب ذات المرجعية الإسلامية الوسطية، وأعتقد أنها ستسهم كثيراً في تصحيح الفكر وتبرئة الإسلام من تهم التطرّف والتشرذم والقتل والترويع.

موعد إطلاق

متى سُتطلق القناة؟ وما الخطوات التي تتبعها لتحقيق أهدافها؟

سُتطلق في بداية شهر رمضان المعظّم، وندرس أن يكون اسمها «الأمة» إلّا أنّه لم يتم الاستقرار على ذلك، وعندما تُطلق القناة سيكون لها هوية وشعار، ولم نستقر على الاسم حتى الآن، هذه الهوية ستكون جزءا من الحفاظ على الدين، تمثّل الوسطية والاعتدال ومنارة العلم وستكون أسلوب حياة وتصحيحا للخطاب الديني، فهذه هي الشعارات التي ستروج لها القناة، فضلا عن أنّ البرامج ستستهدف الشباب والأقليات المسلمة وما يقدّم من بناء إنتاج درامي سيحمل رسائل تعود بالمشهد كله إلى الوسطية.

وماذا بشأن مراحل إطلاق القناة؟

القنوات عندما يتم إنشاؤها تكون هناك شركة حتى يتم الإطلاق، والقناة تُوضع لها دراسات تحدّد هويتها وبرامجها وسياستها التحريرية، ومواصفات المقدمين والمذيعين والمراسلين والموقع الإلكتروني، كل هذه المراحل تمت، ونسير الآن في المرحلة الثانية لإنشاء الاستديوهات داخل المشيخة أو مدينة الإنتاج الإعلامي وشراء المعدات، ولم يتبق من مراحل الإطلاق سوى تشكيل مجلس الأمناء.

مرجعية خطاب

وهل سيقتصر الإنشاء على الأزهر؟

المشيخة هي كل الموضوع فهي قناة أزهرية الفكر خالصة، بمعنى أن السياسة التحريرية وأسس الخطاب الإعلامي مرجعيتهما الأزهر وجزء كبير من المتحدثين سيكونون من علمائه، فهي قناة عامة بخلفية دينية، برامجها تهتم بالمرأة وما يدور داخل البيت المسلم، تنشر أخبار العالم الإسلامي من خلال كل مكاتب الأزهر الموجودة.

هناك ما يسمى بالتقرير الإخباري وهذا نشاط الإمام والمشيخة، وهناك «توك شو» رئيسي، فكل ما يدور على الساحة المصرية والعربية والإسلامية والدولية سيكون بمرجعية دينية، بمعنى أن الخطاب والقاموس اللفظي معتدل، والسؤال والرد معتدل، الضيوف لا خلاف عليهم، وجهة النظر وصياغة التقارير والمداخلات لها سياسة تحريرية تعود إلى الوسطية.

هل سيكون للقناة دعم خارجي عربي؟

ينبغي أن يكون هناك تمويل أممي إسلامي وعربي، فضلا عمّا ترصده الدولة المصرية متمثلة في مشيخة الأزهر، لأنّ الإعلام صناعة مكلّفة والإنتاج الدرامي والبرامجي والتسجيلي بالمواصفات ذات المرجعية سيحتاج تمويلا كبيرا، لذا لابد من أن تُدعم.

إنّ التطرف أدى إلى احتلال دول، وتحريك جيوش وتشكيل تحالفات، أُزهقت أرواحا وخُربت بيوتا، فجزء يسير جدا مما ينفق على محاربة هذه الجماعات، لا يتجاوز 1 في المئة مما ينفق الآن على مواجهتها فكريا يمكن أن تدعم به القناة، لأنّها ليست مجرد قناة بل مؤسّسة إعلامية لها مشروعات فرعية كثيرة، وإذا خصصنا دعما لذلك سيكفينا عناء المواجهة.

نمط تربوي

وماذا عن محتويات القناة؟

سيكون هناك اهتمام بتربية النشء في جميع مراحل التعليم، وتصحيح الدين لدى العامة، سترسي نمطا تربويا وتعليميا واجتماعيا وإعلاميا يعتمد على صحيح الدين والوسطية وقبول الآخر والعيش في سلام.

وستكون للقناة مراكز جمع أخبار ومراسلون في دول العالم، ومن المفترض أن تصل بكاميراتها إلى الأقليات المسلمة في دول كل العالم، وستكون نواة لما يسمى «وكالة أنباء إسلامية»، ومركزا لجمع الأخبار الإسلامية، مرصدا إسلاميا، إذاعة إسلامية، مكتبة إلكترونية إسلامية، مؤسسة إعلامية إسلامية.

وسيكون هناك مركز لترجمة المواد الدرامية والإخبارية للعالم الناطقين بلغات متعدّدة، وسنتوسع بمركز إنتاج درامي، ومركز للأفلام الوثائقية والدوبلاج، فهي حلم كبير ينتهي بجمع كل ما كتب قدحا أو مدحا في الأزهر الشريف أو الدين الإسلامي في مكتبة إلكترونية ومركز للأبحاث.

وهل تتوقعون تحقيق القناة أهدافها؟

واثقون من نجاحها وفي وقت قصير، لأن من يقف وراء إطلاقها وأهدافها هم خيرة علماء الأزهر، والثمار معنوية ترسي ثقافة وتعليما وتفاهما وتعايشا وقبولا، وتحارب الغلو والتطرف بكل أشكالهما.

هل سنجد على شاشة القناة ما يسمى بالداعية الإعلامي؟

الداعية الإعلامي هدف من أهداف القناة، فمن تتوفّر فيه مهنة الداعية ولا يعني أن يكون عليما ببواطن الدين فقط لكن من تتوافر لديه أن يكون خطيبا ولديه قبول وثقافة واسعة وقدرة على الإقناع وقاموس لفظي مرن سنفتح له أبوابنا، وهذا سيتم من خلال مسابقة نختار منها أفضل الدعاة، سيعمل جزء منهم على شاشة القناة، وآخرون ينشرون مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح.

دعاة بلا دعوة

كيف تقيّمون مشكلة الإعلام الديني في الوقت الراهن؟

الفتوى، فليس لدينا مواصفات للإعلامي المسلم أو قاموس لفظي أو مدونة سلوك لأسس الإعلام الإسلامي، أو ما يسمى بأكواد مقدّمي الخدمات طبقا للمرجعية الدينية، فالدعاة على شاشات الفضائيات تحوّلوا إلى ثوار بلا ثورة أو دعاة بلا دعوة، فزمن نزول الأنبياء انتهى. كما أنّ بعض الدعاة ليس لديهم وعي مما أفقدهم الثقة وأدخلهم في تفسيرات وتشكيكات لا تعود إلى صحيح الدين الإسلامي السليم.

عجز إعلام

شدّد المكلف بإطلاق قناة الأزهر الشريف علي عبدالرحمن على أنّ «الحضارة الإسلامية من أهم الحضارات الإنسانية»، لافتا إلى أنّ «عجز الإعلام عن تجسيد تاريخها قصور فيه وليس فيها». وأبان عبدالرحمن أنّ «الدين الإسلامي حضّ وبشدة على التعلّم والأخذ بالعلم ونادى بالسعي وراءه».

مشيراً إلى ضرورة مواجهة حضارة «الإنفوميديا» بهضمها أولا ومن ثمّ إعادة تصديرها للشعوب الإسلامية وحضّهم على على الأخذ بها، مضيفا: «وأساليب التقدّم والتعامل مع الآخر، أن ننقل عن من سبقونا تقدما أفضل ما لديهم ولا نصدّر لهم هذه الصورة النمطية عن الإسلام، ولن يستقيم الإعلام الديني إلّا من خلال تعاون من الأزهر الشريف مع صناع الإعلام، وأن يكون هناك دور لمنظمة المؤتمر الإسلامي باعتبارها المظلة الدولية لكل الدول الإسلامية».

Email