الاتفاق النووي الإيراني.. اختراق تقني من باب السياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن المفاوضات الخاصة بتسوية الملف النووي الإيراني يوماً، منذ العام 2005، أقرب إلى النضج من الآن. واللافت في الأمر هذه المرة أنّ هذا «الاختراق» تمّ من خلال مفاوضات أميركية إيرانية مباشرة، وعلى مستوى وزراء الخارجية.

انتقال المفاوضات إلى هذا المستوى، بعد أن كانت لأعوام تقتصر على مستوى الخبراء، يعني أنّ المفاوضات تتعدى «صفقة» تفكيك أو تجميد أو «محاصرة» برنامج نووي يثير القلق، وهو أمر كان محل تكهنات واسعة النطاق منذ فترة، نظراً لتشعب التأثير الإيراني في الكثير من الملفات الإقليمية.

بحسب التقديرات الصفقة – الطبخة قيد النضج. وأنّ طهران باتت أقرب إلى القبول بـ«معادلة» يمتزج فيها النووي التقني بالهم الاقتصادي بالشأن السياسي للتخلص من العقوبات من جهة، ولاستعادة مقبولية المجتمع الدولي من جهة ثانية في سبيل تأمين هدف استراتيجي أكبر أهمية لتعزيز النفوذ، وهو ما عكسته «الهستيريا» التي تعامل بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال الأيام الماضية، بعدما وصلت إليه تفاصيل الصفقة التي كانت تصاغ تفاصيلها في مونترو السويسرية ومن قبل في جنيف وفيينا.

وكانت أوضح الإشارات عن وجود «دخان أبيض» وملامح اتفاق تلك التي صدرت عن مرشد الجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي في 9 فبراير الماضي، ثم كان التسريب الغامض في 14 فبراير عن رسالة منه إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، رداً على رسالة قديمة مضى عليها أربعة شهور!

وكانت المفاوضات تعثرت في شهر أغسطس الماضي بعدما أصرت المجموعة الدولية على السماح لإيران بتشغيل مئات من أجهزة الطرد المركزية فقط لأغراض الأبحاث، فيما أصرت طهران على الإبقاء على العدد الحالي وربما توسيعه إلى 14 ألف طرد، وهو ما رفضته الدول الكبرى.. رغم أنّ الاتفاق المرحلي الموقع في فيينا في نوفمبر 2013 بين طهران ومجموعة 5+1 المعنية بمعالجة الملف الإيراني أظهر أنّ طهران تقبل بصفقة عمادها تجميد جزء من برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية عنها، فكيف إذا كان هناك «عربون» سياسي.

وهذا السياق كان واضحاً، وإن لم يلتقط في حينه بعناية، في تصريحات لرئيسة الوفد الأميركي المفاوض ووكيلة وزير الخارجية الأميرية ويندي شيرمان قالت فيها: إنّ «التنازل في ملف يقضي بمرونة في ملفات أخرى»، وهو ما يومئ بما لا لبس فيه عن «تنازل» أميركي مقابل التنازل الإيراني..

وبما أنّ واشنطن هي التي تبحث عن الاتفاق فالمنطقي أن تقدّم تعويضاً مقبولاً. إمّا ثمن اقتصادي (رفع العقوبات وفك تجميد الأرصدة) أو ثمن سياسي. ولمّا كان الثمن الاقتصادي لا يؤلم الإسرائيليين، فالتخمينات لا تجد أمامها إلاّ الثمن السياسي. وظهر هذا الألم واضحاً في تحركات نتانياهو الأسبوع الماضي، والتي وصلت حد شن حرب سياسية وإعلامية ضد رئيس الولايات المتحدة.

 

nidal@albayan.ae

Email