خادم الحرمين والسيسي شددا على متانة العلاقات وترسيخ التنسيق

قمة الرياض تؤكد مجابهة التدخل في الدول العربية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

أكدت المملكة العربية السعودية ومصر على عمق العلاقات الاستراتيجية بينهما، والحرص على تعزيزها في مختلف المجالات.

وشدّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال محادثاتهما في الرياض أمس، على أهمية مجابهة محاولات التدخل في الدول العربية أياً كانت مصادرها، وتفويت الفرصة على محاولات بث الفرقة والانقسام بين الأشقاء، وأعرب الزعيمان عن تطابق مواقف البلدين إزاء سبل مواجهة التحديات في منطقة الشرق الأوسط.

سوريا وليبيا

وذكرت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) أن خادم الحرمين الشريفين عقد في قصره بالرياض جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس السيسي، وأضافت أن الجانبين استعرضا «خلال الجلسة أوجه التعاون الثنائي لما فيه مصلحة البلدين والشعبين، والتأكيد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين المملكة ومصر، والحرص على تعزيزها في مختلف المجالات».

وأوضحت أن الملك سلمان ناقش مع السيسي «مستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم». واستغرقت زيارة السيسي بضع ساعات، عقد خلالها مباحثات مع الملك سلمان، بحضور وفدي البلدين، استهلها خادم الحرمين الشريفين بالترحيب بالرئيس السيسي، والتأكيد على قوة ومتانة العلاقات التاريخية الوثيقة التي تجمع بين البلدين، وأهمية تعزيز التشاور والتنسيق فيما بينهما بما يحقق مصلحة الأمتين العربية والإسلامية.

تهنئة

ومن جانبه، وجَّه الرئيس المصري، التهنئة لخادم الحرمين الشريفين بمناسبة توليه سدة الحكم بالمملكة، متمنيا له كل النجاح والتوفيق، وللمملكة وشعبها كل الخير والاستقرار.

وأكد السيسي أن المرحلة الراهنة والواقع الذي تعيشه منطقتنا العربية يستوجبان تعزيز التعاون لصالح المنطقة بأكملها. وشهدت المباحثات تبادل الرؤى بشأن مستجدات الأوضاع ومختلف القضايا الإقليمية في المنطقة، حيث أشاد السيسي بجهود المملكة ودورها في مساندة مختلف القضايا العربية والإسلامية.

كما تباحث الزعيمان بشأن عددٍ من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ولاسيما فيما يتعلق بتدهور الأوضاع في اليمن وضرورة تداركها، تلافياً لآثارها السلبية على أمن منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر، حيث أعرب السيسي عن تأييد مصر للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وضرورة الحفاظ على السلامة الإقليمية لليمن ووحدة شعبه، وأهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي لعدم السماح بالمساس بأمن البحر الأحمر أو تهديد حركة الملاحة الدولية.

سوريا: الحل السلمي

وعلى الصعيد السوري، أوضح الرئيس أن اهتمام مصر ينصرف إلى الحفاظ على الدولة السورية ذاتها وحماية مؤسساتها من الانهيار، مؤكداً أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة ينهي معاناة الشعب السوري ويحفظ وحدة وسلامة الأراضي السورية ويحول دون امتداد أعمال العنف والإرهاب إلى دول الجوار السوري.

ليبيا: مكافحة الإرهاب

وعلى صعيد الموقف في ليبيا، أكد السيسي أن جهود مكافحة الإرهاب في هذا البلد لا تتعارض مع دعم مصر لجهود المبعوث الأممي لإيجاد حل للأزمة عن طريق الحوار، وشدد على ضرورة وقف إمدادات المال والسلاح للميليشيات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا، وأهمية دعم المؤسسات الليبية الرسمية، وعلى رأسها البرلمان المنتخب والجيش الوطني، بالإضافة إلى مساندة الحل السياسي وصولاً إلى تحقيق الأمن والاستقرار للشعب الليبي.

مجابهة التدخّلات

وشهد اللقاء تأكيداً على أهمية مجابهة جميع محاولات التدخل في الدول العربية أياً كانت مصادرها، وتفويت المحاولات التي تستهدف بث الفرقة والانقسام بين الأشقاء، وذلك حفاظاً على النظام العربي الذي نهدف إلى ترميمه وتقويته في مواجهة محاولات اختراقه وإضعافه، حيث أعرب الزعيمان عن تطابق مواقف البلدين إزاء سبل مواجهة التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، والذي يعد ركيزة أساسية للتضامن العربي.

وأقام خادم الحرمين الشريفين مأدبة غداء تكريماً للرئيس المصري والوفد المرافق له، حضرها الأمير مقرن بن عبد العزيز ولي العهد، والأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد ووزير الداخلية، وعدد من الأمراء وكبار الشخصيات السعودية.

مخالفة البروتوكول

وخالف الملك سلمان قواعد البروتوكول المتبع في السعودية واستقبل السيسي في المطار للترحيب بالرئيس المصري.

وسيلتقي العاهل السعودي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الاثنين.

وكان أردوغان وصل جدة مساء السبت في زيارة الى المملكة تستمر ثلاثة ايام، يبدأها بأداء مناسك العمرة، كما سيقوم بزيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة، ويلتقي خادم الحرمين الشريفين لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين.

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إن الملك سلمان سيبحث مع أردوغان «العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات». وأضافت إن «الرئيس التركي سيؤدي خلال زيارته للمملكة مناسك العمرة كما سيزور المسجد النبوي الشريف».

الرياض وأنقرة

وقالت مصادر مطلعة في الرياض إن أردوغان سيحاول خلال الزيارة تغيير وجهة النظر السعودية تجاه أنقرة، حيث كانت العلاقات بين البلدين توتّرت بسبب دعم أنقرة لجماعة الإخوان التي تعتبرها المملكة منظمة إرهابية. وأضافت المصادر أن الموضوع الإيراني من الموضوعات الرئيسية التي ستجري مناقشتها في لقاء الطرفين بالإضافة إلى الوضع في اليمن.

وكان الرئيس السيسي وصل السبت إلى الرياض، في زيارة رسمية للمملكة السعودية، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في مقدمة مستقبليه بمطار الملك خالد الدولي، بالإضافة إلى الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ولي العهد، والأمير فيصل بن بندر، أمير منطقة الرياض، وسفير مصر لدى المملكة وأعضاء السفارة.

وصرح الناطق الرسمي باِسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، بأنه تمت إقامة مراسم الاستقبال الرسمي وعقدت قمة ثنائية مغلقة تلتها جلسة مباحثات ثنائية موسعة بحضور وفدي البلدين.

خارطة طريق

واعتبر برلمانيون وخبراء سياسيون سعوديون أن القمة السعودية المصرية وضعت خارطة طريق واضحة لمعالجة الأزمات العربية والاقليمية المتفجرة، وصولاً الى مشروع عربي بقيادة السعودية ومصر، لإنقاذ الوضع العربي في ظل الدور السلبي للدول الكبرى التي تلعب لمصالحها الخاصة وتعبث بأمن واستقرار المنطقة.

وأجمعوا في تصريحات لـ«البيان» على أن القمة جاءت في ظل الحراك السياسي العربي والإقليمي الكثيف باتجاه السعودية التي تقود في الوقت الحالي قاطرة العمل السياسي العربي والاقليمي، كما يتكثف النشاط الإقليمي والدولي في مواجهة تنظيم داعش الذي دخلت الحرب ضده منعرجات جديدة مع توسع تهديداته وتواتر جرائمه.

وقال عضو مجلس الشورى السعودي السابق د. محمد آل الزلفة إن الحراك السياسي عالي المستوى متعدد الابعاد والمكثف والمستمر الذي يتم في الرياض وبقيادة مباشرة من خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز يؤكد أننا أمام حدث مهم سوف يضبط المشهد السياسي العربي والاسلامي ويؤثر على الممارسة السياسية الدولية، مشيراً الى أن القراءة المتأنية والعميقة لهذا الحراك يبشر بخير كثير ينصب في مصلحة الامتين العربية والاسلامية.

واضاف ان نجاح الرياض في مهمتها الجديدة التي تحظى باهتمام كبير في واشنطن وغيرها من عواصم الدول الكبرى يعني ان المملكة العربية السعودية ستصبح لاعباً إقليمياً مؤثراً وقوياً على مسرح الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي، وهو مصدر ترحيب وسعادة لكل العالم الاسلامي كونها بلاد الحرمين الشريفين والدولة الاكثر حرصا على مصالح الامة العربية والاسلامية.

مع مصر

وقال «الكل يدرك التأثير السعودي على صنع القرار الدولي، وتذكرون ان الملك عبدالله بن عبد العزيز، رحمه الله، عندما أعلن أن المساس بمصر مساس بالإسلام والعروبة وبالسعودية، وكان من ثمرة هذه الرسائل تغير الموقف الأميركي بشكل مباشر، وخرج أوباما بتصريح قائلاً نتطلع للعمل مع الرئيس الجديد ويقصد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا يعني أن كل من يتدخل في شؤون مصر الداخلية ستقف السعودية له بالمرصاد والمواجهة بكافة السبل الممكنة».

ومن جهته رأى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس د. طلال ضاحي أن القمة السعودية المصرية جاءت في اطار الحراك السعودي لإنقاذ المنطقة، كون المملكة لاعبا اقليميا مؤثرا وقويا على مسرح الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي وتعمل على إنقاذ المنطقة العربية من الانعكاسات المحتملة التي تمثلها صور الأحداث الجارية في بؤر التوتر، لا سيما ما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا من ناحية، ومواجهة التحديات التي تمثلها ظاهرة الإرهاب ومحاولة أصحابها الوصول إلى مختلف البقاع الآمنة في الوطن العربي لاصابة استقرار تلك البقاع في مقتل وتشويه صورة الاسلام من ناحية أخرى.

ومن جهته اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الملك فيصل د. عبد الله بن حسين البلوي أن ما تقوم به القيادة السعودية من حراك سياسي نشط يؤكد أننا أمام حالة بناء حقيقية لاستراتيجية سياسية جديدة للامة العربية والإسلامية تقوم على مبدأ التضامن العربي الاسلامي وتكون هذه الاستراتيجية مفتوحة للجميع ممن يقدم ويعلي شأن الأمة على شأنه الخاص ويبني استراتيجيته الخاصة انطلاقاً من المصالح العامة للأمة العربية والاسلامية، مشيراً الى أن هذه الاستراتيجية ستكون منفتحة على جميع الافكار والمذاهب والثقافات التي سوف ترعى محددات هذه الاستراتيجية ومصالح وثوابت الامة العربية والاسلامية.

حجر الزاوية

ومن ناحيته شدد الباحث والخبير السياسي د. عبد الاله بن حمود الطريقي على أن السعودية استطاعت أن تكون حجر زاوية في السياسة الدولية المعتدلة والهادئة في اتخاذ القرارات السياسية وفي نفس الوقت قدرة كبيرة على التأثير في مجريات الاحداث الدولية، مشيرا الى أن الرياض تتميز بالاعتدال في ممارساتها السياسية الدولية وذلك على الرغم من الاستفزازات المتعددة والمحاولات المتكررة التي تحاول أن تأخذ الرياض باتجاه سياسات وقرارات متسرعة.

وأشار الى الدور السعودي في تخفيف الضغط السياسي الدولي على مصر والذي واجهته من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، حيث استطاعت المملكة وقتها اقناع القيادات الأوروبية بخارطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري آنذاك، والتي توجت بانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر.

واعتبر المحلل السياسي د. حسين بن فهد الأهدل أن زيارة السيسي عكست حالة الوئام الكبيرة بين القيادتين في البلدين، والتي ترجمت بشكل واضح خلال الفترة السابقة، لا سيما في إطار التنسيق السياسي والاقتصادي على مستوى القضايا الدولية والاقليمية، في وقت تشهد المنطقة أحداثاً تستوجب معها استحضار أهمية العمل العربي، والذي يشهد تراجعاً كبيراً على مستوى القضايا الرئيسية في المنطقة، لا سيما القضية الفلسطينية والتي كان لمصر دور أساسي في التعاطي معها.

إضاءة

 

زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى السعودية هي الأحدث في سلسلة من الأنشطة الدبلوماسية المكثفة في الرياض وجاءت عقب محادثات بين الملك سلمان وجميع قادة جيران السعودية من دول الخليج العربية، وكذلك الأردن.

ووصفت المحادثات السعودية المصرية بأنها فرصة للملك الجديد لعقد محادثات مطوّلة مع أقرانه بعد لقاءات أجريت على عجل الشهر الماضي عندما توافدوا على الرياض لتقديم التعازي في وفاة شقيقه الملك عبد الله. وسيزور وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرياض هذا الأسبوع.

Email