عالم اجتماع: فتيات يجدن الانضمام للتطرّف الحل الأمثل للانتقام من ظروف قاسية

«غسيل الدماغ» طريق التنظيم الإرهابي إلى مخادع النساء

ت + ت - الحجم الطبيعي

«ريتويت» عن جهاد النكاح نشرها مؤخّراً وكانت تداولتها مواقع إخباريّة بعنوان: «غرفة خاصة للنكاح الشرعي»، كانت كفيلة باتهام الكاتب والمخرج اللبناني شربل خليل بإثارة النعرات والنيل من الوحدة الوطنية، كونه نشر صورة عبر حسابه على «تويتر» لشابة تغطّي جسدها من الأعلى وتكشف عن ساقيها، أثناء جلوسها على سرير مغطّى بعلم «داعش».

وكانت الصورة التي نشرها خليل أثارت موجة اعتراضات، واستند المعترضون إلى أنّ خليل تعمّد الإساءة من خلال استخدام صورة معدّلة بواسطة «فوتوشوب»، وبعد إعلان دار الفتوى نيّتها مقاضاة خليل، انطلقت حملة تضامنيّة معه على «تويتر»، انضمّ لها إعلاميّون، عدّوا الدعوى عليه أمراً يمسّ بحريّة التعبير، خصوصاً أنّ الصورة المشار إليها كانت تهدف للسخرية من أحد أوجه التطرّف، وليس من الدين.

وتفرض هذه الحادثة وتبعاتها بحسب إجماع مصادر إعلاميّة مناقشة حرية التعبير، لاسيّما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتنبّه من الوقوع في فخّ «داعش» عبر الدفاع عن الجماعات المتطرّفة تحت عباءة حماية الدين الإسلامي، وذلك من بوّابة كون إعادة نشر تغريدة «جهاد النكاح» تقع حكماً ضمن النقد السياسي لا الديني.

أسئلة وهواجس

ومن بوّابة هذه القضية التي تكتسب أبعاداً عدّة، فإنّ اللبنانيين ليسوا بمنأى عن هاجس طرح الأسئلة المتعلّقة بالظاهرة الغريبة التي طفت على سطح الأحداث، عندما انضمّت نساء عديدات من دول عربية وآسيويّة وأوروبيّة كثيرة إلى صفوف «داعش».

ومن هذه الأسئلة المرتبطة بـ«الداعشيّات»: لماذا تهب النساء أنفسهنّ لأعضاء التنظيم؟ كيف يتمّ استقطابهنّ وما هو دورهنّ؟ كيف يتحوّل ذلك الكائن الرومانسي الحالم إلى إنسان شرس يحمل السلاح ويقتل؟ لماذا تنضم نساء أخريات أوروبيات ويتركن الحياة المنعمة المرفهة، للانضمام إلى تنظيم إرهابي يهين المرأة ويغتصبها ويهدر أبسط حقوقها الإنسانيّة؟ كيف تُستغلّ المرأة في هذه التنظيمات؟ وهل يمكن أن تحدث موجات هجرة نسائية عالمية صوب لبنان أيضاً؟.

صورة داعشيات

تكون حياتها عادية، قبل أن يلبسها التطرّف وتظهر بالنقاب الذي ينتهي بها إلى الإرهاب، هذه هي صورة «الداعشيّة»، أما موضوع التبدّل في حياتها، بحسب المختصّ في شؤون الحركات السلفيّة الجهاديّة د. محمد علّوش.

فهو هو نتاج عملية «غسيل دماغ»، ويعزو هذه العملية لفشل السياسات العربيّة والدوليّة في مقاومة جذور التطرّف، وغياب خطاب ديني مستنير واستراتيجيّة دينيّة تنويريّة تقوم على مراجعة عميقة لمنظومة الفكر الديني.

أما ظاهرة «غسل أدمغة ذوات الأصل الأوروبي فتعود برأيه إلى ضعف الثقافة الإسلاميّة لدى هذه الشريحة من الناس، عدا عن ظروفهنّ الاجتماعية والاقتصاديّة، فتُحشى أدمغتهنّ بأفكار تحضّ على القتل والإرهاب.

من جهته، يرى الأخصّائي في علم النفس العيادي والتوجيه العائلي د. جاد حدّاد، أنّ «استخدام حوافز دينيّة وطائفية، عادةً ما يتمّ العمل على الدوافع الخفيّة اللاشعوريّة للانتحاريّات، واستغلال حاجات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وفي أحيان أخرى يلجأ المتطرّفون إلى تجنيد الشبان عبر تخصيص فتيات لهنّ، تحت مسمّى «جهاد النكاح».

أسباب ودوافع

ومن العموميات إلى الخصوصيات، يشير المختصّ في علم الاجتماع د. أنطوان مسرّة إلى أسباب ودوافع عدّة وراء انضمام النساء لـ «داعش»، ومنها: أولاً الشخصية المرتبطة غالباً بالنساء السوريات والعراقيّات، واللواتي يجدْن أن الانضمام الحلّ الأمثل للانتقام من ظروف قاسية تعرّضْن لها.

ثانياً الطائفيّة التي تدفع بعضهنّ للقتال إلى جانب «داعش» من باب الدفاع عن طائفتهن، ثالثاً، الأيديولوجيا التي تتمثل في «الجاذبية» الفكرية الموجودة في الفكر «داعش»، رابعاً الظروف الاجتماعية إذ تواجه العديد من النساء المسلمات في المجتمعات الغربية حالة اغتراب في مجتمعاتهنّ، ما يدفعهنّ إلى السفر للالتحاق بـ «داعش»، لا يشعرْن فيها بأي اغتراب.

دور محوري

يرى بعض المتخصّصين بشؤون الإرهاب، أنّ دور المرأة كعنصر مستقطِب للإرهابيين عبر شبكات التواصل الاجتماعي يُعتبر دوراً محورياً لدى «داعش»، إذ إن المرشّحات للانخراط فيه لا يكون اختيارهنّ محض صدفة، بل وفق الاهتمامات التي يظهرنها، لاسيّما على «فيسبوك.

وبالاستناد إلى الوثيقة التي أصدرها «داعش» أخّيراً، يتضح طبيعة الدور الذي يجب أن تلعبه المرأة في التنظيم من خلال معيشتها اليومية، إذ يشدّد د. نسيب حطيط على ضرورة العمل على تأسيس مقاومة ثقافية في مواجهة منهج التكفير ودعم الحوار الديني والإنساني.

Email