ساجدة الريشاوي أول إرهابية تحاول تنفيذ عمل انتحاري في عمّان

الأردن محصّن من تربّص «التنظيم» بنسائه

ت + ت - الحجم الطبيعي

عرف الأردن مبكّراً استخدام النساء في عمليات إرهابية انتحارية، لكن حالة ليست أردنية وهي وحيدة، عندما حضرت ساجدة الريشاوي شقيقة أحد مؤسّسي «داعش» إلى المملكة من العراق، لتفجّر نفسها في أحد فنادق عمّان، لكنها فشلت.

وبعد عشر سنوات من الحكم على الريشاوي بالإعدام، نفذت الحكومة الحكم بعد ساعات من إعلان «داعش» قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً، بعد مفاوضات قالت الحكومة الأردنية إنّ «داعش» أراد من خلال خداعها باسترجاع الريشاوي دون تحديد مصير الطيار الكساسبة، الذي ظهر لاحقاً أنه كان قتل بالفعل.

ويقول الخبير في حركات التيّار السلفي الجهادي، حسن أبو هنية: «كان استخدام «داعش» للنساء مبكّراً، لكن على مراحل، بعد أن تدرّج التنظيم في استخدام نسائه في عمليات قتالية».

مبيّناً أنّ «المجتمع الأردني يعتبر محصّناً إلى حد بعيد عن قدرة «داعش» في اصطياد نساء أردنيات للالتحاق بصفوفه، موضحاً أنّ «السلطات الأردنية تنبّهت مبكراً لهذه المسألة، بدليل أنه حتى الآن حالة واحدة لأردنية التحقت بالتنظيم الإرهابي».

معبّد طريق

وكشف عن أنّ مؤسّس تنظيم داعش الأردني أحمد فضيل الخلايلة، الملقب بـ«أبو مصعب الزرقاوي»، الذي كان في حينه زعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق، أول من أشرك النساء في عملياته القتالية، بعد تردد، لكنه عاد وبات عرفاً، بعد أن أنشـأ كتيبة الاستشهاديات اللاتي استخدمن في المعارك.

وعلى الرغم من أنّ الطائرات الأميركية قتلت الزرقاوي في عملية معقّدة، لكن نهجه استمر في استخدام النساء بين عناصر التنظيم، حتى يبدو واضحاً اليوم تسيير «داعش» في شوارع الرقة لدوريات نسوية تستخدمهن للتعامل مع العناصر النسائية هناك.

جناح نسائي

ولاحقاً، شكّلت «داعش» أول جناح نسائي في الرقة، أطلقت عليه اسم «كتيبة الخنساء»، فيما اليوم لدى «داعش» مئات المقاتلات الجاهزات لتفجير أنفسهن في كتائب خاصة، بعد أن جرى تأسيس جناح النسائي لتنظيم «داعش». وأضاف أبو هنية، أنّ «الجدل بين تيّارات التنظيم حيال إشراك النساء في العمل المسلّح، أفضى لصالح تأسيس جناح النسائي مسلح يعمل اليوم بموازاة الرجال».

مشكلة لم تظهر

ويقول أبو هنية إنّ «فكر «داعش» ليس إنتاجاً للفقه الإسلامي أو الموروث الفكري، فذلك فيه ظلم شديد لهذا التراث العريض والكبير والمتنوّع، بل نتاج عدم ترسيخ وتجذير ماكينة الاجتهاد والتجديد الفقهي المعاصر».

مضيفاً أنّ «ما يدعو للتوقف عنده ليس كل هذا وحسب، بل في المآل الذي ستنتهي إليه الأمور عندما يدخل «داعش» مناطق مدنية بعيدة عن الصبغة العشائرية، وهل ستعيد تجربة القاعدة في أفغانستان، عندما فرضت فكرها على المجتمع.

وأوضح أنّ «مشكلة «داعش» لم تظهر بعد، مشيراً إلى أنّ «داعش» حتى الآن ما زالت تحكم في المناطق المحافظة العشائرية، وهو ما يسمح لها بتطبيق أفكارها على المجتمع، لكن ما الذي ستفعله مثلاً لو دخلت دمشق؟».

مردفاً: «هذا يوضح كيف تكون عليه المجتمعات المدنية، والانفتاح الذي يفرضه إيقاع الحياة فيها، ومن هنا، سيكون على «داعش» الاصطدام مع المجتمع المدني، وهذا سيفرض مشهداً لم يعتد عليه من قبل».

تغيّر رؤية

بدوره، أكّد الخبير في الحركات الإرهابية، مروان شحادة، أنّ «نظرة المتطرّفين للمرأة لا تختلف عن النظرة المحافظة، إذ إنّها تحيلها في دائرة من الهالة والقداسة، ترتبط معها بالحفاظ على العرض، ما أدى إلى أن يقتصر عمل النساء على الأعمال الإغاثية والإنسانية والصحية والاجتماعية».

لافتاً إلى أنّه «وبعد أحداث 11 سبتمبر في أميركا، وفي ظل المطاردة الأمنية والحرب على الإرهاب والملاحقات الأمنية للرجال، بدأ تنظيم القاعدة وحركات متطرّفة أخرى تعتمد على المرأة، بهدف تجنّب المراقبة الأمنية وتوفير تعمية لاستخدام النساء».

وأشار شحادة إلى أنّ «أول من استخدم المرأة في عملية قتالية، هم الشيشان، في هجمات النساء الشيشانيات على المسرح الروسي، بعد أن قامت المرأة بتفخيخ المسرح الروسي، وهذه الحادثة شكلت نقلة نوعية، فبدأت «القاعدة» في العراق لاحقاً باستخدام النساء بعمليات واسعة، وهذا ما كان في تفجيرات عمّان».

كتائب نساء

من جهته، قال الخبير في الحركات الحركات الإسلامية أسامة شحادة، إنّ «هناك كتيبة خاصة يقال إنّ التحالف الدولي استهدفها، وهي كتيبة الخنساء، وقتلت في العملية 36 امرأة من كتيبة النساء التابعة لـ «داعش».

وردّاً على سؤال حول التحدّيات الأمنية المفروضة على الدولة من استخدام «داعش» للمرأة، أبان أنّ «للمرأة مكانة اجتماعية كبيرة عند العشائر، وهذا يشكّل تحدياً أمنياً كبيراً، فكيف سيجري فرز النوعين، المرأة البريئة والمرأة الإرهابية»، لافتاً إلى «ما جرى قبل أيام، من التحاق ثلاث مراهقات بـ «داعش»، وأنّ أعمارهن لا يتجاوز الـ 16، وكنّ متفوقات، وكن مسلمات، لكنهن لا يلسن الحجاب، ثمّ اختفين داخل سوريا».

وأوضح شحادة أنّ «المرأة في الحركات المتطرّفة، لا سيّما المرأة الأوروبية، باتت تعمل في الحملات الإعلامية وفي المونتاج والإخراج، مثلها مثل الرجل».

تقليد

يرى مراقبون أنّ «هناك تقليداً داخل السلفية الجهادية باستخدام النساء أولاً للأعمال الخيرية والإنسانية، ثمّ تطور الأمر لتتحوّل هذه الأعمال للراغبات من النساء إلى أعمال قتالية، لكن ليس كما الرجال، أو جنباً إلى جنب تقاتل مع الرجل.

وإنما بصورة منفردة، عبر أسلوب ما تسميه «داعش» الانغماس، أي الانتحاري الذي ينغمس في صفوف الجهة الأخرى، ويفجر نفسه، وهو أسلوب لم يقتصر على الرجال في داعش، بل استخدمته نساء «داعش» أيضاً.

Email