«البيان» تتابع أوضاعهم

النازحون الليبيون إلى تونس تحت وطأة المعاناة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حي النصر الراقي أو في حي المنار الأول بتونس العاصمة، يخيّل إليك أنك في حي الأندلس أو في شارع عمر المختار بطرابلس، فلوحات السيارات في أغلبها ليبية، بعضها يحمل اسم «ليبيا» والبعض الآخر لا يزال مرتبطاً باسم «الجماهيرية».

أحد التونسيين على موقع التواصل الاجتماعي دعا ساخراً «شقيقاً ليبياً أن يصف له مطعماً جيداً في تونس»، أي أن الليبيين باتوا أكثر من التاونسيين معرفة بأحياء تونس ومطاعمها.

في أحد مقاهي حي النصر، كان كل المرتادين من الليبيين. يؤكد النادل عبدالقادر (36 عاماً): « نادراً ما نرى تونسياً.. الليبيون هنا من كل المناطق والقبائل، بعضهم لا يزال مؤيداً للقذافي، والبعض الآخر مع ثورة فبراير، المشهد الآن يختلف فالبعض مع حفتر والبعض الآخر مع ميلشيات مصراتة».

مفاتيح 7 شقق

يقول محمد علي، وهو شاب تونسي يحترف السمسرة في مجال الإيجار السكني: « لدي مفاتيح سبع شقق في حيي المنار الأول والمنار الثاني، مهمتي أن أصطاد الوافدين الليبيين الطارئين لأوجّر لهم شققاً بمقابل يصل إلى مئة دولار عن الليلة الواحدة، وأحياناً أقل»، يضيف: «الأسر الليبية عادة لا تميل إلى الإقامة في الفنادق، ثم إن شقة بمئة دولار لليلة أفضل لأية أسرة من مجموعة غرف في فندق بثمن يصل إلى أضعاف إيجار الشقة».

بالمقابل يؤكد محمود الورفلي (48 عاماً) «الوضع في طرابلس لا يحتمل، ميلشيات الدروع وغرفة ثوار ليبيا هجّرتنا من مساكننا، قوى الإسلام السياسي تحاول السيطرة على طرابلس لأهداف سياسية، والحياة لم تعد ممكنة، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا غاز ولا سيولة مالية ولا مواد تموينية في الأسواق ولا أمن، بعت مصاغ زوجتي وجئنا إلى تونس، هنا كل شيء مرتفع الثمن، والليبيون يتعرضون للابتزاز وخصوصاً من حيث الإيجار».

معاناة

ويعاني هؤلاء المهجرون من الحاجة، حتى إن بعض النساء الليبيات اضطررن للعمل في حقول أو بيوت التونسيين، الأمر الذي وصفه أحد المهجرّين بـ «العار» وقال: «يلتجئ موظفون وضباط ليبيون سابقون إلى العمل في المزارع أو ممارسة أي عمل موسمي أو وقتي، فأغلبنا من الفقراء.

وممن كانوا يعيشون برواتبهم في بلادهم قبل أن يضطروا إلى اللجوء لتونس، أما أثرياء العهد السابق ولصوصه وفاسدوه فقد هاجروا إلى دول أخرى أو يقيمون في أحياء راقية بتونس العاصمة أو في منتجعات سياحية».

احتياطات أمنية

ولا تخفى أجهزة الأمن التونسية خشيتها من تسرب الإرهابيين عبر الحدود وتسللهم بين الفارين من المعارك، حيث تم توجيه تعزيزات عسكرية وأمنية إلى منطقة الحدود المشتركة مع ليبيا، وتشديد الرقابة على المعبرين الحدوديين راس جدير وذهيبة.

وأكد الخبير الأمني التونسي نور الدين النيفر لـ «البيان» أن نزوح الليبيين إلى تونس له تداعيات سلبية، باعتبار أن الموجة الإقليمية ستنتقل عبر الهجرة اللاشرعية من تونس إلى إيطاليا ومنها إلى أوروبا.

وأكد أن هناك عدداً من الليبيين والتونسيين المندسين والعائدين من سوريا ومن مالي.

تضارب في الأرقام

يبلغ عدد الليبيين في تونس أكثر من مليون نسمة، وقالت المديرة العامة للتجارة الداخلية في تونس فاتن بلهادي، إن بلادها سجلت دخول أكثر من 110 آلاف ليبي عبر الحدود البرية من يوليو إلى أغسطس الحالي، في حين كان وزير الخارجية التونسي منجي الحامدي أعلن سابقاً أن عدد الليبيين في تونس يصل إلى مليون و900 ألف.

Email