عام على فض «رابعة» و« النهضة».. حقائق جديدة تكشفها «البيان» 2-3

«الإخوان» استخدم طائرات موجهة وتنكر بزي الشرطة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد عام على نجاح أجهزة الأمن المصرية في فض اعتصامات جماعة وأنصار الإخوان المسلمين في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، تسعى الدولة المصرية إلى فتح صفحات جديدة نحو مستقبل مشرق. هذا المسعى لا بد وأن تتصدره تساؤلات مهمة حول مستقبل جماعة الإخوان ومكانتها على الساحة السياسية. وقد حاولنا الحصول على إجابات لهذه الأسئلة المشروعة من خلال عدد من المفكرين والسياسيين والخبراء الذين كشفوا أيضا عن مزيد من المعلومات والحقائق عن تلك الحقبة التي مثلت بالفعل تحديا خطيرا للدولة المصرية.

وفي الحلقة الثانية، نواصل محاولة فتح «الصندوق الأسود» لاعتصامي رابعة والنهضة من خلال خبراء تابعوا عن كثب تلك الفترة، حيث ظهرت حقائق جديدة لأول مرة من تدبير «مكتب الحرب» التابع للتنظيم، ومن بينها استخدامه طائرات موجهة لاسلكياً في التخطيط لاستهداف أماكن حيوية، ونشر مجموعات بزي الشرطة يُعتقد أنه كان لها الدور الأبرز في عمليات القتل التي حدثت قبل وبعد فض الاعتصام بين قوات الأمن والشرطة والمتظاهرين، كما كشف الخبراء عن دخول عناصر غير مصرية إلى اعتصام رابعة قبل فضّها إضافة إلى وجود جثث متفسخة كانت مخفية تحت منصة الاعتصام.

ويقول خبير الشؤون السياسية والأمن القومي المصري اللواء خالد مطاوع: إن التخطيط للاعتصام بدأ منذ أوائل شهر يونيو 2013 كإحدى الوسائل المقترحة للتعامل مع فعاليات حركة «تمرد» التي جمعت استمارات وقع عليها ما يزيد على 22 مليون مصري من جميع المحافظات. وأشار مطاوع إلى دور اللقاءات المتعددة التي عقدتها السفيرة الأميركية في ذلك الوقت مع القيادي الاخواني خيرت الشاطر بصفته العنصر الفاعل في تصعيد الأمر، والذي أكد خلالها أن التنظيم قادر على مواجهة أي موقف يؤثر في استمراره في الحكم، كما كانت الخطة التي يرجح أنه تم إعدادها بواسطة «مكتب الحرب» لقيادات مكتب الإرشاد لمواجهة هذا الموقف بوجود الجماهير في الشوارع.

3 محاور

وأضاف اللواء مطاوع أن الخطة كانت تعتمد على ثلاثة محاور: الأول هو التمركز في ميادين محورية تمكنهم من تجميع أكبر عدد من أنصارهم لإظهار وجود كتلة داعمة تفوق في العدد أي كتلة تابعة لحركة «تمرد» أو ما كان يطلق عليه جبهة الإنقاذ. والمحور الثاني يعتمد على تسخير أجهزة إعلام الدولة لنقل بث حي يوضح حجم الحشود المؤيدة للإخوان. وكلف لإدارة هذا المحور المستشار الإعلامي لمحمد مرسي ويدعى محمد عبد العزيز والذي كلف بالتواجد بمبنى الإذاعة والتلفاز في ماسبيرو لتكون وسائل إعلام الدولة ناقلة لفعاليات التنظيم أمام المتوقع من وسائل وقنوات الإعلام المعارضة لـ«الإخوان» ولتصوير أن ما يحدث على أنه ما هو إلا فوضى.

زي الشرطة

ويضيف الخبير الأمني أن المحور الثالث، والذي اضطلعت به مجموعة من قيادات الصف الأول وخصوصا قائد التنظيم المسلح وزير الشباب في ذلك الوقت أسامة ياسين والذي أعد مخططات المواجهة المباشرة مع التجمعات المعارضة للإخوان، انطلاقا من «رابعة» كمركز لمواجهة التجمعات في الاتحادية وأي حركة انتقال من التحرير إلى الاتحادية مع اختيار أماكن تمركز لعناصر هجومية بمسارات السير من التحرير إلى الاتحادية، بالإضافة لنشر مجموعات بزي شرطي لإحداث وقيعة مرة أخرى بين الشرطة والشعب وكذلك القوات المسلحة.

وأضاف مطاوع أنه مع بداية 30 يونيو وصدور قرار المهلة التي فرضتها القوات المسلحة أدركت الجماعة أنها أصبحت خارج السلطة، وأنها لن تتمكن من تنفيذ مخططاتها بسبب وعي واستعداد أجهزة الدولة بالكامل لكل ما كانت تخطط له من عمليات هدامة. وبالتالي، وجدت الجماعة أن الحل يكمن في فرض شرعية موازية لأي شرعية تتمخض عنها ثورة 30 يونيو وهذا بالفعل ما روجت له الجماعة وما أصرت على إبرازه وإظهاره أمام الرأي العام العالمي، والذي عملت الجماعة على توصيله لأي مبعوث أممي أو أجنبي يتدخل في هذا الشأن، وبالتالي – بحسب مطاوع- كانت هناك نوع من الاستماتة في إيجاد شرعية تستند على تجمهرات متكتلة في مناطق جغرافية متعددة.

رابعة والنهضة

وحول سبب اختيار الجماعة لميداني «النهضة» و«رابعة»، قال مطاوع: إن الأمر انتهى إلى اختيارهما كأكبر مناطق أو نقاط تمثل كتلا حرجة يصعب اختراقها أو فضها والعمل على تقويتها لتكون نقاطا حصينة تمثل تهديدا مباشرا ومستمرا للوضع الراهن في الشارع المصري، إلى جانب قربهما من الأماكن الحيوية والسيادية في محاولة لاختراقها، ومراعاة اختيار نقاط تسمح بوصول دعم بشري من محافظات الشرقية و القليوبية والسويس على أطراف شرق القاهرة مع اختيار نقطة اعتصام النهضة لتسمح بتوافد التابعين من الجيزة والصف والفيوم ومحافظات الصعيد.

وأوضح ان الأمر تطور بعد تحديد إقامة مرسي في مكان غير معلوم عقب الخطابين اللذين لم يخرج نصهما عن التهديد والوعيد وتوسيع دائرة مناطق هذه الاعتصامات، وهو ما حاولت مجموعات التنظيم الإرهابي تنفيذه في أحداث الحرس الجمهوري والمنصة للسيطرة على محاور مرورية محورية تصيب الدولة والعاصمة على وجه التحديد بشلل ونقل الأسلحة في سيارات الأطعمة في شهر رمضان.

طائرات وعبوات

وأشار مطاوع إلى نقطة في غاية الخطورة وهي أن «الجماعة أمعنت في إجراءاتها لتأمين مناطق تلك الاعتصامات إلى الحد الذي تصورت انه بإمكانها استخدام الطائرات الموجهة لاسلكيا سواء في تصوير بعض الأماكن الحيوية والتخطيط لاستهدافها بواسطة هذه الطائرات بعد تجهيزها بعبوات ناسفة».

ورأى أن بعض قيادات الجماعة أيقنت أنها لن تتمكن من الاستمرار في التقوقع في هذا الاعتصام والذي أصبح كمنطقة احتجاز لهم وأن عليهم الخروج من هذه الدائرة ومنهم من أدرك ذلك مبكرا مثل محمود عزت الذي هرب إلى قطاع غزة، وتوالت عمليات الخروج من دائرة هذه الاعتصامات مثل عاصم عبد الماجد والشاطر وغيرهما من قيادات الجماعة، مثلما نجح طارق الزمر وخالد الشريف أحد القيادات التاريخية للجماعة الإسلامية في الهروب، قبل أن يتم الفض بأقل الخسائر.

كشف المتلونين

ويرى مطاوع أن أما ابرز ما تحقق من نتائج لم تكن الجماعة ومن تحالف معها علانية وسرا يتوقعها أن عملية الإعداد لفض الاعتصام وتنفيذ العملية أحرقت الكثير من المتلونين وأعمدة الطابور الخامس، وهم كل من رفض عملية فض الاعتصام والترويج على انه اعتصام سلمي. كما أن تفاعل الإخوان مع عملية الفض بالمواجهة وعمليات الحرق تثبت بالدليل القاطع أنهم يتبعون المنهج التكفيري الذي يجنح في عمليات المواجهة إلى إحداث أكبر حجم من الخسائر حتى لو كانت في صفوفهم.

عناصر أجنبية

أما مدير مركز الجمهورية للدراسات الأمنية والإستراتيجية اللواء سامح سيف اليزل، فيقول إنه خلال فترة اعتصام رابعة ثبت بالدليل القاطع دخول بعض عناصر غير مصرية لزيارة المكان والتحدث مع قيادات الجماعة داخل «رابعة» ثم الخروج من داخل «رابعة» إلى خارج القاهرة. ويقول اليزل إن هذه الزيارة تكررت عدة مرات وفهم منهم أنها كانت لـ«المشورة والإجابة عن أسئلة تشغل الجماعة، كما يثبت دخول أسلحة وذخائر في سيارات نقل الأغذية والمؤن وتخزينها داخل منطقة الاعتصام وبعض الشقق المحيطة والمجاورة في المنطقة والتي استأجرها قيادات الإخوان لتسهيل تحركاتهم والتخطيط للعمليات». واكد أن العديد من هذه الأسلحة استخدم ضد قوات الشرطة أثناء فض عملية الاعتصام.

وأضاف اليزل أن التعليمات التي صدرت من قيادات قوات الشرطة إلى الوحدات المشتركة في فض اعتصامي رابعة والنهضة كانت تنص بوضوح التعليمات بعدم استخدام العنف وإطلاق النيران بأنواعها إلا في حالة الدفاع عن النفس والرد على إطلاق النيران من الطرف الآخر. كما نصت التعليمات على أن نبدأ العملية بإطلاق محدثات الصوت تزعج الموجودين ويغادر المكان إلا أن المعتصمين رفضوا الخروج بناء على تعليمات قيادات الاعتصام داخل رابعة والنهضة.

تحت المنصّة

وأشار اللواء سامح إلى أنه وقبل البدء في استخدام القنابل المسيلة للدموع كمرحلة ثالثة لفض الاعتصام، «إلا أنها فوجئت بإطلاق الرصاص وقتلت الشهيد الأول برتبة ملازم أول من قوات الشرطة بعد 15 دقيقة من بدء العملية واضطرت القوات على الرد». وأوضح أن الخطة كانت أيضا تسمح بحصار رابعة من ثلاثة جوانب وترك الجانب الرابع أو الممر الآمن ليخرج المعتصمون من دون ملاحقة أمنية من الشرطة، وهذا ما حدث مع آلاف من المعتصمين. ولفت إلى أنه بعد دخول القوات إلى «رابعة» عثر على عدد من الجثث مكفنة أسفل منصة رابعة تفوح منها رائحة الموت نتيجة تكفينها منذ عدة أيام، والمرجح أن تلك الجثث لشخصيات تم القبض عليها بمعرفة جماعة الإخوان وتم التخلص منهم نتيجة عدم الرضوخ للضغوط الواقعة عليهم.

وأكد أن هناك تمويلا داخليا من بعض رجال الأعمال التابعين للجماعة غير معروفين للجهات الأمنية يمولون نشاطها. وأضاف: إنني لا أستبعد تورط مخابرات أجنبية في دعم قيادات الإرهابية، بالإضافة إلى التخطيط الاستراتيجي لهم في اختيار رابعة والنهضة مكانين للاعتصام.

فرقعة إعلامية

من جهته، يرى مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء مجدي البسيوني أن أي متابع للأحداث منذ 14 أغسطس يوم فض اعتصام «رابعة» وما لحق بالجماعة الإرهابية وحلفائها من فشل في كل التغيرات للأساليب الإجرامية التي قاموا بها، بدءا من الاغتيالات والتفجيرات وتخريب الجامعات وعقول الطلاب والتظاهرات وحرق سيارات وحرق الأكمنة، نجد أن هذه الأساليب في تراجع وأنهم دأبوا على بث التهديدات في كل مناسبة تسجل إحباط مخططاتهم مثل 30 يونيو و3 يوليو، وعيد الفطر وكلها انتهت أنها مجرد فرقعة أو الدليل على ذلك في غضون شهر مايو تقريبا، هددوا باقتحام السجون وأقسام الشرطة واحتلال الميادين ولم يحدث شيء، منها أيضا فض الاعتصام وظلوا على ذلك الدرب من بث التهديدات، وهي مجرد فرقعة واثبات وجود وسط توقعات بتفجير بعض العبوات.

وأكد بسيوني أن الأمن يلاحق هذه الجماعة كل يوم تتساقط خلاياهم الإرهابية في المعادي التي تثير الرعب بتخريب أبراج الكهرباء لإعاشة المصرين في ظلام.

ورأى بسيوني أن القضاء على تلك العمليات يتم من خلال ضرب التمويل الخارجي، فالتنظيم العالمي موجود للوفاء بالعقد العرفي المبرم بين جماعة الإخوان وقطر وتركيا لإمدادهم بالأموال.

لفظ

يقول اللواء سامح سيف اليزل: إن الجماعة لن تقوم لهم قائمة جديدة أو القيام يمثل أن يقوم تجميع حشود أو التظاهر بها خلال الفترة المقبلة حيث إن قيادات من الصف الرابع الجديد على خلاف بينهم في التعامل مع الدولة، خاصة أن جموع المصريين باتت تلفظهم تماما ولا تقبل بتصرفاتهم.

 

ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة

Email