التداعيات تصل إلى طرابلس وهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة

جيش لبنان يتقدم بـ«السيف المسلط» لاستعادة عرسال

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 

لليوم الخامس على التوالي، لا يزال الجيش اللبناني يخوض معركة «السيف المسلط» ضدّ المسلّحين، في منطقة عرسال الحدوديّة، الذين هاجموا بعض مواقعه السبت الفائت، ووافق على هدنة إنسانية لمدة 24 ساعة اعتباراً من مساء أمس، بالتزامن مع وساطة من هيئة علماء المسلمين تسعى لإخراجهم من البلدة بأقل الخسائر الممكنة.

واستمرت معركة «السيف المسلط» التي أطلقها الجيش اللبناني ضد المسلحين لليوم الخامس على التوالي، طوال يوم أمس قبل موافقة الجيش اللبناني على هدنة 24 ساعة بدأت السابعة من مساء أمس لأسباب إنسانية، في وقت قتل جنديان لبنانيان خلال معارك الليلة قبل الماضية، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

وطوق الجيش معظم التلال على سلسلة الجبال الشرقية في جرود عرسال في منطقة وادي العيان ووادي عطا لتضييق الخناق على المسلحين من ناحية الجرد وشرقي البلدة، ومن ناحية المهنية غربي البلدة، معلناً في بيان أنه يخوض معارك ضارية في منطقة جرود عرسال ضد مجموعات مسلحة على أكثر من محور.

وأشار الجيش اللبناني إلى تعزيزه مواقعه العسكرية الأمامية، وتأمين ربطها ببعضها البعض إلى جانب مطاردته المجموعات المسلحة التي تستهدف العسكريين والمدنيين في البلدة.

وكان وفد من هيئة علماء المسلمين تعرض لإطلاق نار أدى إلى إصابة الشيخ سالم الرافعي، واثنين آخرين خلال توجههم فجر أمس، إلى عرسال لإجراء مفاوضات.

توتر في طرابلس

وفي سياق متصل أدى انتشار خبر تعرض وفد هيئة علماء المسلمين لإطلاق نار في عرسال إلى توتر الأوضاع الأمنية في مدينة طرابلس شمالاً وحصول اشتباكات بين وحدات الجيش المنتشرة عند مداخل التبانة وبين مسلحين ملثمين، أدت إلى مقتل طفلة في الثانية عشرة من عمرها وجرح ثمانية مدنيين.

وكانت وحدات الجيش تعرضت لإطلاق نار أدى إلى إصابة آلية عند مدخل سوق الخضار، كما أصيب ثمانية عسكريين صباح أمس، إثر إطلاق نار على باص كان يقلهم.

وأشارت الوكالة الوطنية للإعلام إلى أن الطرقات لا تزال مقطوعة عند مداخل التبانة لا سيما عند الطريق العام الذي يربط طرابلس بمنطقة عكار.

تقدم للجيش

وخلال الساعات الماضية، وسّعت وحدات الجيش من دائرة مطاردتها للمسلّحين الإرهابيين في عرسال، لتستعيد مواقعها. وبحسب قول مصادر أمنيّة لـ«البيان»، ألحق التقدّم الميداني الذي حقّقته وحدات الجيش خسائر فادحة في صفوف الإرهابيين، لتظهر جثثهم ممدّدة في أرض المواقع التي دخل إليها الجيش داخل عرسال.

وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة لـ«البيان» أن الاتصالات ناشطة على أكثر من صعيد، بهدف حصر النيران في عرسال وعدم امتدادها إلى مناطق أخرى، خاصة في الشمال، تجنباً لاندلاع الفتن، التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة، كما أشارت إلى أن المعركة ستشتد بعد خروج أهالي عرسال من بلدتهم، حيث وضعت الخطط للحسم ميدانياً، ولو تأخرت العملية، ما لم تنجح المفاوضات بإخراج المسلّحين من عرسال.

الحاجة للسلاح

في غضون ذلك، طالب قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي أمس، بالإسراع في تزويد الجيش بالأسلحة الفرنسية، محذراً من خطورة الوضع في عرسال.

وقال قهوجي، إن هذه المعركة تستلزم معدات وآليات وتقنيات يفتقد إليها الجيش اللبناني حاضاً على ضرورة الإسراع في تزويده المساعدات العسكرية اللازمة.

وفي رد فعل على تصريحات قهوجي، أبدت فرنسا استعدادها «لكي تلبي سريعاً احتياجات لبنان» من الأسلحة.

وقال مساعد الناطق باسم الخارجية الفرنسية فنسان فلورياني «نحن على اتصال وثيق مع شركائنا من أجل تلبية احتياجات لبنان سريعاً»، مضيفاً أن «فرنسا ملتزمة بالكامل بدعم الجيش اللبناني».

حزمة لاءات

وفي شق المتابعات السياسية- الأمنية لوقف حرب عرسال، زوّد الجيش «سعاة الخير» الذين طرقوا بابه بجملة لاءات: لا للتفاوض مع الإرهابيين، لا لإعطائهم أي أعذار تخفيفيّة، ولا لبقاء الوجود المسلّح الإرهابي الغريب في عرسال.

وبيّنت معطيات الساعات الأخيرة أن ثمّة أغلبية عرسالية رافضة للجماعات الإرهابية المسلّحة، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، من خلال منعهم من مغادرة عرسال، حيث يتمّ التعرّض لأي فرد أو عائلة تحاول الخروج، حتى لا يتم إفراغ البلدة من المدنيين بشكل يسهّل اقتحامها، أو حصارها لاحقاً، خصوصاً بعدما تمّ تداول فكرة إقامة ممرّ إنساني لتأمين خروج كل المدنيين من أبناء عرسال إلى القرى المجاورة. وفي حين أحكمت وحدات الجيش سيطرتها على التلال المشرفة على مسرح العمليات في منطقة عرسال، بحسب المعلومات التي توافرت لـ«البيان»، تجدر الإشارة إلى أن إمكان الدخول إلى بلدة عرسال بوضعها الراهن لتنظيفها من المسلّحين أمر معقد للغاية ودونه مخاطر كثيرة.

مجلس الأمن

وفي المواقف تواصلت الإدانات الدولية على أحداث عرسال، وفي بيان رئاسي صدر بإجماع أعضاء مجلس الأمن الـ15، جدّد دعمه الكامل للحكومة اللبنانية، مطالباً مجلس النواب اللبناني بـ«العمل على أن تجري الانتخابات الرئاسية من دون مزيد من التأخير». من جهته، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن التضامن الكامل للجامعة مع الجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش اللبناني لمواجهة «اعتداءات المجموعات الإرهابية والتكفيرية» في بلدة عرسال، مؤكداً ثقته الكاملة بـ«متانة اللحمة الوطنية اللبنانية، وقدرتها على ردّ أيّ اعتداء إرهابي يستهدف السيادة اللبنانية والتماسك الأهلي».

مظلة الاستقرار

بحسب مصادر مراقبة، بيّنت الأحداث التي مرّت على عرسال وشرقي لبنان مجدّداً رسوخ مظلّة الاستقرار اللبناني وثباتها، بإجماع إقليمي ودولي نادر، من السعودية التي قالت بلسان سفيرها في بيروت كلاماً واضحاً دعماً للاستقرار والأمن في لبنان، مروراً بطهران وباريس والاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول التي أعلنت تضامنها مع لبنان في مواجهة الإرهاب. وذلك، من دون إغفال الموقف الأميركي الذي كان سبّاقاً في تبنّي المؤسسة العسكرية وإبداء الاستعداد لتقديم الدعم لها. البيان

Email