تهنئة أوباما تفتح الطريق

تغيّر استراتيجيات التعامل الأميركي مع مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعادت المحادثة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل أيام، وهنأ فيها نظيره المصري عبد الفتاح السيسي بتنصيبه بالرئاسة، الحديث مجددًا عن طبيعة العلاقات بين مصر وأميركا خلال الفترة المقبلة، لاسيّما وأنّها المكالمة الأولى بين الرئيسين عقب أيام قلائل من وصول السيسي إلى سُدة الحكم، فيما يثور التساؤل حول إمكانية عودة العلاقات مرة أخرى بين البلدين؟

ويلفت محلّلون إلى أنّه «وعلى الرغم من أنّ أميركا لم تطلق وصفاً آخر على «ثورة 30 يونيو»، إلّا أنّها ظلت لعام كامل تدعم نظام جماعة الإخوان المسلمين حتى فاز السيسي بالرئاسة وقلب الطاولة على الجميع لتبدأ أميركا تغير من استراتيجيتها العدائية إلى المهادنة، الأمر الذي بدا واضحًا في حديث أوباما وتأكيده للسيسي التزام بلاده بالشراكة الاستراتيجية مع مصر».

دعم أميركي

وشدّد باراك أوباما الذي لم يحضر حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، على استمرار دعم الولايات المتحدة للطموحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري وعلى احترام حقوقه العالمية، في وقت تتزايد الضغوط على أوباما من قبل بعض أفراد إدارته بتنفيذ الوعد الذي قطعه على نفسه أمام الرأي العام العالمي، بألّا يستمر في دعم جماعة الإخوان الإرهابية، حتى لا يضع نفسه في حرج أمام الرأي العام ويخسر علاقته بأكبر دولة في الشرق الأوسط، ممثلة في مصر وشعبها.

استيعاب درس

وأكّد مراقبون أنّ «تصريحات أوباما لنظيره السيسي في المكالمة الهاتفية تشير إلى أنّ أميركا بدأت في التخلّي عن جماعة الإخوان الإرهابية، بعد أن استوعبت الدرس وأدركت أنّه لا طائل من وراء استمرار دعم الجماعة ومكتب الإرشاد»، لاسيّما بعد استكمال مصر مرحلتي الدستور والانتخابات الرئاسية ضمن «خريطة الطريق»، وبالتالي أدركت أنّ عليها اتخاذ عدة خطوات للوراء، بما يتلاءم والعقلية الجديدة التي تحكم مصر.

فصل جديد

وذهب آخرون إلى أنّ العلاقات «الأميركية - المصرية» ستدخل في فصل مهم وجديد من نوعه، لاسيمًا أنّ محادثة أوباما للسيسي حملت معاني بعيدة جدًا ورسائل على كافة المستويات، لعل أبرزها اعتراف إدارة أوباما الواضح بـ «ثورة 30 يونيو»، كما تبعث رسالة إلى جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي أنّ أميركا تخلّت عن دعمها لها، فضلاً عن توجيه رسالة أخرى لكل الدول التي ناصبت مصر العداء خلال الفترة المقبلة وهي قطر وتركيا وإيران للكف عن سياستهم في مناهضة النظام القائم في مصر.

صدى رسالة

ويبدو أنّ رسالة الرئيس الأميركي باراك أوباما حقّقت صدى كبيرا في المنطقة، الأمر الذي اتضح جليًّا في مبادرة الرئيس التركي عبد الله جول بتهنئة نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على الفوز بالرئاسة في برقية، بعد أن أدرك أنّه سيخسر الكثير من الحلفاء في المنطقة حال استمرار السياسات العدائية ضد مصر، وعلى رأس تلك الخسائر العلاقات التركية بالخليج العربي، فضلاً عن المكاسب الاقتصادية بين مصر وتركيا.

تأخّر مهاتفة

بدوره، أكّد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة د. حسن نافعة في تصريحات لـ«البيان»، أنّ «المحادثة الأخيرة التي هنأ فيها أوباما الرئيس السيسي، هو إجراء بروتوكولي»، لافتاً إلى أنّ «المكالمة تأخّرت إذ إنّ الرئيس الأميركي لم يقدم على التهنئة إلّا بعد عدة مشاورات، بعد الإدراك أنّ هناك نظاما جديداً ومختلفا».وأبان نافعة أنّ «العلاقات لا تزال متوتّرة ويشوبها القلق، ولن تتحسن في القريب العاجل»، منوهًا إلى أنّ «تحسن العلاقات بشكل كبير بين البلدين ستتوقّف على قدرة مصر في إعادة بناء مؤسساتها، وإقامة علاقات مع كبرى دول العالم، الأمر الذي سيجبر أميركا على التعامل مع مصر من منطلق الندّية».

Email