الطيران العراقي يتدخّل لتعويض خسارة الأرض

«داعش» يتقدّم نحو بغداد وكركوك في قبضة «البشمركة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

شن الطيران العراقي أربع غارات على الأقل مستهدفاً مواقع يتحصن فيها مسلحو تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وسط مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، فيما تقدم مقاتلو «داعش» صوب بغداد في الوقت الذي تخلى جيش الحكومة المركزية عن مواقعه في انهيار سريع أفقده السيطرة على الشمال.

وأوضح شهود عيان أن الغارات استهدفت مجمع القصور الرئاسية في تكريت (شمال بغداد) حيث يتواجد مسلحو «داعش».

وكان الأكراد العراقيون سيطروا على مدينة كركوك بشمال العراق أمس. وقال متحدث باسم البشمركة - وهم قوات الأمن الخاصة بالشمال الكردي شبه المستقل- إن البشمركة اجتاحوا كركوك بعد أن تخلى الجيش عن مواقعه هناك. وقال المتحدث جبار ياور «سقطت كركوك بأكملها في أيدي البشمركة ولم يعد هناك وجود للجيش العراقي في كركوك الآن».

خريطة جديدة

ويظهر التحرك السريع من جانب قوات البشمركة التي تتمتع بدرجة عالية من التنظيم كيف أن تقدم مقاتلي «داعش» المفاجئ أعاد رسم خريطة العراق. فمنذ الثلاثاء سيطر مقاتلو التنظيم على الموصل وتكريت وعلى بلدات ومدن أخرى إلى الشمال من بغداد وواصلوا تقدمهم الخاطف صوب بلدات على مسافة تقطعها السيارة من العاصمة في ساعة واحدة.

وهرب الجيش الرسمي أمام الهجوم وتخلى عن المباني والأسلحة لمقاتلي «داعش» الذين يحاولون السيطرة على منطقة متواصلة على جانبي الحدود السورية والعراقية.

وأفاد مصدر موثوق في مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية بأن الهيئة القضائية العسكرية أصدرت أوامر بالقبض على كل من قائد القوات البرية الفريق الركن علي غيدان، ومعاون رئيس أركان الجيش الفريق الركن عبود كنبر، وقائد الشرطة الاتحادية في نينوى اللواء مهدي الغراوي، بتهمة التخاذل والتقاعس في التصدي للمجاميع المسلّحة التي استولت على الموصل.

وكان القادة الثلاثة اتصلوا لمدة يومين بمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي، طالبين الموافقة على الاستعانة بقوات البشمركة الكردية للسيطرة على الموقف، من دون رد، قبل مغادرتهم الموصل والانهيار السريع للقوات المسلحة فيها. وذكر المصدر أن الاتصالات انقطعت بالمسؤولين الأمنيين منذ مساء الاثنين، قبل أن يظهروا في كردستان صباح الثلاثاء.

هدوء الموصل

وشهدت الموصل ومناطق جنوبي غرب محافظة كركوك التي يسيطر عليها المسلحون هدوءًا نسبياً يرافقه انتشار لمسلحين بسيارتهم، فيما فتحت غالبية المحال التجارية ومحال الوقود أبوابها، ورفعت الحواجز الإسمنتية التي وضعتها القوات الأمنية في الشوارع وحول المباني الحكومية والأسواق والمرافق العامة.

وسيطرت قوات من البشمركة على حدود منطقة ربيعة وسد الموصل، بعد انسحاب الجيش العراقي منها خلال اليومين المنصرمين.

وكشف مصدر أمني أن قوات الجيش العراقي كانت قادرة على مواجهة المسلحين، وصد هجومهم ومنعهم من التقدم، لأن تعداد الجيش العراقي في الموصل كان يفوق الخمسين ألف ضابط وجندي، مقابل 2000 - 2500 مسلح من «داعش»، إلا أنهم ارتدوا الثياب المدنية وتركوا مقراتهم العسكرية فور سماعهم بنبأ اقتراب المسلحين ودخولهم بعض أحياء المدينة.

الفرقة 12

وذكر مصدر في الفرقة الـ 12 للجيش العراقي في كركوك الأربعاء أن عدداً من عناصر الفرقة تركوا واجباتهم وسلموا أسلحتهم ومواقعهم لقوات البشمركة الكردية، التي انتشرت في المنطقة لحماية المدينة، في حين كشف مجلس المحافظة عن تشكيل قيادة مشتركة بين الفرقة والبشمركة لتأمين حدود المحافظة، داعياً إلى «وقفة جادة» في المحافظات المجاورة لمنع حدوث أي خرق جديد فيها.

وقال ضابط في الفرقة، إن «عدداً من عناصر الفرقة في معسكر كيوان، (20 كم شمال غربي كركوك)، قاموا بتسليم مواقعهم وأسلحتهم لقوات البشمركة التي انتشرت بصورة مكثفة على أطراف كركوك لحماية المدينة».

وأضاف المصدر، أن «عناصر الفرقة تركوا واجباتهم، ما اضطر قوات البشمركة إلى تسلم المهام الأمنية في المنطقة تجنباً لأي فراغ أمني».

وكانت قيادة قوات البشمركة في محافظة كركوك، أعلنت في وقت سابق، عن نشر قواتها في إحدى المناطق غربي كركوك لتغطية «الفراغ» الذي خلفه انسحاب الجيش العراقي منها.

وأفاد مصدر في شرطة كركوك في وقت سابق الأربعاء، بأن مسلحين من «داعش»، سيطروا على الأبنية الحكومية والأمنية في قضاء الحويجة، (55 كم جنوب غرب كركوك)، ونواحي الزاب والرياض والعباسي والرشاد غربي المحافظة، من دون مقاومة القوات الأمنية التي انسحبت منها.

مرقد الإمامين

وتسلمت عشائر سامراء مهمة حماية مرقد الإمامين العسكريين علي الهادي والحسن العسكري، أمس الخميس، بعد خروج الشرطة الاتحادية وعمليات سامراء بالكامل.

وذكر مصدر أمني في شرطة سامراء، أن «عمليات سامراء والشرطة الاتحادية تفاوضت مع عشائر سامراء وسلمت مرقدي الإمامين للعشائر، وانسحبت مع أرتالها متوجهة إلى العاصمة بغداد». وأضاف المصدر أن «المسلحين لم يصلوا الإمامين نهائياً، بعد أن سيطروا على سامراء فجر الخميس».

وكان مصدر في قيادة العمليات المشتركة أفاد، الأربعاء، بمقتل قائد الفرقة الرابعة في الجيش العراقي اللواء الركن نذير عاصم وخمسة من عناصر حمايته في اشتباكات عنيفة مع المسلحين في قرية العوجة جنوبي تكريت (مسقط رأس صدام حسين)، فيما أشار إلى أن مسلحي داعش سيطروا بالكامل على القرية.

بلا قتال

وكان مصدر أمني مطلع في محافظة صلاح الدين، أفاد بأن المسلحين سيطروا بشكل كامل على تكريت وقضاء الدور من دون قتال، كما سيطروا في وقت سابق على مقر للجيش شمالي قضاء الضلوعية، (100 كم جنوب تكريت)، وبسطوا نفوذهم على شمالي القضاء، فيما جمعت قوات الشرطة الأسلحة التي تركها الجنود الفارون من المقر.

وأعلن «داعش» عن حملة هجمات جديدة في العراق. وأوضح أن الموجة الأولى من هجمات هذه الحملة بدأت أمس، متبنياً في البيان تفجيرات قتل فيها 30 شخصاً على الأقل في مناطق تسكنها غالبيات شيعية في بغداد بينها مدينة الصدر حيث قتل 15 شخصاً في تفجير انتحاري استهدف مجلساً عشائرياً.

ودعا المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني في تسجيل صوتي مقاتليه الى مواصلة «الزحف» في العراق جنوباً نحو العاصمة ومدينتي كربلاء والنجف.

قلق كويتي

أعربت الكويت عن قلقها من التطوّرات التي يشهدها جارها الشمالي، وحذّرت من أنّه «قد تكون هناك عواقب في حالة عدم وجود استجابة مشتركة ضد الإرهاب».

وقال نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اليوناني ايفانجيلوس فينيزيلوس أثناء رحلة إلى أثينا، إن التطورات في العراق تثير «قلقاً عميقاً ليس للكويت فحسب ولكن لجميع بلدان المنطقة أيضاً»..

وأعرب عن اعتقاده بأن ما يحدث كان متوقعاً، وأردف القول: «ما يحصل هو ترجمة لما كنا نحذر منه من الأزمة في سوريا.. بأنها ستمتد.. الدمار ليس فقط لسوريا وإنما لدول الجوار ولدول المنطقة».

Email