مصادر أمنية لـ « البيان »: مقتل 100 في الاشتباكات والبشير يتصل للاطمئنان

محاولة انقلابية فاشلة في جنوب السودان

سيلفاكير ميارديت يلقي بيانا صحافيا يعلن فيه إفشال الانقلاب رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت إفشال نظامه لمحاولة انقلاب وإلقاء القبض على كل المتورطين فيها، في وقت أكدت مصادر أمنية من الجنوب لـ«البيان» أن عدد قتلى المحاولة التي نسبتها إلى عناصر قيادية في الجيش الشعبي مقربة من نائب الرئيس السابق رياك مشار.

وأعلن رئيس جنوب السودان أمس أن الجيش الشعبي تمكن من إحباط محاولة انقلاب، وشدد على أن «وقت الانقلابات العسكرية قد انتهى».

وقال سلفاكير في مؤتمر صحافي في العاصمة جوبا، ظهر فيها يرتدي زيه العسكري، إنه تم اعتقال عدد من المتورطين في محاولة الانقلاب، التي بدأت مساء أول من أمس واستمرت حتى صباح أمس، وأن الجيش يسيطر على الموقف، مؤكداً بأن «صد المحاولة أسفر عن خسائر بشرية»، ولكنه أوضح أنه لم يتم حصرها بعد، معلناً حظر التجوال من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا، مع انتشار القوات في الشوارع لحفظ الأمن.

ولم يخف ميارديت اتهامه رسميا لعناصر داخل الجيش الشعبي موالية لنائبه السابق رياك مشار بالبدء بالاشتباك الذي شهدته جوبا، مؤكدا سيطرة حكومته على الموقف، واعلن كير حظر التجوال بالعاصمة جوبا يبدأ من السادسة مساءا الى السادسة صباحا، كما امر سلفاكير بإلقاء القبض علي كل المتورطين في العملية من عناصر عسكرية وسياسية. وقال إنها تقف وراءهم وتوعد بتقديمهم لمحاكمات عادلة.

من جهته قال وزير الدفاع في دولة جنوب السودان الجنرال كوال منيانق، إن الأوضاع في مدينة جوبا عادت الى طبيعتها.

وشهدت شوارع عاصمة جنوب السودان جوبا والمناطق المتاخمة لوزارة الدفاع بحسب ما فاد به شهود عيان لـ«البيان» انتشارا مكثفا للآليات والمعدات العسكرية التابعة للجيش الشعبي، في أعقاب المحاولة الانقلابية التي سعت للانقضاض على نظام حكم سلفاكير ميارديت، وأشار الشهود الي ان العاصمة جوبا شهدت امس هدوءا حذراً، مضيفاً القول: «ونزحت اعداد كبيرة من المواطنين الى خارج جوبا وكل اسواق المدينة اغلقت ابوابها ».

100 قتيل

وقال مصدر أمني بجنوب السودان فضل عدم الكشف عن اسمه لـ«البيان» ان الاشتباكات وقعت في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية واستمرت إلى صباح أمس، لافتا إلى سقوط ما يقارب من 100 قتيل وعدد كبير من الجرحى. وقال ان ما تم يمثل محاولة للانقلاب على السلطة نفذته عناصر موالية للعناصر المبعدة من حكومة الجنوب، مضيفاً إن « كل المؤشرات تقول بان من يقف وراء هذا العمل هو د. مشار». وذكرت وسائل إعلام جنوب سودانية، أن الاشتباكات وقعت بعد الاشتباه بمحاولة وحدة من الحرس الرئاسي تنفيذ انقلاب عسكري.

وقال الناطق باسم الجيش، فيليب أغير «نطلب من السكان ملازمة منازلهم حتى نعرف السبب الفعلي لإطلاق النار»، معرباً عن أسف الجيش للحادثة «التي تركت سكان جوبا مذعورين»، غير أنه لم يعطِ تفاصيل عن عدد الضحايا الذين سقطوا جراءها.

اتصال البشير

بدوره أجرى الرئيس السوداني عمر البشير اتصالاً هاتفياً مع نظيره رئيس جنوب السودان، اطمأن خلاله على الأوضاع الأمنية عقب الأحداث التي شهدتها جوبا. وذكرت وكالة سونا الرسمية في السودان ان البشير أكد خلال اتصاله بكبير أهمية استتباب الأمن والاستقرار في الجنوب لما فيه مصلحة شعبي البلدين .

ومن جانبها، نصحت السفارة الأميركية في جوبا مواطنيها هناك باعتماد المزيد من الحيطة في كافة الأوقات. وقالت السفارة في بيان إن السفارة الأميركية ستستمر بمراقبة البيئة الأمنية في جنوب السودان، مع إيلاء اهتمام خاص بمدينة جوبا ومحيطها، وستنصح رعاياها في حال تغير الوضع الأمني. كما أعربت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان عن قلقها العميق إزاء الحادثة، داعية إلى اعتماد الهدوء بين الأفرقاء المعنيين.

وقالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، هيلد جونسون، في بيان: «بصفتي الممثلة الخاصة للأمين العام، أحث كافة أطراف النزاع على وقف أعمال القتال فوراً وممارسة ضبط النفس»، مضيفة إنها «على اتصال مع كبار المسؤولين للدعوة إلى الهدوء»، مشيرة إلى أن البعثة «ستستمر بمراقبة الأحداث عن كثب، وستبلّغ عن آخر المستجدات».

 

استفراد ميارديت بالحكم ينذر بمستقبل مظلم من الاقتتال

حالة من الرعب عاشها سكان مدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان الليلة قبل الماضية، أعادت إلى الأذهان ذكريات حرب طويلة حصدت مئات الآلاف.

وما بين هدوء الجبهة الشمالية للدولة الوليدة مع جارتها السودان والاقتتال القبلي في جونقلي، تفجرت أزمة داخلية أطرافها قيادات الحركة الشعبية التي قادت البلاد إلى الاستقلال في العام 2011م، ليرسم ذلك الخلاف واقعا وشكلا جديدا للصراع حول السلطة بعد أن استفرد الرئيس سلفاكير ميارديت بالقرار في الحزب والدولة عقب إبعاده لنائبه رياك مشار في يوليو الماضي وامين عام الحركة الشعبية باقان اموم مما يفتح الباب واسعا لسيناريوهات متوقعة يمكن أن تعيد الدولة الوليدة إلى أجواء الحرب مجددا .

ويرى المحلل السياسي الجنوبي ميثيانق شرللو لـ«البيان» ان ما حصل كان متوقعاً في ظل الصراع المحتدم بشكل عنيف على السلطة بجنوب السودان وحالة الاحتقان العام داخل حزب الحركة الشعبية الحاكم، الأمر الذي أدى إلى خروج عناصر أساسية من الحزب وبروز اصوات مناوئة لسياسات الرئيس سلفاكير، وظهر ذلك جليا عقب انسحاب نائب رئيس الحركة الشعبية د. رياك مشار عن اجتماع مجلس التحرير القومي خلال اليومين الماضيين بحجة غياب روح الحوار في مداولات الجلسة الأولى للاجتماع.

كما أن مصادقة غالبية أعضاء المجلس على توصية تقدمت بها اللجنة التي شكلها الرئيس سلفاكير للتحقيق مع الامين العام للحركة الشعبية والمتعلقة باعفاء اموم من كافة مناصبه الحزبية زادت الامر تعقيدا، غير ان شريللو توقع ان تشهد البلاد نوعا من الهدوء عقب الرجاءات التي اطلقها زعماء اهليون ورجال دين بضرورة الابتعاد عن العنف لحلحلة القضايا السياسية .

وفي ظل هذا التوتر الذي يرى مراقبون بأنه يمكن ان يقود البلاد إلى أتون حرب أهلية ستكون القبائل حطبا لها، أصدرت مجموعة سمت نفسها التيار الديمقراطي التقدمي داخل الحركة الشعبية الحاكمة بيانا قالت فيه أن حزب الحركة الشعبية يمر بمنعطف خطير وكارثي بسبب توجهات رئيسه سلفاكير، ما انعكس على سياسات الحكومة وافتقار إلى برنامج واضح، ولم تخف المجموعة موقفها المناهض لموقف حكومة سلفاكير التي رفضت الاستفتاء الاحادي لمنطقة ابيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، بل ذهبت المجموعة بأكثر من ذلك بدعوتها لتشكيل حكومة كفاءات وطنية من كل القوى السياسية والشخصيات القومية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة.

 

إلغاء رحلة

ألغت شركة مصر للطيران رحلتها التي كانت مقررة صباح أمس من القاهرة إلى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان بسبب تدهور الأوضاع الأمنية هناك عقب اشتباكات عنيفة في محاولة انقلاب ضد الرئيس سلفاكير ميارديت.

وقالت مصادر مسؤولة بمصر للطيران إنه «بعد إنهاء إجراءات سفر 130 راكبا على رحلة الشركة رقم 859 تلقينا برقية من مكتب الشركة في جوبا تفيد تأجيل إقلاع الطائرة لحين تحسن الوضع الأمني في جوبا حيث تدور اشتباكات عنيفة اثر محاولة انقلابية.. وبعد فترة تلقينا برقية أخرى بإلغاء الرحلة لتدهور الوضع الأمني في عاصمة جنوب السودان وتم إلغاء سفر الركاب والسماح لهم بالخروج من مطار القاهرة». أ.ف.ب

Email