عاصمة الشمال اللبناني في قلب العاصفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال اليومين الماضيين، وفي غياب العناوين السياسيّة، احتل أمن مدينة طرابلس شمالي لبنان واجهة الأحداث، من بوّابة الخطّة الأمنيّة، التي لم تصمد أياماً، فسقطت برصاصات مسلّحين. وتدريجيّاً، ازدادت أعداد القتلى والجرحى، ولا تزال الجبهة مفتوحة على كل الاحتمالات، استهداف على الهوية، تحريض ديني ومذهبي، وخلل أمني، يوحي بأن الانفجار واقع في أيّ لحظة، غداة بدء الجولة الـ18 على المحاور التقليديّة للقتال في المدينة، وتحديداً بين منطقتَي جبل محسن وباب التبّانة.

وعلى الرغم من الخطّة الأمنيّة التي خصّصت للمدينة، لم تنتهِ الجولة الـ17 من جولات العنف في طرابلس، بل أرادها المسلّحون وصالاً مع الجولة الـ18، ما جعل أرقام الخطط الأمنيّة في شمالي لبنان، بحسب توصيف مصادر معنيّة، «صفراً على الشمال»، واستبدِلت بتعداد جرحى الضباط والعسكريّين سواسية مع الضحايا المدنيّين.

أسئلة واستقرار

أما الأسئلة التي تتردّد مع بداية كل جولة، فهي لا تتغيّر، لكنها كالعادة تبقى من دون أجوبة، وأبرزها تتمحور حول الطبقة السياسية «العاجزة»، وحول دور الأجهزة الأمنية في حفظ أمن عاصمة الشمال مع تعدّد الخطط التي أعقبت كل جولة من جولات القتال والاجتماعات الأمنية المتعدّدة، والتي كان آخرها، أول من أمس، برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، التي انعقدت على وقع الاشتباكات وتبادل القذائف الصاروخية.

وبدأت أعمال القنص الجمعة الماضية على خلفيّة رفع العلم السوري في جبل محسن، مقابل رفع علم الثورة في باب التبانة.

وسط هذه الأجواء، تصاعدت تحذيرات متبادلة، كان آخرها من «قادة المحاور في جبل محسن»، الذين تحدثوا عن فرض حصار على طرابلس والميناء، مقابل بيانات موقّعة باسم «أولياء الدم» في التبانة، تعلن أن القتال لن يتوقف قبل أن يتمّ تسليم رئيس الحزب الديمقراطي علي عيد ونجله رفعت عيد، فيما أجمعت مصادر طرابلسية على أن المعالجات لا تزال هشّة، وعلى أن الوضع خرج عن السيطرة.

بدورها، لفتت مصادر مراقبة للأوضاع إلى أن الدفع في اتجاه تثبيت الاستقرار السياسي والأمني في لبنان بات يحتاج إلى أكثر من تحرّك محلي ومبادرة داخلية، إذ يتطلّب قراراً على مستوى الدول المعنية في أوضاع المنطقة ككل، انطلاقاً من كون الساحة اللبنانية تؤثر وتتأثر إلى حدّ كبير في ما يجري في دول الجوار، خصوصاً العربية منها.

الملف السياسي

سياسياً، وفيما لبنان «أمام مرحلة صعبة، في الأشهر الستّة المقبلة من العام المقبل»، بحسب ما أعلن وزير الداخلية مروان شربل، والحوار مغلق أمام الأطراف السياسية، يبدو لافتاً حراك رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة، والهدف، بحسب مصادر الكتلة، «إخراج البلاد من مأزقه السياسي المتجلّي حكومياً ومجلسياً ومحاولة استباق المأزق الرئاسي».

والواضح أن الاستحقاق الحكومي الداهم لم يعد يُبحث بمفرده، بل صار جزءاً من سلّة متكاملة من الاستحقاقات، تشمل تعطيل المجلس النيابي، وتعليق الحوار والخوف من الفراغ الرئاسي. وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطّلعة لـ«البيان» أن «رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبخلاف ما تردّد في الإعلام، ليس في وارد تعويم حكومة تصريف الأعمال وأن لا اتصالات إطلاقاً على هذا الصعيد».

Email