عمال العراق يحلمون بالأمان في عيدهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل الانتخابات، صار عمال المساطر «المياومين» هدفا للمرشحين، فهذا يعطيهم بطاقته وذاك يوزع عليهم البطانيات والأجهزة الكهربائية الرخيصة، ومن كان منهم لا يجرؤ على إنفاق المال المخصص لدعايته الانتخابية على هذه الشريحة البسيطة، فقد وزع ملابس رياضية لأولادهم أو دمى لأطفالهم، ورافقت تلك الهدايا الرخيصة الكثير من الوعود البراقة بالتأكيد على مستقبل يتساوى فيه عامل المسطر مع الموظف، وربما نائب البرلمان!...

وتلاحظ الإعلامية عدوية عبد كاظم، أن عمال المساطر شغلوا نفس أماكنهم بعد الانتخابات، وقضوا أيامهم في انتظار فرصة عمل، ولا يزالون ينتظرون، إذ لم ولن يتغير حالهم مهما تغيرت الوجوه الانتخابية، كما يقول عمار حسين من عمال مسطر حي الجامعة، الذي يتقن تصليح أنابيب المياه ويقضي نهاره يوميا بانتظار أن تقف إحدى سيارات الزبائن لتطلب مصلحي أنابيب، مياه، وهذا لا يحدث كل يوم، لذا فهو لا يحصل على أجر يومي، ويعوض ذلك بأن يطلب أجرة عالية مقابل عمله المتقن جدا، خوفا من مجيء غد بلا عمل.

تحسب لأيام السوء

ويمارس علي ناصر (17 عاما)، أي عمل، كما يقول، لأن المهم لديه أن يعود إلى والدته الأرملة مع أجر يكفي لسد معيشتهم، ويحرص ناصر على توفير جزء بسيط من أجره تحسبا لأيام يسوء فيها الطقس، أو يمنع فيها التجوال، أو يمرض فيها، لأنه لن يجد ما يسد احتياجات يومه ما لم يخرج إلى العمل يوميا.

ويتألم العامل جبار نعمة كلما تذكر كيف ذهب شقيقه ستار الذي يبلغ من العمر 19 عاما ضحية التفجير الإرهابي الذي جرى في منطقة الباب الشرقي قبل سنوات، بينما كان يمارس عمله في بيع السجائر على الرصيف، مشيرا إلى أن كل عامل ذهب ضحية تفجير، سواء من الكَسَبة أو عمال المساطر الذين ذهبوا أيضا ضحايا لتفجيرات في ساحة 55 وساحة العروبة، لم يحصل على أي تعويض، وكل عامل من هؤلاء مسؤول عن عائلة وأطفال ومرضى وكبار سن.

ويطالب نعمة الحكومات التي تتعاقب، بأن تهتم بهذه الشريحة الكادحة وان تخصص لها نقابات للتكفل برعايتهم في حالة تعرضهم لأخطار الانفجارات أو الحوادث الناتجة عن ممارستهم أعمالا خطيرة.

فترة البعث

وفي فترة نظام البعث الذي دام 35 عاما، يقول صلاح، إن القرارات أصبحت مركزية وذات صبغة حزبية وتمت السيطرة على الوعي السياسي العمالي بأساليب مختلفة كبث عناصر الأمن والمخابرات بين العمال ما افقد الحركة النقابية دورها في الشارع العراقي.

ويؤكد د. عيسى نعمان أن السنوات الأخيرة ألغت الحياة النقابية للعمال وأصبحوا كبقية الشعب يسبحون بدماء ضحاياهم ويعيشون مختلف أنواع المآسي، فهل يمكن لهم أن يحتفلوا بعيدهم في ظل هذه الظروف؟.

 

مرحلة كارثية

يقول الباحث في علم الاجتماع د.عيسى نعمان من كلية الآداب إن المرحلة الأكثر كارثية بالنسبة للعمال، هي فترة ما بعد الاحتلال الأميركي الذي بدأ بحل بعض الوزارات والمؤسسات العسكرية والأمنية وتفتيت البنى التحتية والمؤسسات الدستورية والنقابية وكل ما يحمل طابعا تنظيميا يستند إلى الدستور. البيان

Email