المعارضة تدعو «المؤتمر الشعبي» إلى تحمل مسؤوليته التاريخية

السلطة في اليمن تستعجل «إعادة» صالح

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدا أن السلطة في اليمن تستعجل إعادة الرئيس علي عبدالله صالح، الذي ما زال يتلقى العلاج في الرياض بعد ثلاثة أسابيع من إصابته في الهجوم الذي استهدف مسجد القصر الرئاسي في صنعاء، إلى البلاد لقطع الطريق ربما على خيار نقل السلطة إلى القائم بأعمال الرئيس الفريق عبدربّه منصور هادي، الذي قالت المعارضة إنه لا خيار من الخروج من الأزمة التي تمر بها اليمن إلاّ به.

وتتضارب المعلومات حول الوضع الصحي للرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي ما زال يتلقى العلاج في الرياض بعد ثلاثة أسابيع من إصابته، وسط تأكيدات رسمية بعودة وشيكة للرئيس. إذ قال نائب وزير الإعلام اليمن عبده الجندي لوكالة «فرانس برس»، ردا على سؤال حول معلومات عن عودة وشيكة لصالح: «ليس لدينا تأكيد حتى الآن عن الموعد... لكن نقول في الأيام القليلة المقبلة».

وأكد الجندي أن صالح «على تواصل يومي مع نائب رئيس الجمهورية»، و«أموره الصحية طيبة»، مشيرا إلى انه «لم يعد هناك جروح تستوجب القلق على صحته». وذكر أن صالح «يقوم الآن بعمليات تجميل للحروق التي أصيب بها».

في المقابل، كشف مصدر يمني في الرياض عن أن حالة الرئيس صالح «لا تزال كما هي ولم يطرأ اي تحسن عليها».

وتوقع المصدر اليمني عدم عودة الرئيس صالح إلى اليمن قريبا بسبب وضعه الصحي كما أشار إلى أن الوضع الصحي لرئيس الوزراء علي مجور ورئيس مجلس الشورى عبدالعزيز عبدالغني اللذين يتلقيان العلاج في الرياض «لا يزال سيئا جداً». وفي السياق، أفادت صحيفة «الوطن» السعودية بان طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية وصلت إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض ستتولى نقل الرئيس صالح ومرافقيه إلى صنعاء «نهاية الأسبوع الحالي»، لأنه ينوي العودة إلى اليمن ولن يقبل أن يعيش لاجئاً. ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي يمني قوله ان الرئيس صالح بحالة صحية جيدة وبدأ استقبال زواره في جناح الضيافة بالمستشفى العسكري. ونفى هذا المصدر «ما تردد عن تلقيه العلاج الطبيعي او اصابته بطلقات نارية بعد التفجير الذي استهدفه او حدوث مضاعفات كالنزيف في الدماغ وغيرها من الأخبار المغلوطة».

خيار وحيد

على ضفة المعارضة، قال الرئيس الدوري لأحزاب اللقاء المشترك د. ياسين سعيد نعمان إن نقل السلطة إلى نائب الرئيس يحظى بدعم إقليمي ودولي مؤكداً أنه كلما أسرع في نقل السلطة كلما جنب اليمن مزيد من الأزمات والاضطرابات. وأضاف نعمان إن «على المؤتمر الشعبي العام أن يتحمل مسؤوليتة التاريخية ويخطو خطوة ايجابية». وتابع القول إنه «في السابق كان الجهد السياسي في إطار المبادرة الخليجية والآن أصبح كل الجهد لنقل السلطة إلى عبدربه منصور هادي وعلى نخب المؤتمر أن تحسم أمرها، لأن الوطن لم يعد يحتمل أكثر من هذا». وعن طبيعة زيارته إلى أوروبا، قال: «خرجت لكي نشرح للعالم الثورة اليمنية وكل تفاصيلها واللقاء المشترك داعم للثورة وجزء منها». وأكد على أن هناك «ثورة من الصعب تماما الانحياز عن أهدافها، مضيفاً أن هناك «أصواتاً في الساحات تهتف وتتحدث عن مجلس انتقالي والمجلس الانتقالي ليس له قاعدة قوية وعريضة تتلاءم مع الوضع الراهن».

وتابع بالقول لكن عن ما تتحدث عن ثورة سلمية بمعنى انها تنتهي بعملية سياسية، مؤكداً بان العملية السياسية بما فيها المبادرات والمفاوضات ليست من أطولت الثورة بل من اختصرت ومنعت العنف وقامت بحماية الثورة.

هل يلجأ هادي إلى عدن

قال ناشطون وسياسيون في مدينة عدن إن الضغوط والتحديات التي تواجه عبدربّه منصور هادي تفضي به في نهاية المطاف إلى مغادرة القصر الرئاسي في العاصمة صنعاء وتنفيذ ما هدد به من اللجوء إلى عدن.

وأشار ناشطون إلى أن اختلال موازين القوى وارتهانها بيد أبناء الرئيس علي عبدالله صالح وأبناء أخيه يضاعف من تلك التحديات في ظل عدم قدرة نائب الرئيس على إجراء أي إصلاحات جوهرية قد تلبي طموحات الثوار.

سجل سياسي

عبّرت أحزاب اللقاء المشترك عن استغرابها الشديد مما ينشره الإعلام الرسمي والمواقع الإخبارية من تصريحات منسوبة لمصدر مسؤول في السلطة المحلية بالمحافظة يتهم فيه أحزاب اللقاء المشترك بأنها سبب الاخلالات الأمنية. وعبّرت المعارضة في بيان عن أسفها لهذه التصريحات التي وصفتها بالبائسة والكاذبة، وأكدت للجميع بأن الدبابات والمدرعات التي تحتل مستشفى الثورة وتتموضع في مواقع أخرى داخل المدينة وتقصف الأحياء السكنية ، لا تتبع أحزاب اللقاء المشترك .

بل إنها تطالب برفع كل هذه الآليات العسكرية والمظاهر المسلحة وهو أمر قد سبق للمشترك أن بارك جهود بعض رجال العمال والحقوقيين والبرلمانيين والاكاديميين في اتفاقهم مع السلطة على رفع الحرس الجمهوري وتلك المظاهر المسلحة.

الأوضاع السياسية تفجّر أزمة محروقات

أدى الوضع السياسي المتفاقم في اليمن إلى أزمة في المشتقات النفطية، التي اختفت من جميع نقاط البيع الحكومية والخاصة، في مقابل ظهور سوق سوداء لبيع تلك المواد، التي تضاعفت أسعارها بشكل كبير.

ويتحدث المواطن علي صعصعة، القاطن في شارع خولان في العاصمة، صنعاء، حيث تباع المشتقات النفطية على شاحنات صغيرة تعود لنافذين يعملون في معسكرات ويحصلون على مخصصات من مادتي البترول والديزل ويقومون ببيعها في السوق السوداء، عن «صعوبة الحياة في ظل اختفاء مشتقات النفط والغاز المنزلي والنتائج المترتبة، قائلا ان «الأزمة تفاقمت خلال الفترة الأخيرة وجعلت غالبية السكان ينزحون عن هذه المدينة البائسة وباقي مدن اليمن الى الريف».

واختفت مادة البترول، ثم تبعتها بها مادة الديزل، الهامة للمزارعين وأصبح مشهد المركبات المنتظمة بالمئات على طول الشوارع أمام محطات الوقود منظرا يوميا اعتياديا في صنعاء، وباقي المدن اليمنية في رحلة البحث عن تلك المواد.

وتظهر مركبات نقل على امتداد شارع خولان الرئيسي محملة بمشتقات النفط واسطوانات الغاز، ويتجمع حولها حشود كبيرة من المواطنين لإجراء مفاوضات مع أصحابها للحصول على أسعار تناسب ميزانياتهم.

ويصر البائعون على فرض أسعار مرتفعة، ولا يتردد أحدهم في القول بصوت عالٍ «من لا يريد الشراء عليه المشي راجلاً ولا حاجة له لركوب السيارات».

وباتت صنعاء أشبه بمدينة للأشباح بعدما كانت تعج بالحياة، اثر نزوح نحو 30 في المئة من ساكنيها الذين يقدر عددهم بنحو مليون ونصف المليون نسمة إلى الأرياف، عقب مواجهات شهدتها العاصمة بين القوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح والزعيم القبلي صادق الأحمر.

وتسبب ارتفاع أسعار المواد البترولية في ارتفاع حاد في أسعار كل ما يتعلق بوسائل النقل والمواد الاستهلاكية الأخرى. وأصبح المنظر المألوف في شوارع صنعاء وباقي المدن اليمنية، التي أصبحت شبه فارغة من الناس، تجول المسلحين، والميلشيات التابعة لرجال القبائل الذين يحملون أسلحة متنوعة ويرتدون زيا مدنيا.

واختفت اسطوانة الغاز المنزلي في البدء ووصل سعرها إلى خمسة أضعاف سعرها الرسمي البالغ 1500 ريال، أي ما يعادل نحو سبعة دولارات، ليصل إلى خمسة آلاف ريال، أي أكثر من 25 دولاراً. وارتفع سعر صفيحة البنزين، سعة 20 ليترا، في السوق السوداء الى نحو 50 دولاراً في حين أن سعرها الرسمي لا يزيد عن سبعة دولارات. وتضطر شريحة واسعة لشرائها لان غالبية أعمالهم تعتمد على شراء تلك المادة المهمة.

واتهمت الحكومة اليمنية أحزاب اللقاء المشترك بافتعال هذه الأزمة، وبقطع الطرق، وتفجير أنابيب النفط في محافظة مأرب للتضييق على النظام والتعجيل برحيله. ورفضت أحزاب المعارضة الاتهام الحكومي واعتبرت ان «انعدام مادتي البنزين، والغاز وتصاعد وتيرة انقطاع الكهرباء المبرمج هي أزمات يفتعلها النظام ويحاول استغلالها بهدف ابتزاز المواطنين وحرمان غالبيتهم منها».

وأعلنت الحكومة كاجراء مؤقت انها ستوزع اسطوانات الغاز عن طريق «عُقّال الحارات» في العاصمة صنعاء لسد احتياجات المستهلكين لكنها خطوة لم تنفذ بشكل دقيق.

وانتشرت ظاهرة تجول النساء والأطفال في الشوارع وهم يحملون صفائح لتعبئة المياه من الأماكن العمومية أو المساجد أو محطات المياه المختلفة.. في وقت ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية أو اختفت من الأسواق بسبب هذه الأزمة.وزادت أسعار الخضروات والفواكه ولكن بنسب ضئيلة نتيجة لقلة الإقبال عليها.

بالمقابل، ارتفعت بعض أسعار المواد الأساسية الدقيق والسكر والأرز وغيرها.كما ارتفعت أسعار الأطعمة والمأكولات المختلفة في عدد كبير من المطاعم.

أوكسفام تحذر

أكدت منظمة اوكسفام الإنسانية البريطانية أن الاضطرابات المستمرة منذ خمسة شهور فاقمت الأوضاع الإنسانية السيئة أساسا في اليمن.

وقال مدير المنظمة بالوكالة عزيز العثراوي إن «الاهتمام يتركز على الحركة الاحتجاجية إلا أننا نخشى من تفاقم احتياجات الأشخاص العاديين الذين باتوا منسيين وسط هذه الخلافات السياسية».

وأكد العثراوي لوكالة «فرانس برس» انه حتى قبل الحركة الاحتجاجية كان هناك سبعة ملايين يمني يعانون من سوء التغذية وتفاقمت الأوضاع بعد بدء الاحتجاجات.

وأشار المسؤول في المنظمة إلى أن الغذاء في اليمن «باهظ الثمن ونادر». وقال إن «الناس يقللون من استهلاك المياه لان المياه غالية الثمن. فسعر الـ 1500 ليتر من المياه كان خمسة دولارات وبلغ الآن 20 دولارا والمياه ليست متوفرة دائماً».

ودعا العثراوي الدول المانحة إلى دعم اليمن فورا والى فتح الأبواب أمام وصول المنظمات الإنسانية إلى السكان المحتاجين.

الطيران يقصف مواقع «القاعدة» في زنجبار ولا تقدم للجيش على الأرض

قصف الطيران اليمني نهار أمس والليل قبل الفائت مواقع مسلحي تنظيم القاعدة في مدينة زنجبار الجنوبية ومحيطها ما أسفر عن قتلى وجرحى في صفوف المسلحين، فيما لم يسجل الجيش تقدما ملموسا باتجاه استعادة السيطرة على المدينة.

وفي حين ذكرت مصادر محلية وعسكرية أن قتلى التنظيم قد يكون بلغ عددهم 20 شخصا فيما وصلت حصيلة قتلى الجيش منذ بدء القتال في 29 مايو إلى أكثر من 100.. قالت مصادر محلية في جنوب اليمن إن قوات الجيش التي كانت تتقدم نحو زنجبار لتحريرها من قبضة العناصر الإسلامية المسلحة تراجعت بعد مقاومة عنيفة أبداها المقاتلون هناك.

وقالت المصادر لـ «البيان» إن قوات الجيش تراجعت إلى أطراف المحافظة بعد معارك عنيفة مع مسلحي الجماعات الإسلامية على مشارف مدينة زنجبار خلفت عشرات القتلى والجرحى.

وبحسب المصادر فإن المواجهات تسببت في مقتل العقيد جمال الجعفي قائد كتيبة الهمر والرائد سليمان الحكمي بالإضافة إلى إصابة تسعة آخرين، إلا أن ضراوة المواجهات دفعت بقوات الجيش إلى التراجع إلى الخلف لإفساح المجال أمام الطيران الحربي لقصف المدينة التي أصبحت خالية من السكان.

وذكرت المصادر أن قوات الجيش التي كانت تقدمت في منطقة دوفس تراجعت باتجاه عدن بعد مواجهات عنيفة تسببت في تدمير دبابتين على يد قوات الجيش خشية استيلاء عناصر الجماعة المتطرفة عليها، وان الطيران بدا منذ فجر امس بقصف عدد من المواقع داخل المدينة يعتقد انها مراكز للعناصر المسلحة التي تمكنت من السيطرة على المدينة منذ بداية الشهر الجاري.

من جهته، قال اللواء صالح الزوعري محافظ ابين إن «القوات العسكرية تحاصر ما تبقى من الإرهابيين وهي على وشك تحرير مدينة زنجبار وتطهيرها من هذه الجماعات الإجرامية وهنا نشيد بفخر بالمقاتلين البواسل ونحييهم بحرارة على بطولاتهم الخالدة ضد الإرهابيين لتخليص زنجبار من شرهم ليعود سكان زنجبار وغيرها إلى منازلهم آمنين مطمئنين لممارسة حياتهم الطبيعية».

إلى ذلك، قال مسؤول أمني إن الجيش «يخوض معارك شرسة.. وقد تكبد خسائر بشرية كبيرة خلال الأيام الثلاثة الماضية رغم استخدامه أسلوب حرب العصابات والكر والفر».

واقر المسؤول بان الجيش اضطر إلى سحب الوحدات العسكرية التابعة للواء 119 واللواء 201 نحو نقطة العلم التي تبعد ثلاثة كيلومترات عن زنجبار لكنه قال ان الانسحاب "تكتيكي" وهو «ضمن استراتيجية عسكرية ستؤتي بثمارها».

ووصلت خسائر الجيش في المعارك المستمرة منذ نهاية مايو الى اكثر من 100 قتيل و260 جريحاً.

وفي سياق متصل، قال شهود عيان ان سلاح الجو قصف ثلاث دبابات للجيش بالقرب من زنجبار خوفا من وقوعها بيد القاعدة بعد تعرض الجيش لكمين في مدخل منطقة الكود على مشارف المدينة.

 

Email