370 براءة اختراع عربية مقابل 16 ألفاً لكوريا الجنوبية خلال 20 سنة (2-2)

بشائر خليجية لإعادة التألق العلمي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يرسم عالمان عربيان يعيشان في الولايات المتحدة صورة قاتمة عن الأوضاع الراهنة للعلوم في العالم العربي، على رغم وجود آلاف العلماء العرب المبدعين في الغرب.

ويؤكدان أن نظم التعليم الثانوي والجامعي في الوطن العربي لا تحاكي العصر وتعتمد التلقين بدلاً من التطبيقات العملية، غير أنهما يستبشران بالإمكانات التي بدأت بعض البلدان العربية، وخصوصاً في منطقة الخليج، بتوفيرها من أجل الارتقاء بالعلم. واعتبرا أن هذه المحاولات واعدة غير أنها لا تزال غير كافية. ويشددان على أن المنطقة العربية «لديها موارد بشرية شابة هائلة» تحتاج إلى أن تعطى الفرص والوسائل من أجل التفوق والإبداع في بلدانها الأصلية بدلاً من الإبداع في الغرب. وفي مقارنة بسيطة، قال مدير مختبر الدفع الالكتروني وديناميات البلازما كبير الفيزيائيين لدى جامعة برنستون الأميركية البروفسور العربي أدغار شويري الذي يحتل اليوم منصب آينشتاين في جامعة برنستون، في حوار مع«البيان» أن«العالم العربي مستهلك للعلوم والتكنولوجيا وليس منتجاً لأي منهما»، موضحاً أنه«بين عامي 1980 و2000، سجل العالم العربي بأسره 370 براءة اختراع فقط بينما سجلت كوريا الجنوبية وحدها 16 ألف براءة اختراع».

واسف لأنه «في بعض الدوائر الأصولية، العلم مشبوه إذ ينظر إليه باعتباره منتجا للاستعمار الغربي على رغم أن الكثير من العلم والتكنولوجيا يأتي اليوم من الشرق الأقصى وكثيرون من هؤلاء النقاد أنفسهم يستفيدون من العلم والتكنولوجيا الحديثين في حياتهم اليومية». وعما إذا كانت الأنظمة التعليمية العربية معاصرة، أجاب:«لا. أولاً، إن النظام التعليمي الأولي (الابتدائي والثانوي) في الكثير من المجتمعات العربية لا يجاري العصر عندما يتعلق الأمر بالعلوم والتعليم، وليس الأمر كذلك أيضاً في الولايات المتحدة، التي توجد لديها مشكلاتها الخاصة (بخلاف النظام الممتاز في الجامعات البحثية الأميركية)». وأضاف:«في الوقت الذي يتلقى فيه الكثيرون من الأطفال العرب بعض العلوم في المدارس، يكونون قد ورثوا الخرافات من أهلهم والانحيازات الطائفية والاعتقاد بالقوى الخارقة للطبيعة. هؤلاء التلامذة استثنائيون لأن عليهم أن يختاروا تعليماً عالياً في العلوم التي تقدمها أنظمة تعليمية جامعية متواضعة في التوجيه وتفتقر إلى التجهيزات الخاصة بالبحث العلمي.

طلاب هذه الجامعات الذين يتخصصون في العلوم البحتة في غالبية الجامعات العربية يكون قدرهم على الأرجح أن يصيروا معلمي مدارس لا باحثين علميين ومنتجين للمعرفة العلمية، غالباً لأن هناك افتقار إلى المصادر وقلة وظائف في البحث وافتقاد للقيم العلمية في هذه المجتمعات». وعن سبب إبداع العلماء العرب في الغرب بدلاً من بلدانهم، قال إن«العرب خليط واسع من الجماعات العرقية والإتنية، وكحد وسطي، لديهم القدرات النخبوية الجوهرية ذاتها لأي مجموعة كبيرة من الناس في أي مكان حول العالم. إن حقيقة أن هناك علماء عرب متميزين خارج العالم العربي أكثر مما في داخله، تظهر أن المشكلة تكمن في الافتقار إلى الفرص والجو الملائم والقيم العلمية في العالم العربي وليس افتقاراً إلى الذكاء والإبداع عند هؤلاء الناس».

وعلى رغم كل ذلك، يعتقد شويري أنه«بفضل ما تتمتع به دول الخليج العربي، في هذه الحقبة من تاريخها، من ازدهار واستقرار وغنى طاقات بشرية ومادية، بالإضافة إلى تسامحها الثقافي وانخراطها في الشأن العالمي، فهي المؤهلة خصوصاً لمد الثورة العلمية في العالم العربي بالوقود، وبعثها وقيادتها».

وأضاف ان«في العالم العربي مؤسسات عدة ومنظمات وأفراد بعيدي النظر يبذلون جهوداً مضنية لبلوغ ذلك الهدف».

وتساءل:«لماذا لا تستخدم ثروات العالم العربي البشرية والمادية في ما سبق أن برع العرب فيه، أَعني التجارة والتمويل والإنسانيات؟ ألا يمكننا الاعتماد على الغرب والشرق الأَقصى، فنجني نحن ثمراتهم العلمية، وذلك بفضل الاقتصاد العالمي الواحد؟».

أما مدير كلية الهندسة الميكانيكية وهندسة المواد في جامعة ولاية واشنطن الأميركية البروفسور حسين زبيب فقال لـ»البيان» إنه«على رغم أنه في السنوات القليلة الماضية أحرزت بعض الدول في المنطقة تقدماً سريعاً في اتجاه بناء مجتمعات معرفية، تعاني المنطقة بمجملها عجزاً جوهرياً في الوصول إلى التعليم ونوعية التعليم والاستثمار المهم في البحث والتنمية».

وأضاف أن «الأحرام الجامعية الجديدة في المنطقة، بما في ذلك الجامعات العالمية المستوى في المدينة التعليمية في قطر، سجلت المزيد من الطلاب في السنوات الخمس الأخيرة». ولفت إلى أن«جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية تطور مجالات البحث المتنوعة في حرمها الجامعي الجديد بهدف توسيع نطاق البحث والتنمية في المنطقة.

إن التقارير الدولية حول المنطقة، وبخاصة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، الأونيسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تشير إلى أنه في مجال العلم والتكنولوجيا والمنشورات العلمية آخذة في الارتفاع.

إن دولاً مثل الأردن ولبنان والمغرب وتونس ومصر تنتج عدداً كبيراً من الخريجين من ذوي الخبرة التكنولوجية العالية». واستدرك بأنه«على رغم هذه المكاسب، فإن الوصول إلى التعليم العالي، وبخاصة في مجال العلم والتكنولوجيا، يشكل عقبة رئيسية أمام التقدم في المنطقة»،

وأخيراً عبر عن اعتقاده بأن«وضع التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا في المنطقة وفي العالم العربي يمكن أن يتقدم إلى الأمام، ويمكن أن تصل إلى المعايير العالمية. ذلك أن المنطقة لديها موارد بشرية شابة هائلة تحتاج إلى أن تعطى الفرص والوسائل من أجل التفوق».

الأردن

الوزارة تنفق والأهالي يشكون

تقول الوزارة إنها أنفقت على التعليم خلال العقدين الأخيرين عشرات الملايين من الدنانير بإنشاء الأبنية المدرسية الحديثة، من خلال قروض من البنك الدولي وغيره، إلا أن التزايد السكاني الذي يصل إلى حوالي 3% سنويا، إضافة إلى عودة المغتربين وقدوم مئات الآلاف من المواطنين العراقيين بعد احتلال العراق، واستيعاب أبنائهم في المدارس الحكومية، أدى إلى عدم التوازن بين أعداد الطلبة والأبنية اللازمة لهم.

ويعبر الكثير من أهالي الطلبة عن استيائهم من بعض المدارس التي تعمل بنظام الفترتين، وقالوا إن على الوزارة إنشاء أبنية جديدة للطلبة بدلا من إرهاق الأطفال بالدراسة حتى ساعة متأخرة من النهار وخاصة في فصل الشتاء، حيث يمكن أن يبقى الطالب إلى فترة الغروب.

ولا تسلم مدرسة حكومية من ظاهرة الاكتظاظ وان كانت بنسب متفاوتة، ولكن بعض تلك المدارس بات يستخدم مرافق لم تعد لتكون غرفا صفية لتكون كذلك.

العملية التربوية ضحية واقع الاكتظاظ في الصفوف

تعاني المؤسسات التعليمية في الأردن من ظاهرة الاكتظاظ بما يفوق عدد التلاميذ في بعض الصفوف 50 تلميذا.

يأتي ذلك وسط توقع مسؤولين في وزارة التربية والتعليم بارتفاع أعداد الطلبة الذين سينتقلون من المدارس الخاصة إلى الحكومية العام المدرسي المقبل لما يزيد على الـ 40 ألف طالب وطالبة، للارتفاعات المتكررة للرسوم المدرسية.

وقال مصدر مسؤول في الوزارة فضل عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ «البيان» إن «التربية والتعليم» تدرس الاحتمالات المتوقعة لاستيعاب حوالي 40 ألف طالب وطالبة يتوقع أن يلتحقوا بالمدارس الحكومية العام الدراسي المقبل بعد أن وصل عدد الطلبة المنتقلين العام الماضي إلى 35 ألفا، وذلك على اثر الارتفاعات المتكررة للرسوم في المدارس الخاصة وهبوط مستوى القدرة الاقتصادية لأولياء الأمور. ولا تمتلك وزارة التربية قدرات مالية واسعة لاستيعاب الطلبة الجدد في مدارس جديدة. وحسب إحصائيات الوزارة فإن حوالي 25% من المدارس الحكومية مستأجرة بكلفة سنوية تصل إلى 3 ملايين دينار من بين 3800 مدرسة تملكها الوزارة. ويصل عدد الطلاب في المدارس الحكومية والخاصة 5,1 مليون طالب وطالبة وسيزداد في العام المقبل.

وقالت الخبير التربوية عائدة وكيلة إن ظاهرة الاكتظاظ في الصفوف تفرز العديد من المظاهر والتداعيات غير المواتية للعملية التعليمية ومنها كثرة المشاحنات بين الطلاب بسبب الظروف السيئة التي يتعرضون لها وفرض بيئة غير مستقرة للتعليم، وبالتالي دفع بعض الطلبة إلى ترك مدارسهم لشعورهم بالتعب لمجرد الذهاب إليها.

ووفق مصادر الوزارة فإن كل ألف طالب يشغلون سنويا مدرسة واحدة وفي الغالب لا تكون أبنيتها مؤهلة بالشكل الكافي لهم، ما يعني توفير 30 مدرسة في العام الواحد، على أقل تقدير وبكلفة سنوية تصل إلى 30 مليون دينار مبينة أن انتقال 35 ألف طالب العام الماضي من المدارس الخاصة إلى الحكومية يجعل الأمر صعبا على «التربية».

وتدرس وزارة التربية إنشاء مدرسة جديدة بدعم من البنك الدولي وجهات دولية أخرى خاصة في المحافظات المكتظة ولكن ذلك لن يعني توفير بيئة تعليمية مريحة خاصة مع الاكتظاظ التي تعانيه الصفوف المدرسية اليوم. ويستوعب الصف المدرسي الواحد في كثير من الأحيان نحو 50 طالبا في غرفة صغيرة نسبيا مما يجعل تواصل المعلم مع طلابه بالشكل المطلوب أمرا في غاية الصعوبة.

وخلال السنوات القليلة الماضية أدت الهجرة المعاكسة للطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية نظرا لتردي الأوضاع الاقتصادية للأسر الأردنية إلى تكدس الطلاب في الصفوف المدرسة الحكومية مما فرض على وزارة التربية إعادة نظام الفترتين «صباحي ومسائي» إلى العديد من المدارس سواء في العاصمة أو بعض المحافظات المكتظة مثل الزرقاء شرق عمان واربد شمالها.

حظر

إخضاع المواقع الالكترونية في الأردن لـ «المطبوعات».. يقيد حريتها

أظهر تقرير «الحريات في العالم» لعام 2010 تراجع تصنيف الأردن إلى «بلد غير حر» بعد أن كان ضمن الدول المصنفة بـ «دول حرة جزئياً» في التقارير السابقة.

ولكن ما استدعى الانتباه لهذا التقرير الذي اعدته منظمة «بيت الحرية» للدراسات تزامنه مع صدور قرار من محكمة التمييز الاردنية بعد ان تقدم رئيس النيابية بالطعن موضوع هذه القضية، بناء على طلب من وزير العدل، اعتبرت فيه المحكمة الإعلام الالكتروني خاضع لقانون المطبوعات والنشر.

وحازت المواقع الالكترونية على انتشار بين المواطنين لما تنشره من اخبار وتقارير ذات سقف أعلى من تلك المقدمة الصحف اليومية.

واعتبر قانونيون وأصحاب مواقع الكترونية أردنيون «أن إخضاع الإعلام الالكتروني لقانون المطبوعات والنشر سيقيد حرية هذه المواقع».

ويصل عدد المواقع الالكترونية في الأردن إلى ما يقارب 80 موقعا الكترونيا. ولكن تدفق المعلومات على المواطنين الذي تأتي به هذه المواقع من مصادرها المختلفة ستكون خاضعة لقانون المطبوعات والنشر.

وأصدرت المحكمة قرارها، بناء على طلب وزير العدل، بعد أن قالت محكمتا البداية والاستئناف: إن قانون المطبوعات والنشر لا يشمل المواقع الالكترونية ولا ينظم عملها.

وعلى حد تعبير موقع «عمون» الاخباري فان بعض الصحف الالكترونية استطاعت تجاوز صحف يومية طالما احتكرت الخبر والرأي وتوافقت على مضمونه ليخرج على الناس بروح وايقاع ونفس واحد في محاولة لتقييد القارئ برواية واحدة ووجهة نظر واحدة لصناعة رأي عام يريدون له ان يملأ الفضاء ويحجب الرؤية.

وذكّرت عمون بان الصحف الالكترونية حطمت جدران الكنتونات الصحافية المغلقة والمنغلقة وباتت متنفسا للجميع.

وربما يحق لهذا الموقع ان يقول ما قاله خاصة وانه احتل حسب مقياس «اليكسا» الموقع الأول محليا، فرصيده من القراء تجاوز 250 الف زائر يومي، وبعدد معلقين تجاوزوا الـ 10 الاف تعليق يوميا.

ورأى المحامي محمد قطيشات المختص في قوانين الإعلام ان القرار إذا اعتمد سيثير إشكاليات عدة لان قانون المطبوعات يتحدث عن مطبوعات حاصلة على تراخيص رسمية وعن صحفيين مسجلين في نقابة الصحافيين، متسائلا اذا ما كان سيستثني القرار أي عامل أو أي محرر أو أي صاحب موقع الكتروني، إضافة إلى وجود مسمى رئيس تحرير في المطبوعة الحاصلة على تراخيص وهو ما لا يوجد في المواقع الالكترونية. وتساءل من باب التجريم كيف يمكن أن تطبق العقوبة على الموقع الالكترونية.

اللافت ان المواقع الالكترونية الاردنية التزمت الصمت أمام قرار المحكمة، من دون ان تنشر الخبر حتى ساعة متأخرة من نهار يوم الاربعاء الذي نشرت فيه الصحف قرار محكمة التمييز، ولكنها بدأت بالاشارة من بعيد بأن الاردن يعاني من تقييد للحريات الصحافية.

واعتبر مدير موقع عمان نت محمد العرسان بان «الحكومة مارست عملية التفاف على المواقع الالكترونية».

وقال: لقد اصبحنا تحت رحمة الحكومة التي تخشى من اصدار تشريع يضبط عمل المواقع الالكترونية فينعكس سلبيا على صورتها في الخارج».

تقرير «بيت الحرية»

وفي السياق، أظهر تقرير «الحريات في العالم» لعام 2010 الذي صدر الاربعاء تراجع تصنيف الأردن إلى «بلد غير حر» بعد أن كان ضمن الدول المصنفة بـ «دول حرة جزئياً» في التقارير السابقة.

ويعزي التقرير تراجع تصنيف الأردن لقرار حل البرلمان وقرار تأجيل الانتخابات حتى وقت لاحق من عام 2010 واصفا القرارين بانهما يمثلا «محاولة للتلاعب بالعملية السياسية من خلال تهميش السلطة التشريعية.

العرب يعيشون على هامش العلم

هل دخل العرب عصر العلم.. هل هم على أعتابه؟ هل لدى العرب قاعدة علمية وتقنية متينة تجعلهم في المستقبل من الدول الناهضة وليست النامية؟ ماذا عن نظم التعليم الثانوي والجامعي في الوطن العربي؟ هل استطعنا التعاطي مع العلم بشكل جاد أم كنا ندور حوله وعلى هوامشه فقط؟.. ماذا قدم الرسمي العربي عامة والأردني خاصة للارتقاء بالعلم؟

حول ذلك اختلف الأردنيون فمنهم من اعتبر أن العرب تمكنوا من دخول عصر العلم، مستشهدين بالقاعدة العلمية القوية في الأردن كنموذج وفي عدد من الدول العربية بصورة عامة. إلا ان آخرين رأوا أن العرب ما زالوا على هامش العلم، وإن كان بعض أفرادهم تمكن من الوصول إلى أعلى مستويات العلم علما ومهنة ووظيفة.

وكما وصف بعض المسؤولين الأردنيين والخبراء بان النظام التعليمي في الأردن جيد رغم الطموح بالمزيد، إلا ان آخرين أيضاً أكدوا اننا الأردنيين خاصة والعرب عامة ما زالوا في مناخ الجانب الشكلي للعلم، منتقدين الدولة بأنها ما زالت هي الأخرى تقدم تصوراتها الشكلية للعلم دون وجود خطة للنهوض بالبحث العلمي.

قاعدة علمية قوية في الأردن

وقال وزير التربية والتعليم الأردني الدكتور إبراهيم بدران: «إن العرب دخلوا عصر العلم، ولكنه يرى ان السؤال ليس في ان يكونوا قد دخلوه أم ما زالوا على أعتابه بل في ان يكون المجتمع نفسه قد قطع شوطا كبيرا في طريق العلم بمعنى تحول مجتمع إلى مصنع لانتاج العلم والعلماء وهو الطموح».

وأكد الوزير الأردني أن هناك قاعدة علمية قوية وناهضة في الأردن، تستطيع ان تجعله مستقبلا من الدول الناهضة وليس النامية، مشيرا إلى ان المملكة تملك الإمكانيات التي تجعلها من الدول المتقدمة في العلم.

ونوه إلى تقرير البنك الدولي في تقييمه للبلاد العربية بالنسبة للعلم حصل الأردن والكويت المرتبة الأولى. وقال: «إن هذا ما يشعرنا بان نظامنا التعليمي في الأردن جيد ولكن طموحنا دائما نحو المزيد من التقدم العلمي».

ويرى بدران «أن نظام التعليم الثانوي والجامعي في الأردن ركز على العلم بحيث تقدمت الدولة الأردنية كثيرا في التعليم»، مشيرا ان «التعليم الإلزامي في المدارس الأردنية متقدم، وأن نسبة الالتحاق المدارس تزيد عن 97% والمدارس منتشرة في الأردن بكل مكان ونسبة الطلبة في المدارس تزيد قليلا عن 25% من السكان».

شهادات جامعية بلا علم

ولكن الدكتور إبراهيم علوش استاذ في الاقتصاد اختلف مع الوزير فيما ذهب اليه فقال: «إن الدخول في عصر العلم لا يأت تلقائيا أو بقرار فردي من مجموعة من العلماء ففي أوروبا جاء نتيجة التطور الصناعي الذي افرز الظاهرة العملية التكنولوجية من رحم المجتمع الغربي بشكل طبيعي وبدون افتعال».

وأشار علوش إلى حالات أخرى مثل حالة روسيا في ظل بطرس الأكبر ومحمد علي باشا في مصر في القرن التاسع عشر الذي وضع خطة حكومية وظفت الموارد الكبيرة لإدخال عصر العلم.

وقال: بغياب آلية التطور الذاتية ثم الثورة الصناعية في أوروبا ومشروع حكومي ضخم لإدخال أي بلد عصر العلم فإننا سنبقى مستهلكين لمنتجات العلم من دون المشاركة في الثورة العلمية التكنولوجية التي تجتاح العالم.

وحول ما إذا كان ركز نظام التعليم الثانوي والجامعي في الوطن العربي على العلم، قال علوش: «إقبال الأردنيين على الحصول على شهادات علمية ووجود جامعات بالعشرات مؤشر خير ولكن هذه الجامعات لا تدخل ضمن قائمة الجامعات ال500 الأولى في العالم».

وزاد، ما يدعو للقلق ان الانتاج العلمي والبحث التكنولوجي في الوطن العربي ما زال متدنيا جدا، فما هو موجود اننا نحمل الشهادات الجامعية ولكن ليس لدينا ما يدل على العلم الذي تشهد به هذه الشهادات.

ونوه علوش ان كثير من الأردنيين تعاطى مع الجانب الشكلي للعلم، معتبرا أن التعليم يطغى على التلقين أكثر من بناء العقل التحليلي الذي يستطيع دراسة الظواهر بشكل منهجي ليستخرج قوانينها مؤكدا على اننا في الوطن العربي نحتاج إلى ثورة ثقافية لنبدأ بالدخول في عصر العلم ثورة تغيير مفاهيمنا ورؤيتنا للحياة وقدرتنا عل التعامل مع الظواهر بشكل صحيح.

ويرى علوش إننا نتعامل مع العلم بشكل هامشي حيث أننا على هامش العلم كمجتمع وما زال تعاملنا مع العلم كايقونة نرتديها أو حليه وليس العلم بالنسبة لنا نظارات ننظر من خلالها. وأكد أن الدولة تقدم شكليات لعلم وليس لدينا خطة للنهوض بالبحث العلمي، مشيرا إلى ان ما يخصص للأبحاث العلمية ودعم العلوم متواضعا لا يقاس بأي مشروع حكومي آخر.

إهمال مزمن للعلم والعلماء العرب

وقال الوزير الأسبق والعين الدكتور كامل العجلوني: «لو كان هناك جوائز نوبل في سنة 1000 ميلادي لحاز عليها العرب والمسلمين فالعرب والمسلمين كشعوب وحضارة لا ينقصها أي شيء لتكون في مقدمة الأمم، أما في وقتنا الحاضر، فاعتقد ان الإهمال المزمن للعلم والتكنولوجيا جعلنا في مرتبة متأخرة ومتخلفة عن سائر الدول».

وانتقد العجلوني النظام التعليمي في المدارس أو الجامعات الأردنية. وقال: «انه لا يعلم الطلاب طرق التفكير والتعبير الصحيحة ولا يعطيهم فرصة إطلاق تفكيرهم وطاقاتهم»، مشيرا إلى «أن العقلية التي وصفها بالمتخلفة لدينا تعتبر المهنة عيب ولا تريد إلا ان نكون اكادميين ولهذا فان تعاطينا مع العلم هامشيا».

وأضاف العجلوني، «يجب الاعتراف أن الدولة لا تعمل شيئا لتشجيع العلم والعلماء، بل إنها تفضل الأجنبي على العربي وتسميهم بالخبراء»، مشيرا «ما زلنا تحت الوهم القائل «الفرنجي برنجي» أو «هم يفهمون أكثر منا».

العلم شكلان: رسمي متخلف وشعبي رفيع

وقال رئيس قسم العلوم الاجتماعية في جامعة فيلادلفيا الدكتور توفيق شومر: «يجب أن نفصل بين مستويين في التعامل مع هذه العرب والعلم، وما إذا دخلوا عصر العلم أم على أعتابه والمستوى الأول هو الجسم الرسمي للدول العربية والذي يركز كثير على شكليات العلم المتخلفة لا على جوهر العلم أما المستوى الثاني فهو مستوى نشاط العلماء العرب».

وزاد، «على المستوى الأول ما زلنا نعاني كثيراً إذ أن المشاريع والبرامج المنفذة تعتمد فقط على ضبط الأرقام وإخراجها بشكل يشير إلى تطور أو تقدم علمي هنا وهناك في الوطن العربي لكن المعضلة الأساسية أننا على هذا المستوى ما زلنا نتعامل مع مخرجات التقنية الحديثة واستيراد التقانة وتعميمها محلياً حيث ان استيراد التقانة المتقدمة لا يؤدي إلى وجود قاعدة علمية بل إلى قاعدة تقنية تعتمد على مخرجات العلم عند الآخر المتقدم وما نحتاج إليه في الواقع هو أن نتمكن من إنتاج التقانة محلياً ومن ثم تصديرها للآخرين».

أما على المستوى الثاني بحسب الدكتور شومر» نجد أن هناك الكثير من الجزر المتفرقة الرفيعة من العلماء الجادين والذين ينتجون نتاج علمي مهم ومتميز في الكثير من البلدان العربية.

ولكن د. شومر أعرب عن أسفه من ان جهود هؤلاء العلماء المتميزين لا ينعكس عربياً على دولهم ولا يتم استغلالهم أو التعرف عليهم، بل إن الواقع يخبرنا إنه عندما يتم الاستعانة بمختصين من التخصصات التي يتميز بها هؤلاء لا يتم الاستعانة بهم بل بأقران لهم من دول غربية، رغم أن هؤلاء الأقران يعبرون في كثير من الأحيان عن استغرابهم من الدعوة لتقديم المشورة وعدم التعامل مع المختص المتميز والذي يدركون هم أنفسهم أنه متميز عنهم كثيرا.

يقول: بالتأكيد أننا ما زلنا تحت الوهم القائل «الفرنجي برنجي» أو «هم يفهمون أكثر منا».

وحول وجود قاعدة علمية متينة يمكنها أن تؤهلنا لأن نكون من الدول الناهضة قال شومر «للأسف لا فمن دون مؤسسية علمية لبناء قاعدة متينة، ومن دون دعم حقيقي للبحث العلمي، لا يمكن لنا أن نصل إلى هذه النقطة».

القوى الاستعمارية المناهضة لاحتضان العلم في المنطقة العربية

وزاد، «هنا لا بد من أن نقحم السياسة في الموضوع فالقوى الاستعمارية والامبريالية العالمية التي لا تريد للعرب أن تنهض أو أن يكون لهم مثل هذه القاعدة العلمية المتينة، وكلما حاولت أحد الدول العربية أن تصل بعلمائها ومختصيها إلى مثل هذه النقطة المهمة من التحول نحو امتلاك ناصية العلم تبدأ المؤامرات من كل نوع.

وضرب د. شمور على ذلك نموذج الجزائر التي كانت من أكثر الدول نهوضاً علمياً خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي، فبدأت مشاريع الحداثة والتحديث تؤتي أوكلها عندما بدأت مخططات التفرقة وزرع بزور الحرب الأهلية في المجتمع الجزائري».

ونوه إلى انه قد يقول البعض أن هذا تفسير يضع نظرية المؤامرة قبل الحقيقة، ولكننا نقول لهم «إن كان الوضع مختصر على الجزائر لوافقنا على أنها نظرية مؤامرة، ولكن عندما يرتبط الوضع نفسه مع ما حدث في العراق وفي ليبيا وفي لبنان والآن مع سوريا تصبح القضية تحتاج إلى تفسير أبعد من القول بأن من يعتقد بوجود نظرية المؤامرة ومأسور بالماضي».

ويتابع، «القضية مخطط استعماري أمبريالي لضمان ديمومة السيطرة الاستعمارية على مقدرات الوطن العربي».

وحول وجود نظم تعليمية تركز على العلم والمعرفة العلمية أوضح شومر ان الكثير من الدول العربية تحتاج فعلياً لمراجعة مناهجها التعليمية لتتماشى مع العلم الحديث ومتطلباته. وقال: «المناهج التعليمية في الوطن العربي لا تركز على أسس البحث العلمي السليم، لذلك فإننا بحاجة لتحويلها بحيث نتمكن من التعامل مع الأطفال لا على أنهم أطفال، بل على أنهم علماء صغار أو باحثين صغار هم علماء وباحثي المستقبل».

كما أعرب عن أسفه أن الدول العربية هي أقل الدول في العالم التي تخصص من ميزانياتها للبحث العلمي، مشيرا ان جامعة واحدة من الجامعات الكبيرة في العالم تدفع على البحث العلمي ما يدفعه الوطن العربي كله على البحث العلمي وهذا شيء مأساوي ولكنه الحقيقة التي نعيشها.

شاب أردني نافس بعلمه دائرة الارصاد الجوية

في فصل الشتاء يعرف الأردنيون جيدا شابا جامعيا اسمه محمد شاكر. هو من أبرز الشباب الأردنيين الذي استطاع ان يحقق لنفسه مكانة علمية متميزة نافس خلالها دائرة الأرصاد الجوية بكل طاقمها فأسس موقع باتت الصحف تأخذ منه معلوماتها عن الطقس أطلق عليه اسم طقس الأردن الالكتروني. ولفت محمد شاكر الذي لم يتجاوز من العمر عشرين عاما الأنظار لما احتواه جهده العلمي من معلومات تفصيلية عن حالة الجو المتوقعة.

المفاجأة ان محمد شاكر لا يدرس ما يمكن اعتبار جهده هذا منطقيا سواء علم التنبؤ الجوي أو حتى الفلك، بل هو على مقاعد الدراسة الجامعية في كلية الصيدلة في جامعة عمان الاهلية.

ويعتمد في معلوماته على هوايته في حب التنبؤ الجوي وما حصله من العلم فيه فتحول إلى مصدر للمعلومات عن أحوال الطقس تعتمده العديد من المواقع الالكترونية بل وبعض المحطات الإذاعية، الصحف اليومية.

يجمع الجزائريون على أن مستوى التعليم في بلدهم تراجع بشكل كبير عما كان عليه قبل أربعين عاما. وأن قدرات التلاميذ والطلاب على الاستيعاب صارت أضعف بكثير.

وجرى البحث عن الأسباب وأدخلت تعديلات خلال الثلاثين عاما الأخيرة، لكن لم تضبط الأمور بما يفتح الأفق لمناهج ترفع مستوى العلوم والتكنولوجيا في البلاد، لأسباب أرجعها عالم الاجتماع ناصر جابي إلى تأخر الذهنية التي تصيغ البرامج التعليمية، وضغط التيارات السياسية المحافظة وحرصها على تحجيم جهود الانفتاح على العلوم واللغات، بفرض مواد زائدة تثقل كاهل الطالب وتنهش من المساحة المخصصة للعلوم.

وفي هذا المعنى روى نور الدين نافع الخبير الأخصائي في البرمجيات الحديثة. لم أفهم ما جرى للمشرفين على إعداد البرامج الدراسية. فما فائدة معلقة عنترة بن شداد وما علاقة التجويد والترتيل بتخصص العلوم الطبيعية. لأن مادة اللغة العربية، والتربية الإسلامية، مادتان مرسبتان آخر العام.

وبالفعل يرسب عدد كبير من طلاب الفروع العلمية والتكنولوجية بسبب ضعف نقاطهم في امتحانات حول موضوعات مثل عنترة والشنفرى وابن زيدون والتجويد وتاريخ أو جغرافية الهند، مع أنهم حصدوا نقاطا جيدة في مواد الاختصاص.

وتقدم عادة للتلاميذ استمارات لاختيار الفروع التي يريدون، ويختار المتفوقون في المواد الأدبية واللغات فروع الادب واللغات والشريعة بينما يختار غيرهم العلوم والرياضيات والتكنولوجيا لكن مع ذلك تقحم المواد التقليدية في مقرراتهم الدراسية وتحسب قسرا في الامتحانات.

نفور من الفيزياء

ولاحظ محمد أرزقي مؤمن وهو أستاذ فلسفة في ثانوية «الحماديين» بمدينة بجاية أن معظم طلاب الجزائر في جميع المستويات من المتوسط حتى الجامعة ينفرون من مادة الفيزياء. وقال ان هذا النفور ناتج عن الطريقة التي تدرس بها هذه المادة الحيوية في العلوم المعاصرة...

فالفيزياء علم تجريبي والتجربة أساس الاستيعاب، فيما الطريقة المتابعة في الجزائر حتى الآن لا تزال «أدبية نصية» تعتمد على التلقين الإلقائيس وهذا يتعارض مع طبيعة هذا العلم، والطلاب عادة يتحاشون المسائل التي تهدر لهم الجهد دون تحقيق الفهم المرجو. وطرحنا سؤالا حول معاناة طلاب الفروع العلمية والتكنولوجية مع «مواد الحفظ عن ظهر قلب».

وبحسب المفتش فإن الصراع لا يزال قائما بين فريق تقليدي بالي التفكير لكنه قوي ويستفيد من مساندة قوى متنفذة من جهة، وفريق من المفكرين والمجربين ممن يريدون احداث تغيير فعلي وعميق في التعليم من جهة أخرى.

وقالت مسعودة يحياوي وهي خبيرة في شؤون التربية، أن التعليم في الجزائر في الستينات والسبعينات أحسن بكثير مما هو قائم اليوم. فقد خرّجت المدرسة والجامعة في الجزائر علماء ينتشرون في مختلف بقاع الأرض، بينهم البروفيسور الياس زرهوني الذي قاد معاهد الصحة الأميركية مدة ثماني سنوات بين 2001 و2009 وعدد كبير من علماء الذرة والرياضيات والفيزياء والطب والهندسة الفضائية ينتشرون في الولايات المتحدة وأوربا وهم في الغالب لم يسمعوا أبدا بوجود شخص اسمه امرؤ القيس أو عمرو بن كلثوم.

نيويورك ـ «البيان» ـ عمان ـ«البيان» ـ عمان ـ لقمان اسكندر ـ الجزائر ـ مراد الطرابلسي

Email