الحكومة السودانية تنتقد «القرار السياسي» ومتمردو دارفور يرحبون

«الجنائية الدولية» تمهد أمام اتهام البشير بالإبادة الجماعية

ت + ت - الحجم الطبيعي

فتحت المحكمة الجنائية الدولية أمس الباب أمام توجيه تهمة الإبادة الجماعية إلى الرئيس السوداني عمر البشير بقبولها استئنافا لمراجعة قرارها الذي أصدرته في بادئ الأمر بشأن إسقاط هذه الاتهامات عنه في قرارها الصادر في مارس 2009، لكنها لم تبت في إضافة التهمة إلى صحيفة الاتهام التي تتضمن بالفعل سبع تهم.

وبينما تجاهل الرئيس عمر البشير القرار وطار إلى قطر للبحث في تفاصيل مفاوضات دارفور.. أثار قرار المحكمة غضب الحكومة السودانية التي اتهمتها بالسعي إلى تقويض انتخابات ابريل والحوار مع متمردي دارفور الذين رحبوا بالقرار.

وجاء قرار غرفة الاستئناف في المحكمة في أعقاب استئناف قدمه المدعي العام لويس مورينو أوكامبو ضد قرار المحكمة بعدم ضم ثلاثة اتهامات بالإبادة الجماعية في لائحة الاتهام ضد البشير بسبب دوره المزعوم في الصراع في إقليم دارفور.

وبموجب قرار الأمس عدلت المحكمة عن قرارها بأن الادعاء لم يقدم أدلة كافية لاتهام البشير بارتكاب إبادة جماعية. وأعلن القاضي الفنلندي آركي كورولا أن غرفة الاستئناف تأمر «باتخاذ قرار جديد بالاعتماد على (مبدأ) حسن سير العدالة بالنسبة لمعيار الإثبات».

وشدد كورولا على أن «قرار الدائرة التمهيدية عدم إصدار أمر اعتقال فيما يتعلق بتهمة

الابادة الجماعية تأثر جوهريا بخطأ قانوني ولهذا السبب قررت دائرة الاستئناف إبطال القرار».

وأضاف أن «القضية لا تتعلق بمعرفة ما إذا كان البشير مسؤولا أم لا عن جريمة الإبادة. إن الاستئناف يتعلق بمسألة ترتبط بقانون الإجراءات». لكنه أضاف أن دائرة الاستئناف لن تنفذ طلب ممثل الادعاء بإصدار حكم بأن البشير مسؤول جنائيا عن جريمة الإبادة الجماعية.

ومن شأن إضافة تهمة الإبادة الجماعية لأمر الاعتقال أن تزيد من عزلة البشير وتثير مزيدا من الاضطراب في دارفور التي كانت تحتضن القطرية مفاوضات بشأنها.

هجوم من الخرطوم

وفي رد فعل على القرار، هاجم السودان المحكمة الجنائية الدولية واعتبر قرار «سياسياً» يهدف إلى تعطيل الانتخابات الديمقراطية المقررة في ابريل المقبل.

وقال وزير الدولة للإعلام والناطق باسم الحكومة كمال عبيد لوكالة «فرانس برس» إن القصد من قرار المحكمة الجنائية «هو التأثير على العملية السياسية وعلى التفاوض في الدوحة».

وأضاف عبيد إن «هذا عمل لناشط سياسي (مدعي عام المحكمة لويس مارينو أوكامبو) يريد إيقاف التطور السياسي في السودان ويتضح ذلك من توقيت القرار ولكن ذلك سيزيد من التزام الشعب السوداني نحو التحول الديمقراطي».

وكان المسؤول الرفيع في وزارة الإعلام السودانية ربيع عبدالعاطي قال لوكالة «رويترز» إن هذا الإجراء من جانب المحكمة الجنائية الدولية هو فقط لوقف جهود الحكومة السودانية لإجراء الانتخابات والتداول السلمي للسلطة، والحوار مع متمردي دارفور.

وكان البشير رفض مرارا مزاعم المحكمة الجنائية الدولية وهي أول محكمة دائمة في العالم لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب بوصفها جزءا من مؤامرة غربية. ورفضت الحكومة السودانية التعاون معها.

ترحيب دارفوري

في الطرف المقابل، رحبت حركة العدل والمساواة، أكبر جماعة متمردة في دارفور، بقرار المحكمة الجنائية الدولية وقالت انها ستفكر في المشاركة في محادثات السلام التي ترعاها قطر.

وقال القيادي في الحركة وكبير مفاوضيها في مفاوضات الدوحة أحمد توجود إن «هذا قرار صحيح. نعتقد أن ما شهدناه على الأرض في دارفور يصل إلى حد الإبادة الجماعية». وأضاف: «نحن الآن نقيم موقفنا لنحدد ماإذا كان ممكنا من الناحية الأخلاقية التفاوض مع حكومة متهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد شعبنا».

وفي السياق، صرح الناطق باسم الحركة احمد حسين آدم لوكالة «فرانس برس» بأن القرار «صائب»، وأنه «كان على المحكمة الجنائية الدولية اتخاذه نظرا إلى دور البشير كرئيس للأركان والدولة في الجرائم المرتكبة في دارفور»، بحسب تعبيره.

وأضاف آدم: «إنه انتصار كبير لشعب دارفور والعدالة». وتبع القول إن القرار «سيكون له وقع على الوضع السياسي في السودان ودارفور وداخل حزب» البشير.

البشير في الدوحة

في هذه الأثناء، قام الرئيس البشير بزيارة سريعة لم يعلن عنها مسبقاً إلى الدوحة أجرى خلالها مباحثات مع كبار المسؤولين القطريين لم يعرف مضمونها رغم التسريبات عن أنها تركزت على المفاوضات الخاصة بدارفور التي تجري تحت الرعاية القطرية.

وذكرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بحث في قمته مع البشير في مساعي بلاده لإنهاء القتال في إقليم دارفور بين الجيش السوداني والحركات المتمردة.

وقالت مصادر سودانية ان البشير، الذي رافقه عدد من المستشارين المهتمين بملف دارفور وعلى رأسهم المستشار الرئاسي غازي صلاح الدين المسؤول عن الملف، ناقش مع القطريين سبل الإسراع بوتيرة المفاوضات التي ترعاها الدوحة.

وقال مصدر دبلوماسي سوداني في أحد فنادق الدوحة، حيث تنعقد المشاورات بين الوسطاء الدوليين وممثلي الحركات الدارفورية، لوكالة الأنباء الألمانية إن الزيارة التي تتم بعد انتهاء أعمال القمة الأفريقية في أديس أبابا «ذات صلة بدفع مفاوضات الدوحة حول قضية دارفور والتي تواجه مصاعب في توحيد الفصائل الدارفورية على صعيد واحد للمضي في المفاوضات بالدوحة».

وأضاف المصدر أن فريق الوسطاء الدوليين سيعلن خلال ساعات البرنامج التفاوضي.

موقف

حياد في استفتاء الجنوب

شددت الأمم المتحدة على انه سيعود لسكان جنوب السودان التصويت لاستقلالهم أم لا أثناء الاستفتاء المتوقع في غضون عام، وأنها ستبذل جهودا لتفادي العودة إلى الحرب في حال فاز مؤيدو الاستقلال.

وأعربت الأمم المتحدة في بيان عن أملها في توضيح التصريحات التي أدلى بها السبت أمينها العام بان كي مون في مقابلة في أديس أبابا وقال فيها إن المنظمة الدولية «ستعمل للوحدة الوطنية» في السودان.

وقال الناطق باسمه مارتن نيسيركي إن كي مون «قال بوضوح أن الأمم المتحدة ستدعم الأطراف في جهودهم لجعل الوحدة جذابة (في السودان)، لكنها ستدعم أيضاً ممارسة الشعب في جنوب السودان حقه في تقرير المصير في استفتاء».

وخلص البيان إلى القول إن «أي إيحاء مفاده أن الأمم المتحدة اتخذت موقفا يمكن أن يسيء إلى نتيجة مثل هذا الاستفتاء، غير صحيح».

لاهاي, الدوحة, الخرطوم, البيان والوكالات

Email