علاقة قوية واستخدامات عديدة

الحبال من أقدم الصناعات التي تتحدى الزمن

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ترتبط علاقة الإنسان بالحبل منذ التكوين، فالجنين يرتبط برحم الأم عبر الحبل السري الذي يعتبر المصدر الوحيد للغذاء والحياة، والحبل الشوكي يشكل جُملة الأعصاب التي تنقل الإشارات العصبية من الدماغ إلى بقية أعضاء الجسم، وبالعكس.

غير أن علاقة الإنسان بالحبل تطورت كثيرا، حيث استخدم الناس الحِبال كأداة للربط والجر، كما استخدمها البحارة في ربط أشرعة السفن، وربط قدماء المصريين حبلاً متينًا حول مقدمة السفينة، ومدُّوه مشدوداً عبر سطحها ثم ربطوه في المؤخرة، وساهم ذلك في زيادة قوتها من خلال منع المقدمة والمؤخرة من الانحناء أو الغرق. يقال عن المرأة حُبلى أي تحمل مولودا، ويقال للرجل الغاضب أحبَل أو حبلان، ويقال: حبِل الزرع أي اكتنز بالسنابل، كما يقال: نصب فلان لفلان حبالته أو حبائله أي شراكه، وحبِل الصيد واحتبله بمعنى أخذه، وكانت بينهم حِبال فقطعوها أي عهود ووصال، ويكنى ضيّق الخُلق بـ «ضيّق الحبَل»، وإذا عشقت امرأة رجلا يقال إنها احتبلته أو حبِلته.

أنواع الحبال

ثمة ثلاثة أنواع للحبال، الأول يصنع من الألياف النباتية وخاصة ألياف النخيل والدوم المستخرجة من الجريد والعراجين، وهناك ألياف مانيلا المستخرجة من سيقان نبات قنب مانيلا الذي ينمو في الفلبين، وهي شديدة القوة ومقاومة للريح والأمطار وأشعة الشمس.

والنوع الثاني من الحبال يصنع من الألياف الصناعية، ويتميز هذا النوع بأنه أقوى من سابقه وأخف وزنا وأكثر مرونة، فضلا عن مقاومته للتعفن والتلف الكيميائي، وقد صُنع أول حبل من الألياف الصناعية من النايلون خلال الحرب العالمية الثانية، حيث استُخدم في مظلات الهبوط وسحب الطائرات الشراعية.

وحبال النايلون أقوى من حبال مانيلا ثلاث مرات، كما أن المرونة العالية لحبال النايلون تجعلها أفضل حبال للجر والاستخدام في مراسي السفن.

كما تعتبر الحبال المصنعة من ألياف البوليستر أفضل الحبال في الاستخدام على الرغم من ارتفاع ثمنها، وهي تتساوى تقريبًا في القوة مع حبال النايلون، غير أنها ليست بنفس درجة مطاطيتها.

أما النوع الثالث من الحبال فيسمى الحبل السلكي، ويتكون من أسلاك الصلب الملفوفة، وهي أكثر قوة وأطول عمرًا من أغلب الحبال المُصنَّعة من الألياف، ولكنها أثقل وزنًا وأقل مرونة، وتُستخدم الحبال السلكية ـ التي تسمى عادة الكَبْل ـ في تشغيل أجهزة مثل المصاعد، وروافع آبار النفط، والمجارف المستخدمة في أعمال التشييد والبناء.

طريقة صناعة الحبل

يحرص مصنعّو الحبال على توفير عدة شرط لا بد منها خلال عملية تصنيع الحبل، منها مقاومة التآكل بالاحتكاك والمواد الكيميائية والأشعة فوق البنفسجية، فضلا عن مراعاة شروط القوة والتمدد والوزن.

ويقوم مُصنّعو الحبال بشراء بالات الألياف الطبيعية من تجار الألياف، حيث يتم تمشيط الألياف وترتيبها في وضع متواز بشكل شريط متصل، باستخدام آلة تسمى ممشقة الغزل، ويتم بعد ذلك إطالة الشريط إلى أن يصبح رفيعًا بالقدر المناسب للغزل.

وباستخدام آلة أخرى يحول الشريط إلى غزل، ثم يتم عمل ضفائر ببرم اثنين أو أكثر من الغزل معًا، تشكل بمجموعها ما يسمى «الحبل».

كما يشتري المصنّعون أغلب الألياف الصناعية في شكل شعيرات، وباستخدام آلة تسمى الفتَّالة تبرم الشعيرات الطويلة وتحول إلى غزل مفتول، يستخدم بعد ذلك في عمل الحبال بنفس طريقة الألياف الطبيعية.

وتتكون أغلب الحبال من ثلاث فتلات، ولكن في الآونة الأخيرة انتشرت الحبال ذات الأربع أو الثماني فتلات، وهناك نوع آخر معروف من الحبال يُسمى حبل «مد الكوابل»، يتكون من ثلاثة حبال ملفوفة معًا، يتكون كل منها من ثلاث فتلات.

أما الحبل السلكي فيصنّع ببرم عدد من الأسلاك معًا لتكوين ضفائر، ثم إحكام الضفائر حول لب، وأقوى الحبال السلكية تكون ذات لب من السلك.

استخدامات أخرى للحبل

ويستخدم الحبل أيضاً في البناء واستخراج الماء والاستخدامات المنزلية اليومية (حبل الغسيل). كما يستخدم في الرياضة والترفيه (لعبة شد الحبل)، كما يستخدمه الشعراء كناية عن الوصل بالمحب، كقول الشاعر الأسود بن يعفر النهشلي: «قد أصبح الحبل من أسماء مصروما بعد ائتلافٍ وحب كان مكتوماً»، غير أن الحبل قد يستخدم أيضا كأداة رئيسية لإنهاء الحياة عبر المشنقة.

دمشق ـ حسن سلمان

Email