قمة الدوحة تفتتح بدعوات التضامن العربي والمصالحة

قمة الدوحة تفتتح بدعوات التضامن العربي والمصالحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

اكد القادة العرب في افتتاح القمة الحادية والعشرين في الدوحة ألاضرورة تحقيق التضامن العربي على أساس أن تكون هناك إدارة للخلاف النابع من تباين وجهات النظرلتحقيق المصالحة الحقيقية، في وقت اشترطت مصر ان تتركز المصالحة على المصالح والوضوح وانها لن تسمح ان يعتدى عليها بالغمز واللمز بتأكيدها ان المكاشفة هي الطريق لتجاوز الخلافات.

فيما تم الاجماع على رفض مذكرة الاعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير بوصفها امرا غير مقبول، بينما تباينت طرق مواجهة التوقيف بين الداعي الى اتخاذ موقف «جريء» وبين الداعي الى التحرك بوعي مع المحكمة الجنائية الدولية لضمان امن السودان «العالم لا يحترم إلا من يحترم نفسه، ولا يعطي مقعداً إلا لمن ينتزعه منه».. كانت الجملة الأبرز في خطاب تسليم الرئيس السوري بشار الأسد القمة الى امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حيث اكد الأسد ان الأحداث الإيجابية كانت محدودة خلال سنة ترؤسه للقمة العربية مؤكداً ان القرار الدولي اصبح حكراً على عدد محدود من الدول في العالم. وقال الرئيس السوري ان المصالحات هي الموضوع الأهم في هذه المرحلة بالنسبة للدول العربية، مشيرا إلى أن وجود اختلافات عربية أمر طبيعي، لكن المشكلة تكمن دائما في إدارتها.

واستعرض الأسد في بداية كلمته العديد من القضايا منها الاختلاف بين الدول العربية، والموقف من السلام مع اسرائيل، وقضية السودان والمحكمة الدولية، وقال الأسد إن المشكلة ليست في وجود الاختلاف فهو طبيعي، بل هي في طريقة تعاطينا معها وطريقة ادارتنا للخلاف»، وقال الأسد ان «التضامن العربي لا يعني التطابق العربي بل التكامل وان الاختلاف يفرضه اختلاف الظروف في كل دولة»، مؤكداً على اهمية توحيد رؤية القادة العرب للتضامن العربي.

وعرض الرئيس السوري نقاطا سماها حلا عمليا لتقليل الاختلاف العربي منها ضرورة تقديم اي مبادرة قبل فترة من انعقاد القمة لايجوز تجاوزها ليتاح الوقت لجميع الدول العربية لدراستها. وفي نقطة اخرى قال الرئيس السوري إن المبادرات التي تطرح حول القضايا الخلافية بين دولتين او اطراف في دولة واحدة، يجب ان تكون من خلال مؤسسة الجامعة وان تكون مقبولة من جميع الأطراف وان لانجعل الجامعة طرفاً في القضية بدل ان تكون راعياً ومساعداً.

وهو دورها الأساسي، وبالتالي «نعقد المشكلة الأساسية»، مضيفاً «مهما اشتد الخلاف لا يجوز ان يكون خارج الاطار العربي وان نشوه صورنا لدنا الآخرين». وحول السلام مع اسرائيل قال ان طرق الأبواب لطرح المبادرة العربية لا جدوى منه، مضيفاً ان المبادرة العربية تحتوي على مرجعيات يمكن العودة اليها عالمياً دون الحاجة الى وجود المبادرة نفسها.

كما دعا الأسد القادة العرب الى اتخاذ موقف «جريء» يرفض مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير من اساسها. ورأى أن صدور هذه المذكرة «تحت عناوين مزيفة ليس سوى مرحلة من مراحل تقسيم السودان بهدف إضعافه والاستيلاء على ثرواته وتقاسمها بين مجموعة من الدول تسعى لتكرار تجربة الانتداب».

من جانبه اكد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير قطر ان بلده يحاول ان يكون ساحة مفتوحة لحوار حر لاشرط عليه ولا قيد، قابلا للخطأ والصواب بمسؤولية المشاركين فيه وتلك طبائع الحرية». وبدأ الزعيم القطري كلمته بالحديث عن الازمة المالية والاقتصادية التي اصابت النظم التي كان العالم يعتمد عليها وهذا تطور استراتيجي.

حيث تسببت الازمة في اهتزاز قاعدة الثقة في العالم وان تجارب البشرية دلتنا ان التجارب لا تنجح الا بتوفر عنصر الثقة في النفس والغير وفي النظم والقوانين». واضاف «ان ازمة الثقة اصابت العالم العربي اكثر من غيره.. لأنه موجود في مهب الريح وفي بؤرة العاصفة.. وان الازمة تدعونا الى مراجعة وليس تراجعاً بأعصاب ثابتة وبفكر مستنير وبثقة بالله عز وجل».

وأشاد أمير قطر بالمبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود في قمة الكويت من أجل المصالحة العربية والتي عبرت عن مدى حرصه على لم الشمل وتحقيق التضامن العربي وتجاوز أي اختلاف في الرأي بين دولنا الذي يبقى في النهاية حول الوسيلة وليس الهدف، فهدفنا جميعاً واحد، هو مصلحة شعوبنا وأمتنا ورفعة شأنها.

وعبر عن اعتزازه بمشاركة العاهل السعودي في قمة العشرين الاقتصادية في لندن، معربا عن ثقته بأن العاهل السعودي يمثل القادة العرب جميعاً في هذه المهمة وسيمثل مصالح أمتنا وعالمنا العربي، وحتى الدول النامية المتضررة وطموحها بعلاقة أكثر توازناً مع الدول الصناعية المتقدمة.

الى ذلك، قال ممثل مصر في قمة الدول العربية بالدوحة ان مصر تترفع عن الصغائر إلا أنه لاينبغي أن يستعديها أحد من الاشقاء أو يعتدي عليها بالغمز واللمز. وألقى مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري الكلمة نيابة عن الرئيس محمد حسني مبارك الذي تغيب عن حضور القمة، مؤكدا أنه مازالت هناك خلافات قائمة ومحصلتها مزيد من شق الصف العربي.

وقال شهاب ان مصر تبذل كعادتها كل جهدها لرأب الصدع كي نلتقي حول ما يجمعنا ولا يفرقنا وننحاز لهويتنا العربية ولا نسمح بتدخلات غير عربية تغذي الخلاف، وما اتخذناه من خطوات منذ قمة الكويت حتى اليوم ليس نهاية المطاف وأمامنا عمل كبير قد تتباين رؤانا حول دوافعه لكن محصلتنا مزيد من التشتيت والإمعان في شق الصف، وأضاف أؤكد أن مصر تجاوبت مع الجهود الرامية لتجاوز بعض الخلافات واعية للتحديات التي تواجهنا مدركة لمسؤوليتها.

واستطرد: اولا ان المصالحة لابد أن تتركز على المصالح والوضوح فلا مجال للمواربة، فالمكاشفة هي الطريق لتجاوز الخلافات وستظل ذات طابع شكلي وهو مالا نرضاه، ثانيا: مصر تحمل كافة التقدير لكافة الدول كبيرها وصغيرها وتعلم انها موضع تقدير العالم العربي، فإذا ارتضينا هذا فلا مجال لشطط يفتقد إلى الاحترام المتبادل، وعبر عن امله ان تحمل الفترة المقبلة ما يقربنا ويستجمع قوتنا لتنقية الأجواء كي نتحدث جميعا بصوت واحد ونعزز تضامننا كأشقاء تجمعهم وحدة الهدف والمصير.

في غضون ذلك، قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ان الدول العربية تواجه تحديات خطيرة تستوجب العمل على نحو يضمن حماية مصالحنا وقدرتنا على التأثير الفاعل في الاحداث. واوضح أن الدول العربية مطالبة في هذه المرة وأكثر من أي وقت مضى بنبذ خلافاتها. مشيرا الى ان «الاعمدة التي يجب ان تبنى عليها رؤيتنا هي توحيد الموقف والجهود وتعزيز التضامن العربي».

من جهته أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن بلاده تولي أهمية خاصة لتحقيق الوفاق الفلسطيني وأضاف سليمان ان القضية الفلسطينية في جوهر اهتمامنا، ولكن للأسف فهي تبقى بندا دائما في كل اجتماعات القمم العربية، دون التمكن من التوصل لحل جذري لهذا الشعب مثل اقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين إلى اراضيهم» وشدد سليمان على أن «المصالحة العربية العربية حاجة ملحة ولا بد من التوصل الى تفاهم عميق على استراتيجية شاملة لمواجهة مجمل التحديات المطروحة على العالم العربي».

الى ذلك، اعتبر الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح أمير الكويت في كلمته أمام القمة العربية،» أن الخلافات العربية ليست على السيادة وانما في الرأي»، متسائلا،« لماذا ندخل شعوبنا في هذه الخلافات بين الانظمة؟، ولماذا لا ننأى بها عن اصحاب الجلالة والفخامة والسمو؟»، مؤكدا اهمية المضي في تحقيق الانفراج في العلاقات العربية، في وضع أسسها الواقعية والمنطقية لتقوم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة.

من جهته دعا ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الدول العربية إلى الوحدة والتعاون والعمل ضد طرق التشتت والضياع. وعبر عن دعم الرئيس السوداني عمر حسن البشير داعيا أن تزول محنته، في إشارة لقرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقته بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي عبر ايضا عن أمله في أن تكون قمة الدوحة فاتحة صلح ووئام ومنطلق تضامن وتفاهم وسلام بين العرب، وأن يتشكل في إطارها توافق عربي في مواجهة تطورات دولية وإقليمية لا تخفى حساسيتها ومخاطرها.

وأعرب عن تقديره لرئاسة الرئيس السوري بشار الأسد للقمة السابقة التي أنجزت مهمتها وانطلقت خلالها مسيرة المصالحة العربية والفلسطينية، وهبت نسمات من التوافق والهدوء على العلاقات العربية. وحيا موسى مبادرة العاهل السعودي لإعادة الأمور إلى نصابها داخل البيت العربي.

وكذلك جهود الرئيس المصري حسني مبارك لإعادة الأمور إلى نصابها داخل البيت الفلسطيني. وقال موسى «آن الآوان أن نوقف أو أن تتوقف الأصابع الأجنبية عن عبثها غير المسؤول في الفضاء العربي وتجاهلها للمصالح والقضايا العربية المشروعة».

الدوحة ـ «البيان» والوكالات

Email