«دمت اليمنية» .. استجمام واستشفاء على فوهة بركان

«دمت اليمنية» .. استجمام واستشفاء على فوهة بركان

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع اشتداد حرارة الصيف يلوذ الكثير من الناس هربا من القيظ المفرط إلا الذين يقصدون مدينة دمت اليمنية الواقعة في إقليم محافظة الضالع (90 كم جنوب صنعاء) يذهبون إليها طلبا لحرارة حماماتها الكبريتية. فهذه المدينة التي يوجد بها ثمانية حمامات طبيعة كبريتية صنعتها فوهات البراكين الحارة بعد أن أصبحت قبلة يقصدها الزائرون على مدار العام بحثا عن الدفء الحار الذي تنضح به حماماتها و يأتي إليها الزوار والسياح من داخل البلاد وخارجها من مناطق حارة أو باردة إما بهدف التدواي والإستشفاء بتلك الحمامات التي تزخر بها المدينة وإما للاستجمام والتنزه خاصة أن الخضرة تحفها من كل جانب حيث الحقول تبدو خضراء يانعة والتخلص من الشحوم التي يقال أن للمياه المتدفقة من باطن الأرض مفعولا كبيرا في شفاء العديد من الأمراض والعلل الظاهرة والباطنة وفقا لما يقوله الزائرون الذين قدم أكثرهم للاستشفاء بحماماتها المتدفقة من باطن الأرض.

وتقدر عدد الحمامات الموزعة داخل المدينة بأزيد من عشرين حماما موزعة على مساحة لاتزيد عن 5 ,1 كيلومتر مربع، بعض منها توقف عن العمل إما سبب الإهمال وجفاف ينابيعها وإما بسبب منافسة الحمامات الحديثة التي أقامها مستثمرون بمواصفات عصرية وملحقات للإقامة والسكن جعلتها أكثر جذبا للسياح من مختلف مناطق اليمن. وهناك حمامات خاصة داخل بعض منازل المدينة وهي غير مفتوحة للعموم فيما المفتوحة لعموم الزائرين حاليا هي تسعة حمامات تنساب في بعضها المياه الحارة من الينابيع الصخرية العلوية، والبعض الآخر تتدفق مياهها من فوهات أرضية بغزارة وقوة كبيرة. وتتفاوت كميات المياه المتدفقة من ينبوع إلى آخر حيث تصل في أكثرها غزارة إلى 80 لترا إلى 70 لترا في الثانية وفي أدناها تقدر بحوالي 20 إلى 15 لترا في الثانية.

وترتفع الينابيع المتدفقة في نوافير تتراوح مابين مترين إلى خمسة أمتار والحمامات المفتوحة للزوار هي حمام الدردوش، حمام العوادي، حمام الحرضة الكبرى حمام عاطف، حمام الظليمي، حمام الأسدي، حمام الأمير وبعض الفنادق أنشأت لها حمامات خاصة تمكن الوافد من الإقامة فيها والاستحمام والانتقال من مكان الإقامة إلى الحمام المراد.

ويقول علي مدهش الذي يعمل في أحد فنادق المدينة الواقعة على الطريق الرئيسي الرابط بين صنعاء وعدن في البداية: لم يكن أحد يدرك أهمية الينابيع الحارة المنتشرة في المدينمة لكن مع تزايد أعداد الزوار من داخل البلاد وخارجه تسارعت الحركة المعمارية وتزايدت أعداد الفنادق بشكل كبير حتى أصبحت الآن حوالي 20 فندقا ومجمعا سياحيا تعج بحركة على مدار العام سواء في الصيف أو الشتاء. وحسب مدهش فإن أغلب الوافدين إلى المدينة يأتون بغرض العلاج بالمياه الكبريتية التي تشفي الكثير من الأمراض والعلل مثل الحساسية الروماتيزم الأملاح الشحوم والدهون البلغم وكثير من الأمراض التي يأتي المرضى للاستشفاء منها بناء على نصائح أطبائهم أو نصائح مجربين سابقين.

وتشير الدراسات والأبحاث التي أجريت على اختبار المياه الكبريتية لحمامات دمت الكبريتية أنها تتمتع بخصائص علاجية هامة طبقا لتلك الدراسات والأبحاث وهي مياه من نوع الكالسيوم ـ البيكربون ـ الكلوري، ومؤشرها الهيدروجيني يصل إلى (6,9 ) وهي من المياه النادرة التي تتميز بخصائص علاجية واستشفائية محبذة لدى الكثير من الناصحين والمختصيين في مجال التداوي الطبيعي بالمياه البركانية.

وتبدو للزائر آثار التشكيلات البركانية وبصماتها واضحة في رسم الأخاديد والفوهات البركانية التي تعرضت لها المدينة منذ القدم مما جعل منها فضاء للفرحة خاصة في الفوهات البركانية التي تتشكل فيها بحيرات هامدة من المياه يطلق علي بعضها «الحرضة» وتعني بالدارجة اليمنية المقلة المنحوتة من الصخر والمخصصة للأكلات الساخنة وهناك الحرضة الكبرى والحرضة الصغرى وكلتاهما تشكلان فوهات بركانية نبتت وسط الوادي الواقع أسفل المدينة تحيط بهما الحقول الخضراء من كل جانب مما يعطي الزائر الإحساس بتنوع تضاريسي فريد ربما هو الذي يحدث كل الحركة الدؤوبة التي تعد بها المدينة الصغيرة التي صنعتها فوهات البراكين حيث الكثيرون يقولون أنه لولا الفوهات البركانية التي ظل ينظر إليها سكان المنطقة كنذير شؤم لما قامت هذه المدينة التي تتسارع فيها اليوم الحركة العمرانية بشكل ينبئ بمستقبل واعد وتحولت ينابيعها الحارة وفوهاتها البركانية وأخاديدها من نذير شؤم إلى طالع وفال حسن يجلب الرزق لسكانها لتتحول من من قرية منسية إلى أحد أهم المعالم السياحية التي يتقاطر عليها الناس من كل حدب وصوب.

لكن مع ذلك يبقى أن هذا المعلم السياحي بما له من أهمية لم يلق الاهتمام الذي يستحقه وفقا لما يلحظه الزائر على شوارع المدينة من قصور في النظافة اذ لا يخفي سكان المدينة الواعدة تذمرهم منه ويلقون بتبعاته على السلطات المحلية التي لم تقدر على تحصيل عوائد الاستغلال للأملاك العمومية حيث يستفيد منها متنفذون وملاك دون أن يساهموا في نظافة المدينة التي أصبحت تعرف اليوم بمدينة الحمامات.

صنعاء ـ عبدالكريم سلام

Email