خبير بريطاني في مجال الدفاع:

إعمار العراق في غياب الشركات الأمنية شبه مستحيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد رئيس شركة »يريتام« البريطانية المتخصصة في مجال الدفاع فيليب داوتي انه لولا الشركات الأمنية في العراق لأصبحت عمليات إعادة الاعمار شبه مستحيلة، معترفاً في الوقت نفسه بوجود شركات تسيء إلى باقي الشركات الأمنية العاملة هناك حيث يتصرف بعضها بطريقة »الكاوبوي«.

وقال داوتي الذي تعكف شركته على تقديم خدمات استشارية وحلول أمنية للشركات العاملة في مخطط اعادة اعمار العراق.وفي لقاء نظمته السفارة البريطانية في دبي أكد أن ارتفاع تكلفة الأمن للشركات العاملة في العراق تسبب فيما يشبه الشلل لمشاريع الاعمار هناك.

وأضاف »لقد أخرت الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في العراق خطط ومشاريع البناء هناك، أيضاً ارتفاع تكلفة توفير الأمن للشركات العاملة في بناء العراق وخاصة في نهاية عام 2003، حتى منتصف العام الماضي.

حيث كان هناك نوع من المبالغة في الإنفاق بنسب عالية على التكلفة الأمنية لتلك المشاريع والتي تراوحت ما بين 20 ــ 25% من إجمالي تكلفة المشروع الواحد، مما دفع بالعديد من الشركات.

وخاصة شركات الإنشاء إلى إعادة النظر في وجودها في العراق، ولكن منذ النصف الثاني من العام الماضي وحتى عامنا الماضي 2005، انخفضت نسبة تلك التكلفة إلى ما بين 10 ــ 15%، ونتوقع أن تشهد مزيداً من الانخفاض لتصل إلى 10% في بداية العام الحالي 2006.

وأضاف: نعم يجب أن تحرص الشركات الغربية العاملة في العراق على توفير الأمن لموظفيها وعمالها، ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن مستويات الخطر تتفاوت من منطقة إلى أخرى ومن مدينة أو قرية إلى أخرى في العراق.

والتي باتت مؤخراً تشكل أخطر بقعة على الأرض، فمثلاً نحن نعمل في العراق منذ عامين وأشرفت شركتنا على العديد من المهمات في العراق من دون أن نتعرض أو يتعرض أفرادنا للأذى، فمثلاً الآن في العراق تعتبر بغداد العاصمة من أخطر المدن العراقية.

وسألنا داوتي عن العراق الذي أصبح أشبه بكعكة أخذت تتقاسمها أيادي الشركات الأميركية بالدرجة الأولى، مقارنة بالشركات البريطانية والتي ربما وجدت أنها تستحوذ فقط على ما تبقى من تلك الكعكة؟

فأجاب: »دعنا نكون صريحين، توزيع تلك الحصص اعتمد منذ البداية وبالدرجة الأولى على مدى ارتباط دول تلك الشركات بالملف العراقي، فلو عدنا قليلاً للوراء لوجدنا أن المساعدات التي قدمت للعراق بعد فترة الحرب كانت أميركية بالدرجة الأولى.

وتكاليف الحرب على العراق دفعت الولايات المتحدة فواتيرها بصورة أكبر من باقي الدول المشاركة في تلك الحرب، لذلك كان من الطبيعي أن يحصل الأميركيون على الحصة الأكبر من مشروعات إعادة إعمار العراق، فخلال عام 2003 وحتى بدايات عام 2005، ربما كانت حصة الشركات الأميركية في مشاريع إعادة إعمار العراق هي الأكبر مقارنة بحصص الشركات البريطانية وغيرها من الشركات الأخرى.

ولكن الوضع اختلف الآن وخاصة أنه بات هناك وجود أكبر لشركات متعددة من دول المنطقة تؤسس مشاريع في العراق، فهناك شركات سعودية، كويتية، وشركات من دول الخليج الأخرى، بالإضافة إلى شركات لبنانية، وأردنية. كما أن هناك تواجداً لشركات يابانية وأوروبية بدأت في تأسيس مشاريع لها في العراق.

وعن تكلفة الاستعانة باستشارات وخبرات شركة بريتام في توفير البيئة والأجواء الأمنية للشركات الغربية العاملة هناك قال: تعتمد التكلفة بالدرجة الأولى على حجم المشروع وعلى الشركة وأين سيقام المشروع، فعملنا يتمثل في محاولة خفض مستوى المخاطر .

والتي قد تتعرض لها تلك الشركات أثناء تأديتها لأعمالها في العراق وخاصة أن تكلفة تأسيس مشروع في العراق بات مكلفاً بدرجة أكبر عن التكلفة لمشروع مشابه في أي منطقة أخرى من العالم.

فقلنا لداوتي: إذاً بإمكاننا القول إن »مصائب قوم عند قوم فوائد«، فأجاب: من المؤلم تحقيق أرباح في ظل آلام الآخرين وهو ما يطلق عليه البعض »وورلد بروفيتابل« أي من يحقق مكاسب من وراء الحروب«.

ولكن من المهم جداً أن نشرح للجميع أن معظم الشركات الأمنية العاملة في العراق لن يكون بالإمكان إعادة إعمار العراق من دونها، نحن نخاطر بأرواحنا من أجل حماية الشركات التي تساهم في التقليل من آلام وأوجاع العراقيين .

والتي تعمل ليل نهار على توفير حياة كريمة لهم من خلال خطط إعادة إعمار العراق والإبقاء على استمرارية عمل المرافق الحيوية المهمة في العراق، كشبكات المياه والكهرباء والمستشفيات والنفط وغيرها.

وسألناه ولكن هناك بعض العاملين في تلك الشركات الأمنية أساء للعراق وتسبب البعض الآخر منهم في موت عراقيين؟

فأجاب: نعم هناك بعض الشركات الأمنية وهم ما نطلق عليهم مسمى »كاوبوي.. رعاة البقر« ومن خلال تصرفات موظفيهم غير المسؤولة تسببوا في حوادث للعراقيين، مما أعطى سمعة سيئة جداً لباقي الشركات الأمنية الغربية العاملة في العراق ذات الأهداف الحقيقية والنبيلة .

والمتمثلة في العمل على مساعدة العراقيين من خلال توفير البيئة الآمنة للشركات العاملة في برنامج إعادة إعمار العراق وأيضاً كأي شركات أخرى في العالم تسعى تلك الشركات أيضاً لتحقيق أرباح من خلال عملها في العراق.

أيضاً من المهم جداً القول إن تلك الحوادث التي تسبب بها بعض الأفراد العاملين في تلك الشركات الأمنية غير المسؤولة، فتحت ملفات تحقيق بشأنها في العراق لمحاسبة المتسببين فيها.

كتبت كفاية أولير:

Email