القمة الإسلامية تختتم بتبني الوسطية ونبذ التطرف ومواجهة التحريض والكراهية

بلاغ مكة يركز على أولوية الإصلاح من الداخل وصيانة حقوق الإنسان

ت + ت - الحجم الطبيعي

اختتمت بعد ظهر أمس في مكة المكرمة أعمال القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي بتبني وثيقتي »بلاغ مكة« و»الخطة العشرية« إضافة إلى البيان الختامي للقمة.وأكدت وثائق القمة على محاربة التطرف في العالم الإسلامي ودعت إلى نشر قيم التسامح والاعتدال والوسطية وتفعيل دور منظمة المؤتمر الإسلامي في التصدي لقضايا التنمية والإنماء في الدول الإسلامية وإشاعة صورة مشرقة للإسلام والمسلمين في العالم.

بلاغ مكة المكرمة

وكانت وقائع الجلسة الختامية العلنية بدأت عقب انتهاء الجلسة الثالثة المغلقة الساعة الثالثة من بعد ظهر أمس بكلمة للامين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الذي تلا في بداية الجلسة (بلاغ مكة المكرمة) وفيما يلي نصه:

نحن ملوك ورؤساء وأمراء الدول والحكومات الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي إذ نجتمع في الدورة الاستثنائية الثالثة للمؤتمر الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة بين 5 إلى 6 ذي القعدة الموافق 7 و8 ديسمبر الحالي نرفع آيات الحمد لله عز وجل إذ منَّ علينا أن نجتمع في رحاب هذا البلد الحرام على ثرى مهد الرسالة الإسلامية قبلة المسلمين التي انطلق منها نور الإسلام ليهدي البشرية إلى سبل الخير والسلام ويرسي دعائم حضارة إسلامية شكلت رافداً مهماً من روافد الحضارة الإنسانية.

وإذا ما كان ظهور الرسالة الإسلامية بمضامينها السامية استهدف إخراج العالم من غياهب الجهل والظلام والاستبداد إلى نور الحق والعدالة وطريق العلم والمعرفة ومبادئ التعايش السلمي فإننا نجد أنفسنا اليوم في عهد اختلفت فيه المفاهيم واختلطت القيم وعم الجهل واستشرت الأمراض والأوبئة وتفشى الظلم وتدهورت فيه بيئة الإنسان وأضحينا أحوج ما نكون فيه إلى منظور جديد للخروج بالأمة كما شاءت إرادة الله لكي تكون مصدراً للإشراق والعلم والمعرفة والأخلاق ومناراً للإنسانية.

إن الحفاظ على هويتنا الإسلامية وقيمنا الأساسية ومصالح الأمة العليا لن يأتي إلا من خلال انتماء المسلمين الصادق إلى الإسلام الحقيقي والتزامهم الحق بمبادئه وقيمه الأصيلة منهاجا لحياتهم لكي تنهض الأمة وتمارس دورها الفعال في خدمة البشرية والحضارة الإنسانية. إننا نستشعر ضمير الأمة الذي عبر عنه علماؤها ومفكروها (جزاهم الله عنا خير الجزاء) في لقائهم الذي سبق اجتماع القمة مدركين للتحديات التي أشاروا إليها على الصعد السياسية والتنموية والاجتماعية والثقافية والعلمية كافة

وما تتعرض له الأمة من تهديدات داخلية وخارجية أسهمت في تعميق المأزق الحالي الذي تعيشه وتنعكس على مستقبله بل ومستقبل البشرية والحضارة الإنسانية. ولابد من التعامل مع هذه التحديات من خلال رؤية استراتيجية تخطط لمستقبل الأمة وتواكب المتغيرات الدولية وتطوراتها من اجل بلورة رؤية تستشرف آفاق المستقبل بما يمكن العالم الإسلامي من التعامل مع التحديات في القرن الحادي والعشرين بالاستناد إلى إرادة جماعية وعمل إسلامي مشترك.

وفي هذا الإطار فإنه ينبغي علينا الوقوف وقفة صادقة حازمة مع النفس حول إصلاح شأن الأمة الذي يبدأ من إصلاح الذات بالاتفاق على كلمة سواء ركيزتها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) والتصدي بكل حزم لدعاة الفتنة والانحراف والضلالة التي تستهدف تحريف مبادئ الإسلام السامية الداعية إلى المحبة والسلام والوئام والحضارة إلى أفكار منحرفة تقوم على الجهل والانغلاق والكراهية وسفك الدماء.

إن امتنا الإسلامية مطالبة اليوم بالاجتماع على الخير مصداقا لقوله عز وجل »واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا« الأمر الذي يستوجب من علمائنا وفقهائنا توحيد كلمتهم في فضح انحراف هذه الفئة الضالة وبطلان مزاعمها واتخاذ موقف حازم ضدها. وإذ نؤكد في هذا الصدد على ان الإرهاب ظاهرة عالمية لا تقتصر على أي دين أو جنس أو لون أو بلد وعلى عدم وجود أي مبرر أو مسوغ للإرهاب بجميع أشكاله وأنواعه ومصادره

فإننا عازمون (بحول الله تعالى) على تطوير أنظمتنا وقوانيننا الوطنية لتجريم كل ممارسات الإرهاب وتمويلها والتحريض عليها مطالبين في الوقت نفسه بمضاعفة الجهود الدولية وتنسيقها لمواجهة الإرهاب بما في ذلك إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب الذي أقره مؤتمر الرياض لمكافحة الإرهاب.

إن أولوية الإصلاح والتطوير تشكل قناعة تجمع عليها الأمة حكومات وشعوبا في إطار نابع من داخل مجتمعاتنا الإسلامية ومتوائم مع مكتسبات الحضارة الإنسانية ومستلهم لمبادئ الشورى والعدل والمساواة في تحقيق الحكم الرشيد وتوسيع المشاركة السياسية وتكريس سيادة القانون وصيانة حقوق الإنسان وبسط العدالة الاجتماعية والشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد وبناء مؤسسات المجتمع.

والحضارة الإسلامية هي جزء لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية تقوم على قيم الحوار والوسطية والعدل والبر والتسامح باعتبارها قيما إنسانية راقية في مقابل التعصب والانغلاق والاستبداد والإقصاء لذلك فانه من المهم تعميق هذه القيم السامية في خطابنا الإسلامي داخل مجتمعاتنا وخارجها.

وإذ نؤكد على نبذنا للتطرف والغلو والعنف فإننا نبدي استياءنا وقلقنا من تنامي ظاهرة كراهية ومعاداة الإسلام في العالم باعتبارها شكلا من أشكال العنصرية والتمييز وعن العزم على العمل الجاد للتصدي لها بالوسائل المتاحة كافة.ولما يشكله التعاون الاقتصادي والتكافل الاجتماعي بين الدول الإسلامية من أهمية في تعزيز تضامنها وتعظيم استفادتها من مزايا العولمة وتفادي سلبياتها فإننا نعتبر أهداف محو الأمية

واستئصال الأمراض والأوبئة ومكافحة الفقر في الدول الإسلامية أهدافاً استراتيجية ملحة تتطلب حشد الموارد اللازمة كافة لتحقيقها. إن تحقيق الأهداف المتوخاة لن يتأتى إلا من خلال الالتزام بالجدية والمصداقية في العمل الإسلامي والانطلاق من رؤية جديدة للعالم الإسلامي تتعامل مع التحديات الدولية ومتغيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يحفظ قيم الأمة ومصالحها فقد تم اعتماد وإقرار خطة العمل العشرية لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين وأننا لندعو ربنا أن يهيىء لنا من أمرنا رشدا وفى مسعانا توفيقا وفى حياتنا خيرا.

»وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون«.

البيان الختامي

واثر الانتهاء من تلاوة » بلاغ مكة المكرمة » قرأ الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي البيان الختامي الصادر عن الدورة الثالثة الاستثنائية لمؤتمر القمة الإسلامي »دورة مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.. التضامن في العمل«. وفيما يلي نص البيان الختامي:

تلبية للدعوة الكريمة الموجهة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى إخوانه قادة الأمة الإسلامية فقد انعقدت الدورة الثالثة لمؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية بمكة المكرمة في 5 و6 ذو القعدة 1426 هــ الموافق 7 و8 ديسمبر 2005م.

أفتتحت القمة بتلاوة آيات من القران الكريم ثم ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود كلمة أكد فيها أن المؤمن القوي بربه لا يقنط من رحمته وان الوحدة الإسلامية لن يحققها سفك الدماء كما يزعم المارقون بضلالهم من الغلو والتطرف والتكفير لا يمكن له أن ينبت بأرض خصبة بروح التسامح

ونشر الاعتدال والوسطية وأكد تطلعه إلى أمة إسلامية موحدة والى حكم يقضي على الظلم والقهر والى انتشار الوسطية التي تجسد سماحة الإسلام والى مخترعين وصناعيين مسلمين وتقنية مسلمة متقدمة إلى شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته. خاطب الجلسة الافتتاحية الرئيس الدكتور عبدالله بن أحمد بدوي رئيس وزراء ماليزيا بصفته رئيساً لمؤتمر القمة الإسلامي العاشر

فأكد أن الأمة الإسلامية لم يعد بمقدورها أن تنكر إن الأسباب الكامنة وراء الظروف المزرية التي تعيشها اليوم يجيب التصدي لها ومعالجتها معالجه شمولية من خلال بناء القدرات وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام. واطلع المؤتمر على إن ماليزيا عرضت استضافة اجتماعات لمناقشة الحكم الرشيد وإنشاء آليه للقوى الدستورية من اجل تخفيف آثار الكوارث الطبيعية في الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.

خاطب الجلسة الافتتاحية أيضاً البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلو أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي وما تطمح إلى تحقيقه من مكانة لائقة لها على الساحة الدولية آخذاً في الحسبان التطورات الهائلة في النظام العالمي وضرورة التخطيط الاستراتيجى لمواكبة هذه التطورات بالطرق التي تحفظ للعالم الإسلامي مصالحه العليا وتمكن الأمة من المحافظة على هويتها وحضارتها وقيمها الإنسانية والسامية باعتبارها عوامل أساسية في تماسك نسيج المجتمعات المسلمة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي لها.

بعد أن اطلع المؤتمر على التقارير المقدمة له والتوصيات المرفوعة إليه من اجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة الاستثنائية وبعد مناقشة القضايا المدرجة على جدول اعماله قرر المؤتمر تبني بلاغ مكة وبرنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين والإعلان الآتي..

أولاً: في المجال الفكري

أكد المؤتمر ان الإسلام هو دين الوسطية ويرفض الغلو والتطرف والانغلاق وأكد في هذا الصدد أهمية التصدي للفكر المنحرف بكل الوسائل المتاحة إلى جانب تطوير المناهج الدراسية بما يرسخ قيم التفاهم والتسامح والحوار والتعددية. أكد المؤتمر على أن حوار الحضارات المبني على الاحترام والفهم المتبادلين والمساواة بين الشعوب أمر ضروري لبناء عالم يسوده التسامح والتعاون والثقة بين الأمم.

دعا المؤتمر إلى مكافحة التطرف المستتر بالدين والمذهب وعدم تكفير المذاهب الإسلامية وأكد تعميق الحوار بينها وتعزيز الاعتدال والوسطية والتسامح وندد بالجرأة على الفتوى ممن ليس أهلاً لها.أكد المؤتمر على أهمية إصلاح مجمع الفقه الإسلامي ليكون مرجعية فقهية للأمة الإسلامية.

ثانياً: في المجال السياسي

أكد المؤتمر أهمية قضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية للأمة الإسلامية وعليه فإن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ عام 1967م بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من باقي الأراضي اللبنانية المحتلة وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425 يعتبر مطلبا حيويا للأمة الإسلامية قاطبة ومن شأن هذه القضية توحيد الموقف الإسلامي من الحل الشامل لقضية فلسطين وفق قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية وخريطة الطريق.

كما يجب بذل الجهود من اجل استعادة مدينة القدس والمحافظة على طابعها الإسلامي والتاريخي وتوفير الموارد الضرورية للحافظ على المسجد الأقصى وباقي الأماكن المقدسة وحمايتها والتصدي لسياسة تهويد المدينة المقدسة ودعم المؤسسات الفلسطينية فيها وإنشاء جامعة الأقصى في مدينة القدس. ودعا إلى دعم وقفية صندوق القدس بحيث يسهم كل مسلم بدولار واحد إلى جانب مساهمة الدول الأعضاء للحفاظ على المقدسات في مدينة القدس

وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك والمحافظة على المعالم الحضارية والتاريخية في المدينة المقدسة وعلى طابعها العربي الإسلامي وتعزيز صمود أهلها لتعود للتعايش والتسامح عاصمة لدولة فلسطين. وأكد العمل مع المجتمع الدولي من اجل حمل إسرائيل على وقف الاستيطان وتفكيك المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل وكذلك وقف بناء الجدار وإزالة الجزء القائم منه وفقا للفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية.

ناقشت القمة الوضع في العراق حيث أعربت عن ترحيبها بالمبادرة العربية للوفاق الوطني بين الفئات العراقية وعن أملها في أن تؤدي الانتخابات التشريعية القادمة إلى قيام الحكومة العراقية الدستورية بما يحفظ وحدة العراق وسلامة أراضيه ويحقق أمنه واستقراره ويمكن العراق من القيام بدوره الحضاري على الساحة العربية والإسلامية والدولية وعن إدانتها للإرهاب الذي يتعرض له الشعب العراقي وعن دعمها للعملية السياسية واستكمال المؤسسات الدستورية ودعم عملية الاعمار..

وأكدت أهمية دور الأمم المتحدة والتعاون بينها وبين منظمة المؤتمر الإسلامي لدعم العملية السياسية في العراق.وأكد المؤتمر دعمه لحقوق وتطلعات شعب جامو وكشمير في تقرير المصير وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ودعا إلى احترام حقوق الإنسان للشعب الكشميري كما وافق المؤتمر على توفير الدعم السياسي والدبلوماسي للممثلين الحقيقيين للشعب الكشميري في نضالهم ضد الاحتلال الأجنبي.

وأكد المؤتمر وقوفه إلى جانب الحكومة الصومالية في سعيها لاستعادة الأمن وإعادة الاعمار. وجدد المؤتمر إدانته للعدوان المستمر لجمهورية أرمينيا على سيادة جمهورية أذربيجان وسلامة أراضيها ودعا إلى الانسحاب الكامل وغير المشروط للقوات الأرمينية من جميع الأراضي الأذربيجانية المحتلة.

وأعرب المؤتمر عن التضامن مع الشعب القبرصي التركي المسلم وحقه المشروع من خلال دعم الجهود في إطار الأمم المتحدة للوصول إلى حل شامل وعادل ودائم لهذه القضية على أساس المساواة السياسية وكذا اتخاذ إجراءات ملموسة نحو حذف جميع القيود المؤدية إلى عزلة الشعب القبرصي التركي. وجدد المؤتمر ترحيبه باتفاق السلام الشامل في السودان والقرار الصادر عن القمة العاشرة بإنشاء صندوق لإعادة اعمار المناطق المتأثرة بالحرب في السودان وحث الدول الأعضاء على المساهمة الفعالة في الصندوق.

أكد المؤتمر الجدية والمصداقية في العمل الإسلامي المشترك من خلال التنفيذ العملي لقرارات المؤتمرات الإسلامية خاصة في ما يتعلق بتجسيد التضامن الإسلامي عند مواجهة الشدائد كالكوارث الطبيعية وغيرها ومواجهة التهديدات الخارجية التي تزعزع أمن أية دولة من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بموقف موحد ورفض العقوبات أحادية الجانب.. كما أكد ضرورة إصلاح منظمة المؤتمر الإسلامي بغية زيادة تفعيل مؤسساتها وتنمية دورها.

شدد المؤتمر على إدانة الإرهاب بجميع إشكاله وصوره ورفض أي مبرر أو مسوغ له وأعلن عن تضامنه مع الدول الأعضاء في المنظمة التي تعرضت وتتعرض للعمليات الإرهابية، كما شدد على ضرورة تجريم كل الممارسات الإرهابية وجميع أشكال دعمها وتمويلها والتحريض عليها معتبراً الإرهاب ظاهرة عالمية لا ترتبط بأي دين أو جنس أو لون أو بلد.

وأكد على أهمية تضافر الجهود الدولية لمكافحة هذه الظاهرة والعمل على تنفيذ التوصيات الصادرة عن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض عام 2005م بما في ذلك إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وأكد ضرورة التمييز بين الإرهاب وبين مشروعية مقاومة الاحتلال الأجنبي التي لا تستبيح دماء المدنيين الأبرياء ودعم الجهود الرامية إلى وضع مدونة سلوك دولية لمكافحة الإرهاب وكذلك عقد مؤتمر دولي أو دورة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة لتأكيد التوافق الدولي على استراتيجية متكاملة لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة.

كما أكد المؤتمر ضرورة العمل الجماعي على إبراز حقيقة الإسلام وقيمه السامية والتصدي لظاهرة كراهية الإسلام وتشويه صورته وقيمه وتدنيس الأماكن الإسلامية والعمل الفعال مع الدول والمؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية وحثها على تجريم هذه الظاهرة باعتبارها شكلا من أشكال العنصرية.

أعرب المؤتمر عن قلقه إزاء تنامي الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في العالم وندد بالإساءة إلى صورة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في وسائل إعلام بعض البلدان وأكد مسؤولية جميع الحكومات عن ضمان الاحترام الكامل لجميع الأديان والرموز الدينية وعدم جواز استغلال حرية التعبير ذريعة للإساءة إلى الأديان.

وشدد المؤتمر على أهمية تعزيز التعاون والحوار مع الدول غير الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي التي تتواجد بها مجتمعات إسلامية وكذلك دعا المؤتمر لدراسة إمكانية إنشاء هيئة مستقلة دائمة لتعزيز حقوق الإنسان في الدول الأعضاء وكذلك إمكانية إعداد ميثاق إسلامي لحقوق الإنسان وفقا لما نص عليه إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام كما دعا إلى التفاعل في هذا المجال مع الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى ذات الصلة وأكد أهمية تعزيز حقوق المرأة وتعليمها ورحب بعرض تركيا استضافة المؤتمر الأول لمنظمة المؤتمر الإسلامي حول المرأة.

وأكد المؤتمر ضرورة قيام وسائل الإعلام في العالم الإسلامي بعرض الوجه الحقيقي المشرق لعقيدتنا الإسلامية والتعامل مع الإعلام الدولي بكيفية فعالة تحقق هذا الهدف ودعا إلى تفعيل (الكومياك) وأكد أهمية دعم صندوق التضامن الرقمي لتنمية مجتمع المعلومات في البلدان الإسلامية.

ثالثاً: في المجال الاقتصادي والاجتماعي

أكد المؤتمر أهمية الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والطبيعية والاقتصادية المتوفرة في العالم الإسلامي والاستفادة منها في تعزيز التعاون بين دوله والعمل على تنفيذ خطة العمل الرامية إلى تطوير هذا التعاون ودراسة إمكانية إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الدول الأعضاء والانضمام إلى الاتفاقيات والقرارات المبرمة وتنفيذها ودعم أنشطة اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (كومسيك).

وأكد المؤتمر ضرورة تحقيق زيادة كبيرة في التجارة البينية بين الدول الأعضاء ورحب بإنشاء المؤسسة الإسلامية الدولية لتمويل التجارة استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين في مؤتمر القمة الإسلامي العاشر، داعيا إلى سرعة مباشرة هذه المؤسسة لأعمالها، كما دعا إلى زيادة رأسمال البنك الإسلامي للتنمية لتمكينه من تلبية احتياجات الدول الأعضاء،

وجدد المؤتمر التأكيد على حيوية دور القطاع الخاص في التنمية. وأكد المؤتمر أهمية التعاون في مجال بناء القدرات ومكافحة الفقر والبطالة ومحو الأمية واستئصال الأمراض مثل الايدز والملاريا والسل والسعي لحشد الموارد اللازمة لذلك من خلال تأسيس صندوق خاص في البنك الإسلامي وتكليف مجلس محافظي البنك بتنفيذ ذلك، وعطفاً على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص القضاء على شلل الأطفال أكد أهمية دعم الجهود الدولية في هذا المجال خاصة وان الدول الأعضاء تعد من أبرز ضحايا شلل الأطفال.

ودعا المؤتمر إلى دعم التنمية في إفريقيا ومبادرة (نيباد) وقرر وضع برنامج خاص لذلك. وأكد من جديد الالتزام بتحقيق أهداف الألفية التنموية من خلال اتخاذ التدابير الملائمة للتخفيف من وطأة الفقر في الدول الأعضاء، ودعا الدول والمؤسسات الدولية التي تستطيع تقليص أو إلغاء ديونها المترتبة على الدول الأعضاء أن تدرس امكانية القيام بذلك حتى تتمكن الدول المدينة من تحقيق التنمية الاقتصادية والتخفيف من وطأة الفقر،

كما شجع مبادرات الدول الأعضاء الرامية إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع بقية الدول الأعضاء والبلدان الأقل نمواً والبلدان منخفضة الدخل الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.وقرر المؤتمر تبني خطوات واضحة للتنمية العلمية والتكنولوجية خاصة ما ينتج من اكتفائها الذاتي كالاستخدام السلمي لتقنية التكنولوجيا في إطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بغية دعم التنمية المستدامة للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.

وأكد الاجتماع أهمية القرارات والتوصيات الصادرة عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات المنعقد في تونس، ودعا إلى تقليص الفجوة الرقمية بين الدول وتحقيق التقدم الحضاري المنشود، كما دعا أيضاً للتعاون الوثيق في مجال العلوم والتكنولوجيا. وأعرب المؤتمر عن الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية على كرم الضيافة وعلى الدعم المستمر الذي ما فتئت المملكة تسديه لمنظمة المؤتمر الإسلامي وأمانتها العامة،

كما أعرب عن الإعجاب والثناء للأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي لمساعيه المتواصلة في سبيل بث روح ورؤية جديدتين من الفاعلية والنجاعة في عمل المنظمة، وقدر عالياً جهود العاملين في الأمانة العامة لما أبدوه من مهنية واتقان في العمل وانجاز المهام الموكلة إليهم بوقت قياسي.

وألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة نوه فيها بما تم خلال المؤتمر من اتفاق، ووصف القرارات التي خرج بها المؤتمرون بأنها »بداية لصفحة مشرقة جديدة من تاريخ الأمة وصفحة من التسامح والمحبة والاتحاد تفتح أبواب الأمل للمستقبل لكل مسلم ومسلمة في مشارق الأرض ومغاربها«.

ثم القى الرئيس السنغالي عبدالله واد كلمة امتدح فيها عقد القمة الاستثنائية في مكة المكرمة وقال »إن هذه الدعوة إلى المنبع أعطتنا القوة الكافية لكي نواجه المستقبل وان نعيد التنسيق فيما بيننا لكي نعيد تلاحمنا مرة أخرى وضرورة أن تكون هناك إرادة سياسية لكي تدخل الأمة الإسلامية مرة أخرى لتجد مكانها في العالم«.

وأكد أن منظمة المؤتمر الإسلامي وعلى الرغم من أوجه ضعفها لها انجازات متعددة فيما يتعلق بتعزيز أواصر الأمة الإسلامية من أجل كفاح واحد هو البقاء ومقاومة الاعتداءات بكل أشكالها وبخاصة الإرهاب والحركات المناهضة للإسلام والمقاومة أيضا ضد كراهية الإسلام.وأعلن عن ترحيب بلاده بالقمة الإسلامية المقبلة التي ستعقد في العاصمة السنغالية داكار.

( قنا)

Email