تقارير البيان

الصحافة تصبح «مهنة البحث عن الاغتيالات» في لبنان

ت + ت - الحجم الطبيعي

«صحافي.. لا تطلق النار» كانت العبارة الأولى التي يتعلمها المراسلون الأجانب، ويضعونها على ثيابهم لدى تغطية الأحداث الأمنية في لبنان، وكانت هذه العبارة تحميهم غالباً.. لكنها لم تكن فعالة دائماً. لقد سقط في لبنان العديد من الصحافيين منذ الاستقلال وحتى اليوم، حتى أنه كان بين »شهداء الاستقلال« الذين علقهم جمال باشا الجزار على المشانق عام 1916 الكثير من الصحافيين .

الأمر الذي دفع نقابة الصحافة اللبنانية إلى تبني »عيد الشهداء« عندما تخلت عنه الدولة اللبنانية وألغته قبل أعوام، فسمته عيد شهداء الصحافة وتحتفل به في السادس من مايو من كل عام.وفي تاريخ لبنان الحديث سقط العديد من الصحافيين خلال جولات القصف المتبادل أثناء الحرب،

لكن هناك العديد من الصحافيين الذين استهدفوا قصدا لأنهم صحافيون بهدف إسكاتهم أو تمرير الرسائل من خلالهم إلى الجسم الإعلامي اللبناني الذي لم تقيد القوانين حريته لكنها لم تحم هؤلاء من الموت ثمناً لممارستهم «مهنة البحث عن المتاعب».

نسيب المتني كان أول ضحايا الصحافة بعد الاستقلال، وهو صحافي يساري، ومالك صحيفة «التلغراف» اغتيل يوم 27 مايو 1958، بعدما كان يشن الحملات على الرئيس اللبناني كميل شمعون ومحاولته تجديد ولايته، واتهم المعارضون «المكتب الثاني»،

وهو الاسم الذي كان يطلق على استخبارات الجيش، باغتياله. وكانت شرارة ثورة 1958 التي اندلعت في لبنان ضد شمعون وحكمه وتدخلت على أثرها الولايات المتحدة بإنزال قوات «المارينز» الأميركية على الشواطئ اللبنانية.

وفي عام 1966، اغتيل صاحب صحيفة «الحياة» كامل مروة في مكتبه برصاص مسدس كاتم للصوت أطلقه إبراهيم قليلات الذي كان من التنظيم الناصري قبل أن يؤسس «حركة التنظيم الناصري ـ المرابطون» خلال الحرب.وفي 29 أغسطس من العام نفسه اغتيل صحافي في جريدة «اللواء» يحيى الحزوري في الشياح «كان عضواً في حزب البعث العربي الاشتراكي الموالي للعراق».

وتكرر اغتيال الصحافيين مرات عديدة بعد ذلك، إذ خطف رئيس تحرير مجلة «الحوادث» سليم اللوزي في مارس 1980 خلال زيارة له إلى بيروت التي كان «منفياً» منها، وقد وجدت جثته بعد 15 يوماً في صندوق سيارته المركونة في حرج عرمون ـ المطل على منطقة خلدة عند تخوم بيروت الجنوبية مشوهة إلى حد كبير، وأصابعه محروقة بالأسيد.

وفي يوليو من العام نفسه اغتيل نقيب الصحافة اللبنانية رياض طه على يد مسلحين مجهولين بإطلاق عشرات الرصاصات على سيارته في محلة الروشة غرب بيروت.وفي 9 يوليو عام 1985 قتل سمير عاصم سلام، رئيس تحرير مجلة «الفهرس» مع زوجته وولديه في منزله في رأس بيروت. وعام 1985 اغتيل الصحافي حسن فخر بقذيفة صاروخية أطلقت على سيارته على إحدى طرق منطقة بعبدا ـ عاليه.

وفي يونيو الماضي قتل الصحافي في صحيفة «النهار» سمير قصير في انفجار بسيارة ملغومة استهدفه في منطقة الأشرفية شرق العاصمة بيروت. العبوة وضعت تحت مقعده وهو السيناريو الذي تكرر مع الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، ومع الصحافية مي شدياق التي وقفت العناية الإلهية حائلا دون مصرعها

ولم تقتصر الاغتيالات على الصحافيين اللبنانيين فهي طاولت أيضاً غير لبنانيين كالصحافي العراقي عبدالمجيد وصفي في 20 يونيو 1979، وكان نائب رئيس تحرير مجلة »فلسطين الثورة« كذلك مراسل صحيفة «شتيرن» الألمانية كارل روبير ليفر في محلة المنارة غرب بيروت في العام نفسه.

بيروت ـ عباس طاهر

Email