وصفته بورقة تين لبوش، الوزيرة البريطانية المستقيلة تحث بلير على الرحيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 13 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 14 مايو 2003 صعدت كلير شورت، وزيرة التنمية الدولية البريطانية المستقيلة حديثاً، من خلافها مع أسلوب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في القيادة، وذهبت الى ما هو أبعد من قضية حرب العراق، وحثت بلير أمس على الاستعداد للتنحي بشكل لائق «وافساح المجال أمام غوردون براون، وإلا فإنه يستعرض لخطر إفساد انجازاته التاريخية التي حققها كرئيس وزراء. ففي مقابلة مع صحيفة «الغارديان» كانت فيها شورت أكثر صراحة مما كانت عليه أثناء القاء بيان استقالتها الذي جاء بدوره فظاً وقاسياً في عباراته، حذرت الوزيرة السابقة قائلة: «ربما سأستطيع المساعدة بشكل أكبر وأنا في صفوف المعارضة، في حماية حكومة حزب العمال من الأخطاء التي تسبب فيها ذلك «الأسلوب الغريب في السيطرة» الذي كانت تتبعه تلك الزمرة غير المنتخبة التابعة لبلير وسياساتهم التي كانت تؤثر اللجوء الى مبادرات سيئة يتم فرضها أعلى. وواصلت الوزيرة المستقيلة حديثها بالقول: «إننا في حاجة لأن نبقي على هذه الحكومة، فهي لديها فرصة جيدة للاحتفاظ بولاية أخرى. ولكننا يجب أن نحافظ عليها كي تعمل بشكل جيد يتوافق مع مبادئها وقيمها، فهي ترتكب الأخطاء حالياً. ومن أجل تحقيق هذا الهدف ومن دون أن نسقط في هاوية من الانشقاقات المريعة، علينا أن نحاول ونضمن اننا نحافظ على جودة عمل هذه الحكومة وبالفعل نشرع في احداث تسليم مهذب للسلطة الى شخص آخر». وقد تحدثت الوزيرة السابقة لمدة ساعتين بعد أن أخبرت بلير بأسلوب «نظيف وودي تماماً» أثناء محادثة هاتفية بينهما استمرت خمس دقائق بعد العاشرة صباحاً، انها راحلة عن الوزارة بسبب سوء تعامل أميركا وبريطانيا مع الوضع في العراق بعد الحرب. وادعت شورت ان بلير لم ينفذ الوعود التي أعطاها اياها في هذا الصدد. وقالت شورت للصحيفة وهي تشدد على ان عدداً كبيراً من دساتير العالم تحدد بشكل ينم عن الحكمة رئاسة الزعماء بفترتين فقط، مثلما الحال في أميركا التي لا يحق للرئيس فيها أن يظل في الحكم أكثر من 8 سنوات، انها تعتقد ان «توني بلير حقق انجازات ضخمة أثناء ولايته وسيكون من المحزن للغاية لو انه استمر ليفسد سمعته الجيدة». وبشكل هامشي أثناء المقابلة أشارت شورت الى شيء سوف يغضب مسئولي داوننغ ستريت، ولكنه سيخطب ود الكثيرين من أعضاء البرلمان، بمن فيهم المعجبون بمارغريت تاتشر، قائلة: «كان هناك قول يعتاد رجال حزب المحافظين على ذكره عندما كانوا يعتلون السلطة، وهذا هو قولهم وليس قولي ـ يتمثل في ان (أحداً لا يخرج عاقلاً بالكامل من 10 داوننغ ستريت)». وأثناء مقابلتها مع «الغارديان» و«فايننشال تايمز» لم تذكر شورت بالاسم حليفها المستشار غوردون براون عندما كانت تدعو لتغيير في السلطة خلال عامين، ولقد كان براون كريماً في تأييده لحملتها الخاصة بمكافحة ظاهرة الفقر في العالم. غير ان شكواها من المستشفيات غير الربحية وتزايد رسوم التعليم، وهما القضيتان اللتان كانتا محط اعتراض ومعارضة براون، كانت دليلاً واضحاً على تفضيلها له، تماتماً كما كانت موافقتها على موقف المستشار تجاه قضية اليورو. وكما قالت في مقابلة مع نشرة المساء الخاصة بشبكة «بي بي سي» فإن براون حاول سدى مرة أخرى أن يقنعها يوم الاستقالة، وترددت شائعات في أروقة مجلس العموم الليلة قبل الماضية كان من شأنها أن عضدت من الشكوك التي كانت تفيد بأنها تريد أن «تأخذ بلير معها خارج الوزارة». والسبب الذي دفع شورت للاستقالة بعد شهرين من عودتها الى منصبها بعد مهاجمتها لسلوك بلير «الطائش» على حد وصفها، هو مشروع القرار الذي تقدمه حالياً بريطانيا وأميركا للأمم المتحدة والذي لا يعطي الأمم المتحدة ذلك «الدور الحيوي» في العراق الذي كانت تعد به كل من واشنطن ولندن. وقالت شورت ان بلير فشل في ان يكون على مستوى الرئيس الأميركي جورج بوش، ولم يكن بمثابة الكلب له، «فالكلب يترك قائده ويقفز ويتحرك في أرجاء المكان»، بقدر ما كان مثل «ورقة التين التي تظل كما هي لا تتحرك»، على حد وصفها في مقابلتها مع «الغارديان». وقالت شورت ان الأمر ادى الى ان أضحى الوجود في العراق احتلالاً غير قانوني. وذكرت في بيانها أمام مجلس العموم: «ان موافقة الأمم المتحدة أمر ضروري لاقامة حكومية شرعية في العراق. وعدم وجود هذه الموافقة يضر بأوضاع العراق على حد اعتقادي وسيؤدي الى مواصلة تقويض سلطة الأمم المتحدة ويؤثر بشكل مباشر على عمله ومسئولياته». وقد انقسم اعضاء البرلمان بشكل كبير حول البيان التي ألقته شورت: فبالنسبة لبعض اليساريين من حزب العمال فان شورت شخصية جيدة تضررت بعد ان فشلت في اللحاق بروبين كوك في استقالته من مجلس الوزراء. وبالأمس عندما اعلنت استقالتها سامحها والتمس لها البعض العذر على الرغم من انها لم تنل قدر الثناء نفسه الذي ناله كوك، واتهمها المخلصون لها مثل صديقها القديم جورج فولكس، بالمبالغة في عرض حالتها واستاؤوا من الطبيعة الشخصية التي اتسم بها هجومها على بلير، الذي ظل يتحمل هجومها الغريب والمتعلق بمزاجها الشخصي عليه منذ 1997. ووصف احد اعضاء المجلس من اليساريين هجومها على بلير بأنه «مروع». وفي بيانها أمام مجلس العموم، حذرت شورت التي تبلغ من العمر 57 عاماً، والتي ستحتفظ بموقعها كنائبة برلمانية عن مسقط رأسها المحبب لها مدينة برمنغهام ليدي وود، حركة حزب العمال، قائلة: «اننا بصدد الدخول في أوقات أكثر قسوة وصعوبة، وعلينا ان نعمل معاً كي نمنع حكومتنا من الجنوح بعيداً عن أفضل قيم الحزب». ولقد كانت شورت جريئة وصريحة لدرجة الوحشية مع بلير. وقالت: «أقول لرئيس الوزراء انه حقق انجازات عظيمة منذ 1997، ولكنه يواجه الان خطر تدمير تركته هذه من الانجازات في الوقت الذي يزيد فيه افتنانه وتزيد هواجسه وخوفه على مكانه في التاريخ. وفيما كان اعضاء البرلمان يستمعون اليها في صوقد اتخذ وزير الخارجية البريطانية جاك سترو موقفاً احترازياً ضد اتهامات شورت وادعى ان مشروع القرار بالفعل تمت مناقشته في مجلس الوزراء الخميس الماضي، وهو اليوم الذي لم تحضر فيه شورت المناقشات، وهو بذلك رفع من مستوى التوقعات التي كانت تفيد بأن شورت كانت ستغادر قريباً الحكومة. وأمس الأول وضعت شورت بلير في مأزق باعلان استقالتها، وقالت في نهاية بيان الاستقالة: «انني حزينة وآسفة لان الأمر انتهى هكذا»، ترجمة: حاتم حسين

Email