«بسام الشكعة» رئيس بلدية نابلس الأسبق: خريطة الطريق أهم الضغوطات على حركة التحرر العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 9 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 10 مايو 2003 قال بسام الشكعة القيادي القومي العربي البارز ورئيس بلدية نابلس الاسبق ان الخطط الاميركية لم تعد سرية بسبب طبيعة السياسة الاميركية المتحدية للعالم. واشار الى ان لسوريا رؤية خاصة ذات ابعاد تحررية وقومية لا تتفق مع الاستراتيجية الصهيونية والامبريالية. ودعا القوى الاسلامية والعربية والقومية الى التوحد لمواجهة التحديات. وقال الشكعة في حوار خاص مع «البيان» ان خريطة الطريق تمثل اهم اسباب الضغوطات الان على سوريا ولبنان وحركة التحرر العربية. تفاصيل الحوار: ـ كيف تتابعون ما يتردد عن التهديدات الاميركية لسوريا؟ ـ أميركا بدأت فعليا بتنفيذ سياستها المعادية لأي نظام قومي عربي، وبدأت باستخدام الحروب المباشرة. التعامل مع خريطة الطريق يمثل الخطوة الأولى لشن حرب ضد سوريا في حال وقفت ضد خريطة الطريق، وأميركا تعمل على تهيئة الظروف للحرب، والحرب الاقتصادية هي من جملة التمهيد للدخول في معركة ضد سوريا ولبنان بهدف تمرير الاستراتيجية الإمبريالية على العالم والمنطقة العربية. ـ هل التهديد الاميركي لسوريا يأتي لتمرير خريطة الطريق؟ ـ التهديد الأميركي لسوريا يهدف الى ان تقدم تنازلاً عن الشريط الفلسطيني على شاطئ بحيرة طبرية بالإضافة الى أجزاء من الأراضي السورية لتشكل حماية أمنية للإسرائيليين، فالاستراتيجية الصهيونية عميقة وبعيدة المدى والتأثر في المستقبل، فالتنازل ضمن الصراع القائم والاستسلام العربي يظهر ان التنازل عن هذا الشريط الحدودي يشكل جزئية بسيطة فالمطلوب موافقة سوريا على خريطة الطريق وتسوية القضية الفلسطينية عندها توقف أميركا عن تهديداتها لسوريا. لكن السوريين لن يوافقوا على ما تطرحه أميركا، والوعي الجماهيري والشعبي العربي سيمنع تمرير المخططات الأميركية، واليوم خريطة الطريق في طور التطبيق فلسطينيا، والقيادة الفلسطينية لن تسمح لأي تدخل عربي في شئونها، وهذه المفاهيم صنعها الاستعمار ضد الأمة العربية ومصيرها وهناك بعض الحكام العرب يعتبرون ان وجودهم مرتبط بالخط السياسي الأميركي ولهذا نرى هناك دول عربية مرتبطة مع إسرائيل باتفاقات ولكن هناك معوقات كبيرة أمام تطبيق المخطط الاستعماري، فأميركا لا ترضى بان تبقى إيران منطقة عازلة بين الخليج العربي وبحر الخزر «الذي يمتلك الاحتياطي النفطي» وبين باكستان وأفغانستان، فإيران اليوم مستهدفة من أميركا اكثر من سوريا في حال تجديد الموضوع الفلسطيني، فنجاح خريطة الطريق يعني ان أميركا ستتفرد بإيران، ولكن هناك شكوك أن تستقر الأوضاع في العراق بسبب المقاومة والمظاهرات الشعبية التي تشير الى أن الشعب العراقي يرفض الاحتلال الأميركي، نجاح أميركا إعلاميا لا يعني القبول بالمخططات الأميركية، فالمظاهرات الشعبية العالمية والرفض العربي والإسلامي للغزو العراقي يشكل الأرضية المتقدمة لسوريا ولبنان في حال نجاح المقاومة والمواقف الشعبية العراقية الرافضة للهيمنة والسيطرة على العراق. وعلى العرب والمسلمين ان يتوحدوا اليوم لمواجهة مخططات التصفية للقضية الفلسطينية،ومساندة النظم السياسية المستقلة والمتحدية للاستراتيجية الاستعمارية. ـ هل التهديدات الأميركية لسوريا تهدف بالأساس لتحويل الأنظار لما تقوم به أميركا في داخل العراق؟ ـ أميركا تريد استثمار احتلالها للعراق ضد سوريا، وأميركا تسعى من تهديدها لسوريا هو التغطية على الاحتلال الأميركي للعراق، بالإضافة الى ان أميركا تريد تثبيت الاحتلال الأميركي في العراق وتصفية القضية الفلسطينية لأنها شكلت أولوية إعلامية عربية وعالمية والقضية الفلسطينية والعراقية تمثل وحدة حال، لان نجاح أميركا اليوم مرتبط في تصفية القضية الفلسطينية. وتشكيل الحكومة الفلسطينية الحالية يهدف بالأساس لتمرير خريطة الطريق، وهذا التمرير يعتبر ضرباً لسوريا وإيران. ـ هل تستطيع سوريا أن تقف ضد أميركا، وهل هناك إمكانية ان تتخلى سوريا عن جزء من الجولان؟ ـ سوريا عودت الأمة العربية والإسلامية بأنها تأخذ موقف مقاوم للتهديدات الأميركية، والجولان ستحرر بعد أن يتوحد العرب والمسلمين في موقف سياسي وعسكري ضد إسرائيل. ـ هل هناك أهداف أميركية لإجراء تغيرات داخلية في الأنظمة العربية تتكيف مع الواقع الجديد؟ ـ هناك اهداف مع اكثر الدول العربية قربا من أميركا حيث تطالبهم اليوم بأن يكونوا اكثر استجابة للسياسة والاستراتيجية الأميركية. أميركا تريد أن ترسم السياسات العربية بدون أي تغير وبوش لا يسمح لاحد أن يتدخل في توجهاته السياسية والاقتصادية تجاه العرب، فالوضع العربي مسيطر عليه اميركيا، وأميركا تريد أنظمة سياسية تعمل ضد مصالح الشعوب وتثبيت الكيان الصهيوني في الوطن العربي، فالموقف العربي الرسمي سيكون ضعيفاً في حال تطور حركة التحرر العربية «أسلوبا وأعلاما وإستراتيجيا» والبلاء لا يأتي فقط من الحكومات العربية، بل من قيادات التحرر التي تتشرذم الى «تيار إسلامي، تيار قومي، او إقليمي» والجميع يتحدث عن التحرر والنهوض في حالة الشعوب. القيادات العربية اليوم منشغلة في التنافسات والتناقضات، فعلاج العلاقات بين القوى المختلفة يؤدي الى مواجهة أميركا، وليست قوة أعداء الأمة العربية والإسلامية هي المنتصرة «التي ضمن انتصار أميركا وإسرائيل على العرب والمسلمين» فالانقسامات والسلبيات العربية هي السبب في ان يستثمر الأعداء لمثل هذه الانقسامات ويعطيه الحق في التحكم بالحياة العربية والإسلامية. ـ ما هي الأدوات الضاغطة التي يمكن أن يتم استخدامها من أميركا ضد سوريا؟ ـ خريطة الطريق تمثل أحد أهم الضغوطات الأميركية على سوريا ولبنان وعلى قوى التحرر العربية، والصراع حول الضغط على سوريا ربما تهيئ لحرب مباشرة، وإسرائيل تمثل تحدياً وجودياً كاملاً في المنطقة، فالعدوان الأميركي سيتواصل في المنطقة خدمة للأهداف الإسرائيلية،فالضغوطات تمارس على سوريا بهدف القبول بخريطة الطريق لربط سوريا بالتسوية. فأميركا حسمت قضية أحادية القطب بالعدوان على العراق. ـ ما هو مصير العلاقات العربية العربية، العربية الأميركية في حال حاولت أميركا فرض ما صرحت به ضد سوريا؟ ـ الموقف العربي من قضية التحرر يعكس الموقف من أميركا، فالعلاقات العربية بأدق تفاصيلها مرتبطة بالصراع الاستعماري. الأمة العربية عندما بدأت تتطلع الى مستقبل عربي اصطدمت بالإمبريالية، فالتهديد الأميركي لسوريا يهدف الى تكريس واقع عربي يتوافق مع المصالح الأميركية، وهذا التكريس سيكون له أثار في الصراع داخل القطر الواحد وهذا سيعكس نفسه بين أقطار عربية متحررة، وأقطار غير متحررة من الموقف الأميركي، فسوريا اليوم تمثل الموقف المتحرر من الهيمنة الأميركية، والعدوان الأميركي على العراق لم يكن سببه أسلحة الدمار الشامل، فأسلحة الدمار الشامل موجودة في إسرائيل وأميركا تعتبر إسرائيل مجندة لخدمة المصالح الأميركية، فالعدوان على العراق هدف الى عدم أقدام العرب على التفكير بالتحرر «تحرر الشعوب، الأمة، الدول» والعدوان لم يكن يستهدف أشخاصاً فقط بل استهدف قضية التحرر العربي. ـ هل تريد أميركا تغيير النظام السياسي لقبول إسرائيل في المنطقة وحل القضية الفلسطينية وفق المفهوم الإسرائيلي الأميركي؟ ـ إسرائيل تمثل أداة استعمارية في يد أميركا، ففي عام 1973 فكر موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي الى الانسحاب لحدود ما قبل الرابع من يونيو 1967، ولكن أميركا رفضت أن تنسحب إسرائيل وأوصلت الأمور الى كامب ديفيد في عام 1979 وإسرائيل هي محطة استعمارية تريد أن تجسد التجزئة العربية من خلال ارتباط أميركا بإسرائيل، وأميركا تريد ربط مصالح المنطقة في يد أميركا «إسرائيل قاعدة استعمارية متقدمة لأميركا». ـ ما هو دور حركات التحرر العربية والإسلامية لمواجهة السياسة الأميركية؟ ـ على القوى الإسلامية والعربية والقومية أن توحد نفسها على أساس استراتيجي لمقاومة التحديات الإمبريالية الصهيونية التي تستهدف الوطن العربي، وعلى القوى الإسلامية والعربية ان تتنبه الى الخلاف الفلسفي والفكري ما بين تياراتها، لان له اثر على العمل السياسي القومي الذي يصب في مصلحة المواطن والشعوب، ومقاومة العدوان، حامل الفكر او الفلسفة يجب ان يكون توجه من اجل بناء المواطن، لكي تتكامل الاتجاهات في سبيل بناء مجتمع مستقل لان المواطن لا يمكن أن يتم بناؤه دون مجتمع مستقل، وعلى النظم السياسية أن تتكامل وتتضامن لتحقيق موقف عربي موحد، فبقاء التنافس والصراعات بين التيارات الفكرية سيبقيها ألعوبة في أيدي العدو، ماذا تعمل القوى الوطنية ضد خريطة الطريق، أوسلو تم الاختلاف عليه وقدمت القوى تحليلات لاتفاق أوسلو ومن ثم تم قبول أوسلو، فخريطة الطريق هي جزء من اتفاق أوسلو. ـ الديناصور الأميركي بدأ يتضخم،هل التضخم الجسدي يرافقه تضخم في العقل والمعرفة، ام أن الحجم الكبير ما زال يحمل أحلام العصافير؟ ـ العقل والمعرفة تتوفر عند الأميركان، التكنولوجيا والمعرفة العلمية موجودة بأرقي وأعلى صورها، ولكن الخلفيات والمضامين والقيم هي المبتذلة عند الأميركان، والتناقض الموجود لدى الأميركان سيصل بهم الى مرحلة إفلاس مهما بلغت القوة لدى الاميركيين، فلا يمكن لأميركا أن تحكم العالم، أميركا بدأت تحرج عملاءها وبدأت تتكشف استراتيجيتها في المنطقة، وقومية المعركة وإرادة التحرر ستجيب عن كل الإشكاليات القائمة في الوطن العربي، فالعدوان الأميركي على العراق هدف الى تدمير العلم والحضارة والصناعة العربية والإسلامية.

Email