حرب نفسية لتصفية نظام صدام بدل اقتحام بغداد

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 3 صفر 1424 هـ الموافق 5 ابريل 2003 قالت المصادر الاسرائيلية ان فرق الحرس الجمهوري العراقي لم تتضرر بشكل كبير، وان الأميركيين يستعدون لحصار بغداد خلال يومين، لكنهم سيتريثون طويلاً قبل اتخاذ قرار اقتحامها، وسلجأون بدلاً من ذلك، الى حرب نفسية وسياسية هدفها اقناع بطانة صدام حسين الرئيس العراقي بالانشقاق اضافة لاستمرار محاولات اغتياله. ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية أمس عن مصادر اسرائيلية قولها ان المرحلة الأولى من الحرب توشك على الانتهاء، وذلك بعد ان تصل قوات التحالف الى بغداد وتحاصرها. المرحلة الثانية ـ القتال داخل العاصمة العراقية ـ فأكثر تعقيدا ومن المعقول الافتراض انه لن يبدأ فورا. يبدو انه قبل ان يتخذ القرار بالدخول الى بغداد، سيدير الاميركيون حربا نفسية متشعبة. والآن ثمة أهمية كبرى ليس فقط للقوة العسكرية الاميركية والتكنولوجيا المتطورة لديهم، بل بالأساس للابداع السياسي ـ الميداني. فالقرار في كيفية مواصلة القتال داخل المنطقة المبنية هو من أصعب القرارات من الناحية العسكرية، السياسية والمعنوية. وقد يكون مترافقا وخسائر كبيرة في أرواح المدنيين والمقاتلين. وبالتوازي مع الحصار، وهو المرحلة الثانية من المعركة، فان على الاميركيين ان يقرروا الآن كيف سيعالجون فرق الحرس الجمهوري التي تضررت بقدر أقل ولا تزال تنتشر خارج بغداد. فقد كانت الضربة الاميركية بالأساس لمعدات فرقتين، من دبابات ومدافع ومجنزرات ومركبات، والآن يتوجب الايضاح كيف ستؤثر الضربة الشديدة على معنويات الفرق الاخرى للحرس الجمهوري وعلى الجيش برمته. امكانية واحدة كفيلة بمنع القتال داخل بغداد وهي اذا ما تمكنت قوات التحالف من المس بصدام حسين ومقربيه. ومثل هذه الامكانية ستفتح فرصة لانهاء الحرب برمتها. امكانية أخرى هي ان تنهض في هذه المرحلة مجموعة من الضباط العراقيين وقوات اخرى، تكون مستعدة لاجراء مفاوضات من فوق رأس صدام حسين، بغية التوصل الى تسوية تنقل السلطة بموجبها اليهم، وصدام لا بد مستعد لمثل هذا التطور وهو سيبذل قصارى جهده كي يمنعه. وهو سيحظى بدعم من الموالين له، بمن في ذلك أبناء مدينة مولده تكريت والذين حظوا بمكانة أساسية في الجيش والحكم والحزب. وكل محاولة كهذه ستنطوي على سفك دماء، ولهذا فان مجموعة متمردة لا يمكنها ان تنطلق في طريق خطير كهذا دون ان يكون لها أساس كبير من القوة، بما في ذلك وحدات عسكرية مجربة. وفي هذا السياق سيجري ايضا اختبار المعارضة العراقية بكل اشكالها. فهل لديها علاقاتها، كما وعدت، لتتمكن في لحظات الاختبار واحداث خطوة تمنع تدمير بغداد؟ يجدر بنا ان نتذكر تصريح وزير الدفاع الاميركي، دونالد رامسفيلد، بأن الولايات المتحدة لا تسعى الا الى نتيجة واحدة: استسلام غير مشروط لنظام صدام حسين. كل جيش جدي يعرف ان القتال في منطقة مبنية هو أشد أنواع القتال وهو ينطوي على خسائر كبيرة. فللمدافع تفوق في مواجهة القوات المهاجمة الأكثر انكشافا في وقت التقدم. في تاريخ الحروب الاسرائيلية واجه الجيش الاسرائيلي مصاعب عديدة ينطوي عليها القتال داخل المدن، والثمن الدموي الذي يجره. ولهذا السبب فانه من المتوقع قبل اتخاذ القرار العسير في قيادة الجيش الاميركي، ان يبذل الاميركيون كل ما في وسعهم في المرحلة التمهيدية قبل المعركة على بغداد، لادارة حرب نفسية متفرعة. ولا بد انهم سيحاولون منع رجال صدام من استخدام التلفزيون المحلي والبث الاذاعي، أو اجراء مؤتمرات صحفية بشكل حر. وأثناء الحصار على بغداد ستكون هناك حاجة للقرار ما الذي يمكن ادخاله للسكان في المدينة. ويمكن الافتراض بأنه اذا كان صدام يختبيء في أحد مقراته الدفينة، فانه قد حرص على التزود بالغذاء والماء والأدوية لفترة طويلة. وادخال الغذاء بكميات كبيرة للسكان لا بد سيؤدي الى ان يصل بعض من هذا الغذاء في نهاية الامر الى القوات العراقية المقاتلة في المدينة.

Email