جون كيسلينغ الدبلوماسي الأميركي المستقيل: الولايات المتحدة أصيبت بالعمى كإسرائيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 2 صفر 1424 هـ الموافق 4 ابريل 2003 ألقى مائير شنتيشر الكاتب والمؤرخ الاسرائيلي الضوء على تجربة غزو أميركا للفلبين أواخر القرن الثامن عشر، لنشر المسيحية فيها رغم انها مسيحية وتنصيب أحد الموالين الذين سرعان ما انقلب وخاض حربا ضد الأميركيين فيما لم ينس التذكير باستقالة الدبلوماسي الأميركي في اليونان والذي اتهم واشنطن بالعمى تماما كتل أبيب. وقال شنتيشر في مقال نشرته «معاريف» أمس الأول: عمل جون برييدي كيسلينغ في منصبه الأخير مستشارا في سفارة الولايات المتحدة في أثينا. وقبل ذلك ومن خلال حياته المهنية التي دامت 20 عاما عمل في الستيت ديبارتمنت، كما أنه خدم في السفارة الأميركية في تل أبيب، والدار البيضاء وفي ييريفان عاصمة أرمينيا. في السابع من مارس أرسل الديبلوماسي القديم رسالة استقالة للوزير المسئول عنه، كولن باول. كانت هذه رسالة طويلة وفظة بشكل ملحوظ، والذي نشر كاملا في الصحيفة الشهيرة «نيويورك ريفيو أوف بوكس». وفيه يستغرب كيسلينغ: هل بالفعل تحولنا الى مكفوفين - مثل عمى روسيا في تشيتشنيا والعمى الاسرائيلي بالنسبة للمناطق المحتلة- لرأينا القائل بأن قوة عسكرية ضاربة ليست رد مناسب للارهاب؟ وبعد أن تنضم خرائب الحرب في العراق الى خرائب غروزني ورام الله، أضاف الدبلوماسي قائلا، هل سيتواجد بعدها ولو غير أميركي شجاع، كي يتصل بميكرونيزيا والتي تؤمن بعدالة طريقنا. ان الخطوات السياسية المطلوبة منا (نحن الدبلوماسيون) تتطلب التقدم، يشرح كيسلينغ، وهي لا تتفق مع القيم الأميركية ولا حتى مع المصالح الأميركية.. هل روسيا القيصرية التي تعود الى سلالة أسرة رومانوف هي بالفعل النمط الذي نحتذي به - امبراطورية مغرورة ، ظنانة، والتي تقود الى انكسار ودمار ذاتي باسم ساتوس كوو ملعون؟. طبعا لم يتمكن الدبلوماسي المستقيل الا أن يذكر في رسالته لباول رذيلة التدخل الأميركي في فيتنام. لكنه امتنع، لسبب ما، من العودة الى الاثم القديم الى تلك الامبراطورية الأنانية، والتي يصب عليها الآن جام غضبه - اثم احتلال جزر الفليبين. في عام 1898 نشبت حرب الولايات المتحدة - اسبانيا، والتي من خلالها وضع الأميركان أساس امبرياليتهم، وخلالها تم احتلال الجزر، كوبا ، بويرتو ريكو وغويام والفلبين أيضا. برّر وليام ماكينلي الرئيس الأميركي في تلك الحقبة، هذا الاحتلال الذي لا لزوم له، بالحاجة الى التسلط «كي نقوم على تأديب أبناء الفلبين، والارتقاء بهم وتحويلهم الى مسيحيين». ان ضرورة تنصير أبناء الفلبين بان غريبا في تلك الفترة، اذ ان المسيحية كانت الديانة الرسمية للفلبين منذ 300 عام خلت. مؤمنين بطريقة الاستعمار التقليدية، قام الغزاة من الأميركان بالعثور على زعيم محلي وأغروه بالانضمام لهم. هذا الزعيم ،الذي كان اسمه أغينلادو، اخذ هذا التعيين محمل الجد، وعوضا أن يكون كأداة بأيديهم أسرع للاعلان عن استقلال الجزر. كان هذا أكثر من اللزوم بالنسبة لجنرالات حضرت من أميركا البعيدة والذين لم ينووا اعطاء السكان المحليين أية فرصة للسلطة الحقيقية. وقام انغيلدو بالاعلان عن عصيان وطني،وعلى مدار سنوات، قاموا بحرب عصابات التي كلفت حوالي مليار دولار(بقيمة النقد في تلك الفترة) فقد قاتل 100 ألف جندي أميركي حلفاءهم السابقين، حيث قاموا بقتلهم وحرق وتدمير السكان القرويين. لربما هذه هي الطريق لتنصير من آمن بالبشارة اليسوعية. بعد ستين عاما تم تجربة الطريقة الخاصة مجددا في جنوب فيتنام. والآن، ومع اسماع الأغاني الأخيرة حول ضرورة اثارة الشيعة في العراق ليقوموا ضد حزب البعث السنية، تعود وتتكرر ذات النغمة. هل هذا ما قصده كيسلينغ عندما خط رسالته لباول «بأن خطواتنا الحالية ستؤدي دون شك الى عدم استقرار ومخاطر، لكن لن تؤدي الى الأمن».

Email