واشنطن تتجاهل الاعتراض العربي على غارنر وترسله إلى الكويت

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 29 محرم 1424 هـ الموافق 1 ابريل 2003 كشف تقرير لصحيفة «هآرتس» العبرية أمس ان إدارة جورج بوش الرئيس الأميركي تجاهلت كافة الاعتراضات العربية، ومضت في تعيين الصهيوني غاي غارنر المؤيد لاسرائيل والموجود حالياً في الكويت حاكماً مقبلاً للعراق، في وقت بدأت شركة مرتبطة بمصالح مالية مع بوش بتبني حملة مظاهرات في الولايات المتحدة مؤيدة للحرب. وقال كاتب التقرير نتان غولتمان: من قبل ان يوضع حجر الأساس الاول «للعراق الجديد» حسب رؤية بوش، اندلع جدل حول الشخص الذي عين من قبل الادارة الاميركية لرئاسة عملية اعادة البناء ـ الجنرال المتقاعد غاي غارنر. ورغم ان اسرائيل غير ضالعة في جهود اعادة بناء العراق، الا ان هذا الجدل يتركز حولها هي. الجنرال غاي غارنر كان نائبا لقائد سلاح المشاة الاميركي، وكان مسئولا ايضا عن عملية المساعدة للأكراد خلال حرب الخليج الاولى. ولكن حدثا كان قد جرى في ماضيه يتسبب الآن بالقاء جام غضب المنظمات العربية في اميركا عليه. ففي عام 1998 توجه غارنر مع مجموعة من عشرة جنرالات متقاعدين للتجول في اسرائيل. الجولة نظمت بمبادرة من المنظمة اليهودية لشئون الأمن القومي «جينسا»، وهي منظمة معروفة بمواقفها المتشددة. الجولة سنوية وتهدف الى طرح مشاكل اسرائيل الأمنية واطلاعهم على أوضاع المنطقة على أمل كسب تعاطفهم وتأييدهم لاسرائيل واحتياجاتها الامنية في المستقبل. وبعد هذه الجولة يدخل الجنرالات في قائمة اصدقاء المنظمة حيث ترسل لهم منشوراتها وتدعوهم لمؤتمراتها، ويطلب منهم احيانا مساعدة المعهد في التقييمات التي تتعلق باختصاصهم. بعد ذلك بعامين، وفي شهر أكتوبر 2000، أعد قادة المعهد رسالة مفتوحة عبروا فيها عن دعمهم لاسرائيل وكفاحها ضد الفلسطينيين. وخلال ذلك دعوا اميركا الى عدم تقييد تحركات اسرائيل وعدم نسيان مسئوليتهم عن أمنها «الرفاق لا يتركون رفاقهم في ارض المعركة» جاء في الرسالة. وهذه الرسالة مرت على كل الجنرالات الاصدقاء للمنظمة ووافق 46 منهم على التوقيع عليها حيث كان غارنر واحدا منهم. من هذه النقطة بدأ الجدل. هل كان من الصحيح تعيين شخص عبر عن دعمه العلني لاسرائيل كمسئول عن اعادة بناء العراق، أولم يكن من واجب الادارة الاميركية ان تستبعده من المنصب بسبب ذلك؟ كما ان الممثلين العرب الذين اعترضوا على التعيين وجهوا انتقاداتهم لمن عين غارنر وليس له شخصيا. اذ يقولون ان الادارة لا تبدي أي حساسية تجاه العرب وانها لم تكن لتعين جنرالا مؤيدا للعرب كمسئول عن اسرائيل، مثلما يقول جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الاميركي في واشنطن. أي ان الاحتجاج ليس على غارنر نفسه وانما على عدم مبالاة الادارة بالعرب. منظمة «جينسا» بدورها هبت للدفاع عن غارنر وقالت ان جولة من عشرة ايام لا يمكن ان تغير آراء شخص قضى عمره في الخدمة. غارنر نفسه موجود في الكويت الآن ويقوم باعداد خطوات عملية البناء الاول. الادارة الاميركية رفضت حتى الآن كل الانتقادات التي وجهت لتعيينه وقالت انه الشخص الملائم للمنصب. في موازاة ذلك هب المرتبطون مع بوش بمصالح مالية لدعم الحرب. وقال غوتمان في تقريره: المظاهرات المناهضة للحرب تتواصل في أرجاء الولايات المتحدة رغم ان المعركة العسكرية في ذروتها، ولكن منذ ان بدأت المعارك واميركا تشهد ظاهرة جديدة لم تشهدها من قبل ـ مظاهرات مؤيدة للحرب أو «مظاهرات وطنية» كما يطلق عليها المنظمون. والحديث يدور هنا عن عشرات الخطوات والأحداث التي تجري في أرجاء اميركا حيث ترفع فيها أعلام الدولة وينشد فيها النشيد الوطني ويعبر عن الدعم للجنود في المعركة. ولكن ما يظهر هو ان هذه الموجة العفوية هي مسألة منظمة جيدا. فكل هذه اللقاءات والاجتماعات تحصل على دعم مالي وتنظيمي من جهة واحدة ووحيدة وهي شركة كلير تشانل التي هي الشركة الاذاعية الأكبر في اميركا وتملك 200 محطة في أرجاء الدولة. المقالات التي كتبت حول ذلك في وسائل الاعلام أظهرت في تحقيقاتها ان هذه الشركة لا تكتفي بالتبرع بالمال لعقد اللقاءات والاجتماعات الحاشدة، وانما توفر لها منبرا اعلاميا مجانيا من خلال الاذاعة وتمول الفنانين المشاركين. أصحاب الشركة يقولون انه اطار تنظيمي محلي بمبادرة الاذاعي غلن بك، الذي يقول ان الناس يتصلون به ويحتجون لان صوت المعارضين هو المسموع فقط ولذلك قرر ان يخرج للشوارع مع رسالة مؤيدة وجند شركة المحطات الاذاعية في حملته هذه. إلا أن منتقدي «كلير تشانل» يتحدثون عن مصالح اخرى كامنة من وراء الحملة. أولا مصلحة أصحاب الشركة حيث ان نائب رئيس الشركة هو توم هيكس، وهو صديق مقرب من بوش، وليس صديقا فقط، عندما كان هيكس رئيسا لمجلس استثمارات جامعة تكساس قام بنقل استثمارات كثيرة لشركات تملكها عائلة بوش ومنها شركة كيرلايل التي كان جورج بوش نفسه من موظفيها قبل تعيينه حاكما لتكساس. وفي عام 1998 اشترى هيكس مجموعة «تكساس رينحرز» التي كان بوش أحد مالكيها من خلال صفقة بيع حولت بوش الابن نفسه الى مليونير. ولكن المنتقدين يشيرون الى جانب آخر من مشاركة واسهام شركة كلير تشانل الاذاعية في المظاهرات الداعمة للحرب. فالشركة راكمت قوتها العائلة إثر اعادة تنظيم سوق الاعلام الاميركية في عام 1996 التي رفعت القيود عن ملكية وسائل الاعلام. كلير تشانل اشترت المزيد المزيد من المحطات الاذاعية وتحولت الى القوة الأكبر في السوق. وهي اليوم بحاجة الى دعم أكبر من الادارة الاميركية لها.

Email