الملف السياسي ـ عزام الأحمد وزير الأشغال الفلسطيني لـ «الملف»: اسرائيل تحاصر المشروع التحرري الفلسطيني والعرب مطالبون بموقف صارم

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 27 رجب 1423 هـ الموافق 4 أكتوبر 2002 أكد الوزير الفلسطيني عزام الاحمد أن حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني التي بدأت منذ عام 1948 ما زالت مستمرة حتى اللحظة، مشيرا إلى أن حدة العنف الصهيوني هذه الأيام لا تقاس بالعنف الذي رافق اعلان الدولة العبرية عام النكبة. وقال الاحمد الذي يشغل أيضا منصب سفير فلسطين في العراق في تصريحات خص بها «الملف السياسي» إن الذبح والقتل والدمار ومصادرة الأراضي والمجازر في فلسطين تزداد يوماً بعد يوم، مشيرا الى ان شارون نفذ مجازر صبرا وشاتيلا في المخيمات الفلسطينية في لبنان قبل عشرين عاما كما أنه نفذ مجازر مخيم جنين هذه الفترة، لافتا ان المجازر في فلسطين ستستمر طالما بقيت إسرائيل قائمة على أرض فلسطين. ونوه المسئول الفلسطيني ان الإسرائيليين يهدفون إلى إبادة الشعب الفلسطيني، والى انهاء أصواتهم المطالبة بحقهم في فلسطين، في الوقت الذي شدد فيه على أن العالم العربي ما زالت ردود فعله دون المستوى، بل تساءل بدهشة عن سر الصمت العربي والدولي المطبقين إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني. وفي الوقت الذي طالب فيه الدول العربية باستخدام سلاح المصالح لإنقاذ الشعب الفلسطيني، قال إن نهوض العرب من سباتهم العميق ودعم الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى قيام المجتمع الدولي بما هو مطلوب منه ليس مطلبا ترفيا وانما هو مطلب وقائي لحماية الشعب الفلسطيني من ارهاب مستمر إذا لم يتم التحرك عربيا ودوليا لإنقاذه من آلة الدمار الإسرائيلية. وردا على سؤال حول سعي حكومة الاحتلال الصهيوني إلى تفريغ الاراضي الفلسطينية من القيادات السياسية والعسكرية، وكيف يقرأ حصار الرئيس الفلسطيني والسياسة الصهيونية في هذا الاطار قال إن شارون لديه برنامج ومخطط واضح بدأ يسعى لتنفيذه منذ اليوم الاول لوصوله الى سدة السلطة في اسرائيل بعد فوزه في الانتخابات، ملاحظا انه ومع قدوم شارون الى رئاسة الوزراء بدأت قوات الاحتلال الاسرائيلية عملية تصعيد بشكل وحشي في مواجهة الانتفاضة والشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، وان شارون في هذا البرنامج كان يسير في خطوط متوازنة، ابرزها تجميد عملية المفاوضات بشكل كامل خاصة فيما يتعلق بالجانب السياسي منها، محاولا في البدايات اقتصار المفاوضات واللقاءات على الجانب الامني فقط، لكي يوظف العلاقة الرسمية الفلسطينية الاسرائيلية لخدمة الاغراض التي يسعى لتحقيقها بتوجيه ضربة قوية للسلطة الفلسطينية. واصفا مراد الحكومة الاحتلالية الصهيونية بأنها تهدف من وراء ممارساتها الارهابية إلى تنفيذ الاحتلال الدائم للأراضي العربية الفلسطينية، وقال انه شعار شارون الذي يعتقد أن الاحتلال الدائم لاكبر فترة ممكنة سيقوض سلطة الرئيس عرفات ويبرز قيادات ميدانية جديدة قد تلبي المطالب الإسرائيلية. وتأسيسا على هذه القراءة يقرأ المسئول الفلسطيني ما يسعى شارون له حاليا من خلال حصاره الجديد المتجدد على مقر الرئيس أبو عمار. ويقول: من الخطأ القول ان شارون يحاصر مقر عرفات لانه الآن لا يوجد مقر، هناك ما تبقى مما كان يسمى مقرا. فالموجود حاليا عدة غرف لا تصلح حتى في الظروف الطبيعية للاستخدام الصحي، فهي تفتقد الى كل المقومات الصحية فكيف الان في ظل الحصار الدائم. فيما بقايا المقر اصبحت محاطة بخندق عميق واسلاك شائكة تماما مثل السجون الاسرائيلية التي يرزح بداخلها آلاف المناضلين الفلسطينيين. ولفت المسئول الفلسطيني الانتباه إلى أن شارون يحاول امتصاص ردود الفعل العربية والدولية، من خلال تصفيته للسلطة الوطنية الفلسطينية ببطء حتى ينهي المشروع الوطني الفلسطيني بشكل كامل، وملاحقته للقادة الميدانيين والسياسيين سواء كانوا من القوى الوطنية او الاسلامية وما يندرج في هذا الاطار. وبحسب الاحمد فان شارون يستغل الايام الاخيرة في عدوانه بسبب الموقف الاميركي المنحاز لصالح برنامج الحكومة الاسرائيلية، وللاسف ـ يقول الوزير الفلسطيني ـ وبسبب التردد والجمود والتخاذل العربي في مواجهة هذه السياسة الاسرائيلية والاميركية ثانيا ، ويعرب الاحمد عن اسفه كون عرفات محاصر أولا بالدبابات الإسرائيلية وثانيا بشبه مقاطعة عربية رسمية ومنذ عدة اشهر، وليس عندما بدأ شارون ما بدأ، مشيرا إلى أن العرب كأنهم ينفذون شعار شارون ان عرفات لم يعد ذا صلة. الاخطر ـ بحسب الاحمد ـ أن شارون عندما يرفع هذا الشعار لا يهدف إلى القضاء على عرفات كشخص بقدر ما يرمي الى القضاء على حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وكل من يدعي غير ذلك فهو يخادع نفسه. أما العجز العربي فانه يستند إلى أن عرفات الآن مجرد شخص وانهم بالامكان أن يأتوا بغيره متجاهلين أن السياسة الاسرائيلية لا تستهدف عرفات سوى لانه العنوان وهم بذلك يريدون وضع هذا العنوان في التيه. ويشير المسئول الفلسطيني الى ان الفلسطينيين ادركوا انهم إذا كانوا سينتظرون العرب فانهم سينتظرون طويلا وربما لن يصلوا ومن هنا جاءت الهبة الجماهيرية التي جاءت ليس فقط نتيجة الشعور بالقهر والاذلال من الممارسات العدوانية الاسرائيلية فقط بل ومن الوقفة الصلبة والصمود الذي سطره الاخ أبو عمار داخل بقايا مقره عندما رفض تسليم اي مناضل لقوات الاحتلال الاسرائيلي بل رفض تسليم حتى قائمة بأسماء المتواجدين معه في مقره، هذا الصمود ساهم مساهمة كبيرة في خروج الهبة الجماهيرية الكبيرة التي جسدت الانتفاضة، واصبح الفلسطينيون رغم مراراتهم يشعرون ان عليهم الاعتماد على انفسهم اولا حتى لو خذلهم اشقاؤهم العرب، المهم ألا يستسلموا للقدر الاميركي والإسرائيلي. وبلغة فقدت دبلوماسيتها حزنا على ما يجري يصف المسئول الفلسطيني الأيام التي يعيشها شعبه الآن بأنها ايام صعبة، فمدينة نابلس محاصرة منذ ثلاثة اشهر وهي تعيش تحت منع التجول بشكل دائم .. لا مدارس ولا مصانع لا مؤسسات لا حركة.. كل المؤسسات معطلة والعالم يتفرج علينا سواء حكومات او شعوب. واقول واشدد حتى الشعوب العربية اصبحت عاجزة عن القيام بدورها، بل إن الفلسطينيين الآن لا يسمعون وخصوصا من بعض العجزة من قيادات الأحزاب العربية سوى صوت الانتقادات للسلطة الوطنية الفلسطينية والمساهمة بترديد الادعاءات الاسرائيلية والتشكيك بالسلطة وبادارتها وبالتشكيك بكل العمل الفلسطيني، هذا ما نسمعه فقط، واحيانا اذا كانوا ايجابيين نسمع المواعظ والنصائح ولا نرى على الارض شيئا حقيقيا وجادا، فالقضية لم تعد قضية مواد تموينية وسكر ورز وطحين او قليل من المال يصرف لعائلة هذا الشهيد او ذاك، القضية اننا نريد موقفا سياسيا صارما من امتنا العربية شعوبا وحكومات، وليس سماع المواعظ والانتقادات، مؤكدا عدم قدرة الشعب الفلسطيني في هذه الفترة بالذات على الصبر على مواعظ وانتقادات هؤلاء العجزة .. لم نعد قادرين على ذلك وربما سمع الجميع بعد الهبة الفلسطينية قبل ايام ان الجماهير الفلسطينية كانت تهتف انها مستاءة من الموقف العربي الشعبي والرسمي، ولذلك اقول آن الاوان ان تستفيق الامة العربية قبل فوات الاوان لأنها ستدفع الثمن غاليا، يخطيء من يعتقد انه سينجو من النتائج الخطيرة التي ستترتب على الخطة الاميركية الاسرائيلية التي تهدف الى الهيمنة على المنطقة العربية وعلى فلسطين، فالفلسطينيون يدفعون الثمن ليس دفاعا عن فلسطين فقط وانما دفاعا عن الامة العربية. وردا على سؤال حول السيناريوهات المتوقعة من قبل قوات الاحتلال في ظل كل هذا الصمت قال اعتقد ان شارون مستمر في برنامجه، فالمفاوضات متوقفة، ومحاولة شل شرعية القيادة الفلسطينية متواصلة ومستمرة، مستغلا الموقف الاميركي والتردد والصمت العربي والدولي تجاه ما يحدث حتى للقيادة الفلسطينية المنتخبة، بنفس الوقت شارون مستمر بعملية التدمير على الارض ومستمر بعملية الاحتلال بشكل متواصل، وفي تدمير الحياة الاقتصادية للشعب الفلسطيني وشل حياته بشكل كامل. وأكد أن شارون يريد ان يجبر الشعب الفلسطيني على القبول بالبرنامج الذي يسعى الى تحقيقه، وهو برنامج واضح يصل إلى حدود الحكم الذاتي طويل الامد على مساحة 42% من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة ليس اكثر من ذلك، مسيطر عليه بالمطلق من جانب اسرائيل، ما جرى مؤخرا في غزة من محاولة لاغتيال محمد ضيف انما كان يهدف من خلالها الى توجيه ضربة داخل غزة بأشكال متعددة تارة بالاجتياح وتدمير ورشات الحدادة ، واثارة الرعب لدى الاطفال والمواطنين، وكأنه يمهد لشيء ما في غزة. وحول ما آلت إليه الانتفاضة في عطائها ومستقبل المقاومة في ظل الحصار الخانق وما هي البرامج التي ستستخدمها الانتفاضة في عامها الثالث يؤكد الاحمد ان الانتفاضة ستتواصل، وأنها اخذت اشكالاً عديدة، مشيرا إلى انه ومنذ عدة اشهر هناك حوار معمق بين الفصائل الفلسطينية الوطنية والاسلامية حول الاساليب التي يجب اتباعها من قبل القوى الفلسطينية جميعا وكيف يتكامل الموقف الفلسطيني بمختلف اتجاهاته بما فيها السلطة حتى تستمر الانتفاضة وتستمر المقاومة في وجه الاحتلال، باستخدام اساليب لا تعطي للعالم ذرائع وحججاً لتصفية المقاومة والانتفاضة. ويؤكد أن هناك ابتكارات جديدة فما حدث في الهبة الاخيرة عقب محاصرة الاخ أبو عمار سواء بمواجهة قوات الاحتلال تلك الليلة وما تبع ذلك من مسيرات يدل على ذلك، مشيرا إلى انه واثق من أن الفلسطينيين قادرون على ابتكار كل الاساليب الجديدة والمتجددة لتلائم الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني بحيث تبقى روح الانتفاضة والنضال متواصلة حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني. في الوقت الذي أشار فيه إلى ان القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية اصبحت تتحدث بنفس اللغة وتركت الخلاف في الاجتهاد حول هذا الموقف او ذاك او حول اساليب العمل النضالي، مؤكدا في الوقت ذاته ان إقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل اصبحت مسألة وقت. واكثر ما يريح المسئول الفلسطيني في مشهد الصراع العربي الإسرائيلي الوحدة الوطنية الفلسطينية ورغم انه يعترف بأن هناك اخطاء يرتكبها البعض سواء قوى سياسية او اطراف او حتى وسائل الاعلام إلا أن مسألة الوحدة الوطنية الفلسطينية ليست محل نقاش وهي ليست قضية وحدة فصائل، فالتعددية السياسية وتعدد الاراء هذه ظاهرة صحية في المجتمع الفلسطيني، وهي من اسرار استمرار الوجود الفلسطيني وتجدد ثورته ونضاله في وجه الاحتلال والمحافظة على حقوقه . واشار إلى وجود تباينات واختلافات بين القوى والفصائل سواء تلك المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية او القوى الاسلامية التي لم تنضو بعد تحت لواء المنظمة، إلا انه قال ان الفلسطينيين استطاعوا ايجاد صيغ وأطر لجميع هذه القوى في اطار موحد لتوحيد العمل الفلسطيني في مقاومة الاحتلال. فيما يؤكد الاحمد أن الحوار لم يتوقف لحظة واحدة بين جميع القوى، ولكن يعود إلى القول ان هناك عدم اسراع في التوصل الى تفاهم كامل حول الاساليب النضالية التي يجب اتباعها، وحول بعض المواقف السياسية التي يجب التمسك بها والالتفاف حولها جميعا مع الاحتفاظ بحق كل فصيل في وجهة نظره. ويضيف ان عملية الحوار تشكل صمام الامان لمنع حدوث ما يسعى له العدو وهو انشقاق في الصف الفلسطيني واحداث اقتتال في الساحة الفلسطينية، وانا اطمئن الجميع ان هذا لن ينجح به احد حتى لو توحدت قوى الارض لن تستطيع تحويل الشعب الفلسطيني الى حالة من الحرب الاهلية، فجميع القوى مدركة لهذا الخطر ومدركة لضرورة التصدي له واحباطه، لذلك نحن حافظنا على وحدتنا في اطار احترام الرأي والرأي الاخر، ولكن الامل في التوصل الى اتفاق بشكل اسرع لان الوقت يمضي سريعا ولا نستطيع الانتظار، حتى يحقق شارون انجازات لصالح برنامجه. ورغم أن الجميع يؤكد أهمية العمليات الاستشهادية وأنها حققت النتائج المبهرة للشعب الفلسطيني يدعو الاحمد إلى ضرورة التوقف عن ضرب المدنيين الاسرائيليين لانه قياسا للنتائج على الارض فهذا اسلوب ألحق الاذى الكبير في الشعب الفلسطيني رغم انه يشفي غليلهم. ومن خلال مثل هذه الاعمال نجح شارون في ربط النضال الفلسطيني فيما يسمى بالارهاب، وبدأت بعض الدول وبخاصة الولايات المتحدة تربط هذه المقاومة بما يسمونه الإرهاب. عمان ـ مفلح عياش:

Email