مدينة روسية تأكل من النفايات النووية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 26 رجب 1423 هـ الموافق 3 أكتوبر 2002 الشوارع في مدينة شليزنوجرسك التي تقع في سيبيريا نظيفة ومنظمة وتخلو من لوحات الاعلانات التجارية وغيرها التي تمتليء بها حتى اصغر مدن الاقاليم الروسية واكثرها فقرا. ويلقى العدد القليل ممن يزورون المدينة بعد ان قطعوا عدة كيلومترات عبر غابة صنوبر ودوائر من الاسلاك الشائكة لافتة مكتوب عليها «الشرف والوطن فوق الجميع». ليس من السهل دخول شليزنوجرسك وهي واحدة من بين تسع مدن روسية «مغلقة» وهي موقع محصن بشكل جيد كان تابعا للمؤسسة العسكرية السوفييتية تصنع فيها الاقمار الصناعية وينتج فيها البلوتونيوم الذي يستخدم في تجهيز الرؤوس الحربية النووية. وبينما تحولت البلاد الى التخلص من الاسلحة النووية بدلا من انتاجها وبينما تعاني برامج الفضاء الروسية من نقص مزمن في التمويل اصبح النشاط الكبير في هذه المدينة هو دفن نفايات المفاعلات النووية في روسيا والدول التابعة للاتحاد السوفييتي السابق ودول اوروبا الشرقية. قال احد سكان شليزنوجرسك ان المدينة لا تشعر بالفرح عندما تطلق البلاد قمرا صناعيا جديدا كما يظن البعض وانما تشعر بالفرح «فقط عندما يصلها قطار محمل بوقود نووي مستهلك. فذلك يعني ان المرتبات ربما ستدفع على مدى الاشهر الستة المقبلة». وامال المدينة في تحقيق الرخاء تعتمد على مستودع لتخزين النفايات النووية به ستة الاف طن من الوقود النووي المستهلك القادم من محطات للطاقة النووية الروسية والاجنبية. وتحصل المدينة على 50 دولارا مقابل كل كيلوغرام من الوقود المستهلك القادم من روسياو 200 دولار مقابل كل كيلو جرام من الدول التي كانت جزء من الكتلة السوفييتية وتأمل في الحصول على الف دولار مقابل كل كيلوغرام من الوقود غير المرغوب فيه في البلدان المتقدمة. ويرقد في المقبرة النووية بالمدينة الان ثلاثة الاف طن من من الوقود النووي المستهلك في حاويات على عمق عدة امتار من المياه الصافية. ويسعد كثير من سكان شليزنوجرسك اذا حصلوا على المزيد. لكن البعض بدأ يشعر بالقلق مع امتلاء الاحواض لاكثر من النصف. وكما هو معروف ليس في خزائن الدولة ما يكفي لدفع رواتب للعلماء الذين يقول معظمهم انهم يعيشون على انتاجهم من زراعة الخضروات. قال مهندس مقيم في المدينة ان المدينة جربت خططا لتحويل المنشآت العسكرية للاغراض المدنية لكنها لم تنفذ. واضاف المهندس الذي رفض كبقية المصادر الكشف عن اسمه «نتطلع لكل قطار يأتي محملا بنفايات الاخرين». ومع وصول المزيد من القطارات الى شليزنوجرسك تحتاج موسكو الى ابرام صفقة مع الولايات المتحدة التي جعلت من طموحات روسيا النووية مثار نزاع. وتقول واشنطن ان تعاقد روسيا لبناء مفاعلات نووية مدنية في ايران قد تنتهي الى مساعدة طهران على حيازة اسلحة نووية وان المواد النووية الروسية مع غياب اجراءات سليمة للامن قد تنتهي الى انتاج «قنبلة نووية قذرة». ويشير مجلس الدفاع عن المواد النووية وهو هيئة اميركية غير حكومية الى ان واشنطن لديها سلطة للتأثير على حصول روسيا على 90 بالمئة من الوقود النووي المستهلك في العالم. وقال توم كوكران مدير البرنامج النووي في المجلس في موسكو «هناك بديلان امام روسيا.. الاول هو ان تتحرك بمفردها وتخسر السوق والثاني هو ان تدخل في اتفاق للتعاون مع الولايات المتحدة». غير ان سكان شليزنوجرسك يقولون انهم يرون ان هناك «لعبة كبيرة» تتجلى تدريجيا بين الولايات المتحدة وروسيا بخصوص سوق دولية للوقود النووي المستهلك. ولدى وزارة الطاقة الذرية الروسية خططا لبناء مستودع جديد لاستيعاب 20 الف طن من النفايات النووية في شليزنوجرسك وهو ما يقدر بنحو ثمن النفايات النووية في العالم. ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العام الماضي قانونا يسمح باستيراد نفايات نووية اجنبية رغم ان استطلاعات الرأي اظهرت معارضة غالبية الروس لذلك. رويترز

Email