رئيس اللجنة الوطنية للطاقة الذرية باليمن لـ «البيان»: لدينا بنية تحتية ممتازة وتطبيقاتنا طبية وزراعية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 26 رجب 1423 هـ الموافق 3 أكتوبر 2002 أكد الدكتور مصطفى بهران مستشار الرئيس اليمني للعلوم والتكنولوجيا ورئيس اللجنة الوطنية للطاقة الذرية ونائب رئيس مجلس ادارة مؤسسة البحث العلمي اليمني ان اللجنة الوطنية للطاقة الذرية حديثة النشأة في اليمن وقامت بالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيراً الى ان التركيز قائم على الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية باعتبارها مسألة ضرورية ومهمة في عملية التنمية. وأوضح بهران في حديث لـ «البيان» ان اليمن من البلدان التي لديها بنية تحتية ممتازة من حيث القوانين والانظمة والمعامل والاختصاصيين المسئولين عن حماية الانسان والبيئة. وحول مؤسسة البحث العلمي ومشوارها البحثي والعلمي في اليمن اوضح د. مصطفى بهران ان المؤسسة انشئت في 1996 بدعم من الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، مؤكداً بانها مؤسسة مستقلة نجحت في رفع قضية البحث العلمي الى مصاف القضايا العامة وكذلك نجحت ايضا في ايصال اهمية البحث العلمي الى ذهن السياسي ورجل الشارع. وكشف بهران ان العلوم في المنطقة العربية والاسلامية كانت احدى الخسائر غير المقصودة للحرب ضد الارهاب. واشار الى ان اللجنة الوطنية للطاقة الذرية في الجمهورية اليمنية حديثة النشأة عمرها اربع سنوات وقامت بالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبقرار سياسي يمني اساسه ان الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية ضرورية في عملية التنمية في مجالات متعددة مثل الطب ونحن نعرف ان علاج السرطان بالاشعة امر في غاية الأهمية في حالات الضرورة علماً بأن هناك مئات اليمنيين يذهبون الى الخارج لهذا الغرض، ونعرف ايضا ان المواد المشعة تدخل في كثير من التطبيقات مثل الزراعة والصناعة.. الخ. فكان القرار اولا بأنه يجب ان تدخل اليمن في هذا المجال عقب انشاء بنية تحتية للحماية الاشعاعية تحمي الناس والبيئة وبعدها يتم اجراء تطبيقات في مجال الطاقة الذرية وهذا ما حصل، ونحن بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي انشأنا اللجنة، ويمكن القول في هذا الاطار ان اليمن من البلدان التي لديها بنية تحتية ممتازة، ولدينا القوانين والانظمة والمعامل والاختصاصيين المسئولين عن حماية الانسان والبيئة وبدأنا في تطبيقات في مجالات الزراعة والمياه والطب والبحث العلمي ونشعر بنجاحنا في هذا المجال مثلنا مثل أي دولة أخرى. وفيما يتعلق بمؤسسة البحث العلمي في الجمهورية اليمنية وخلفيات انشائها والظروف التي رافقت ذلك شرح د. مصطفى نائب رئيس مجلس ادارة مؤسسة البحث العلمي في اليمن قائلاً: لا يمكن ان تقوم اي تنمية في أي دولة بالعالم الا عبر جملة من العوامل الاساسية، مثل السوق، ونظريات الاقتصاد المعاصرة التي ثبت نجاحها لذا نؤكد بأن العلوم والتكنولوجيا عنصر اساسي للتنمية في أي مكان بالعالم، العلوم التقنية تعني ان يكون هناك في البلد المعني مراكز للابحاث ومؤسسات علمية، تقنية، تكنولوجية، كذلك مسألة نقل التكنولوجيا من العالم المتقدم الى العالم الثالث ثم توطين التكنولوجيا بما يتناسب مع حاجات هذا البلد «اليمن» وظروفه، كذلك القيام بتطوير العلوم والتكنولوجيا والقيام بالأبحاث التي لا يقوم بها الاخرون مثلا الولايات المتحدة ليس لديها مشكلة «اسهال الاطفال»، لذلك لا يوجد في اميركا من يهتم او يقوم بأبحاث حول الاسهال عند الاطفال وهي مسألة ترتبط بظروف صحية اقليمية، وبالتالي نحن المعنيين بمشاكلنا وواقعنا، وكذلك ما يتعلق بالاوبئة المتوطنة او المحلية، من سيقوم بهذه الأبحاث. واضاف ان هناك مجالات محددة علمية بحثية لن يقوم بها اي شخص او جهة اخرى الا اذا تم التعاقد مع منظمة الصحة العالمية مثلا. واكد ان على المؤسسات العلمية الوطنية بالتالي ان تقوم ليس بنقل العلوم والتكنولوجيا وتوطينها بل تطويرها والقيام بالابحاث التي يتطلبها الواقع وحركة الاقتصاد والتنمية ومن جهة اخرى لدينا قطاع خاص ينمو ومصانع وشركات تتشكل، الانتاج القائم بحاجة الى بحث علمي، كل شركات العالم فيها قطاعات البحث والتطوير ووظيفتها التطوير وتحسين المنتجات في أجواء التنافس القائم. اذن القطاع الخاص يجب ان يقوم بأعمال بحثية وعلمية من اجل اما انتاج سلع جديدة او تحسين المنتجات القائمة.واكد ان البحث العلمي في غاية الاهمية سواء على صعيد الدولة كأن تقوم بأعباء لن تقوم بها الشركات مثل مواجهة الاوبئة والامراض، كما ان البحث العلمي مهم في القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية مثل تحسين المنتجات القائمة او ادخال منتجات جديدة والتنمية بالسوق. مفاد هذا القول انه لا يمكن ان تكون هناك تنمية حقيقية بدون علوم وتكنولوجيا وبحث علمي. الجمهورية اليمنية.. الى ما قبل سنة ونصف لم يكن لديها هيئة قومية للبحث العلمي مسئولة عن رسم استراتيجية وتوجيه اموال ورعاية التنمية. وقال انه وبناء على تلك الخلفية تم في 1996 عقد مؤتمر كبير ودعونا اليه خبراء واختصاصيين من مختلف دول العالم بغية دراسة هذه القضية واسمينا المؤتمر «واقع ومستقبل العلوم والبحث العلمي في الجمهورية اليمنية» وعملنا ايضا ندوة كبيرة في 1996 بحضور علماء وخبراء من اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية المتخصصة وشارك فيها اختصاصيون وعلماء يمنيون، ناقشت فيه الندوة ما هو الدور الذي يمكن ان تقوم به العلوم والتكنولوجيا في اليمن، وكيف يمكن احداث نقلة وخلصت الى جملة من النتائج بالاتفاق مع ممثلي مركز العلوم والتكنولوجيا التابع لليونسكو بالمنطقة اهمها انه لابد ان يصل الانفاق على البحث العلمي في أي بلد الى حد ادنى .6% من الموازنة العامة للدولة ولو طبقنا ذلك على اليمن مثلا سوف تكون النتيجة سلبية اي لا شيء، لذلك وانطلاقاً من هذه المعطيات فكرنا في اقناع الحكومة بمؤسساتها. لذلك اهتدينا الى تفعيل حركة العلم من خارج الدولة في اطار رعاية الدولة سياسياً لذا قدمنا ورقة عمل وكان معي الدكتور عبدالكريم الارياني رئيس الوزراء السابق، الورقة قدمت للمؤتمر تتضمن اقتراح انشاء مؤسسة للبحث العلمي خارج الاطار الحكومي، وبالفعل تمت الخطوط الاولى بالتعاون مع رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح ليس بصفته رئيساً بل بصفته الشخصية تعاوناً وتشجيعاً منه، تم في سبتمبر 1996، عقد اجتماع تأسيس لمؤسسة البحث العلمي في دار الرئاسة بصنعاء بحضور مجموعة من رجال الاعمال ومجموعة من العلماء والهدف انشاء مؤسسة ترعى العلم في البلد وتكون عبارة عن تزاوج اشراكه بين القطاع الخاص ولرجال الاعمال والعلماء. وتبرع لنا رجال الأعمال بمبالغ مالية، كان اول نشاط فعلي للمؤسسة في 1998 حيث بدأ الاعداد والتنظيم لاول مؤتمر علمي منتظم في الجمهورية اليمنية «في تاريخ البلد»، وظيفة المؤتمر عبارة عن فرصة للعلماء اليمنيين ان يعرضوا نتاجهم لزملائهم ويحصل تبادل علمي يؤدي الى التطوير ويؤدي الى نشر هذه المعرفة. واشار من جهة اخرى الى ان مجيء علماء عرب واجانب يخلق تفاعلاً وتعاوناً ثنائياً ويتيح الفرصة لتبادل الآراء والافكار، اما ما يتعلق بالمجلة اليمنية للعلوم فان وظيفتها نشر الابحاث الرصينة والمحكمة في الولايات المتحدة الاميركية بالتحديد، لاننا نريد الكيف ولا نريد الكم ونطمح ان تكون هذه المجلة من ارقى المجلات اقليمياً وعالمياً، المجلة تصدر مرتين خلال العام بواقع عدد كل ستة اشهر «ابريل ـ اكتوبر». ـ اول مؤتمر عقدناه في 1998 في صنعاء «مؤتمر العلوم» ـ المؤتمر الثاني في 1999 في عدن ـ المؤتمر الثالث في 2000م في المكلا، حضرموت ـ المؤتمر الرابع في 2001م عقد في صنعاء ـ واخيرا المؤتمر المقبل في 2002م سيعقد في مدينة تعز وسنحاول التنقل من مدينة لاخرى في اليمن. واضاف لقد استطاعت مؤسسة البحث العلمي ان ترفع قضية البحث العلمي الى مصاف القضايا العامة اصبحت مثلها مثل قضايا المجاري والمياه والصحة والزراعة قضايا المجتمع والدولة تعطيها بعض الانتباه ان لم يكن كل الانتباه، لكننا اوصلنا القضية الى ذهن السياسي وذهن الانسان اليمني العادي والانجاز الاخر هو استمرار عقد المؤتمر العلمي السنوي للعام الخامس على التوالي، والمؤتمر تجاوز الاطار المحلي فأصبح مؤتمراً اقليمياً بل ودولياً، حيث تشارك في المؤتمرات نخبة من العلماء والخبراء من الدول الاقليمية المهمة. واشار الى انه من الجدير بالذكر ان هناك لجاناً تغربل الابحاث المقدمة بحيث يتم اختيار القيمة، ونعتقد ان مؤسسة البحث العلمي اصبحت تفوق اي مؤسسة حكومية فيما تقدمه، فهناك وزارات في هذه البلد شاخت ولو كانت مؤسسة البحث العلمي حكومية لخضعت للبيروقراطية والروتين الممل ولكنها في واقع الحال مستقلة. وقال ان مؤسسة البحث العلمي تتطور في نشاطها في الكيف وليس في الكم. والواقع اننا كنا نتطلع الى تمويل من القطاع الخاص لدعم العلماء اليمنيين ودعم أبحاثهم، ولم نستلم حتى الان من القطاع الخاص او الدولة أية اموال تسمح لنا بدعم الباحثين وبالتالي فالهدف الذي نسعى اليه خلال السنوات الخمس المقبلة من عمر المؤسسة هو السعي نحو ايجاد مصادر تمويل للعلماء اليمنيين. سمعة دولية واكد انه اصبح لليمن صفة دولية وسمعة في كل مكان، ولذا فاننا نريد ان نستخدم هذه السمعة في الذهاب الى المؤسسات الدولية والجهات المحلية مثلا لدينا من الشخصيات الشهيرة التي ستحضر المؤتمر المقبل البروفيسور ديناردو رئيس مؤسسة ايطالية اسمها ICTB وهي مؤسسة دولية، هذه المؤسسة تدعم سنويا مئات العلماء في العالم الثالث في مجالات الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، هذا العالم الايطالي سيخاطب العلماء اليمنيين كيف يمكن ان يستفيدوا من المؤسسة الايطالية ICTB، وسنحاول عقد اتفاق معه كوكلاء لمؤسستهم كي نساعد الباحثين والخبراء اليمنيين على صياغة دراساتهم بطريقة علمية حديثة. واكد ان اليمنيين سيحاولون خلال السنوات المقبلة الانتقال بمؤسسة البحث العلمي من العمل الدعائي الذي يخص اهمية العلوم والتكنولوجيا في التنمية في نقل قضية العلوم من تحت الارض الى السطح في اليمن والانتقال الى تطوير المؤتمر العلمي السنوي وكذا تطوير المجلة وبالتالي السعي الى تطوير مصادر تمويل البحث العلمي من مصادر تمويل حكومية الى مصادر خارجية ونأمل ان نجد آذانا صاغية كثيرة من العالم، رغم ان الاحداث السياسية الجارية لفترة قصيرة ركنت قضية العلوم ووضعتها على الرف او كما قالت صحيفة اميركية ان العلوم في المنطقة العربية والاسلامية كانت احدى الخسائر غير المقصودة للحرب ضد الارهاب. لذا فهي مسئولية العالم المتقدم حيث ينبغي عليه الا يقضي على التنمية في طريقه عندما يقضي على الارهاب، وفي ظل الزخم الحالي والانشغال بالحرب يبدو ان العالم الصناعي لا يفكر الا بمصالحه المباشرة. وباعتقادي ان العالم المتقدم من مصلحته ان يكون هناك تنمية في بلدان العالم الثالث، لان التطور والتنمية هي الضمان الاساسي ضد الارهاب وكي لا تبقى دول العالم الثالث بيئة خصبة للارهاب ويجب مساعدة الدول الفقيرة وتنميتها وتطورها. وخلص الى انه باختصار وبصفة عامة فان العلم في الوطن العربي نائم ومع ذلك فانه خلال العامين الماضيين بدأنا نشعر ان العالم العربي النائم بدأ يفوق، وبدأنا نرى بدايات إفاقة من النوم ولا نستطيع ان نسميها صحوة وتتجلى ببوادر في اكثر من بلد عربي. صوت العلماء العرب يرتفع ولابد من استغلال الصحوة ونتحدث عن ضرورة ان يلتقي السياسي والاقتصادي والعلمي معاً في بوتقة واحدة من أجل التقدم والتطور للانسان العربي مالم سيبقى الوطن العربي نائماً، ولابد ان نتساءل لماذا يهزمنا الاخرون؟ الواقع ان لدينا كل شيء، الامكانيات، والعقول، اذن لدينا القدرات العقلية والمال وينقصنا العمل العلمي المؤسسي الموجه المدعوم الممول، وينقصنا القرار السياسي العلمي، ونحن في حالة كهذه لا نتحدث عن حلم عسكري بل عن علم زراعي وطبي وصناعي، نتحدث عن تنمية، وبالتالي يهزمنا الاخرون ليس لانهم اذكى او أغنى منّا بل لانهم اكثر تنظيماً ودوافعهم وأهدافهم واضحة، يعرفون ماذا يريدون ولديهم تقاليد، وسوف نستمر نُهزم مالم نبني القاعدة العلمية والتكنولوجية السلمية «الطبية، الزراعية، الصناعية» التي تجعل منا امة متقدمة نمتلك اسباب العلم كما كنا في السابق. نحن اليوم نعيش في عالم يتسارع في خطواته بطريقة غير عادية وليس هناك مساحة للتنفس ولا نمتلك الاّ مساحة للتنمية، ولابد من امتلاك اسباب التنمية، ومن أهمها اسباب العلم والتكنولوجيا، ان لم يستوعب العرب هذا الكلام فسنبقى كما يقول الشاعر «سنظل الى يوم الدين نختلف حول كتابة الهمزة». صنعاء ـ صالح القاضي:

Email